• - الموافق2024/04/19م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
المرزوقي.. هل يسعفه اليسار في معركة الرئاسة؟!

المرزوقي.. هل يسعفه اليسار في معركة الرئاسة؟!

 الثورة التونسية كانت في بدايتها تحمل الأمل لدى جيل من الشباب الذي عانى أوتقراطية فاشية مارسها حزب التجمع الدستوري بزعامة الرئيس السابق زين العابدين بن علي ومن قبله الهالك الحبيب بورقيبة.. لم تكن حالة الفساد التي يمارسها النظام الدكتاتوري السابق في تونس سوى جزء من حلقات الاستعمار القديم  الذي لا يزال يحكم في بلادنا، سواء كانت تمارس تحت رداء الحفاظ على علمانية المجتمع التونسي أم فرض الأمن وغيرها من الشعارات التي انطلت على الكثيرين من الجهلاء و سايرها عديمي الضمير.. كانت غاية المستعمر بعد أن ترك المنطقة العربية أن تبقى جزء من تركته سواء من خلال استنفاذ مواردها و زرع الفساد فيها لضمان إماتة التطور في مجتمعاتها أو تجهيلها للحفاظ على حد كبير من التبعية العمياء له. حتى أصبحنا نستجد بالأمم المتحدة ونترك الجامعة العربية كي تحل لنا بعضا من  مشاكلنا الداخلية مثل سوريا و ليبيا و العراق و غيرها من الأزمات التي لا تنتهي..

تونس بلد جميل لا تزيد مساحته عن 163 ألف كيلومتر مربع، عامرة بمجتمع متعلم في غالبيته يقارب تعداده 11 مليون نسمة، لكنه لا يختلف عن بقية بلدان العالم العربي، في معاناته و حالة الطغيان التي يعيش تحت وطأتها.  منذ بداية ثورته في عام 2011 و هو يصارع لكي يخرج من عنق الزجاجة ويرى الحرية التي منحها الله لكل إنسان، و بفضل حكمة قياداته الثورية استطاع تجاوز الكثير من العقبات التي فرضت عليه من الخارج لعرقلة ثورته و إجباره على العودة مرة أخرى لسجنه.. الانتخابات البرلمانية التي ظهرت نتائجها بداية الشهر الجاري وتقدم فيها حزب نداء تونس على حزب النهضة الإسلامي، أظهرت حالة من الاضطراب في المجتمع باعتبار أن نداء تونس هو النسخة الجديدة لحزب التجمع الدستوري، أي حزب زين العابدين بن علي القديم، كيف لا وهو يتزعمه الباجي قائد السبسي(88عاما) أحد أبرز الشخصيات الفاعلة في التجمع سابقا و الذي تقلد مناصب عديدة من بينها وزارة الداخلية في عهد بن علي.

اعتبر الرأي العام الثوري في تونس أن المنصف المرزوقي هو الرصاصة الأخيرة في بندقية الثورة، و الفرصة الاخيرة في انتخابات الرئاسة التونسية، مقابل مرشح النظام السابق الباجي القائد السبسي.  لكن بعد فرز حوالي ثلثي الأصوات في الانتخابات الرئاسية، تأكدت إقامة دور ثان لهذا الاستحقاق سيجمع في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر المقبل بين كل من الباجي قايد السبسي الذي تحصل على حوالي 42 بالمائة من الأصوات و المنصف المرزوقي المرشح المستقل المتحصل على 34 بالمائة.

المرزوقي الذي كان الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، انتخب من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي ، رئيسا لتونس خلال الفترة الانتقالية.ومن سيرته إنه ولد في قرية في الجنوب التونسي تسمى قرنبالية عام1945م، وترعرع في ظروف صعبة للغاية كانت تمر بها أسرته بسبب ملاحقة السلطات لوالده الذي رحل إلى طنجة المغربية هرباً من أجهزة الأمن التي كانت تحكم البلاد أثناء مرحلة الاستقلال.

وانتقل المرزوقي عام 1958 ليكمل تعليمه في مدرسة الصادقية في العاصمة تونس، ويقول في مذكراته أن والدته "عزيزة بن كريم" باعت مصاغها وكل ما تملك من أجل إلحاقه في هذه المدرسة لأنها كانت تعتبر مدرسة النخبة في تلك الفترة.

وبين عام 1961 و1964 انتقل المرزوقي مع أمه وأشقائه للعيش في مدينة طنجة وبداية عهد من الراحة والطمأنينة بعد سنوات الفقر التي عاشها في تونس.

بعد أن تعلم الفرنسية في المغرب وتعلق بحب المغرب حصل المرزوقي على فرصة لدراسة الطب في جامعة ستراز بورغ بدعم من الحكومة الفرنسية،واستمرت رحلته في فرنسا 15 عاما، وفي عام 1973 حصل على شهادة الدكتوراه، ثم عاد إلى تونس عام 1979 ليكمل مهنته في التدريس بإحدى الجامعات التونسية.

في عام 1970 شارك المرزوقي في مسابقة عالمية للشبان بمناسبة مئوية "المهاتما غاندي" لتقديم نص عن حياة الرجل وفكره، فازت مشاركة منصف ليحل ضيفاً على الحكومة الهندية لمدة شهر وليتجول فيها من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.

عاد المرزوقي إلى تونس عام 1979 وعمل أستاذاً مساعدا في قسم الأعصاب في جامعة تونس و شارك في تجربة الطب الشعبي الجماعي في تونس قبل وقف المشروع.أعتقل في مارس 1994 ثم أطلق بعد أربعة أشهر من الاعتقال في زنزانة انفرادية، وقد أفرج عنه على خلفية حملة دولية وتدخل من نيلسون مانديلا.وقد اختير أول رئيس للجنة العربية لحقوق الإنسان من عام 1997 حتى2000.

وينادي المرزوقي مثل سائر الليبراليين بفصل الدين عن الدولة و كذلك بحقوق الإنسان وغيرها من شعارات اليسار التونسي المنقسم. توليه رئاسة الجمهورية جعلته أحد رموز الثورة التونسية بفضل مواقفه من عدة أحداث مرت عليه سواء في مصر أو موقفه من الإحتلال الصهيوني لفلسطين ودعمه للقوى التحررية في  العالم العربي.

حصل المرزوقي على دعم من القاعدة الجماهيرية لحركة النهضة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية ، بإعتباره أكثر المرشحين شعبية و قبولا لدى الشارع التونسي، لكن على مايبدو فإن المرزوقي سيضطر إلى الاستنجاد بقواعد جماهيرية أخرى مثل حمة الهمامي أو محمد الهاشمي لكي يصل إلى نسبة الحسب في الجولة الثانية من الإنتخابات. 

ويبقى الإختبار الحقيقي ليس لقوة المال السياسي الفاسد الذي يستغله السبسي لشراء أصوات الناخبين، ولكن رغبة المرشحين الخاسرين في هذا السباق في استمرار تفوق الثورة التونسية ودعم صاحب الفرصة الأخيرة المنصف المرزوقي في الجولة الثانية من الإنتخابات، وهذا الأمر هو بمثابة اختبار عميق لنزاهة برامجهم الانتخابية.

أعلى