• - الموافق2024/11/21م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
إثيوبيا ودورها في تأزيم الوضع الصومالي

إثيوبيا ودورها في تأزيم الوضع الصومالي


في القرن الخامس والسادس الهجري قامت سلطات إسلامية قوية على تراب الوطن الصومالي وقامت راية الإسلام خفاقة عالية مبشرة بأفول قادم  قريب لراية الشرك والمسيحية الحبشية الجارة العدوة التي بذلت كل جهودها لإطفاء نور الإسلام في أرضه (ويأبى الله إلا ان يتم نوره ) ، فقام الشعب الصومالي المسلم ثائرا ومتحمسا لإعلاء راية الحق وبذل النفيس والغالي في سبيل الإسلام؛ وتقدم زعيمهم الإمام المجاهد أحمد غري أي الأشول للدفاع عن الأرض والعرض والدين ومواجهة العدوان المسيحي الغاشم الذي كان يحصل الدعم والمساندة المستمرة من دول عظمى على رأسها البرتغال التي غزت الصومال تحت دعوة المسيحية طمعا في استعمار شعوب شرق أفريقيا وعلى رأسهم الصومال.

تمركزت السلطنة الإسلامية في مدينة زيلع وخاضت حروبا شرسة مع أثيوبيا وانتصرت منها في معارك كثيرة وانتقلت العاصمة إلى هرر واستمر النضال حتى وصل إلى كسلا تخوم جمهورية السودان !

 يا أحمد غري يا اسد الوغي      أعطاك ربك ما تمنيت به تفضلا

جبت البلاد على الخيول ملكتها       من مقديشو شرقا إلى نوبة ونابلا

والصوماليون على الخيول لوابس      لا يعرفون النوم ولا المأكلا

وبعد فترة تكالبت أمم كثيرة على المناضلين الصوماليين لحقت بهم خسائر وأجبرتهم من الإنسحاب على مناطق عدة  وتمكن الأحباش من سيطرة اجزاء واسعة من الأراضي الصومالية ومازالت محتلة إلى الآن تحت سيطرتها .

ومن هنا كان بداية الصراع الصومالي الإثيوبي والعداء المزمن بين الجارتين ؛ يرى الصوماليون  أن الحبشة كاليهود سرطان في جسد الأمة ( لايرقبون في  مؤمن إلا ولاذمة ) ! 

خاضت الصومال  فور استقلالها مع إثيوبيا في عام 1964حربا عنيفا ومع قرب ميلاد الجمهورية الصومالية الحديثة إلا أن الشعب الصومالي كعادته ناضل وكافح ودافع  عن أرضه ؛ وتكررت المعركة في عام 1977م حيث صارت مرحلة تاريخية وحربا مفصليا حول أسد أفريقيا ( اثيوبيا ) إلى قطة أفريقيا ! أمام ضربات الجيش الصومالي .

بذل الإثيوبيون جهودا جبارة في تدمير الحكومة الصومالية ومولوا الجبهات المسلحة المعارضة للنظام القائم آنذاك وشاركوا في تسليحهم وأعطوهم مقرات يهاجمون بها بلادهم طمعا في أن يصبح الصومال ولايات متفرقة ضعيفة لا تستطيع مقاومتهم يقول الرئيس الصومالي الراحل قائد أول معارضة صومالية مسلحة من الأراضي الإثيوبية عبدالله يوسف أحمد : " ترغب إثيوبيا في أن تقوم من الوطن إدارات صغيرة لا يستطيعون أن يتحدوا أو أن ينفضوا الغبار من سياسة الصومال الكبير الأمر الذي لا يزال غضة في حلق إثيوبيا " .

وانهارت الصومال بعدة عوامل مركبة تضافرت بفعل غباوة واستبدادية القيادة النظامية والمعارضة على السواء ؛ وتزامن هذا في انهيار حكومة إثيوبيا وانقلاب التكراي على الأحمارية لكن إثيوبيا تداركت وبنت حكومة جديدة بينما الصومال ضاعت وتاهت في غياهب حروب أعلية مدمرة  ومن هنا استفاد الإثيوبيون واجنهدوا في تمزيق الشعب الصومالي وتسليح القبائل ونشر العصبية والعنف بين أبناء البد الواحد!

الوكالة الأمريكية لإثيوبيا على الصومال

 وبعد زيارة لمسئول شؤون القارة الأفريقية بوزارة الخارجية الأمريكية إلى إثيوبيا وكينيا وجيبوتي وجنوب أفريقيا أدلى بتصريح صحفي يقول فيه: "لولا مخافة إزعاج بعض أصدقائنا العرب لكلفنا إثيوبيا ملف الصومال" ؛ وبصيغة أوضح يقول قائد القوات الأمريكية في جيبوتي أثناء زيارة له في أديس أبابا: "قررنا أن تكون إثيوبيا مندوبتنا لحماية الحدود الصومالية من تسلل الإرهابيين منها وإليها، والترصد لتحركاتهم".

وتتوزع الأدوار بين أثيوبيا وكينيا  المسيحيتين الجارتين للصومال المسلم حيث نقلت صحيفة "ذا إيست أفريكان" الكينية الأسبوعية في عدد 8/12/2003م: أن الساحل الكيني يخضع لمراقبة ثلاثية مشتركة من عناصر الاستخبارات الأمريكية والكينية والإسرائيلية.

وفي اجتماع جمع الرئيس جورج بوش ( الإبن )  والكيني "دانييل أراب موى" ورئيس الوزراء إثيوبيا "ميليس زيناوى" في واشنطن في ديسمبر 2002م ناقشوا سبل تعزيز التعاون على مراقبة السواحل الصومالية وبرها بالشعار المزيف ( مكافحة الإرهاب ) ، وذكرت الإدارة الأمريكية  لهم  أنها ستقوم بتغطية التكاليف المالية اللازمة لمكافحة "الإرهاب". 

وصرح مليس زناوي بعد ذلك بأن الجماعات الإرهابية لا تزال نشطة في الصومال، وأن تفجيرات مومباسا تم التخطيط لها داخل الصومال في تصريح لم يبن على معلومات استخبارتية بل بأحقاد وضغائن ومؤامرات جرت وراء الكواليس لاستباحة البلد المنهار الذي أصبح ( يتيما في مائدة اللئام ) !

وتسعى إثيوبيا للترسيخ في العقلية الأمريكية بأن النكسات السياسية والحروب الأهلية المدمرة والمجاعات المهلكة والنزوح المستمر والضياع على كل الأصعدة لم تؤد إلى تفريغ الإنسان الصومالي من تكوينه الإسلامي، ولم تطمس ثوابته التاريخية في وجدانه؛ وهو ما بات يشكل مصدر إحباط وإزعاج للنظام الإثيوبي؛ حسب تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا لوكالة الأنباء (رويترز) في نهاية فبراير 2002م.

التدخل الصهيوني

وعلى الرغم من بعد المسافة بين الكيان الصهيوني والصومال إلى أن العالم أصبح قرية واحدة بحكم ثورة التكنولوجيا ؛ والإنسان الصومالي مجبول بكره اليهود حيث يراهم مجموعة شريرة اغتصبت ونهبت مقدسات المسلمين وتحتل أراضيهم وتحصل دعما من أمريكا والغرب لزراعة هذا الكيان الصهيوني في أرض الإسلام .

حاولت الحكومة الصهيونية مرارا المشاركة في مؤتمرات المصالحة التي عقدت حول الصومال في الأعوام الماضية، لكنها لم تتمكن من المشاركة بفعالية سوى مرة واحدة بمؤتمر المصالحة الذي عقد في أديس أبابا عام 1993م، وقدمت في حينه تبرعا بمقدار 3 ملايين دولار كمساعدات إنسانية للاجئين الصوماليين الذين نزحوا إلى البلدان المجاورة، لكنها لم تحصل على إذن بالمشاركة في المؤتمرات الأخرى التي عقدت في القاهرة عام 1997م وطرابلس بليبيا عام 1998م، وجيبوتي عام 2000م وحتى كينيا لم يكن بالمباشر.

وتحاول إسرائيل التغلغل إلى الصومال عبر عدة منافذ أهمها :

•ادخال شركات تجارية متسترة إلى الصومال.

•تأييد المليشيات والفصائل المتناحرة ماليا.

•تشير بعض المصادر من أن لها وجودا عسكريا إلى جانب التواجد الأميركي عبر مليشيات صومالية وضباط أجانب وعبر شبكات وشركات حربية تعمل في جنوب وشمال شرق الصومال بصور مختلفة.

إثيوبيا وتدخلاتها المتكررة

ودخلت إثيوبيا مرارا وتكرارا على المحافظات الجنوبية دون مراعاة سيادة الصومال كجمهورية مستقلة تمارس نفوذها في أرضها وترفع لافتة فاشلة مكتوب عليها : محاربة الإرهاب ! ثم تضيف انعدام وجود حكومة صومالية قوية تهيمن كافة الأراضي الصومالية  تجبرها التوغل إلى الأراضي الصومالية ! وبهذه الذرائع اللامنطقية توغلت في عمق الصومال والمناطق المحاذاة للحدود غير الرسمية حتى وصلت إلى العاصمة الصومالية عام 2006 مساندة للحكومة المؤقتة ومحاربة لقوات المحاكم الإسلامية ! ولم يهدأ للحبشة بال حتى بعد وصولها إلى قلب الصومال وبعد أن قتلت الآلاف وشردت الملايين وتراءت وكأنها الحاكم الآمر الناهي في الوطن ! العقيد عبد الله يوسف أحمد لم يقتنع أن يأخذ أوامر جندي إثيوبي يراه أنه  مساعد له في حين أرادت إثيوبيا أن يكون العقيد عبدا مطيعا لجنديها! استقال عبدالله يوسف وارتاحت إثيوبيا من عنيد متمرس!

وخرجت إثيوبيا ثم عادت وهي جزء من عملية قوات حفظ السلام الأفارقة وهو ما رفضه الصوماليون بمشاركة عملية حفظ السلام  دول الجوار وجميعهم الآن يشاركون !

ومن ديدنهم أنهم يجاملون في  المؤتمرات الصحفية أحيانا ويقولون إننا نريد بناء دولة صومالية قوية تؤمن البلد وتحقق الإستقرار ( مخطئ من ظنّ يوما أن للثلعب دينا )

يقول السفير الإثيوبي بالحرف الواحد مباشرة على الهواء وعبر قناة الجزيرة " نحن لم نتدخل في الشأن الصومالي، كان وجودنا العسكري داخل الصومال بسبب ما كانت تتدعي تلك الحركات الماضية في أن تخلق إمارة إسلامية في القرن الإفريقي "

لا تتردد في أن تأمر بتعين وزراء يكنون كل الولاء لها ويطيعونها سرا وجهرا وطلب عزل من تراه يأنف من أوامرها  ولا أحد من الساسة الصوماليين يخالفها  خوفا منها إلا القليل الناذر ؛ وتأثيرها لا يقتصر على الحكومة الفيدرالية بل يشمل الولايات الفيدرالية كصوماللاند وبونت لاند ويوجد في هاتين  قنصليتين إثيوبتين لها حرسها الخاص وأمنياتها من إثيوبيا وذلك في  هرجيسا وجرووي.

وحينما يحصل خلاف بين أي من الولايات الفيدرالية الصومالية فإن أديس أبابا تستدعي لهم لتملي الأوامر لهم  وحين كتابتي لهذه السطور يوجد فيها عدة مسؤولين صوماليين في أديس أبابا منهم : رئيس وزراء الصومال عبدالولي شيخ أحمد ورئيس ولاية بونت لاند عبدالولي محمد غاس ورئيس إدارة جوبا أحمد مذوبي ورئيس إدارة صومالاند محمد سيلانيو.

وتأتي هذه الزيارة لدى البعض في إطار خلافات بينهم  بينما يهدف البعض إظهار الولاء والطاعة لأديس أبابا  والكل يقدم ما لديه من معلومات ويبذل قصارى جهده لكسب ودّ ومحبة إثيوبيا !

فالتقصير أو التواطؤ أو الإستسلام أمام هذا الواقع لدى الساسة الصوماليين والإرتماء بأحضان العدو التاريخي لهي أسوأ مرحلة تاريخية يمر بها البلاد؛ وهذا مالم يحدث من قبل رغم بعض الظروف التي كانت أصعب منها ؛حتى عندما هاجم البرتغاليون المناطق الساحلية الصومالية ودمروا القرى والمدن وابى أبناء الصومال أن يستسلموا ودافعوا عن عاصمتهم ببسالة ولم يقبلوا الخنوع والإستسلام لعدوهم  وحتى حين غزا الإستعمار الذي قسمهم إلى خمسة أجزاء مازالوا يرددون أن الصومال الكبيرة جزء لا يتجزأ ؛  أما اليوم فماتت النخوة والشهامة في نفوس بعض من يرون أنفسهم قيادة البلد ( ومن يهن الله فماله من مكرم )

ومالم تستيقظ  وتهبَّ قيادة الحكومة الفيدرالية ومسؤولوا الولايات الفيدرالية فإن الأمر سيكون وبالا على الجميع وسيندم الكل على التفريط والتقصير لمجابهة موقف الذلّ وستكون وصمة عار لكل من عايش هذه الفترة شعبا وسياسيين، ونتمنى أن يعي قيادة البلد بمختلف مستوياته الدور المنوط له ويعمل بما به عزة الشعب وهيبة القائد وان تكون المحبة والتآلف بينهم وان يبتعدوا الاحتكام إلى عدوهم ؛ فما يأمله الشعب الصومالي العظيم من قيادتهم هو ضمود الجرح الغائر ووقف النزيف المستمر طيلة العقدين لماضيين وإعادة شرف ومجد الأمة في المحافل الإقليمية والدولية .

أعلى