إبادة السوريين ليعيش الصهاينة
عندما قررت البدء بكتابة هذه المقالة كانت تلوح في الأفق قاعدة فلسفية استحوذت اهتمامي فأمسكت بها على الفور و أسقطتها على واقع الحال و المحال لما يجري من أحداث على الساحة السورية .
القاعدة الفلسفية تقول " أنا أعمل إذاً .. أنا موجود " .. و القاعدة العسكرية للنظام تقول " أنا أدمر .. أنا أخرب إذاً .. أنا موجود " .. و ما قام به هو تنفيذ المهمة بإتقان و ما رُسم له من قبل صناع القرار أنجز بحرفية ومهارة.
و لكن ما هو المقابل؟ ما هي الصفقة؟ البقاء و الحماية و عدم إسقاط النظام وما ثباته كل هذه المدة إلا عربون وفاء لخدماته التي قدمت و مازالت تقدم تنفيذاً لرغباتهم. و إن كان تابع فهو مأمور. أمسى في خدمتهم أكثر من نصف قرن حامي حماهم و حدودهم و ذلك عبر الصك الموقع بين كلا الطرفين " الجولان مقابل البقاء " و هذا ما حصل بالفعل في عهد مضى. أما اليوم المعادلة اختلفت و المعطيات تغيرت. المقابل مُنح للنظام ببقائه أكثر من أربعة سنوات مدعوماً بالفيتو رقم واحد و الفيتو رقم اثنان, و لكن النتائج جاءت و قلبت كل التوقعات و بات النظام قاب قوسين أو أدنى من الانهيار و أركانه بدأ يتهاوى مما أربك الرؤوس الكبيرة ليعدوا العدة من جديد و اختيار نظام بديل.
ما يجري الآن من تحضيرات لرسم خريطة سورية الجديدة وفق معايير سياسات الدول التي تربطها مصالح مشتركة مع اسرائيل و أمنها خاصة و أمن المنطقة عامة يُدبر من وراء الكواليس مخطط أكثر دموية وبشاعة هو إبادة شعب .
ما سربته محطات الأخبار و وسائل الإعلام العالمية أن إيران تستعد لإرسال مائة ألف من الجيش الثوري للدخول إلى سورية بحجة حماية نظام يتهالك و ذلك ووفقاً• للمصادر فإن إيران أعدت وحدات عسكرية يقدر عددها بنحو ١٠٠ ألف جندي، دربتهم قوات النخبة في الحرس الثوري، وستنقل تلك القوات جوًا إلى دمشق ...المصدر
بينهما يؤكد أن البديل بات جاهزاً لاستلام المهمة , و لما لا ألا تنطبق تلك القاعدة الفلسفية على البديل الجديد لكونه أبدع في تنفيذ الخطة المرسومة له من قبل
الرؤوس الكبيرة , و لكن ما هو المقابل ؟ ما هي الصفقة ؟ المقابل هو نقل الصراع من صراع عربي صهيوني إلى صراع عربي فارسي و الصفقة هي إعادة الإمبراطورية الفارسية, و الضحية هي إبادة شعب.
إذا ما عدنا للوراء قليلاً و أمعنا النظر في معاملة السلطات المصرية في فترات ليست بالبعيدة للاجئين السوريين من حيث تعقيد إجراءات الدخول و اصدار فيزا و تأشيرة دخول بينما كانت سابقاً دون ذلك و عدم السماح بالعمل و طرد العديد من المعارضين و تسليم البعض لسلطات النظام . و الضحية هي إبادة شعب .
و ما فُعل باللاجئين في لبنان هو وصمة عار في صفحات التاريخ إذ تفرد حزب طائفي بالسلطة و شرع بفرض طوق أمني على المخيمات وبلغ به الأمر لتسليم المعارضين السياسيين إلى سلطات النظام و ما جرى من حرق للمخيمات يثبت للعيان أن الضحية هي إبادة شعب .
وفي مخيمات الزعتري لكل لاجئ سوري حكاية مع الموت القادم من هناك و مرارة العيش و الذل و القتل في بعض الأحيان و ذلك من خلال العبور للأراضي الأردنية بحجة أن الحكومة اكتفت بالعدد متناسية أن المساعدات المالية و العينية التي ترمى بين يديها لإيواء اللاجئين من قبل المنظمات الدولية تجعلها في بحبوبه اقتصادية, و الضحية هو الشعب السوري.
اليوم تستجد أمور كانت بالحسبان هي مرتبطة بسابقتها، و هي ضرب المحور التركي المساند للشعب السوري و ثورته و ذلك من خلال عدم حصوله على النسبة التي تخوله لإحداث تغيرات في البلاد و منها قضية اللاجئين السوريين, فالأحزاب التي ظهرت و طفت مؤخراً على وجه الماء هي بالأساس من نادت في السابق بضرورة إعادة اللاجئين لبلادهم, و بفصيح العبارة طردهم من تركيا.
لهذا فالتقسيم قادم, و لكن على حساب الدم السوري وإبادة كل مقوماته البشرية و الثقافية و التاريخية, و السبب في ذلك هو علم أصحاب القرار ذو الرؤوس الكبيرة أن المارد السوري إن استطاع الخروج من القمقم سوف يقلب المعادلة السياسية و يبعثر حجارته الشطرنجية التي أعدّها اللاعبين في مصائر الدول النامية دول العالم الثالث و على وجه الخصوص منطقة الشرق الأوسط .
لهذا عندما تسمع أن أمريكا سمحت بتدريب المعارضة المعتدلة في صفوف الجيش الحر يتبادر إلى ذهن البعض أنها جادة بينما هي اختبرت تلك المعارضة فوجدتها لا تتناسب مع حجم الحماية لأمن و حدود الكيان الصهيوني و بالتالي فهي خارج دائرة الرهان . و مما ذكر أرادت أن تبقي المارد على حاله ليأتي الوقت لإبادته كلياً .
و ما حصل و يحصل من غرق و موت الكثيرين من اللاجئين السوريين الهاربين للمجهول في ظلمات البحار و على مرأى و مسمع المنظمات الدولية و الحقوقية إنما هو إتمام المخطط المرسوم بدقة, و بعدها سيتم الإعلان عن اسم الاتفاقية و خريطة سورية الجديدة .
في المحصلة النهائية ما أود قوله أن الصراع العربي ــ الصهيوني ــ الفارسي بات وشيكاً و ما أعطي لإيران أكثر من ضوء أخضر لممارسة أشد عنصرية و همجية لإبادة كل مقومات الشعب السوري الحر و هذا كان واضحاً عندما سمحت للنظام باستخدام أسلحة الدمار الشامل و منها الغازات المحرمة دولياً بمعونة خبراء إيرانيين بضرب مدن بالكيميائي .
" أنا أضرب بالكيميائي .. إذاً أنا موجود "
إيران نفذت و اليوم تريد الهدية و الهدية قادمة حسب المعطيات و الدلائل .
لذا علينا أن نحدق إلى الخطر المحدق بنا كشعب حُكم عليه بالإبادة . فكونوا على دراية و احذروا فهناك أيام ستأتي عليكم لا كانت لا على البال و لا على الخاطر .