فقدان إسرائيل لدور الضحية.. هل استفاق العالم من غفوته؟

تلعب هوية الضحية دورا محوريا في الدولة الصهيونية في السياسة والدفاع والإعلام هي أداتها للابتزاز السياسي، فالهولوكوست كان ذريعة تكوين دولتهم ووسيلتها للدفاع عن أفعالها البشعة تجاه. وباهتزاز تلك الصورة التي صنعتها إسرائيل لنفسها تهتز أحد أهم أركان وجودها.


منذ نشأة إسرائيل على أرض فلسطين وهي تجيد باستمرار لعب دور الضحية، وهو دورٌ زائفٌ بكل المقاييس، لا سيما وأن آلة الاحتلال القمعية ومجازره وحروبه ضد الفلسطينيين وغيرهم من شعوب المنطقة لم تتوقف يومًا، وحين تضع إسرائيل نفسها ضمن فئة الضحايا فإنها تريد من وراء ذلك أن تكسب تعاطف العالم ناهيك عن الدعم العقلاني لما تعتبره دفاعًا عن النفس، وتحت ذريعة هذا التكتيك الدفاعي ـ أو الانتقامي في بعض الأحيان ـ فإنها لا تحترم أي أعراف دولية وتعثو فسادًا وتخريبًا بحق الفلسطينيين وأرضهم، لكن من عجيب المفارقات أن الإسرائيليين الذين يجيدون هذه الاستراتيجية قد فشلوا أثناء حرب الإبادة الحالية على قطاع غزة في مواصلة تقمص دور الضحية التي اضطرت لدخول الحرب دفاعًا عن النفس ولاستعادة الرهائن والانتقام من حركة حماس، لقد استفاق العالم من غفوته أخيرًا ليرى جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي هي واضحة كعين الشمس.

دور الضحية

يصوّر الإسرائيليون أنفسهم دائمًا على أنهم أمة ديمقراطية مسالمة تقع جغرافيًا وسط بحر من العداء الإقليمي؛ عربيًا وإيرانيًا، ولأنهم ـ بحسب فرضيتهم ـ يتعرضون لتهديد مستمر من الداخل من قبل المقاومة الفلسطينية أو من الخارج من قبل أطراف عدّة، فإنهم دأبوا على تقمص دور الضحية في مواجهة التهديد الداهم والمستمر ضدهم، وقد وضع ذلك الفلسطينيين خاصةً والعرب عامةً في وضع غير مواتٍ دائمًا، حيث يضطرون إلى الرد على تلك الادعاءات في حين أن إسرائيل تخلق حقائق قمعية على الأرض باسمها دون محاسبة أو ردع، ويمكن تلخيص تكتيك المجني عليه الذي تجيده إسرائيل من خلال بعض الأمثلة:

 

يهاجم الصهاينة أي شخص لا يقدم لهم دعمًا غير مشروط في حربهم الحالية على غزة، أو يطلب منهم أن يتحلوا بالمسؤولية ويتوقفوا عن قتل الأبرياء، أو حتى من يطالبهم بالتصرف بطريقة إنسانية

أبرز ورقة تلوّح بها إسرائيل دائما عندما يأتي الحديث عن "الضحية"، هي المحرقة المزعومة التي ارتكبها النازي الألماني ضد اليهود، إنه سبب مقدس لدى اليهود يجيدون استعماله كي يخرسوا الناس ويثقلون كاهل ضمائر أولئك الذين ما زالوا يشعرون بوخزات الذنب بسببه، بل إنه يمنح إسرائيل تفويضًا مطلقًا لوجودها كدولة خاصة باليهود وكقوة محتلة، وبينما كان الغرب يمنح اليهود وطنًا على أرضٍ لا يملكها، فإنه كان يخلق بذلك أمة ضحية حقيقية، وهي الأمة الفلسطينية.

عندما صدر تقرير ريتشارد غولدستون الشهير عن حرب غزة السابقة، والذي اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب بعدما استخدم جنودها بعض المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية - وخاصة الأطفال - هو أحد الانتهاكات الجسيمة، لم يعتبر الإسرائيليون أن الانتهاكات كانت مشكلة جسيمة بالنسبة لهم، بقدر ما كانوا مهتمين بما وصفوه بالظلم الذي ارتكبه غولدستون في تقريره، ففي نهاية المطاف اعتبروا أن جيشهم كان يدافع عن نفسه عندما دخل وقتل ما يقرب من 1500 فلسطيني في غضون ثلاثة أسابيع فقط.

قبيل عملية طوفان الأقصى؛ دأب الإسرائيليون على مضايقة الفلسطينيين وانتهاك حقوقهم وحرياتهم، كانوا يعلمون جيدًا أنهم سيكونون عرضة لرد فعل فلسطيني ذات يوم، الأمر الذي يؤدي إلى دوامة لا نهاية لها من سفك الدماء، وقد أيقن الإسرائيليون منذ اللحظة الأولى أن حربهم العشوائية على قطاع غزة، والتي أسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف الآخرين، لكنهم يدركون في نفس الوقت أن استراتيجيتهم المرتبطة بلعب دور الضحية ستأتي ثمارها، لذا بدأوا على الفور في إثارة نفوس الإسرائيليين وترهيبهم من ذكرى الصدمة التي خلفتها المذابح، والمحرقة، والطرد من الدول الأوروبية والعربية، وتبع ذلك التنافس على كسب التعاطف العالمي.

دعاية ناجحة

الأشخاص الذين يعيشون في حالة من القلق الوجودي هم عرضة لتجريد الآخرين من إنسانيتهم، كان هذا واضحًا حين أشار وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى عناصر حركة حماس بأنهم "حيوانات بشرية"، مثل هذه اللغة اللاإنسانية تجعل من السهل التغلب على الموانع التي تحول دون ارتكاب الفظائع، كان من الممكن أن تُترَك إسرائيل وحدها، لولا أن وقع العالم ـ الولايات المتحدة وبريطانيا و ألمانيا بشكل خاص ـ فريسة للدعاية الصهيونية مرارًا وتكرارًا، تصرّ إسرائيل باستمرار على أن أمنها يأتي في المقام الأول، وهذا يمنحها الحق في التغلب على أي اتفاقات سلام أو تسوية مع الفلسطينيين، لقد تم زرع هذا المنطق الملتوي في أذهان العالم لفترة طويلة حتى أنه لم يعد موضع شك، وبات العقاب الجماعي الذي تمارسه إسرائيل بحق الفلسطينيين هي الوسيلة الأكثر شيوعًا في الحروب الإسرائيلية الأخيرة، وحتى على المستوى القانوني بعيدًا عن ساحة المعارك:

في ساحات القتال:

لا تكترث إسرائيل بضحايا قصفها وهجماتها التي تشنّها على الأراضي الفلسطينية، فالتأثيرات التي يخلفها استخدام الطائرات بدون طيار كارثية سواء من ناحية الدمار أو الضحايا، لكن إسرائيل تعتبرها أضرارًا جانبية في إطار ردها الدفاعي عن نفسها أو ثأرها الانتقامي من المعتدين عليها، وفي حين وجدت دراسة أمريكية أن الطيارين الأمريكيين الذين يقودون طائرات بدون طيار عن بُعد لتنفيذ هجمات في أفغانستان والعراق واليمن سرعان ما تظهر عليهم أعراض الإجهاد اللاحق للصدمة نتيجة لتسببهم في الكثير من الموت والدمار، فإن الجيش الإسرائيلي وجد عندما قام بدراسة مماثلة أن طياريه الذين قاموا بتشغيل طائرات بدون طيار فوق غزة لم تظهر عليهم أي علامات اكتئاب أو قلق، وأشارت النتائج إلى أن الطيارين الإسرائيليين يرون أن تصرفاتهم مبررة أكثر، لأنهم لديهم ثقة كبيرة بأنهم يتعرضون للتهديد المستمر من الفلسطينيين وأنهم على وشك أن يصبحوا ضحايا للمقاومة الفلسطينية إذا لم يستبقوا المقاومين بتنفيذ مثل هذه الهجمات واسعة الدمار.

على المستوى القانوني:

أقرّت إسرائيل قبل عدة شهور قانون مكافحة الإرهاب، الذي لا يكتفي بمعاقبة أي مهاجم فلسطيني بل يتجاوز ذلك إلى معاقبة كل أقاربه، من خلال هدم منزلهم، وتجريدهم من أوراق إقامتهم إذا كانوا داخل الخط الأخضر مع ترحيلهم إلى الضفة الغربية، إلى جانب التكفل بدفع التعويضات التي تدفعها الحكومة الإسرائيلية لعائلات المصابين والضحايا الإسرائيليين، ورغم أن هؤلاء لم يرتكبوا أي خطأ، لكن في نظر إسرائيل فإن جريمتهم هي ببساطة أنهم على صلة بشخص تعتبره إسرائيل "إرهابيًا"، ومن المؤسف أن هذا الاتجاه آخذ في التزايد، كما أن إسرائيل تطلب من السلطة الفلسطينية التوقف عن دفع راتب شهري صغير لعائلات قُتل معيلها أو سُجِنَ نتيجة تنفيذه لأي عملية استشهادية ضد الاحتلال، ومن المعروف أن معدلات الإدانة بين الفلسطينيين في النظام القضائي العسكري الإسرائيلي أكثر من 99%، وفي مقابل هذا الظلم الواقع بفداحة على الفلسطينيين فإن المحكمة العليا الإسرائيلية رفضت في عام 2014م إغلاق منازل 3 يهود اختطفوا طفلًا فلسطينيًا وأحرقوه حيًا، كما رفضت حكومة الاحتلال في عام 2016م دفع تعويضات للطفل أحمد دوابشة، البالغ من العمر 6 سنوات، وهو الناجي الوحيد الذي أصيب بحروق شديدة بعدما قام متطرفون يهود بحرق منزل عائلته، ولا شك أن هذا التراكم الذي لا نهاية له من الأذى والإهانات ضد الفلسطينيين لهو جزءٌ من انغماس إسرائيل في دور الضحية المضطهَدة.

على المستوى الإعلامي:

للحفاظ على صورتهم كضحية؛ يهاجم الصهاينة أي شخص لا يقدم لهم دعمًا غير مشروط في حربهم الحالية على غزة، أو يطلب منهم أن يتحلوا بالمسؤولية ويتوقفوا عن قتل الأبرياء، أو حتى من يطالبهم بالتصرف بطريقة إنسانية، كان هذا ملحوظًا حين دعت إسرائيل إلى استقالة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عندما قال إن هجمات حماس لم تحدث من فراغ، كما تم الكشف علنًا عن طلاب جامعتي هارفارد وكولومبيا الأمريكيتين الذين وقعوا على بيانات مؤيدة للفلسطينيين، وتم إدراجهم في قوائم سوداء، وبضغوط من اللوبيات الصهيونية تم إيقاف بعضهم عن الدراسة، فيما يواجه الطلاب وأعضاء هيئات التدريس في المؤسسات الأكاديمية في بريطانيا وفرنسا التوبيخ والإيقاف بسبب دعمهم للقضية الفلسطينية، وكل حكومة أو منظمة أو شخصية عامة دعت إلى وقف إطلاق النار في غزة أو طالبت بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية أو انتقدت إسرائيل على سلوكها الوحشي، واجهت نوعًا من الرفض والاستهجان الإسرائيلي ومن ثمّ حملات استنكار وتشويه وتشكيك.

 

على مدى الأشهر الأربعة الماضية بدأت الاحتجاجات تتزايد في جميع أنحاء العالم وقطعت أو علّقت العديد من دول أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وإفريقيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل

الضحية الحقيقة

على أرض الواقع؛ تواصل إسرائيل احتلال أراضي الفلسطينيين واغتصاب ممتلكاتهم، ولا تتمهل عن توسيع المستوطنات أو إنشاء بؤر استيطانية جديدة، وتستمر في قصف الفلسطينيين واعتقالهم وقتلهم ومضايقتهم متى شاءت، وبالتوازي مع ذلك تواصل دعايتها تصوير الفلسطينيين على أنهم "إرهابيين" أو "متطرفين يريدون القضاء على إسرائيل"، وفي المقابل يجد الفلسطينيون أنفسهم باستمرار في موقف دفاعي، سواء الدفاع المسلّح ضد قوات الاحتلال القمعية، أو دفاعًا دعائيًا حيث يتعين عليهم مواجهة هذه الصورة غير المتوازنة التي تواصل إسرائيل الصقاها لهم، ولا شك أن المأساة المشتركة تخلق روابط قوية بين الناجين، وهو ما يضمن تجدد دماء حماس وغيرها من حركات المقاومة الفلسطينية مرارًا وتكرارًا إلى أن يتحقق هدفها المنشود في تحرير الأرض وإقامة واطن فلسطيني حر وعاصمته القدس الشريف.

بعد أكثر من 70 عامًا من احتلال أراضي فلسطين، وتحول 5.9 مليون فلسطيني إلى لاجئين، وتشريد 1.9 مليون آخرين منذ أوائل أكتوبر الماضي، فتحت إسرائيل أعين العالم ليدرك زيف المقولة الراسخة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، لقد جرى احتلال أرض بها شعب ومن ثمَّ حرمانه البطيء من كافة حقوقه ثم تهجيره، وقتل وسجن كل من تبقى على تلك الأرض، ووفقًا لبعض الدراسات فإن معدل الوفيات 20 فلسطينيا لكل إسرائيلي، بالرغم من ذلك تركز إسرائيل من خلال أشكال الانتقام السادية المتزايدة على تعزيز الشعور الجماعي والتاريخي بالضحية اليهودية، ففي حين تصرف انتباه الإسرائيليين عن حقيقة مفادها أن بلادهم هي دولة استيطانية استعمارية وحشية.

انكشاف الزيف الإسرائيلي

لقد كشفت عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس في السابع من أكتوبر الماضي أن الفلسطينيين لا يريدون أن يُنظر إليهم دائمًا على أنهم ضحايا فقط، هم أيضا يمكنهم الدفاع عن أنفسهم، يحتاج الفلسطينيون ـ مثل البشرية جمعاء ـ إلى مساحة آمنة، وكانت عملية طوفان الأقصى مجرد خطوة من طريق طويل يسلكه الفلسطينيون منذ عقود دون أن يدرك العالم فداحة الوضع الذي وصلوا إليه، لقد حان الوقت لرفع ستار الدخان، وتسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية، فمن الناحية الأخلاقية باتت معظم دول العالم ترى أن ما تفعله إسرائيل يعدّ أمرًا غير مقبول، وعلى مدى الأشهر الأربعة الماضية بدأت الاحتجاجات تتزايد في جميع أنحاء العالم وقطعت أو علّقت العديد من دول أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وإفريقيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، ومن الناحية القانونية توجهت جنوب أفريقيا التي أظهرت شجاعة ملحوظة في مواجهة الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لا سيما بسبب كفاحها الطويل ضد الفصل العنصري - إلى محكمة العدل الدولية لرفع دعوى ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية، ولم يكن من المستغرب أن تحظى تلك الخطوة من جنوب أفريقيا بدعم نحو 65 دولة.

حتى مواقف الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا باتت مفضوحة أمام العالم، فهم يدافعون عما لا يمكن الدفاع عنه؛ إنها المذبحة الإسرائيلية المستمرة ضد الفلسطينيين، وهو ما بات يؤكد للعالم ـ ما هو مؤكد بالفعل ـ أن هذه الدول تسعى لمصالحها المشتركة دون أدنى اعتبار لما تزعمه من دفاع عن الحريات والحقوق والمبادئ، إننا وإن كنا لا نجادل في أحقية كل إنسان على هذا الكوكب أن يعيش على وطن آمن، فإننا نختلف في مسألة أين يجب أن يكون هذا الوطن، فمما لا شك فيه أن أخذ وطن من شعب وإعطائه لأشخاص قدموا من مناطق مختلفة ولا يجمعهم أي رابط سوى ديانتهم هو أمر غير مقبول إطلاقًا، وكان من الأجدى بدلاً من ذلك أن يتم تخصيص أرض لليهود في ألمانيا تكفيرًا عن ذنبهم التاريخي حيال اليهود، أو حتى في بريطانيا التي طردت سكانها اليهود في عام 1290م، أو على الأقل في الولايات المتحدة ذات المساحة الشاسعة والتي تُلقّب بأرض الفرص، والتي لديها أيضا خطاياها ضد اليهود ويتعين عليها التكفير عنها، لكن الملاحظ أن العلاقة الأبوية المفترضة بين الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا من جهة وبين اليهود من جهة أخرى، لتدفعهم أبدًا لتحقيق هذا الوطن اليهودي على أراضيهم، وبدلًا من ذلك دأبوا على تصوير اليهود على أنهم شعب مشتت وضحية للحروب والمحارق والطرد، ومنحوه أرض فلسطين لإقامة وطنًا يهوديًا عنصريًا عليها.

ولا شك أن التصميم الإسرائيلي للحفاظ على هذه الصورة الذاتية الحصرية كضحية يؤدي إلى معايير مزدوجة شنيعة، فمتى يدرك الصهاينة أنه لا يمكن ثني المقاوم الفلسطيني عن هدفه من خلال معرفة أن أحباءه سيعانون من عقابٍ قاس، فجميع الأدلة تشير إلى أنه عندما يصل الناس إلى نقطة الانهيار، ويكونون على استعداد للشهادة في ساحة القتال ضد مضطهديهم، فإنهم لا يفكرون كثيرًا في العواقب التي قد تلحق بعائلاتهم، أو بعبارة أخرى إن المقاومين الفلسطينيين أصحاب الأرض ـ ومن ورائهم أهلهم وجيرانهم ـ قد أثبتوا تاريخيًا أن كل وسيلة إسرائيلية لسحق دوافعهم لمقاومة احتلالها الوحشي، قد باءت بالفشل، ولعل عملية "طوفان الأقصى" الأخيرة خير مثال.

 

أعلى