معركة عض الأصابع
في اليومين الماضيين استهدف الجيش الصهيوني
ثلاثة من أبناء سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في غزة وقتل
قبلها شاب فلسطيني في الضفة المحتلة والقاضي الأردني رائد زعيتر، ردت الأردن بخجل
من خلال نوابها الذين هددوا بإطلاق سراح الجندي الأردني أحمد الدقامسة المسجون منذ
عام1997 على خلفية قتله لعدد من السائحات الصهيونيات بالقرب من الباقورة.المعلق الصهيوني
بوعز بسموت قيم الموقف الأردني قائلا: "تهديد البرلمان الأردني بطرد السفير الصهيوني
فارغ، حيث أن النواب يخدمون النظام عبر تنفيس غضب الجمهور على إسرائيل والنظام".
لكن غزة لم تكن بهذا الحد من الجبن فقصفت سرايا القدس المستوطنات الصهيونية
المحيطة في قطاع غزة بــأكثر من 50 صاروخا دفعة واحدة، الأمر الذي جعل الحكومة
الصهيونية في حالة إرتباك، حيث أجرى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الليلة الماضية مشاورات
هاتفية مع كل من وزير الجيش الصهيوني ونائب رئيس الأركان ورئيس جهاز الأمن العام
"الشاباك"، وأوعز باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لاستعادة الهدوء، الأمر
الذي فهمه بعض المراقبين أنه احتواء للموقف بلغة تحفظ ماء الوجه.
وقام سلاح الجو الصهيوني بتنفيذ 29 غارة جوية
على مواقع مختلفة في قطاع غزة لم توقع خسائر بشرية سوى خمسة إصابات في مدينة رفح
جنوب القطاع، ثم عقبها أعلن القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش خلال
صفحته على موقع "فيس بوك"، ظهر الخميس أن اتصالات جرت مع الجانب المصري
بشأن تثبيت التهدئة و تهدئة الوضع، و ذكر أن الاتفاق جرى على التزام الطرفين
بالتهدئة وفق شروط التهدئة التي وقعت في عهد الرئيس المصري المعتقل محمد مرسي عام
2012.
هذه المعركة لم تكن في إطار المناوشات
الطبيعية بين الاحتلال الصهيوني و المقاومة الفلسطينية، بل في إطار عملية تقييم من
قبل الحكومة الصهيونية للحالة التي تمر بها المنطقة العربية بعد التطورات التي
حصلت في الأشهر الأخيرة، وخصوصا على صعيد الملف السوري و المصري و كذلك تونس ومصر،
و يمكن فهمها على أنها عملية لفهم طبيعة ردة الفعل الشعبية في العالم الإسلامي لا
سيما بعد التحريض المتواصل من قبل الإعلام الرسمي المصري على قطاع غزة، و وضع "حماس" في خانة
"الإرهاب" المتآمر على الشعب المصري.
وبالرغم من لغة التهديد والوعيد التي شهدها
الإعلام الصهيوني و تصدرها تصريحات، للوزير الصهيوني عمير بيرتس الذي قال فيها
"إن حماس تسمح للجهاد الاسلامي بإشعال المنطقة وعليها أن تتحمل مسؤولية ما تقوم
به". فإن الخطاب السياسي الصهيوني مرتبك قليلا ولا يبدو من طبيعة رئيس
الوزراء الحالي المقامرة باجتياح قطاع غزة ومجاراة ردات الفعل.
فقد صرح نائب وزير الجيش داني دانون قائلا
:" يجب توجيه ضربات لرؤساء المنظمات في غزة موضحا انه من المبكر الحديث عن احتلال
غزة"، و هذا التصريح يشير إلى أن خيارات الحرب محدودة بالنسبة للكيان
الصهيوني لعدة أسباب، أهمها:
- الكم
الهائل من الجماعات الجهادية المجتمعة في سوريا والتي من الممكن أن تتحالف وتدخل
في حرب مفتوحة ضد الكيان الصهيوني في إطار الجهاد ضد اليهود الذي يمكن أن يكون
شعار يغير طبيعة الصراع في المنطقة.
- يمكن
لأي معركة في غزة أن تربك حسابات الجيش المصري في سيناء و تزيد من دافع تنامي
الجماعات المسلحة في سيناء.
- نوعية
الأسلحة التي حصلت عليها المقاومة الفلسطينية خلال فترة حكم الرئيس مرسي، و قدرتها
على التأثير في طبيعة الصراع، ونتائجه، فالكيان الصهيوني يريد معركة قصيرة لا
تدخله في حرب مفتوحة يمكن أن تجبره على احتلال قطاع غزة، أو توصله لمثل هذا
الخيار.
- التأثير
على سير المعركة بين الثوار و النظام السوري وإسقاط التأثير الدولي الذي انعكس
بشكل جلي في الفترة الأخيرة لصالح النظام.
لا يمكن أن نعتبر المواجهة الحاصلة إلا في
إطار اختبار الرأي العام العربي و الإسلامي ومدى تعاطفه مع القضية الفلسطينية، بعد
التغيرات الإقليمية الحاصلة، وكذلك إمكانية أن تستخدمها المقاومة الفلسطينية لجلب
الانتباه للحصار المفروض على قطاع غزة من قبل السلطات المصرية و الكيان الصهيوني.