تمرد غزة.. وجهود إسقاط "المقاومة"
في غزة يعيش الناس على الكفاف و العفاف منذ بداية الحصار
المتواصل منذ 6 أعوام، ولا ينتظرون من أحد إلا نصرتهم في قضيتهم العادلة التي
تجاهلها العالم رغبة في كسر شوكة هذا الشعب، الكثير من أصحاب الأعمال فقدوا
أعمالهم و الطلبة فقدوا مقاعدهم الدراسية، و الأطفال تيتموا بسبب الحرب المتواصلة
من الجيش الصهيوني، و منذ سقوط الرئيس المصري محمد مرسي اشتد الحصار و أغلقت
الأنفاق التي كانت مورد مهم لإدخال المواد الغذائية و المحروقات لقطاع غزة، يتساءل
المسلم البسيط لماذا كل هذا يفعل بغزة؟! و الإجابة بسيطة وهي لأن الشعب هناك اختار
طريق المقاومة لتحرير أرضه و رفض الانصياع للإرادة الأمريكية المتآمرة مع النظام
العربي الرسمي لسلب هذا الشعب حقوقه و عدم الإعتراف بحقه في تقرير مصيره، بعد أن
فازت حركة حماس بالإنتخابات التشريعية و خسرت حركة فتح خسارة فادحة لجئت الأخيرة
إلى أساليب قذرة لاستعادة مجدها السامي بمساعدة أطراف عربية و صهيونية للقضاء على
حركة حماس حتى و إن كان ذلك على حساب حياة البسطاء من الناس في القطاع، فليس كل
سكان قطاع غزة حماس لكنهم جميعا يرفضون التفريط بحقهم في مقاومة الاحتلال، ويرفضون
كذلك اعتقال و تصفية المقاومين مثلما يحدث في الضفة المحتلة.
بدون السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية على غزة و الضفة
المحتلة لن توقع الحكومات الصهيونية أي اتفاقية سلام مع محمود عباس الرئيس الغير
شرعي لسلطة أوسلو، و السبب بسيط لأن الحكومات الصهيونية تؤمن بالخصم صاحب القرار و
ليس المفاوض الذي يفاوض على تصريح لعبور الحدود، في عام 2008 هاجم الجيش الصهيوني
قطاع غزة بتواطؤ مصري فتحاوي رسمي بغية القضاء على الحكومة الحمساوية في غزة
متناسين أن كوادر و عناصر وموظفي هذه الحكومة هم من أبناء القطاع وليس من خارجه، و
يعيشون معاناة السكان المحاصرين منذ سنوات، وبعد شهر كامل من القصف المتواصل وسقوط
أكثر من 1800 شهيدا لم تنجح الحملة وفشلت فتح و "إسرائيل" ومصر في
الغاية، و زاد أهالي القطاع من تمسكهم بالصمود و رفض أي مبادرات للتخلي عن المقاومة
مقابل تسهيلات صهيونية على المعابر, و استمرت سلطة أوسلو بالتضييق على القطاع من
خلال التنسيق مع الجيش الصهيوني لمنع دخول المحروقات و عدم تزويد محطة الكهرباء
بقطع الصيانة وتارة أخرى يطلب عباس من مصر إغلاق معبر رفح و إغلاق الأنفاق، و
استمر هذا المسلسل حتى رحيل مرسي و استلام وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي
زمام الأمور في البلاد لكي تبدأ مرحلة جديدة من الحصار حيث أغلقت الأنفاق و أغلق
معبر رفح وبدأت أجهزة مخابراتية تحرض الشارع في قطاع غزة على الخروج في مظاهرات
"تمرد" على الحكومة، لكن هؤلاء البلهاء لا يعلمون جيدا الواقع في قطاع
غزة، فهم يجهلون أنه في كل بيت في قطاع غزة شهيد أو أسير أو جريح سقطوا في الحروب
مع الكيان الصهيوني، و العودة بالزمن إلى الوراء هي من عجائب المستحيل بالنسبة
لهم، وكيف لا وهم يرون ممارسات حركة فتح في الضفة المحتلة و تجرؤها على العمالة مع
الكيان الصهيوني جهارا نهارا. إن إسقاط حكومة غزة ليس مشروعا مصريا خالصا أو
فتحاويا و إنما هو مشروع صهيوني أمريكي غرضه إسقاط آخر أوراق المقاومة التي
يمتلكه الشعب الفلسطيني، هم لديهم طموح يتمثل في تفتيت هذا الشعب و تشتيته بغية
ضياع حقوقه.
سمعنا عن "تمرد" منذ عدة أشهر لكنها لم تفعل
شيئا و اقتصر نباحها و القائمين عليها بترديد الشعارات على صفحات الانترنت، لكن
الشارع في غزة لم يشهد مثل هذه التظاهرات على الرغم من الدعاية الكبيرة التي تنفق
عليها. وإذا نظرت في وجوه الناس التي أرهقتهم سنوات الحصار، فلديهم إجابة واحدة
على مثل هذه التصرف، مفادها بأن هؤلاء مجموعة من العملاء المقيمين خارج البلاد
يمارسون التحريض خدمة للكيان الصهيوني تحت ذريعة الخوف على حقوق الفلسطينيين. نحن
لا نقول أن الحكومة في غزة لديها الشفافية الكاملة لأن الكمال درجة ربانية لم
نرتقي نحن البشر لها، ولكن الطرف الآخر خبيث و تجربته أظهرت أنه لا يبالي بمعاناة
الشعب الفلسطيني بقدر ما يبالي بإغتصاب أموال هذا الشعب و المتاجرة في قضيته. جميع
الأموال التي ترسل إلى السلطة الفلسطينية ترسل لخدمة الأهداف الأمنية للكيان
الصهيوني، تنفق على أجهزة أمنية تعمل ليل نهار لحماية الاستيطان في الضفة المحتلة
وحماية أمن المستوطنين، دربها على ذلك الجنرال الأمريكي كيث دايتون، و أسلافه من
بعده وهي تحافظ على درجة عاليا من التنسيق مع الجيش الصهيوني، أهالي غزة يرددون
دائما" تموت الحرة ولا تأكل بثديها". بانتظار تمرد 11/11 الذي أعلنت
عنها صفحات المندسين على شبكات الانترنت و إلى أين سيذهب بسكان غزة وكلي يقين بأنه
سيكون يوما عاديا ليس أكثر من ذلك، لأن من يدير هذه الموجة من التحريض لا يجرئ
دخول حدود قطاع غزة وترديد مثل هذه النداءات أمام السكان.