أخيرًا وبعد أكثر من سنتين انتخب البرلمان اللبناني "جوزف عون" رئيسًا جديدًا للبنان، لقد ألقت الجغرافيا بظلالها على تلك الدولة الصغيرة، فكان طوفان الأقصى وتداعياته على حزب الله، وانتصار الثورة السورية دورهما في دفع الرجل إلى هذا المنصب.
جاءت نقطة التحول الرئيسية في انتخاب جوزف عون رئيسا للبنان، بعد شغور منصب الرئاسة في لبنان لأكثر من عامين، بعد الانتكاسة التي تعرض لها حزب الله على الصعيد الداخلي باغتيال إسرائيل لقادته وعناصره من المستوى الأول والثاني، ثم بخسارة المحور الإيراني لسوريا وهي الحبل السري الذي يمد حزب الله بالمال والرجال والدعم السياسي.
لقد كان حزب الله يعطل انتخاب رئيس للبنان إلا أن يأتي متوافقا مع مواقفه وعلى هواه السياسي. وبعد أن كُسر ظهر الحزب أصبح باب التوافق حول انتخاب رئيس جديد مفتوحا، ومن تلك الكوة خرج الرئيس جوزف عون.
وجوزِف عون قائد للجيش اللبناني ويحظى بدعم إقليمي ودولي كبير، لقد قام الجنرال عون بزيارة قبل فترة قصيرة إلى المملكة العربية السعودية، ويشير توقيت الزيارة إلى أنه يحظى بدعم المملكة وهو الأمر الذي دفع بفرص انتخابه.
بالإضافة إلى ذلك فقد تخلى حزب الله، وحركة أمل، عن محاولة فرض ترشيح الزعيم سليمان فرنجية بعد انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي كان نائبه السابق يعتبر نفسه "صديقاً" وحليفاً.
لقد أراد حزب الله دوما فرض مرشح يسمح له بالاستمرار في التمتع بالاستقلال العسكري. لكن جوزف عون بالنسبة لهم ليس بتلك الحالة التي يريدها الحزب، فالرجل قوي، وخارج عن دائرة هيمنته ويستطيع الامتثال الكامل للقرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة، والذي ينص على نزع سلاحها "من شمال نهر الليطاني"، فهو قادر على تشذيب طموحات الحزب الخارجة عن السيطرة.
إضافة إلى ذلك ومن دون أن يتفاعل ذلك رسميًا، لقد أخذ في الاعتبار رأي مسعد بولس، المستشار السياسي للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في شؤون الشرق الأوسط؛ الذي كان يطلب تأجيل موعد التصويت إلى ما بعد تولي شاغل البيت الأبيض الجديد منصبه في 20 يناير/كانون الثاني المقبل. لكنه على الأقل لم يلق معارضة منه، وفي المقابل الراجل يحظى بدعم إدارة بايدن بشكل واضح، وداخليا يحظى عون بدعم رئيس الكنيسة المارونية البطريرك بشارة الراعي.
يمتلك رئيس لبنان صلاحيات متعلقة تجاه السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومن أبرزها الدعوة إلى جلسات استثنائية لمجلس النواب، وتأجيل انعقاد مجلس النواب إلى أمد لا يتجاوز شهراً واحداً.
كما يمكن للرئيس في حالات محددة أن يطلب من رئيس مجلس الوزراء حل مجلس النواب قبل انتهاء مدته الفعلية، وفي حالة قرر مجلس الوزراء حل المجلس، يصدر رئيس الجمهورية مرسوماً بذلك.
يمتلك رئيس لبنان أيضاً حق إصدار القوانين وفق المهلة المحددة لإصدارها، كما أن له حق طلب إعادة النظر في القانون مرة واحدة، بالإضافة إلى حقه في مراجعة المجلس الدستوري فيما يتعلق بمراقبة دستورية القوانين.
ويحق للرئيس اقتراح إعادة النظر في الدستور، فتقدم الحكومة مشروع القانون إلى مجلس النواب، كما أن له الحق في البت بمشروع الموازنة.
وفي السلطة التنفيذية يُسمّي رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استناداً إلى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسمياً على نتائجها، ويصدر مرسوم تسميته منفرداً.
كما يصدر الرئيس بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة.
ويحق للرئيس كذلك إصدار مراسيم قبول استقالة الوزراء، أو إقالتهم بعد موافقة ثلثَي أعضاء الحكومة، بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء.
ولتسليط الضوء بصورة أكبر الرئيس اللبناني الجديد فقد ولد جوزف خليل عون يوم الاثنين 10 يناير (كانون الثاني) 1964. في لبنان، في قرية (سن الفيل) من قضاء المتن، وفي أحضان أسرة مارونية، وهو في الأصل من بلدة العيشية الجنوبية.
يجيد جوزف، ففضلا عن العربية، (الإنجليزية والفرنسية).
وهو حاصل على إجازة في العلوم السياسية – اختصاص شؤون دولية مع إجازة جامعية في العلوم العسكرية، في مسيرة جوزف سنوات تؤرخ محطات حياته العسكرية
- 1983: بدأ جوزف عون حياته العسكرية متطوعاً في الجيش اللبناني مشاركاً
- وشارك في عدة دورات بالخارج أبرزها داخل الولايات المتحدة الأميركية، في دورتي مشاة عامي 1988 و1995.
- شارك في دورة الصاعقة بسوريا عام 1996
- ارتقى إلى رتبة ملازم عام 1985، ثم ملازم أول عام 1988. وفي 1993 ارتقى إلى رتبة نقيب، ثم إلى رتبة رائد عام 1998، وارتقى عام 2003 إلى رتبة مقدم ثم إلى رتبة عقيد ركن عام 2007. ثم إلى رتبة عميد ركن عام 2013.
- وفي الثامن من مارس (آذار) 2017 عين مجلس الوزراء اللبناني العميد الركن جوزف عون قائدا للجيش بعد ترقيته إلى رتبة عماد.
ثم أخيرا تم اختيار الرجل ليدخل قصر بعبدا الذي خرج منه ميشال عون قبل سنوات، ويبقى أن نشير ألا صلة قرابة بين العونين.