أنطوان لحد ..رحل ببؤسه
سمدار بيري /"يديعوت احرونوت"
حتى بعد وفاة الجنرال انطوان لحد، سيتواصل النقاش: هل كان بطلا قوميا، كما كان يسمي نفسه؟ جندي مخلص لوطنه لبنان، كما سموه في أجهزة الاستخبارات الصهيونية؟ "عميل للموساد" و"متعاون مع اسرائيل" كما سموه في لبنان، التي حاكمته غيابيا وفرضت عليه السجن المؤبد؟ لقد توفي "الجنرال"، كما سموه في الكيان الصهيوني، قبل ثلاثة أيام في باريس، عن 88 عاما، جراء سكتة قلبية.
وخططت زوجته منيراف وأولاده لتنظيم مراسم جنازته في كنيسة فرنسية، ونقل جثمانه إلى قريته قطارة في جبال الشوف اللبنانية. وأوضح أبناء عائلته انه رغم السنوات الطويلة التي عاشها في الكيان الصهيوني، ورغم المخاطر، فإنهم يفضلون تنفيذ وصيته الأخيرة. حذر حزب الله من انه "إذا اصروا على نقل جثمانه إلى لبنان "فسنقوم بحرق جثة الكلب الخائن في المطار". وتم فتح صفحة خاصة على الفيسبوك تطالب بمنع دفن لحد في لبنان، وتمتلئ بالشتائم له وتوصي عائلته بعدم خوض مغامرة خطيرة.
مسؤول الموساد السابق اليعزر تسفرير نعى لحد قائلا انه "كان شخصية مميزة، وطني لبناني، ذكي وماكر، عاش سنواته الأخيرة بمرارة". وقال مسؤول آخر في الموساد تعرف على لحد عندما كان ضابطا في الجيش اللبناني، قبل توطد العلاقات مع الجهات الأمنية الصهيونية، انه "جنرال شجاع ونبيل، قدم مساهمة كبيرة لأمن لبنان ولأمن دولة اسرائيل".
لقد بدأت الاتصالات السرية بين لحد و الكيان الصهيوني في عام 1958، في أواخر سنوات حكم الرئيس اللبناني السابق كميل شمعون. في حينه نقلت الحكومة الصهيونية شحنات من الأسلحة لدعم نظام شمعون، وكان لحد هو الشخص الذي اشرف على هذه الشحنات. وقدروا في الكيان الصهيوني بأن لحد، ابن الطائفة المارونية، سيتسلم منصب قائد اركان الجيش ويصبح رئيسا للبنان. لكن مهمته السرية بالذات عرقلت ذلك ومنعت تعيينه لمنصب القائد العام في 1982.
وكتعويض له اقترحت الحكومة الصهيونية آنذاك على لحد في 1984 تعيينه قائدا لجيش لبنان الجنوبي، خلفا لسابقه سعد حداد، الذي توفي جراء اصابته بالسرطان. وقاد لحد الجيش اللبناني طوال 16 سنة، وحظي بدعم السياسيين والضباط ورجال الاستخبارات. وفي 1988 حاولت اللبنانية سهى بشارة اغتياله في بيته في مرجعيون، وإصابته بجراح بالغة. وتم نقله للعلاج في مستشفى رمبام الصهيوني في حيفا، وبقيت ذراعه اليمنى مشلولة.
في أيار 2000، كما سبق وروى لصحيفة "يديعوت احرونوت"، شجعه رئيس الحكومة الصهيوني ايهود براك على السفر في نزهة إلى فرنسا. وكانت هذه هي آخر مرة تدوس فيها أقدامه ارض لبنان. وقال في اللقاء: "لقد نفذت إسرائيل الانسحاب من جنوب لبنان من خلف ظهري، ومن دون أن تطلعني على ذلك". في 2002، حكم على لحد في المحكمة العسكرية في بيروت، بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة. ومنعت السلطات الفرنسية دخوله إلى أراضيها طوال سنوات كي لا تدخل في صراع مع الحكومة اللبنانية. وانتقل لحد للعيش في تل ابيب، وحاول الاندماج في مجال العمل التجاري، وقام بفتح المطعم اللبناني "بيبلوس" في يافا، ومن ثم حوله إلى ملهى بطابع ايرلندي، لكنه مني بالفشل تلو الفشل.
في كتابه "في عين العاصفة" (عن منشورات يديعوت) كتب لحد: "لدي بطن مليئة على الجميع". قبل خمس سنوات تمكن لحد من الانضمام إلى عائلته في باريس بعد تدهور حالته الصحية. و أول أمس، طلبت ارملته منيراف عدم كشف موعد ومكان القداس في باريس، والذي سيشارك فيه عدد من الشخصيات الصهيونية الرفيعة.