عزمي بشارة .. واللعب بين المتناقضات
عزمي بشارة
.. شاب فلسطيني مسيحي ولد في مدينة الناصرة في يوليو عام 1956م، و وترعرع في محيط
يملؤه التناقضات السياسية والصراع الفكري نتيجة الاحتلال الصهيوني لفلسطين عام
1948م، تأثر بالحالة المحيطة به منذ دراسته الثانوية من خلال مشاركته في تأسيس اتحاد
الطلاب الثانويين العرب حيث درس في المدرسة المعمدانية في الناصرة، وبعد التحاقه بالجامعة
شارك في قيادة الحركة الطلابية الفلسطينية في الجامعات الصهيونية لسنوات، ثم التحق بالحزب الشيوعي
المعادي للصهيونية منذ عام 1974 حيث كان يدرس في جامعة حيفا، ثم درس إلى الجامعة
العبرية في القدس وبعد ذلك سافر إلى ألمانيا ليكمل دراسته في جامعة هومبولت في
برلين ليتخرج بشهادة دكتوراة في الفلسفة عام 1986م.
ومنذ عودته من ألمانيا عمل
بشارة في جامعة بير زيت في الضفة المحتلة وترأس فيها إدارة قسم قطاعات الفلسفة
والعلوم السياسية، ومنذ عام 1990 أنتقل للعمل في معهد فان لير في القدس المحتلة
حتى ترشحه للكنيست عام 1996.
شارك بشارة في النزاع
التنافسي السياسي داخل عرب48 في فلسطين المحتلة وأنشأ التجمع الوطني الديمقراطية
وحصل على عضوية الكنيست الصهيوني لثلاث مرات حتى قدم استقالته عام 2007 للقنصل
الصهيوني في مصر. ومنذ تلك الفترة وهو يتنقل بين الأردن و قطر وعدة دول ليقوم بدور
الموجه و المحلل السياسي والناقد للحراك السياسي في العالم العربي.
شهادات من الداخل
يقول تقرير نشره الكاتب عاطف
الجولاني رئيس تحرير صحيفة السبيل الأردنية إن عزمي بشارة ترك التجمع الوطني الذي
أسسه في حالة من الإرباك حينما قرر عدم العودة إلى داخل الكيان الصهيوني، والذي زاد
الطين بلة تخبط قيادات التجمع الوطني وتناقض بياناتهم حول ترك بشارة الكيان الصهيوني وعودته بحيث وصل الأمر في بياناتهم
تأكيد عودته حين يفرغ من جولته العلمية / الفكرية والى قولهم أنه لن يحدد أي شخص أو
تنظيم زمن عودته أو كيفية عودته إلى بيانهم بأنه ترك البلاد إلى حين.
و لا يجب أن ننسى الخلفية
التاريخية لعائلة بشارة فيقول زهير أندرواس وهو كاتب صحفي إن بشارة الذي نشأ في
قرية ترشيحا ولد لأب نشيط في الحزب الشيوعي "الإسرائيلي" ومتحمس لقرار التقسيم
يدعى أنطوان ولوالدة تعمل في سلك التدريس عُرفت بعلاقاتها المشبوهة مع أجهزة الأمن
الصهيونية – وانتقلوا في العام ذاته إلى مدينة الناصرة قلب الجليل ومرتكز حياته، حيث
اشتغلت والدته بالتدريس فيما عرف عن والده نشاطه الحزبي مع الشيوعيين.
أما عن المعهد الذي عمل فيه
بشارة أثناء حصوله على عضوية الكنيست الصهيوني فيقول التقرير إن بشارة كان نائباً
لرئيس معهد فان لير الصهيوني وهو معهد متخصص في الواقع الصهيوني ومستقبله ورسم السياسات ودراسات الهوية وقضايا المجتمع.
وخلال عمله في المعهد طرح
عزمي بشارة مقالة بعنوان: "ههفديل بين بوليتكا داتيت
لِبين داتيوت بوليتيت" - "الفوارق بين السياسة الدينية والتدين السياسي"
وفيه ذهب إلى أن الحركات الإسلامية تقع ضمن إطار التدين السياسي ولا يمكننا تحليل هذه
الحركات إلا من خلال عملية العلمنة التي تمر بها المجتمعات العربية المسلمة ومرد ذلك
إلى نشوء أجهزة سلطوية علمانية ولوجود القومية العربية العلمانية"..
ويقول الجولاني إن بشارة
خلال فترة وجوده في معهد فان لير وجامعة بير زيت طرح فكرة الحكم الذاتي الثقافي لفلسطيني
1948 والتي اتهم سعيد زيداني بأنه اختطفها منه وبدا أنه تحلل نهائياً من شيوعيته –
وليس من ماركسيته - لصالح التصورات القومية الليبرالية المبنية على أسس الفكر الليبرالي
الحداثي المعاصر بشقيه المواطنة وحقوق الإنسان.
كما طرح بشارة الذي يعد في
وقتنا الحالي ملهم العديد من الثوار و المفكرين العرب موضوع دولة كل موطنيها وأثارها
على يهودية الدولة ومستقبلها من جهة وعلى مستقبل الجماهير العربية داخل الكيان
الصهيوني. وألح في طرح فكرة دولتين لشعبين
واستثمر الكنيست الصهيوني لطرح عدة مواضيع ذات أبعاد فكرية مثل دولة كل مواطنيها، وحكم
ذاتي ثقافي للفلسطينيين داخل الكيان الصهيوني.
رجا اغبارية سكرتير حركة أبناء
البلد داخل الكيان الصهيوني هو أحد الداعمين لفكرة التجمع الذي كان يتزعمه عزمي
بشارة، ينقل عنه الجولاني في محادثة بينهما أنه : "شخصية
متعجرفة وأنانية وتستغل الأبعاد الطائفية لمصلحة بقائه رأساً في سلم التجمع".
أما عبد الله نمر من كفر قاسم
داخل الكيان الصهيوني فيقول حول تجربته مع عزمي بشار أثناء الترتيب للانتخابات
المحلية للأحزاب العربية داخل الكيان الصهيوني: "تجربتي
مع هذا الرجل عزمي بشارة، سريع الغضب، متكبر، استعلائي، دكتاتوري في قراره، لا يلتزم
بالأخلاق، أخلاق الصحبة، ولا يرد المعروف لأصحابه إلا بالنكران".
أما الدكتور عادل سمارة فيذهب
في شهادته إلى حد تخوين عزمي بشارة حيث يعتبره ظاهرة مركبة ويقول: "لعل
أخطر ما في المثقف هي قدرته على اكتساب الشخصية الأكثر سوقاً ورواجاً وفي الوقت المناسب.
ناهيك عن استعداده وقدرته بحكم الثقافة على التلون والتكيف بشكل عام. هنا تعود إلى
الذهن مسألة المثقف العضوي الثوري، والمثقف المرتشي والمنسلخ عن طبقته وحتى أمته بحيث
يصبح مثقفاً عضوياً بالمعكوس أي لصالح نظام الحكم والطبقة التي كان يفترض أن يكون معادياً
لها. هذا اللون من المثقفين هو مثقف المرحلة المهزومة ومقتضياتها .
ويواصل الكاتب عاطف الجولاني
بالقول :" إن بشارة الذي كان عضواً في حزب راكاح (الحزب الشيوعي الإسرائيلي)،
الذي يعترف بالكيان الصهيوني بكل فخر، وبالتالي فهو حزب غير قومي بغض النظر عن وجود
عناصر كثيرة طيبة في أوساطه، لكن بشارة غادر هذا الحزب ليولد من جديد "كقومي"
متحمس! ولكنه قومي من طراز عضوية الكنيست التي تقسم الولاء لدولة اليهود، وتظل
"قومية" تطالبنا بالتصفيق لها!. ونفس شخصية د.بشارة هي التي تجمع بين الاكاديميا،
وبين العلاقة الخاصة بأنظمة الحكم سواء الصهيوني الدموي أو السوري الديكتاتوري، وبين
قيادة حزب وعضوية برلمان.
وفوق هذا وذاك يرأس بشارة نفسه
منظمة "مواطن" في رام الله وهي منظمة غير حكومية ممولة من الإدارة الأمريكية
وحكومة ألمانيا. و من المهم الإشارة إلى أنها أدوات تطبيع مع الكيان وتسويق الهيمنة
الامبريالية في الوطن العربي.
وهكذا يجمع د.بشارة بين التمويل
الصهيوني لحزبه كونه عضو كنيست، وبين القومية العربية، والتمويل الأمريكي، وتقديم تقارير
عن الوساطة بين الحكومة الصهيونية والنظام السوري، والمنظمات غير الحكومية والصداقة
مع السوريين"
أما الذراع الأيمن ومساعد
عزمي بشارة السيد زاهد عزت حرش يقول في مقالة عن بشارة: "إن
هناك الكثير من الأخطاء الكامنة المستترة في مسيرته تحت ستار "المخفي أعظم"،
لقد حصل الدكتور عزمي على أول دفعة دعم دولاري من صندوق فورد وهو صندوق أمريكي له زبانيته
الخصوصيين... كانت الدفعة الأولى على ما جاء على لسان مقربيه بقيمة 4 ملايين دولار..."
ثم يقول: "إن
من عملوا وما زالوا يعملون مع الدكتور عزمي في حزبه وجمعياته يعرف أن هناك الكثير من
علامات الاستفهام حول النجاحات الإعلامية "الخارقة" التي حققها خلال عشر
سنوات ظهوره السياسي المباشر.... إن من عملوا أو ما زالوا يعملون مع د.عزمي في حزبه
وجمعياته المنتشرة في الجليل، الناصرة وحيفا خاصة، يعرف الكثير مما قد يقوم به أو يرتكبه
هذا "المفكر العربي" الكبير وكواحد ممن عاصروه وعملوا إلى جانبه فيما بين
1995 – 1996.. أي أيام التحالف بين الجبهة وحزبه.. إذ وصفه أمامي بأنه تحالف استراتيجي،
جاء ليصد الهجمة الأصولية للحركة الإسلامية".
ويذكر حرش في مقالته أنه في
أعقاب أحداث الروحة التي جرت في مدينة أم الفحم عام 98 واقتحام القوات الصهيونية للمدرسة الثانوية
وجرح 400 طالب وشخص في المدينة. طالبت شخصيات سياسية عربية برلمانية وحتى يهودية بتشكيل
لجنة تحقيق إلا أن بشارة عرقل تشكيل هذه اللجنة أثناء جلساتها في الكنيست بأساليب غوغائية
وصبيانية تارة عبر مغادرة الجلسات وأخرى عبر تصريحات شلت التوجه نحو اتخاذ مثل هذا
القرار".
يقول الصحفي الصهيوني أمنون ابراموفيتش
للقناة الصهيوني الأولى في يناير 2001 : "إن
بشارة يقوم بتنفيذ مهمات لصالح الحكومة الصهيونية عند زيارته لسوريا، عزمي بشارة كان
يلتقي مع رئيس الوزراء أيهود باراك قبل كل زيارة لدمشق، وكذلك مع رئيس جهاز الموساد
داني ياتوم، وقد تعوّد أن يقوم بتقديم تقارير لياتوم عند كل زيارة إلى سورية".
ويزيد على ذلك أن سكرتير
الحكومة أسحاق هيرتصوغ صرح بأن كل زيارة يقوم بها بشارة إلى سوريا يتم إصدار أمر
خاص غير رسمي من الحكومة لهذه الزيارة.
ويضيف التقرير أن بشارة زار الأردن
ثلاثة مرات قبل اتفاقية العرابا وفتح علاقات كاملة بين الكيان الصهيوني و الأردن وفي هذه يقول الدكتور عادل
سمارة ما نصه: "...كانت احد زياراته إلى عمان قبل عام 1995، قبيل افتضاح نواياه
لدخول الكنيست، حيث قدم ورقة في مؤسسة يشرف عليها الأمير حسن. وفي تلك الورقة كَشَفَ
عن دعمه لدخول الكنيست وتشجيع المشاركة في انتخابات مجلس أوسلو (التشريعي) وحين عودته
زارني في مكتب مجلة كنعان وناقشني في الأمر دون أن يعلن ذلك وحيث أوضحت له موقفي القاطع
، كان هذا آخر عهدنا ببعضنا".
وتتهمه حركة أبناء البلد (مجموعة
رجا اغبارية) بأنه يسعى لأسرلة المجتمع العربي في البلاد عبر طروحاته وتحديداً دولة
كل مواطنيها، حيث يعمل جاهداً لتحقيقها، وهذه معناه إلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين و السماح للمواطنين العرب
بدخول الأجهزة الأمنية الصهيونية. ويطرح بشارة في محاضراته دائما مواضيع حول
الليبرالية وحقوق المواطنة دون التفرقة بين الجنس واللون والدين، محاولة إنجاب فكر
قومي ليبرالي عربي جديد، كوسيلة لتزعم واعتلاء حركة الربيع العربي.
وعن التيار الإسلامي فيرى بشارة
وفقا لنظرياته التي نشرها عام 1991 حول الحركات الإسلامية وتعاطيها مع السياسية، يمكن
علمنة هذه الحركات كلما تم دمجها أكثر في العملية السياسية ،إذ أن السياسة مع كل تعقيداتها
ستحمل التيار الإسلامي إلى الواقعية البرغماتية التي تصل بهم إلى الاعتراف بالموجود
"defacto" وهذا سر علاقته الحميمية
في المقالات مع الجهاد وحماس.
عام 2006 زار نواب عرب في
الكنيست الصهيوني سوريا، على أثرها بدأت الحكومة الصهيونية تتهمهم بالتعاون مع عدو
للكيان، وفي العام نفسه قرر رئيس المحكمة العليا
اهرون باراك أن حصانة بشارة تمكنه من إلقاء الخطابات السياسية مهما كانت قوتها وقسوتها
وكتب باراك في القرار: "يمكن أن نرى في خطاب
بشارة كدعم لتنظيم إرهابي ولكن ليس فيه دعم للكفاح المسلح لمنظمة إرهابية".
وفي أثناء اندلاع الحرب بين حزب
الله والكيان الصهيوني من العام 2006، كانت صحيفة الأخبار اللبنانية تجري اتصالات
مع بشارة، وقد اشتكى للصحيفة سقوط الصواريخ في القرى العربية.
ويؤكد قادة التجمع وكل من أجرينا
معهم حديثا بشأن القضية أن التحقيق الذي أجرته الشرطة مع بشارة قبل 15 يوماً من مغادرته
البلاد دار حول تهم أمنية من العيار الثقيل".
ويقول عوض عبد الفتاح سكرتير
التجمع الديمقراطي و جمال زحالفة و واصل طه، أن التحقيقات التي أجريت مع بشارة لم
يعلم بها المكتب السياسي للحزب.
ويضيف الكاتب نقلاً عن
الشخصيات سالفة الذكر أن اتصالات بشارة مع صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله كانت
كحلقة وصل بالحزب، حيث كان يخبرهم بأن صواريخهم تسقط في الأماكن العربية.
و يقول جدعون مارون في ملحق صحيفة
يديعوت:"لا يرى بشارة بنفسه سياسياً عادياً بل يعتبر نفسه زعيما قومياً لكل العرب
ومفكراً ومثقفاً فضلاً عن كونه نجماً إعلاميا من الطراز الأول على المستوى الدولي".
اللعب بين
المتناقضات
"أقسم أن يكون ولائي فقط
لدولة إسرائيل وأن أخدم وبولاء الكنيست الإسرائيلي،"أقسم أن يكون انتمائي وبكل
أمانة لدولة إسرائيل وأن أقوم وبكل أمانة بواجباتي في الكنيست الإسرائيلي"،
هذا هو القسم الذي أقسمه القومي العربي عزمي بشارة حينما فاز في عضوية الكنيسة لعام 1996.
الصعود القوي لنجم هذا الرجل
جعل منه مثار شك لدى الكثيرين، حول كيفية حصوله على النفوذ و الهيمنة على عقول
الكثيرين من خلال توجيهاته ومحاضراته الفكرية، فهو رجل المهام الصعبة كما يقال،
فهل هناك صعوبة أكثر من التنقل مابين التنقل بين الكيان الصهيوني و دولة "
الممانعة" أو حزب الله الذي يقال أنه العدو الأكبر للكيان الصهيوني.
ألا يوحي بغرابة بعض الشيء
أن يتنقل بين الشيوعية التي ترعرع فيها إلى القومية العربية، ثم بعد ذلك تجد
المتناقضات تجتمع حينما تجده في مقالاته ينشر مبادئ الليبرالية وحقوق المواطن دون
التفرقة، ثم يدافع عن الإسلام السياسي وعن حركات المقاومة الإسلامية لاسيما وأنه
مسيحياً.
في عام 2008 قابل الرئيس
السوري بشار الأسد ووصفه بزعيم الممانع العربية، واليوم أصبح منظرا للثورة السورية
بشكل غريب، بل ويلقي كلمات توجيهه للمدنيين في السوريا. ومثلما يقول الكاتب نارام سرجون
فهو لا يقل دوره في الثورة العربية عن دور الفوهرر الألماني في برلين بأي درجة من حيث
أن الفوهرر يعتبر نفسه الزعيم المفكر للأمة الذي يقودها إلى السعادة والخلاص ويتحمل
وحده مسؤولية القرار..
ويضيف الكاتب ليس أدل على مرونة
الفلسفة التي تعلمها بشارة من تأرجحه بين خطابين مختلفين تماما هما (خطاب القرداحة
الشهير وخطاب الدوحة) لأن بشارة في خطاب القرداحة الشهير (الذي ألقاه في الذكرى الأولى
لرحيل حافظ الأسد) حيث الممانعة والثورة ضد الصهيونية ثم إلى الدوحة حيث الحديث عن نظام الأسد بصفته رمزا للديكتاتورية
والقمع ومركز من مراكز الحكم العائلي العربي.
أما سامية الخطيب فهي كاتبة
يسارية تقول في مقالة نشرت عام 2002، : "ما يميز آراء بشارة ليس افتقارها للعمود
الفقري فحسب، بل تضمنها للشيء ونقيضه في آن معاً. فحرصا منه على إرضاء جميع الإطراف
تراه ينتقد الأنظمة العربية ثم يمتدح المبادرة السعودية. ويهاجم السلطة الفلسطينية
ويعتبر عرفات حاجزا أمام الكيان الصهيوني، فالنائب الذي يمتدح الآن المبادرة السعودية
كطريق لحل القضية الفلسطينية، هو نفسه من جلس في القرداحة في سورية بين حسن نصر الله
واحمد جبريل في حزيران 2001 في الذكرى السنوية الأولى لرحيل حافظ الأسد، مطالبا بتوسيع
حيز المقاومة ضد الكيان الصهيوني، مادحاً بذلك نموذج حزب الله، وجالبا على نفسه رفع
الحصانة عنه ومحاكمته".
وتضيف: "بشارة هو نفس الشخص
الذي أعلن معارضته لاتفاق اوسلو، ثم عاد وصوت على إعادة الانتشار في الخليل الذي كرّس
الاستيطان في قلب المدينة بتوقيع رئيس حكومة الليكود، بنيامين نتانياهو. وهو نفس الشخص
الذي تنازل عن ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة كيلا يضر باحتمالات فوز براك في انتخابات
98".
وتتساءل الكاتبة قائلة:"
كيف كان بشارة الرجل المفكر العربي والمناضل الفلسطيني والذي
دافع عنه كلام السيد حسن نصرالله عند اتهام الكيان الصهيوني لعزمي بشارة بالتجسس لصالح
حزب الله، ثم صار عزمي كاتبا منبوذا لدينا؟.. ولكن كم كان صعبا أن نبقى صامتين عند
اكتشاف أن "أمين ثابت" المواطن السوري المهاجر إلى أمريكا الجنوبية والعائد
إلى حضن الوطن هو نفسه (إيلي كوهين) الجاسوس الصهيوني".
وتضيف الخطيب بأن الطريقة
التي تم إخراج عزمي بشارة بها من الكيان الصهيوني كانت متدرجة مرفقة بحملة إعلامية
و اختيار مناسب للتوقيت، وكذلك عندما كان عزمي
بشارة خارج الكيان الصهيوني طرح تساؤلا مفاده أن كانت الاستخبارات الصهيونية التي زعم
أنها تريد التخلص من بشارة لم تكن قادرة على الصبر حتى يعود إلى البلاد ومن ثم استصدار
رفع حصانة برلمانية عنه للتمهيد لاعتقاله ..لماذا أعطيت كل الإشارات إلى أنه في خطر
في حال عودته إلى الكيان الصهيوني..وأنه ستتم اما تصفيته أو اعتقاله؟؟ .. وتوقف
الإعلام الصهيوني عن الحديث عن عزمي بشارة وتطوى الصفحة ليصبح ملهم الربيع العربي.
وتتساءل الكاتبة أليس حري
بمناضل مثله أن يكون قدوة في بلده؟! فإنَ أكثر ما يتهدده السجن لخمس سنوات بحسب
الإذاعة الصهيونية في أسوء الأحوال، وكمواطن يحمل جنسية صهيونية سيخضع لمحاكمة عادلة
كما اعترف هو وقال "إن الكيان
الصهيوني دولة برلمانية فيها حقوق مواطنة"، وسيتبين للقضاء أن التهم الموجهة له
بالتجسس لا أساس لها من الصحة.. لكن عزمي بشارة ترك إخوانه في حزب التجمع الديمقراطي
في الخط الأخضر لقدرهم واختار أن يقيم بجانب الأثرياء والمرفهين..واختار المنفى وحفلات
الاستقبال على أن يشارك الأحرار الفلسطينيين ظلام السجون ..
اختار بشارة قطر ولم يختر
أوروبا للبحث عن حرية الفكر، ففي قطر المكتب التجاري الصهيوني ومكتب العلاقات
العامة لتسيبي ليفني مع العالم العربي. ثم تقول الكاتبة إذا كان عزمي بشارة درس
الفلسفة، فكيف يستطيع أن يحصل على معلومات تفصيلية عن كل ما يحدث في العالم الإسلامي،
وهو لا يغادر مكتبه، فهل هو مدير لمراكز أبحاث قطرية تشرف على توجيه العالم
العربي، أم شخصية تجندت لخدمة المشروع الصهيوني بوجه عربي قومي.
ومن الأسئلة التي تتدافع في تفسير
ظاهرة عزمي بشارة هي تفسير توليه لمنصب مدير الأبحاث في معهد فان لير في القدس من سنة
1990 حتى سنة 1996..معهد فان لير الصهيوني متخصص في الدراسات الإستراتيجية تأسس في
عام 1959 من قبل أسرة فان لير ويسير المعهد برسالته على خطى ورؤيا عائلة فان لير التي ترى فلسطين وطن للشعب اليهودي.. والمعهد وقبل
تولي عزمي بشارة لذلك المنصب بعامين تماما أصدر دراسة شهيرة بعنوان (“إسرائيل
على مشارف القرن الـ21)، حددت الغايات والأهداف القومية
للكيان الصهيوني..هذه الدراسة حددت مجموعة كبيرة من الأهداف فائقة الذكاء، اقتصادي
وعسكري واجتماعي وو ..الخ .
ولكن الأهم على المستوى الإيديولوجي
العربي هو كما ورد بالضبط في مايلي: "العمل على زرع ونشر عوامل الفرقة والتشتت
والتحزب الفكري في البلدان العربية، وبما يؤدي إلى زيادة التطرف الديني والطائفي والعرقي،
والقضاء على فكرتي القومية العربية والتضامن الإسلامي وإحلالهما بفكرة التعاون الإقليمي
الشرق أوسطي، وتوظيف الأصولية الإسلامية وأيديولوجيات الأقليات في المنطقة لصالح الكيان
الصهيوني، وذلك في تعاون وثيق مع قوي التطرف الصليبي في العالم".
:: ماذا يريد عزمي بشارة؟!