.حَدِيثُ الإِفْكِ
New Page 1
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ؛ مَالِكِ المُلْكِ، وَمُدَبِّرِ الأَمْرِ، لاَ
يَقْضِي قَضَاءً لِمُؤْمِنٍ إِلاَّ كَانَ خَيْرًا لَهُ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ
الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ، نَحْمَدُهُ فِي السَّرَّاءِ
وَالضَّرَّاءِ، وَالعَافِيَةِ وَالبَلاَءِ؛ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ
اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ كَرِيمُ النَّوَالِ، شَدِيدُ المَحَالِ، سَرِيعُ
العِقَابِ، عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ
وَرَسُولُهُ؛ أُخِيفَ فِي اللهِ تَعَالَى وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَأُوذِيَ فِيهِ
سُبْحَانَهُ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَمَرَّتْ عَلَيْهِ لَيَالٍ يَبِيتُ جَائِعًا
لاَ يَجِدُ طَعَامًا، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ
وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ عَظِيمَ
الأَجْرِ فِي شِدَّةِ البَلاَءِ مَعَ الرِّضَا وَالصَّبْرِ وَالاحْتِسَابِ؛ وَلِذَا
كَانَ الأَنْبِيَاءُ أَشَدَّ النَّاسِ بَلاَءً، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ،
وَقَدْ أُوذِيَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشَدَّ
الأَذَى، حَتَّى آذَاهُ المُنَافِقُونَ فِي عِرْضِهِ الشَّرِيفِ، وَاتَّهَمُوا
زَوْجَهُ الطَّاهِرَةَ العَفِيفَةَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا؛ فَبَرَّأَهَا
اللهُ تَعَالَى فِي قُرْآنٍ يُتْلَى إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ، وَفَضَحَ
المُنَافِقِينَ شَرَّ فَضِيحَةٍ، وَهَذَا حَدِيثُهَا عَمَّا أَصَابَهَا.
قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ،
فَأَيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - مَعَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ
غَزَاهَا، فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَمَا أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي
هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ، دَنَوْنَا مِنَ
المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا
بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي،
أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ
ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي
ابْتِغَاؤُهُ، قَالَتْ: وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِي،
فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ
عَلَيْهِ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ
خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ، وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ
العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ
حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا
الجَمَلَ فَسَارُوا، وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَمَا اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ
مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ
مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ
إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي، غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ،
وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ
وَرَاءِ الجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ
فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ
بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَوَاللهِ
مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ، وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ
اسْتِرْجَاعِهِ، وَهَوَى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا،
فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ، حَتَّى
أَتَيْنَا الجَيْشَ مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وَهُمْ نُزُولٌ، قَالَتْ:
فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ عَبْدُ الله بْنُ
أُبَيٍّ بْنُ سَلُولَ، قَالَ عُرْوَةُ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ
وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ، فَيُقِرُّهُ وَيَسْتَمِعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ، وَقَالَ
عُرْوَةُ أَيْضًا: لَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ أَيْضًا إِلَّا حَسَّانُ بْنُ
ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، فِي نَاسٍ آخَرِينَ
لاَ عِلْمَ لِي بِهِمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ، كَمَا قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى...، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ
قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لاَ
أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لاَ أَعْرِفُ
مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ
أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ: «كَيْفَ تِيكُمْ؟»، ثُمَّ
يَنْصَرِفُ، فَذَلِكَ يَرِيبُنِي وَلاَ أَشْعُرُ بِالشَّرِّ، حَتَّى خَرَجْتُ حِينَ
نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ، وَكَانَ
مُتَبَرَّزَنَا...، قَالَتْ:... فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ
بَيْتِي حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا،
فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ
رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ فَقَالَتْ: أَيْ هَنْتَاهْ، وَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟
قَالَتْ: وَقُلْتُ: مَا قَالَ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، قَالَتْ:
فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ
عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمَ، ثُمَّ
قَالَ: «كَيْفَ تِيكُمْ؟»، فَقُلْتُ لَهُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟
قَالَتْ: وَأُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالَتْ:
فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لِأُمِّي:
يَا أُمَّتَاهُ، مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي
عَلَيْكِ، فَوَاللهِ، لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ
يُحِبُّهَا، لَهَا ضَرَائِرُ، إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ:
سُبْحَانَ اللهِ، أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟ قَالَتْ: فَبَكَيْتُ
تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ
بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، قَالَتْ: وَدَعَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ
حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ، يَسْأَلُهُمَا وَيَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ
أَهْلِهِ، قَالَتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ،
وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أَهْلَكَ، وَلاَ
نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ
يُضَيِّقِ اللهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الجَارِيَةَ
تَصْدُقْكَ، قَالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بَرِيرَةَ، فَقَالَ: «أَيْ بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ؟»،
قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا
أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ
عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، قَالَتْ: فَقَامَ
رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ
مِنْ عَبْدِ الله بْنِ أُبَيٍّ، وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ:« يَا مَعْشَرَ
المُسْلِمِينَ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَذَاهُ فِي
أَهْلِي، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا
رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي
إِلَّا مَعِي»، قَالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ
الأَشْهَلِ، فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَعْذِرُكَ، فَإِنْ كَانَ مِنَ
الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ
أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ
سَيِّدُ الخَزْرَجِ، قَالَتْ: وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ
احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ، فَقَالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لاَ
تَقْتُلُهُ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا
أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ
سَعْدٍ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ
لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، قَالَتْ:
فَثَارَ الحَيَّانِ الأَوْسُ وَالخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا،
وَرَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ،
قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يُخَفِّضُهُمْ، حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قَالَتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ
كُلَّهُ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، قَالَتْ: وَأَصْبَحَ
أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا، لاَ يَرْقَأُ لِي
دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى إِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّ البُكَاءَ
فَالِقٌ كَبِدِي، فَبَيْنَا أَبَوَايَ جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي،
فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ
تَبْكِي مَعِي، قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قَالَتْ:
وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا
لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللهِ -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، يَا
عَائِشَةُ، إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً،
فَسَيُبَرِّئُكِ اللهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللهَ
وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللهُ
عَلَيْهِ»، قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً،
فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
عَنِّي فِيمَا قَالَ، فَقَالَ أَبِي: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ
اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ
اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا قَالَ، قَالَتْ أُمِّي: وَالله
مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَقُلْتُ -وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، لاَ أَقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ
كَثِيرًا - إِنِّي وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ، لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الحَدِيثَ
حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ:
إِنِّي بَرِيئَةٌ، لاَ تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ،
وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ، لَتُصَدِّقُنِّي، فَوَاللهِ لاَ أَجِدُ
لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ: {فَصَبْرٌ
جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ
وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ،
وَأَنَّ اللهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ وَاللهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ
اللهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، لَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ
مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللهُ فِي بِأَمْرٍ، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى
رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ رُؤْيَا
يُبَرِّئُنِي اللهُ بِهَا، فَوَاللهِ مَا رَامَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَجْلِسَهُ، وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ،
حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ،
حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ، وَهُوَ فِي
يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَسُرِّيَ
عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَضْحَكُ،
فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ، أَمَّا
اللهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ»، قَالَتْ: فَقَالَتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ،
فَقُلْتُ: وَاللهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، فَإِنِّي لاَ أَحْمَدُ إِلَّا اللهَ عَزَّ
وَجَلَّ، قَالَتْ: وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ
الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} العَشْرَ الآيَاتِ، ثُمَّ
أَنْزَلَ اللهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: وَكَانَ
يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَاللهِ
لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَة مَا
قَالَ، فَأَنْزَلَ الله: {وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ
مِنْكُمْ} - إِلَى قَوْلِهِ - {غَفُورٌ رَحِيمٌ}،
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: بَلَى وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ
اللهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ،
وَقَالَ: وَالله لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا، قَالَتْ عَائِشَة: وَكَانَ
رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ
عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ لِزَيْنَبَ: «مَاذَا عَلِمْتِ، أَوْ رَأَيْتِ»، فَقَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا
خَيْرًا، قَالَتْ عَائِشَة: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَصَمَهَا اللهُ بِالوَرَعِ،
قَالَتْ: وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ، فِيمَنْ
هَلَكَ...؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: [إِنَّ
الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا
وَالآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا* وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ
المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا
بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا] {الأحزاب:58}.
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ...
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا
طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ
أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ،
وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَاتَّقُوا
اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ،
[وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ
تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ]{البقرة:281}
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، كَشَفَتْ حَادِثَةُ الإِفْكِ سُوءَ النِّفَاقِ،
وَأَظْهَرَتْ قَذَارَةَ المُنَافِقِينَ، وَدَلَّتْ عَلَى أَنَّ المُنَافِقَ لاَ
يَتَوَرَّعُ عَنْ شَيْءٍ فِي أَذِيَّةِ المُؤْمِنِينَ؛ فَحِينَ عَجَزَ
المُنَافِقُونَ عَنِ النَّيْلِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ
رَمَوهُ فِي عِرْضِهِ الشَرِيفِ، وَطَعَنُوا فِي أَحَبِّ أَزْوَاجِهِ إِلَيهِ
مُبَالَغَةً فِي أَذَاهُ.
وَمُنَافِقُو
عَصْرِنَا لَمْ يَتَوَرَّعُوا عَنْ فِعْلِ مَا فَعَلَ السَّابِقُونَ مِنْهُمْ،
وَهُمْ يَفْتَرُونَ الأَكَاذِيبَ، وَيَخْتَلِقُونَ التُّهَمَ فِي الأَبْرِيَاءِ،
وَيَسْعَوْنَ بِكُلِّ قُوَّةٍ فِي حَرْبِ الإِسْلامِ، وَإِسْقَاطِ حَمْلَتِهِ
وَمُبَلِّغِيهِ مِنَ العُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ وَالمُصْلِحِينَ المُحْتَسِبِينَ،
فَاللهُ حَسِيبُهُمْ، وَلَنْ يَنَالُوا مِنْ دِينِ اللهِ تَعَالَى شَيْئًا كَمَا
لَمْ يَنَلْ أَسْلَافُهُمْ.
وَكَشَفَتْ حَادِثَةُ الإِفْكِ شِدَّةَ الابْتِلاَءِ الَّذِي حَاقَ بِالنَّبِيِّ -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِبَيْتِهِ، وَبِأَحَبِّ زَوْجَاتِهِ
إِلَيْهِ، وَبِأَحَبِّ أَصْحَابِهِ إِلَيْهِ، ابْتِلاَءٌ يَغُورُ أَلَمُهُ فِي
القُلُوبِ حَتَّى يَصْدَعَهَا؛ فَذَلِكَ عِرْضُهُ، وَتِلْكَ زَوْجُهُ، وَذَاكَ
صَاحِبُهُ، فَمَاذَا يَفْعَلُ؟! وَمَاذَا يَقُولُ؟! وَكُلُّ ابْتِلاَءٍ يَهُونُ
عِنْدَ العِرْض، وَكُلُّ اتِّهَامٍ أَهْوَنُ مِنَ الاتِّهَامِ فِيهِ، وَالنَّبِيُّ
- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْتَظِرُ الوَحْيَ وَلاَ وَحْيَ إِلاَّ
بَعْدَ شَهْرٍ مِنَ المِحْنَةِ وَالابْتِلاَءِ! ثَلاَثُونَ لَيْلَةً كَيْفَ نَامَ
فِيهَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَكَيْفَ أَكَلَ
وَشَرِبَ؟ وَهَلْ هَنَأَ بِشَيْءٍ؟ وَكَيْفَ نَامَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ وَأَهْلُ
بَيْتِهِ؟ وَهَلْ هَنَؤُوا فِيهَا بِطَعَامٍ وَشَرَابٍ؟ ثَلاَثُونَ يَوْمًا بَكَتْ
فِيهَا عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - حَتَّى جَفَّ دَمْعُهَا، وَذَهَبَ
صَوْتُهَا، وَاعْتَلَّ جَسَدُهَا، ثَلاَثُونَ يَوْمًا وَلاَ حِيلَةَ لِلنَّبِيِّ
وَلاَ لعَائِشَةَ وَلاَ لِأَبِي بَكْرٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَلاَ حِيلَةَ
لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَهُمْ يَرَوْنَ الأَلَمَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ
عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وَفِي وَجْهِ أَبِي بَكْرٍ وَآلِ بَيْتِهِ،
وَالمُنَافِقُونَ يُفِيضُونَ فِي الإِفْكِ، وَيُشِيعُونَهُ فِي النَّاسِ،
وَيَتَلَذَّذُونَ بِأَذِيَّةِ النَّبِيِّ فِي عِرْضِهِ! مَا أَعْظَمَهُ مِنَ
ابْتِلاَءٍ! وَمَا أَشَدَّهُ مِنَ امْتِحَانٍ! وَهَكَذَا الأَصْفِيَاءُ
يُبْتَلُونَ، حَتَّى إِذَا كُشِفَ الغِطَاءُ، وَرُفِعَ البَلاَءُ، وَزَالَتِ
الغُمَّةُ، وَذَهَبَتِ الكُرْبَةُ؛ ظَهَرَ الحَقُّ، وَثَبَتَ الأَجْرُ، وَفُضِحَ
النِّفَاقُ، وَمَا زَادَ عَائِشَةَ مَا رُمِيَتْ بِهِ مِنَ الإِفْكِ إِلاَّ
رِفْعَةً عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، وَمَحَبَّةً فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ، وَمَا
زَادَتْ أَذِيَّةُ المُنَافِقِينَ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ
- فِي عِرْضِهِ وَلِأَبِي بَكْرٍ وَآلِ بَيْتِهِ فِي ابْنَتِهِمْ إِلاَّ أَجْرًا
عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، وَعِزًّا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
وَحِينَ نَقْرَأُ حَدِيثَ الإِفْكِ أَوْ نَسْمَعُهُ، فَلاَ بُدَّ أَنْ نَسْتَحْضِرَ
أَنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلاَءِ، وَأَنَّ الأَجْرَ يُنَالُ
بِالصَّبْرِ وَاليَقِينِ وَالثَّبَاتِ مَهْمَا عَظُمَ البَلاَءُ، وَمَهْمَا كَثُرَ
المُتَسَاقِطُونَ، وَتَخَلَّى المُنْتَكِسُونَ عَنْ دِينِ اللهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّ
لِلدِّينِ أَعْوَانًا، وَلِلْحَقِّ أَنْصَارًا، يُبْتَلُونَ فَيَصْبِرُونَ
فَيُنْصَرُونَ، وَالعَاقِبةُ لِلْمُتَّقِينَ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...