العراق بين أنياب الذئاب
أعدّه: أ. أحمد أبو دقة
تشهد العراق منذ أسابيع حالة غليان متصاعدة
بعد الأنباء التي اشيعت عن عمليات اغتصاب تنفذها عناصر في السجون العراقية التي
تديرها حكومة نوري المالكي بحق سجينات عراقيات من أهل السنة.
و يطالب المعتصمون في محافظة الأنبار التي تعد
مركز الإعتصامات ضد المالكي بإلغاء المادة الرابعة في الدستور التي تعطي الأجهزة
الأمنية صلاحيات كبيرة في قمع الحريات و محاربة أهل السنة تحت ذريعة محاربة
الإرهاب.
ويقول الشيخ علي حاتم أحد زعماء عشائر الدليم
إن "مطلب المعتصمين الآن أصبح إقالة المالكي لأنه أهان كرامتنا أربع
مرات" في إشارة لتصريحات للمالكي بينها تلقي المعتصمين دولارات للتظاهر.
وتوزعت مظاهرات أهل السنة في محافظات عراقية مختلفة شملت محافظة صلاح الدين، شمال
بغداد، بينها تكريت وسامراء وبيجي والدور.
وفي سامراء حيث يستمر اعتصام بمشاركة الآلاف،
طالبت لافتات السبت برحيل المالكي، وقالت أحداها "ارحل يا مالكي أنت لا تصلح
رئيسا" للحكومة. وأخرى "آنت رئيس حزب الدعوة فقط".
وقال الشيخ عبد الرحمن السامرائي أحد ممثلي
التظاهرة متحدثا لفرانس برس "على المالكي الرحيل لأننا أعطيناه فرصة طويلة
منذ استلامه المسؤولية ولم ينفذ أي شيء" وتابع لقد "أعطى وعودا كثيرة
بينها (المئة يوم) ولكنه أخلف بها وعليه الرحيل".
وطلب المالكي فبراير 2011، مهلة مئة يوم
لتحسين أداء حكومته وإجراء حزمة من الإصلاحات بينها مكافحة الفساد وتوزيع 280 ألف
وظيفة حكومية وخفض سن التقاعد. وفي الموصل أيضا كبرى مدن محافظة نينوى خرج الآلاف
للتظاهر مطالبين بإطلاق سراح النساء، و استجابة لضغط الجماهير قال مسؤولون في
الحكومة إن المالكي سيطلق سراح 900 سجينة من أصل 1200 سجينة و سيقوم بتوزيع
السجينات الأمنيات على سجون المدن الفرعية.
في (نوفمبر) 2012، تشابك نواب ائتلافي
"العراقية" بزعامة أياد علاوي و "دولة القانون" بزعامة نوري
المالكي بالأيدي داخل قبة البرلمان، بعد اتهامات وجهت للقوى الأمنية العراقية
بتعذيب السجينات واغتصابهن. حدث هذا بعد يوم من إعلان البرلمان وجود 1030 عراقية
في سجون البلاد يتعرض بعضهن للاعتداءات.
و يقول تقرير نشرته صحيفة دار الحياة إن من
أبشع حالات الاغتصاب التي سجلت في العراق، ما تعرضت له فتاة من أهالي ناحية النمرود
ذات الـ17 ربيعاً شمال شرقي محافظة الموصل على يد ضابط ينتسب إلى الفرقة الثانية من
الجيش الحكومي والتي لا تقل بشاعة عما تعرضت له من قبل الطفلة بنين حيدر (4 سنوات)
في محافظة البصرة عندما قام أحد عناصر استخبارات الفرقة الـ14 باختطافها واقتيادها
إلى مكان مجهول في مدينة خور الزبير واغتصابها لأكثر من مـــرة قبل أن يقرر إنهاء حياتها
بطريقة وحشية بإلقاء "حجر كبير" على رأسها أودى بحياتها في الحال، ومن قبلها
عبير عبد علي (5 سنوات) من محافظة البصرة أيضاً التي خطفها أربعة أشخاص تناوبوا على
اغتصابها وضربها.
في غضون ذلك، واصل مئات المتظاهرين في مدينة
الموصل كبرى مدن محافظة نينوى، التظاهر للمطالبة باطلاق سراح المتظاهرين خصوصا
النساء وإلغاء المادة 4 إرهاب.
من جانبه، ذكر رئيس الوزراء الاربعاء باتخاذ
حكومته لقرار بتشكيل لجنة برئاسة نائب رئيس الوزراء تتولى تسلم طلبات المتظاهرين
المشروعة والتي لا تتعارض مع الدستور لتقديمها كمقترحات الى مجلس الوزراء.
وتأتي التظاهرات قبل ثلاثة أشهر من انطلاق
انتخابات مجالس المحافظات التي أجريت للمرة الاولى في البلاد في مارس 2010.
ورسخت الفترة الماضية كراهية عميقة للأجهزة
الأمنية العراقية، كما كشفت عن حجم التدخل الإيراني في الشأن العراق حيث يقول رئيس
حركة تحرير الجنوب عوض العبدان في تصريح خاص لموقع البيان: إن من يحرك الشارع في العراق اليوم هو الظلم الذي
لحق بهم ومن يحركه هي صور ضحاياه وأيضا شيوخ العشائر والشباب البطل والخيرين .. فلا
توجد جهة معينة هي من تحرك الشارع اليوم إنما هناك عمل دؤوب ومستمر من قبل الجميع على
إدامة هذه الثورة وبقوة إلى أن تتحقق مطالبها".
وذكر ايضا أن السفير الإيراني هو الذي يسير
الأمور في البلاد، و كشف عن وجود توسع إيراني على حساب الأرضي العراقية في
الجنوب". وحول الحراك الحالي قال العبدان أن الحراك بدأ بمناطق معينة ولكن يتوسع يوما بعد يوم، وأضاف:" لم يرفع المتظاهرون أي شعار طائفي بل على العكس استقبلوا
أهالي المناطق الأخرى التي يختلفون معهم في الدين أو العقيدة وأيضا هناك ساحات أخرى
ستفتتح قريبا في مناطق شيعية وهذا يعني أن الحراك سيشمل جميع مكونات الشعب العراق".
وحول إمكانية استخدام المالكي للقمع من أجل
إخماد المظاهرات، علق العبدان قائلا: "هو يستخدم القوة منذ عشر سنوات ولن يتوانى
عن استخدامها ولكن هذا الثبات وهذه الشجاعة من قبل الجماهير أجبرته على أن لا يستخدمها".
من جانبه يرى أبو عمر المشهداني وهو ناشط
حقوقي أن " الربيع العراقي" كما يصفه فهو خطوة إلى الأمام لا رجوع فيها
إلا بتحقيق مطالب المتظاهرين. ويشير أيضا إلى أن الحماسة الكبيرة في نفوس
المتظاهرين و الغضب المتراكم من قبل العراقيين على حكومة المالكي يؤكد أن هذه
الثورة ستواصل طريقها دون توقف.
ويقول المشهداني :"بصراحة المالكي هو دكتاتوري
يريد أن يحكم العراق هو وحزبه، ومخطئ من يظن أن هذا الحراك مدفوع من جهات معينة،
إنه حراك شعبي عراقي خالص". و يضيف أيضا أن حادثة اعتقال رجال الأمن التابعين
للوزير السني رفعت العيساوي ما هي إلا قشة قسمت ظهر البعير.
ويشارك في الاعتصامات بحسب الناشط العراقي
المقيم في الاردن كافة طوائف الشعب العراق ومن جميع المحافظات. وينقل المشهداني عن مصادر في الاستخبارات
العسكرية بمنطقة الأعظمية أن أوامر صدرت من قيادات عليا في الجيش بناءا على أوامر
من المالكي تفيد بضرورة شن حملات اعتقال تستهدف المشاركين في المظاهرات.
و أكد أن عناصر عسكرية بزي مدني تقوم
بالاعتداء على رجال الأمن من أجل إحداث فوضى و اشتباكات بين المتظاهرين و العناصر
الأمنية التي تشارك في قمع المظاهرات. و أشار إلى أن الهدف من ذلك إعطاء تبرير
للأمن من أجل اعتقال المتظاهرين. ومن المشاهد الأمنية المنتشرة بحسب المشهداني فإن
العناصر الأمنية تقوم بملاحقة كل من يحمل "هاتف نقال" ويقوم بتصوير
المظاهرات أو عمليات الاعتقال و الاعتداءات التي تمارس ضد المتظاهرين.
وعلى غرار ما يحدث في سورية فإن العراق تشهد
حالة توتر طائفي بسبب القمع و التهميش الذي يعانيه أهل السنة، و قد حاول ترسيخ ذلك
نوري المالكي رئيس الوزراء الحالي المعروف بولائه لإيران، وقد ساهم بدور كبير في
جعل الأراضي العراقية ممرا لدخول الأسلحة للنظام السوري من أجل إخماد ثورته.
:: موقع
مجلة البيان الالكتروني