الدكتور صالح الوهيبي: "ثلاثة أرباع اللاجئين في العالم مسلمين"
اعتبر الدكتور صالح بن سليمان الوهيبي، الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي، أن أكثر ما يُهدد الشباب في العالم العربي والإسلامي هو قلة الفرص المتاحة في مجال التعليم والشغل والعيش الكريم، بالإضافة إلى العولمة وتجلياتها الرقمية والتكنولوجية والتواصلية التي مست القيم الدينية والثقافية والاجتماعية والفكرية للمجتمعات الإسلامية، فضلا عن الحروب والنزاعات المسلحة التي تشهدها العديد من البلدان العربية كما هو الحال في سوريا والعراق واليمن وليبيا.
وأبرز الوهيبي في حوار مع مجلة البيان على هامش أشغال المؤتمر العالمي الثاني عشر للشباب الإسلامي الذي انعقد بمدينة مراكش المغربية، أواخر شهر كانون الثاني المنصرم، أن الندوة العالمية للشباب الإنساني واستشعارا لمسؤولياتها تقدم المنح لآلاف الطلبة المسلمين بمختلف دول العالم بالإضافة إلى بناء المستشفيات والمساجد وحفر الآبار وغيرها من الخدمات التي من شأنها تغيير مستوى عيش الشباب في دول العالم الإسلامي إلى الأفضل.
البيان: تشهد الندوة العالمية للشباب الإسلامي الدورة الثانية عشر من مؤتمراتها العالمية، ما الجديد التي تحمله هذه الدورة؟
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين أما بعد،
الجديد هو ما انتهينا به في الدورة الـ11 للمؤتمر وبدأنا به الدورة الـ12، ويتمثل في العنوان الذي اتخذناه لها "الشباب في عالم متغير"، كثيرا ما سألنا بعض الناس أن هذا العنوان قد يقتصر على المحور السياسي نظرا لما أحاط بعالمنا العربي والإسلامي من تغيرات خلال السنوات القليلة الماضية، لكننا نقول لهم إن التغيير أبعد من ذلك، كما أن المؤتمر يأتي بعد الحراك الشبابي الكبير الذي شهده عالمنا العربي ومع ذلك نقول أن التغيير أعمق من ذلك، هنالك تغيير سياسي قد يكون ظاهرا للعيان ممثلا في بعض الدول العربية انطلاقا من تونس ثم بعد ذلك امتد إلى بلدان أخرى، لكن هناك حراك آخر وهو التغير الذي مس القيم الدينية الاجتماعية الثقافية الفكرية التي تؤمن بها مجتمعاتنا نتيجة الغزو الإعلامي الكبير الذي شهدته الساحة العالمية أثر تأثيرا كبيرا في القيم التي يؤمن بها شبابنا إناثا وذكورا. أو على الأقل هنالك قطاع من الشباب الذين لهم علاقة بهذه الوسائل نجد عندهم بعض المفاهيم التي كانت مسلمات عندنا وأبسطها مفهوم "المواطنة" وما يترتب عليها، بدأنا نجد الحدود تتهاوى حيث صار الشباب يحمل قيم خارج نطاق البلد الذي ينتمون إليه وينظرون إلى البلدان الأخرى.
البيان: في نظركم ما هي أبرز التحديات التي تواجه الشباب الإسلامي؟
هنالك تحديات كبيرة وكثيرة، لكن من خلال أعمالنا في الندوة العالمية نعتقد أن أكبر ما يهدد الشباب هو قلة الفرص المتاحة لهم من ذلك مثلا، قلة الفرص التعليمية في كثير من البلدان، بحيث وجدنا الشباب في بعض البلدان الإسلامية لا يستطيعون الحصول على العيش الكريم نظرا لقلة الفرص التعليمية لهم. والجانب الثاني هو الفقر الذي أصاب العالم الإسلامي ذلك أن أكثر المتضررين من الحروب الحديثة هم شعوب العالم الإسلامي، فإذا نظرنا إلى أعداد اللاجئين سنجد أكثر من ثلاثة أرباع أعداد المسلمين، فإذا نظرنا إلى عالمنا العربي عندنا فلسطين وسوريا و العراق واليمن وليبيا تعاني من حروب، والأردن ولبنان وتركيا تأوي مئات الآلاف من اللاجئين، وكل هذا الأمر ضحيته في الغالب من النساء والأطفال وكبار السن، لكن الشباب يكون ضحية في طرف ثاني وهو أنهم وقود الحرب.
أما الجانب الثالث، فهو التحدي التنموي بحيث أن دول العالم تتقدم بسرعة وبلداننا العربية والإسلامية متخلفة، فالتطور الحاصل في مجال التقنية والإعلام وسرعة الانتقال من طور إلى طور في حين أن شبابنا لا يستطيعوا مواكبة هذا التطور إلى بسبب الفقر أو بسبب انخفاض المستوى التعليمي، وأعتقد أن الشباب هو أبرز ضحايا العولمة في عالمنا الإسلامي.
البيان: ما هي أهم إنجازات الندوة خصوصا بالبلدان الأفريقية ؟
أعتقد أن أهم المنجزات تتعلق مثلا ببرنامج المنح الدراسية، التي استفاد منها مئات الآلاف من الطلبة بمختلف دول العالم، واليوم نجد منهم أساتذة جامعيين ومسؤولين، بالإضافة إلى ما تقدمه الندوة لبيئة ومحيط الشباب، من بناء آلاف المساجد، وحفر آلاف الآبار، وتشييد عشرات المستشفيات، بالإضافة إلى تلبية حاجات بعض بعد وقوع كوارث طبيعية مثل الفيضانات وغيرها أو المشاكل المطروحة على المستوى الإنساني.
البيان: ما هي المعوقات والمشاكل التي تعيق عمل الندوة؟
أكثر المشاكل ظهرت ما بعد أحداث 11 سبتمبر / أيلول 2001، بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم استهداف العمل الإسلامي بمختلف أشكاله، بما فيها الخيري والإغاثي. والجانب الثاني في المعوقات هو النقص في التمويل، في ظل الدخل المتواضع للمنظمات الإسلامية مقابل الكم الهائل من الشباب بالمجتمعات الإسلامية. والإكراه الثالث يتعلق بالجانب الإنساني ويتمثل في نقص الموارد البشرية المؤهلة، والشباب الذين يتقنون اللغات العالمية، والذين لهم خبرات في المجال الإغاثي أو في مجال العلاقة مع المؤسسات الدولية.
البيان: البعض يرى أن توفير مزيد من مناخ الحرية في عالمنا العربي والإسلامي من شأنه أن يفجر طاقات الشباب، إلى أي حد تتفقون مع هذا الرأي؟
لا شك أن الحرية عنصر رئيسي في أي عمل فكري أو سياسي أو اجتماعي أو غير ذلك، لكن أن نأخذ عنصرا واحد وأن نفسر به كل الكون أعتقد أن هذا الأمر فيه تجاوز كثير. فقدان الحرية هو إحدى المشكلات لكن ماذا تنفع الحرية إذا كنت محروما من الفرص في التعليم والتوظيف ولا في عمل اجتماعي، أعتقد أن الحرية أحد العناصر لكن ينبغي أن نضيف إليها أيضا فرص العيش الكريم والعمل الشبابي الراشد في الجامعات والمؤسسات والمجتمعات وغيرها، انظر في المدن البارزة بالعالم الإسلامي تجد أنها محرومة من أية مرافق تعنى بالشباب وهذه مشكلة كبيرة.
البيان: لماذا لا يوجد ضمن قيادات الندوة العالمية وجوه شبابية، هل يرجع هذا الأمر إلى عدم الثقة في الشباب؟
لا ليست قضية عدم الثقة في الشباب، نحن في الندوة العالمية للشباب الإسلامي عندنا أكثر من 1500 موظف وموظفة حوالي 85 بالمئة منهم شباب، هل لا بد أن يكونوا على رأس الهرم؟، أعتقد أن القضية ليست كذلك وإنما تتعلق بالخبرة، الشاب يحتاج أن يُمضي شطرا من عمره لكي يحصل على الخبرة الكافية، والأمر الثاني هو أنه في ثقافة مجتمعاتنا العربية حول القيادة يأخذ الناس الاعتبار بشكل هام لمعدل السن، نحن في الندوة العالمية إذا نظرنا إلى القيادة العليا قد يكون الأمر كذلك لكن المستفيد من المناشط والعطاء الذي تقدمه الندوة مُعظمهم من الشباب، ثم أن الندوة هي شبابية من حيث رسالتها والفئة المستهدفة من خدماتها.
البيان: في ظل المتغيرات التي تطرقت إليها الجلسات العلمية والفكرية للمؤتمر هل تقوم الندوة بتغييرات مواكبة لتتأقلم مع المستجدات وتستوعبها؟
طبعا نحن حينما أتينا لاختيار هذا الموضوع كان إحساسنا بأنه ينبغي أن نتغير، والتغير كما أشار إليه الإخوة العلماء والباحثون في المحاضرات والندوات أن هنالك ثوابت في الدين وهنالك متغيرات في حياتنا كلها، فالثابت ينبغي أن نحافظ عليه وما دونه يجب أن يخضع للتغير والتحول. نحن نُدرك أنه ينبغي أن ننظر في المتغيرات من حولنا، فما كان منه سلبيا ينبغي أن نجنب أنفسنا ومجتمعاتنا منه، وما كان إيجابيا علينا أن نبادر إليه.