• - الموافق2024/04/25م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الكليات الإسلامية بكيرلا الهندية

الكليات الإسلامية بكيرلا الهندية


 

 

أعدّه: نشاد علي الوافي وي بي*


 

 

كيرلا ولاية هندية جنوبية تطل على المحيط الهندي وتتميز بالطقس المعتدل وتلف بها القنوات والأنهر والأشجار المتكاثفة الخضراء والمراعي الخلابة والمناظر الطبيعية الأخاذة وصل إليها الإسلام عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تثبته الوثائق التاريخية المعتمدة عليها. بدأت تعاليم الدين في أول الوهلة تنبث فيها بحيث يجتمع الناس في المساجد ويلقي العالم الدروس على موضوعات تلمّ بجميع حقول الحياة الإنسانية وينتقل ذلك من فم  إلى فم وتلوك به الألسن. وفي غضون ذلك أنشأ أبو عبد الله الحضرمي أول مدرسة  في كيرلا بمسجد ولي كلنكرا (Valiyakulankara) /تانور(Tanur) سنة 1276م/ 675هـ وأصبحت الدراسة الإسلامية منذ ذلك تتبلور نظاما بأن يسكن الطلبة والأساتذة في المساجد ويتلقى التلاميذ الدروس في التفسير والحديث والفقه والعقيدة والمنطق والبلاغة من وجوه الأساتذة مباشرة باتخاذ اللغة العربية وسيلة فيه. ومن جهة أخرى أخذت اللغة العربية تُدرس رسميا في المدارس الحكومية منذ 1912 بموجب أمر أصدرته حكومة تروتانكور (Tiruvitankur) إلى نائب مدير هيئة الأنشطة التربوية والتعليمية آنذاك رام صامي (Rama swami) لاتخاذ إجراءات تعزيز سبل الدراسة المسلمة. وعلى ممرّ الأيام خصيصة بعد احتلال القوات البيرطانية الهند تغيرت الأمور بجعل المدارس الدينية مدراس حكومية ولكن انتهى الوضع إلى أن يسوء  على سبيل غير متوقع حيث أزيلت المواد الدينية  من مقرر دراسي لدى ’المدارس الحكومية‘ زمن رئيس الوزراء سي راجكوبا لاجاري (C.Rajagopalajariya) سنة 1947. فانتبه العلماء وأنشأوا المدارس في القطاع الخاص وتكاثرت المدارس في شتى أنحاء كيرلا ولكن لسوء الحظ تلاشت وانحطّت لعدة أسباب في أواخر التسعينات وأوائل العشرينات في صورة غير ملحوظة من قبل فتجمد حقل الدراسة الدينية العالية.

تنسيق الكليات الإسلامية

وللشعور الماس بهذه الأزمة وللاستيعاب التام للتقدم العلمي والتكنولوجي والمعلوماتي الذي يشهده الهند والعالم كيلا يتأخر الجيل الجديد عن ركب الحضارة والثقافة الإسلامية والمؤهلات العلمية العالية وكي يخرّجهم جمعا بالقديم والجديد وبين المعارف الإسلامية والعلوم الإنسانية أفرغ بنك الفكر المنتمي إلى العلماء بولاية كيرلا وعلى رأسهم الأستاذ عبد الحكيم الفيضي  منسق الكليات الإسلامية الحالي وعميد كلية الشيخ أبو بكر للآداب والعلوم الإسلامية سعيا دؤوبا في دمج التعديلات العصرية اللازمة على المنهج النظامي  السائد في الدراسة الإسلامية بالهند منذ القرن الثاني عشر مع إبقاء روحه وجمع كلي طرفي العلم – المادي والمعنوي- حيث يمكن الطلبة تزودهما تحت سقف واحد. فتم إنشاء هيئة علمية بحيث تعمل شبه جامعة بوضع المناهج الدراسية وتوحيد الأنشطة الأكاديمية وتنظيم النشاطات العلمية وإجراء الامتحانات وإصدار الشهادات العلمية وعقد الورشات وغيرها تحت رئاسة الزعيم الروحي بعموم ولاية كيرلا السيد حيدر علي شهاب حفظه الله بعنوان "تنسيق الكليات الإسلامية" عام 2000م وسجلت لدى الحكومة. وينتسب إليها حتى اليوم 35 كلية إسلامية فضلا عن أربع كليات للبنات ويعمل مركز التربية الإسلامية  بمنطقة كوتي برم من مقاطعة ملابرم لولاية كيرلا/ الهند مقرا لها.

أصبح هذا التنسيق خلال فترة قصيرة يزرع بصيص الأمل في قلوب الطلبة الذين اتخذوا وراءهم ظهريا عن الدراسة الإسلامية على وجه خاص واللغة العربية عامة. وكانت النقطة النوعية في اتجاه نحو الأفضل اهتمام التنسيق بتوفير جودة العلم بتطوير المناهج الدراسية وإضافة المواد الجديدة طبق متطلبات الوقت وتأكيد  تواجد جميع التسهيلات المادية والأكاديمية في الكليات المنتسبة إليه. وقسم التنسيق مراحل الدراسة إلى التمهيدية (سنتان) العالية (أربع سنوات) والماجستير (سنتان) وقيد الحصول على الشهادة (الملقبة بالوافي – للبنين- والوفية  - للبنات) باجتياز مرحلة البكالوريوس المعتمد لدى مُفوضية المنحة الجامعية (University Grant Commission-UGC) وأتاح للطلبة اعتمادا على نظام الساعة المعتمدة المختارة (Choice Based Credit and Semester System) فرصة لاختيار ما شاء من الساعات المعتمدة من خارج تخصصه في مرحلة الماجستير حسب الذوق. وكانت ليالي الهيئة العلمية لدى تنسيق الكليات الإسلامية نهار بيضاء تولي الاهتمام بقبول تغيرات علمية تجري في كل صوب وحدب فزار الوفد عدة جامعات إسلامية خارج الهند وداخلها حتى تمكن لها عام 2012م من وضع مقرر دراسي جديد بتقسيم الدراسة في مرحلة الماجستير إلى ثلاثة أقسام من قسم أصول الدين وقسم الشريعة الإسلامية وقسم اللغة والحضارة وسبع شعب بإدخال مواد معاصرة مثل الاقتصاد الإسلامي وعلم السلوك وفقه الأقليات ورد الشبهات والتيارات الفكرية ومقارنة الأديان... الخ. وفي قسم اللغة والحضارة تزود الطلبة بتاريخ الأدب والنحو والنقد والترجمة والاتجاهات الأدبية وفقه اللغة وعلم الأصوات والعروض والقوافي...الخ، مع تقوية قدرتهم اللغوية على نظام السماع والتحدث والقراءة والكتابة. والى جانب هذا تشترط الهيئة العلمية على الكليات المنتسبة بناء مختبرات الكمبيوتر الخاصة وتوفير مكتبة واسعة بعدد كبير من الكتب بالعربية والإنجليزية والأردية واللغة الأم (مليالم) أدب الأطفال ودوريات دولية والصحف والمجلات... وقطعت الهيئة العلمية شوطا كبيرا في تطوير المناهج الدراسية بتخطيط برامج التقييم المستمر لبعض المواد بين إجراء الندوات والمناظرات وإعداد الخطط والمشاريع والتدريس وإعداد المقالات والعمل الدعوي الميداني والخدمة الاجتماعية. فنهضت على هذه الوتيرة أنشطة التربوية والتعليم حتى أسفرت عن ورود عدد عديد من الطلاب والطالبات من جميع نواحي الولاية برغبة عارمة في الحصول على الدخول في المعاهد الدينية ليبلغ مجموع الطلاب إلى 2003 طالب و308 طالبة حسب إحصائية سنة 2013.

برامج تعليم البنات

 أولى تنسيق الكليات الإسلامية للدراسة العليا للبنات عناية خاصة‘  لتخريج جيل جديد من النساء يمثّلن الإسلام أروع نمطه ويمهدن السبيل إلى التقدم الاجتماعي بتزودهنّ التعليم الديني الممتاز إلى الجانب العلوم والثقافات المعاصرة تحت مظلة واحدة فتم تصميم منهج دراسي يشتمل على مواد التفسير والحديث والفقه والعقائد والبلاغة والتيارات الفكرية وفقه الأسرة (علم النفس لمرحلة الطفولة والنمو البدني وتنمية الشخصية وعلم الأغذية والتغذية والمناعة واستخدام الموارد والتطور الاجتماعي والإسعافات الأولية والتمريض).

الاعترافات الدولية

  وفي ناحية أخرى كانت هذه الجمعية تقترب من هدفها المنشود بالوصول إلى مستوى العالم العلمي تكاتفا مع أعرق الجامعات الكبري وتوقيع الاتفاقيات ونيل الاعترافات من مصادر ذات أهمية كبيرة ومن الأجدر بالذكر منها:

1- اتفاقية التعاون العلمي والثقافي مع جامعة الأزهر بالقاهرة‘ مصر .

2- اتفاقية جامعة القاهرة (كلية دار العلوم) .

3- مجمع اللغة العربية بالقاهرة .

4- الرابطة الدولية العربية (ALECSO) .

5- رابطة خرجي الأزهر .

6- جامعة عليكره الإسلامية / بالحكومة الهندية (عودلت شهادتهما بمرحلة الإجازة العالية) .

البحوث العلمية:

وفي مجال البحث العلمي الذي يعتبر من الغايات الرئيسية له لتقديمه أحد المؤسسات الأساسية لتصدي مشاكل المجتمع فقد حرص التنسيق منذ نشأته وعبر أعوام تطوره على تنشيط وتدعيم البحث العلمي في شتى المجالات والتخصصات وذلك من خلال النشاط المكثف الذي تقوم به لجنة البحوث المتكونة من كبار أساتذة الكليات المنتسبة إليه ويتطرق البحث إلى موضوعات حارة وإلى أهمّ شكوك أثارها الطلبة وقت الدراسة حيث يؤدي ذلك إلى تبادل العلوم  والآراء في أطيب صورة ومن جانب الطلبة يقدمون الرسالات القيمة نهاية مرحلة دراستهم بتوفيق الله استطاعوا للإنجاز على أكثر من 200 رسالة بحوثية ذات قيمة. ولإشباع الجوع بأهمية البحث والمؤتمرات والندوات العلمية والثقافية في إثراء المعرفة وخدمة المجتمع تم تشكيل منتديات البحوث العلمية  للطلبة من منتدى التفسير والفقه والتاريخ والعلوم والعقيدة واللغة وأولت لها بالغ الاهتمام ويتم إجراء المؤتمرات والندوات اللاصفية وخاصة المحلية التي تقام سنويا في رحاب خاص على مسائل تهم العامة في إطار نظام العالم الجديد ومسيرته السريعة مثل: سوق الأسهم وزراعة الأعضاء ووسائل جمع وتوزيع الزكاة والبائنة  بين الحلال والحرام.

المتخرجون

وان كان نجاح المؤسسات والمعاهد العلمية اعتبار لباقة الخرجين في سوق العمل والخدمة والدراسات العليا ففاز فيه التنسيق فوزا سحيقا حيث يدرس ويبحث عدد كبير في عدة جامعات دولية مثل جامعة الأزهر وجامعة القاهرة بمصر والجامعات المركزية وغير المركزية الحكومية بالهند حين البعض يزاول في مختلف المرافق الاجتماعية والدينية والطلابية مثل أئمة المساجد وعمداء الكليات الدينية والعلمانية والصحافيين والنشطاء التربويين ورؤساء الاتحادات الطلابية ومحرري مجلاتهم.

 


(*) باحث في جامعة جوهرلال نهرو


 

أعلى