• - الموافق2024/11/22م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الخلال النبوية ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾

من حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته أنه يشفع لأهل الكبائر منهم ليخرجهم من النار، ويلح على الله تعالى في ذلك


الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ولا أمن إلا للمؤمنين، ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82]، نحمده حمدا كثيرا، ونشكره شكرا مزيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ أرسل الرسل مبشرين ومنذرين، وأقام حجته على العالمين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واتبعوا رسوله ووقروه؛ فإن في ذلك سعادة الدنيا وفلاح الآخرة ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف: 157].

أيها الناس: تزداد المحبة بين المحبين على قدر صدقهم في المحبة، وإخلاصهم فيها، وتفانيهم لأجلها. ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أولى بكل مؤمن ومؤمنة من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين، فكانت محبته عند المؤمنين أعلى من محبة أي أحد سوى الله تعالى؛ إذ محبته من محبة الله تعالى؛ فهو الذي أرسله وجعله هاديا ورحمة للعالمين. وسبب أنه ينبغي أن تكون محبة النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من محبة المؤمن لنفسه أنه لا قيمة لنفسه بلا إيمان، بل وجوده بلا إيمان وبال عليه في الدنيا بالشقاء، وفي الآخرة بالعذاب. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المنقذ لكل مؤمن من هذا المصير المشئوم، إلى سعادة أبدية لا تحول ولا تزول.

ومن نظر في حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته وهداها، ورفع العذاب والحرج عنها؛ لن يعجب من وصف الله تعالى له حين قال سبحانه ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ [التوبة: 128]، أي: حريص على نفعكم، وإيصال الخير إليكم، ودفع الشر عنكم. وأعظم الخير الهداية للإيمان والعمل الصالح، وأعظم الشر الصدود عن الإيمان. ولشدة حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هداية أمته؛ كان يأسى على كفر الكافرين، فسلاه الله تعالى ببيان أن التوفيق للإيمان منه سبحانه ﴿إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [النحل: 37]، وقال تعالى ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يوسف: 103].

لقد كان حرصه على أمته أشد من حرصهم هم على أنفسهم، ومن شدة حرصه على إيمانهم أنه كان يتحسر عليهم حسرة تكاد تفتك به وتهلكه، فنهاه الله تعالى عن ذلك بقوله سبحانه ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ [فاطر: 8]، وفي قول الله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: 6] قال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْرِصُ عَلَى أَنْ يُؤْمِنَ جَمِيعُ النَّاسِ، وَيُتَابِعُوهُ عَلَى الْهُدَى؛ فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ إِلَّا مَنْ سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ السَّعَادَةُ فِي الذِّكْرِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَضِلُّ إِلَّا مَنْ سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ الشَّقَاءُ فِي الذِّكْرِ الْأَوَّلِ».

ومن حرصه صلى الله عليه وسلم على أمته: أنه كان يذهب للمشركين في أسواقهم يدعوهم إلى الله تعالى بلا كلل ولا سأم، ويصبر على أذاهم وسفههم؛ كما في حديث جَابِرٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِثَ عَشْرَ سِنِينَ يَتَتَبَّعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْمَوْسِمِ وَمَجَنَّةَ وعكاظ، وفي مَنَازِلِهِمْ بِمِنًى يَقُولُ: مَنْ يُؤْوِينِي وَيَنْصُرَنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَاتِ رَبِّي، وَلَهُ الْجَنَّةُ، فَلَا يَجِدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا يَنْصُرُهُ وَلَا يُؤْوِيهِ...» رواه أحمد، وصححه ابن حبان. وقال شَيْخٌ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ يَتَخَلَّلُهَا يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ تُفْلِحُوا» رواه أحمد.

ومن حرصه صلى الله عليه وسلم على أمته: اجتهاده في هداية قريش حتى خطب فيهم وقال «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» رواه الشيخان. وحرص صلى الله عليه وسلم على أن ينطق عمه أبو طالب الشهادة قبل موته فلم يوفق لها، فاشتد حزنه، فأنزل الله تعالى عليه ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [القصص: 56].

ومن حرصه صلى الله عليه وسلم على أهل مكة أنه اختار إنظارهم على عذابهم، والعفو عنهم على عقوبتهم؛ فإنهم لما آذوه أذى شديدا؛ جاءه جبريل ومعه ملك الجبال فقال له: «إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» رواه الشيخان.

ولما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة دعا اليهود إلى الإسلام فقال لهم: «يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا القَاسِمِ، فَقَالَ: ذَلِكَ أُرِيدُ» رواه الشيخان. وكرر دعوتهم للإيمان.

ومن حرصه صلى الله عليه وسلم على أمته: كثرة دعائه لهم، وبكائه لأجلهم؛ حرصا عليهم، وخوفا من عذابهم، وذات مرة رفع يديه وَقَالَ: «اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي، وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ» رواه مسلم.

ومن حرصه صلى الله عليه وسلم على أمته: أنه بلّغ أمته البلاغ المبين فأقام به الحجة عليهم، ورفع العذر عنهم، ممتثلا أمر الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة: 67]. قَالَ حُذَيْفَةُ رضي الله عنه: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامًا، مَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، إِلَّا حَدَّثَ بِهِ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ...» رواه مسلم. وقَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه: «لَقَدْ تَرَكَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا يُحَرِّكُ طَائِرٌ جَنَاحَيْهِ فِي السَّمَاءِ إِلَّا أَذْكَرَنَا مِنْهُ عِلْمًا» رواه أحمد.

وما ترك صلى الله عليه وسلم البلاغ وهو يجود بنفسه، وروحه تخرج من جسده، وهذا يدل على شدة حرصه على أمته، وإرادة الخير لها؛ كما في حديث عَائِشَةَ وابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالاَ: «لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يعني الموت- طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا» رواه الشيخان. وقَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه: «كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ. حَتَّى جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغَرْغِرُ بِهَا صَدْرُهُ، وَمَا يَكَادُ يُفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ» رواه أحمد وصححه ابن حبان.

وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 281].

أيها الناس: من حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته أنه يشفع لأهل الكبائر منهم ليخرجهم من النار، ويلح على الله تعالى في ذلك؛ كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة: «فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنُ لِي، وَيُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لاَ تَحْضُرُنِي الآنَ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، وَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَعُودُ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ -أَوْ خَرْدَلَةٍ- مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ، فَأَنْطَلِقُ، فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ...» رواه الشيخان.

وأسعد الناس شرفا بالنبي صلى الله عليه وسلم أشدهم اتباعا له، وتمسكا بسنته، وهم أهل محبته وولايته؛ لقول الله تعالى ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [آل عمران: 31]، وقوله تعالى ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: 7]. ومما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم الابتداع في الدين فقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ» متفق عليه. ومن ذلك تعظيم أيام لم يعظمها الله تعالى، والاحتفال بها، أيًّا كانت مناسبتها أو الأحداث التي وقعت فيها؛ كالمولد والإسراء والهجرة ونحوها؛ إذ لو كان تعظيم أيامها، والاحتفال بها مشروعا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته؛ ولكان أسبقهم إليه؛ لأنه أسبق الناس إلى الخير، وأحرصهم عليه. ولفعل ذلك أصحابه رضي الله عنهم، ولفعله التابعون وأتباعهم من أهل القرون المفضلة. فلما لم يفعلوه علم أنه ليس من الدين في شيء، وإنما هو من المحدثات التي لا يحبها الله تعالى، ولا يحبها رسوله صلى الله عليه وسلم، فاحفظوا دينكم من البدع، ولا تغتروا بكثرة المحتفلين بالموالد ونحوها؛ فإن أكثرهم أهل جهالة، وإن قادتهم أهل هوى.

وصلوا وسلموا على نبيكم...

 

 

 

 

 

 

أعلى