• - الموافق2024/11/21م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الاستعداد لانهيار كامل للاتحاد السوفييتي وحلّ روسيا الفدرالية

هل ما يحدث لروسيا الآن هو امتداد للحظة انهيار الاتحاد السوفيتي؟ هل يمكن أن نمد الخط على امتداده لنرى سيناريو يؤول إلى انحسار أكبر لروسيا؟ هل هناك وصفة غربية لمرحلة ما بعد الانحصار الروسي؟


ترجمة د. هشام عليوان

لوك كوفي LUKE COFFEY


سقوط جدار برلين عام 1989، واستقالة ميخائيل جورباتشوف كرئيس للاتحاد السوفييتي في عام 1991، كانا مؤشرين على بداية انهيار الاتحاد السوفياتي، لا الانهيار نفسه. وفي حين أنّ اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية لم يعد موجوداً ككيان قانوني بعد عام 1991، لكن انهيار الاتحاد السوفييتي ما يزال يحدث اليوم. إنّ الحرب الشيشانية الأولى (1994-1996) والثانية (1999-2009)، والغزو الروسي لجورجيا عام 2008، وضمّ روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014، والاشتباكات على الحدود بين جمهوريتي قيرغيزستان وطاجيكستان بين عامي 2021 و2022، وحرب كاراباخ الثانية عام 2020 بين أرمينيا وأذربيجان، مجرّد أمثلة قليلة على أنّ الاتحاد السوفياتي لا يزال ينهار اليوم.

ومع ذلك، فمن المرجّح أن يصف المؤرخون المستقبليون غزو أوكرانيا في شهر شباط/فبراير 2022 بوصفه اللحظة الأكثر أهمية، إن لم تكن اللحظة الأخيرة لانهيار الاتحاد السوفييتي. من غير المعلوم متى تنتهي الحرب في أوكرانيا، ولكن من المحتمل أن تكون إشارة على حلّ الاتحاد الروسي (الخلف القانوني للاتحاد السوفييتي) كما هو معروف اليوم. أُصيب اقتصاد روسيا بضربة كبيرة لا شك فيها، ودُمرت قدرة جيشها، وتدهور نفوذها في المناطق التي كان لها فيها نفوذ سابق. ومن المحتمل أن لا تبقى حدود الاتحاد الروسي كما هي الآن على الخريطة خلال 10 أو 20 عاماً. وفيما يكمل الاتحاد السوفييتي انهياره وحيث يواجه الاتحاد الروسي إمكانية الانحلال، يحتاج صانعو السياسة إلى بدء التخطيط للواقع الجيوبوليتيكي الجديد على اليابسة الأوراسية.

 

 ستعود روسيا كما كانت. فبغضّ النظر عن سوء حالة روسيا بعد هزيمتها في أوكرانيا، وعن تدهور الاقتصاد والجيش نتيجة لذلك، فلن تتخلّى موسكو أبداً عن مخططاتها الإمبراطورية في أوروبا الشرقية. حتى لو استغرق زمن التسلّح مجدداً والبناء عدة عقود

والهدف من المذكرة السياسية هذه، ليس الدفاع عن تغيير النظام في روسيا - ستكون هذه مسألة خاصة بالشعب الروسي. بل إنّ معهد هدسون Hudson Institute يستعد للانهيار النهائي للاتحاد السوفييتي وحلّ الاتحاد الروسي. ولا تتنبأ هذه الورقة بالضبط كيف ستبدو روسيا ومنطقة أوراسيا الأوسع بعد ذلك.

بدلاً من ذلك، تضع المذكرة أهدافاً واقعية لصانعي السياسة الغربيين، تحدّد الافتراضات التي تستند إليها هذه الأهداف، وتسلّط الضوء على الأسئلة التي يجب على صانعي القرار طرحها الآن للاستعداد بشكل أفضل للمستقبل.

الأهداف

بعد تفكّك الاتحاد الروسي، ينبغي للولايات المتحدة أن تسعى إلى مجموعة من الأهداف القابلة للتحقّق، والتي تكون مركّزة على نحوٍ ضيق على المصلحة الوطنية الأمريكية. وعلى وجه التحديد، ستكون الولايات المتحدة بحاجة إلى الأمور التالية:

. التحلي بالواقعية. لقد أظهرت التسعينيات أنّ التغيير الجيوسياسي (مثلاً، الحلّ القانوني للاتحاد السوفييتي) لم يحوّل المجتمع الروسي تلقائياً كما تمنّى كثير من الناس [إلى النموذج الغربي].[1] يجب على الولايات المتحدة وشركائها إدراك دروس الفشل في التسعينيات، وليس إهدار الموارد في محاولة تحويل المجتمع أو الاقتصاد أو الحكومة الروسية إلى النمط الغربي. فشلت المحاولات في التسعينيات. ومن المحتمل أن تفشل مرة أخرى. وبدلاً من ذلك، ينبغي على صنّاع السياسة أن يتواضعوا اعترافاً بحدود النفوذ الغربي.

. احتواء أيّ امتداد للقتال الداخلي في روسيا. يمكن أن تقع ثورات وتمردات وحروب أهلية - على الصعيد الوطني والمستوى الإقليمي - بعد حلّ الاتحاد الروسي. وإنّ حصر أيّ قتال داخلي ضمن حدود روسيا الحالية المعترف بها دولياً، يجب أن يكون أولوية قصوى للولايات المتحدة وشركائها.

. فحص حجم مخزون روسيا من أسلحة الدمار الشامل. فهناك ما يقرب من 6000 رأس نووي في روسيا، ومن المعلوم أنه لدى روسيا برنامج كبير للأسلحة الكيماوية والبيولوجية. وإن حساب هذه الأسلحة سيكون في مصلحة المجتمع الدولي.

. نشر الاستقرار على أطراف أوروبا من خلال توسيع التكامل الأوروبي الأطلسي وتعميق العلاقات الثنائية. كان التكامل الأوروبي الأطلسي أحد أعظم عوامل الاستقرار في أوروبا منذ عام 1949. إذا حُلّ الاتحاد الروسي، فيجب على الاتحاد الأوروبي والناتو الإفادة من ضعف موسكو، والضغط من أجل توسيع الناتو وفتحه على أوسع نطاق لبقية الدول المرشحة والطموحة. يجب أن تبدأ التخطيط لهذا الآن، بما في ذلك العمل التحضيري لأية إصلاحات مؤسسية لازمة لإضافة أعضاء جدد. وعندما تكون عضوية الناتو أو الاتحاد الأوروبي غير مناسبة، يجب على الولايات المتحدة متابعة علاقات أقوى على أساس ثنائي أو متعدّد الأطراف  -خاصة من خلال الإفادة من التجمعات الإقليمية مثل GUAM (تأسست عام 2007، وتضمّ أذرييجان وجورجيا وأوكرانيا ومولودوفا) أو  OTSمنظمة الدول التركية (تأسست عام 2009، وتضمّ أذربيجان وكازاخستان، وقيرغستان، وتركيا، وأوزبكستان. ومعها هنغاريا وقبرص الشمالية وتركمانستان كدول مراقبة).

الحفاظ على قوة عسكرية متفوقة في أوروبا. فبعد نهاية الحرب الباردة، كان يأمل كثير من صانعي السياسة فيما يُسمّى "عائد السلام" في أوروبا. بناء عليه، خفضت الإدارات المتعدّدة الإنفاق العسكري، وخُفّف الحضور العسكري الأمريكي في أوروبا. لكن عائد السلام، لم يتجسّد أبداً. ولهذا، لم تكن الولايات المتحدة وحلفاؤها مستعدين للعدوان الروسي. على أمريكا أن لا ترتكب الخطأ نفسه الآن. سوف يجادل البعض أنّ نهاية الاتحاد الروسي ستزيل أيّ حاجة لوجود عسكري أمريكي قوي في أوروبا. لكن لا أحد يعرف أيّ نوع من روسيا ستظهر بعد عهد فلاديمير بوتين. لذلك، يجب على الولايات المتحدة وشركائها اتخاذ خطوات لإضعاف روسيا، وتهميشها، واحتوائها، وردعها، وعند الضرورة إلحاق الهزيمة بها في المستقبل المنظور.

محاسبة المسؤولين في روسيا عن الفظائع التي ارتُكبت في أوكرانيا حين يكون ذلك ممكناً. لقد قدّم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اقتراحاً مثيراً للاهتمام، مدعوماً من مختلف المجالس البرلمانية الغربية، لإنشاء محكمة خاصة بهدف معاقبة مرتكبي جريمة العدوان على أوكرانيا. سوف تستوعب المحكمة المذكورة كبار القادة السياسيين والعسكريين في روسيا، لمسؤوليتهم عن ارتكاب جريمة العدوان على أوكرانيا. حتى لو كان احتمال إدانة القادة الروس السياسيين والعسكريين أمراً مستبعداً، لكن ينبغي على المجتمع الدولي المحاولة. وإنّ انتشار حالة الفوضى داخل روسيا يمكن أن تنشئ فرصاً للمجتمع الدولي كي يحاسَب هؤلاء الجناة.

 

الافتراضات التخطيطية

على الرغم من أنه لا يمكن لأحد التنبؤ بنوع روسيا التي ستظهر بعد نهاية حكم بوتين، لكن يمكن لبعض الافتراضات المعقولة أن تساعد صانعي السياسات على التخطيط بشكل أفضل. هذه الافتراضات التخطيطية يشمل:

زيادة التشرذم في روسيا. إنّ حلّ الاتحاد الروسي، سواء بحكم الواقع أو بحكم القانون، يمكنه تحطيم روسيا جيوسياسياً. ومن المحتمل أن لا يكون التفتت مباشراً أو "نظيفاً" مثل ظهور 15 دولة جديدة بعد الحلّ القانوني للاتحاد السوفياتي في عام 1991. ينبغي أن يفترض صانعو السياسة أنّ ذلك التشرذم في روسيا سيكون على غرار الشيشان في عام 1994 (نزاع وحشي)، لا مثل إستونيا في عام 1991 (سلمي ومباشر).

سيكون في بعض المناطق الروسية عدد كبير من قدامى المحاربين العاطلين عن العمل. كثير من الجنود الروس في أوكرانيا، ينتمون إلى عدد قليل من مناطق الاتحاد الروسي. وسيكون لدى الآلاف من الأقليات العرقية خبرة قتالية مكتسبة من الحرب في أوكرانيا، وسيعودون إلى مناطقهم الأصلية مع القليل من التوقّعات بشأن المستقبل الاقتصادي أو الاجتماعي. عدد من هذه المناطق كان عرضة لحركات الاستقلال والتمرد في الماضي. هذا يمكن أن يجعل الاقتتال الداخلي في اتحاد روسيا أكثر احتمالاً.

ستحاول الصين وتركيا ملء فراغ السلطة في المنطقة الأوراسية (الأوروبية الآسيوية)، وستتنافسان على النفوذ في آسيا الوسطى والقوقاز، حيث كان لموسكو الكثير من النفوذ التقليدي. وقد تقع المنافسة بينهما أيضاً في الشرق الأقصى الروسي.

انتشار الجماعات المسلحة الخاصة. عندما تنهار الدولة الروسية، سيكثر عدد "الجيوش الخاصة" (على سبيل المثال، مجموعة فاغنر) أو الجماعات المسلحة المحلية (على سبيل المثال، الفوج الآلي الخاص 141 في الشيشان، ويشار إليهم عادة بـ القديريين  Kadyrovites نسبة إلى الرئيس رمضان قديروف).ستصبح هذه المجموعات وقادتها من الأهمية بحيث يتحوّلون إلى سماسرة نفوذ في روسيا ما بعد بوتين - خاصة في المجتمع الذي سيضمّ عشرات الآلاف من قدامى المحاربين العائدين من الغزو الروسي لأوكرانيا.

لن يكون بديل بوتين عندما ينتهي نظامه، هو توماس جيفرسون Thomas Jefferson (توفي عام 1826)، وهو أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة. فمن يحلّ محلّه سيكون قومياً ومتسلّطاً. يجب على صانعي السياسة الغربيين التوقف عن الأمل بصعود زعيم روسي "معتدل" يريد السلام مع الجيران والإصلاحات في الداخل.

ستعود روسيا كما كانت. فبغضّ النظر عن سوء حالة روسيا بعد هزيمتها في أوكرانيا، وعن تدهور الاقتصاد والجيش نتيجة لذلك، فلن تتخلّى موسكو أبداً عن مخططاتها الإمبراطورية في أوروبا الشرقية. حتى لو استغرق زمن التسلّح مجدداً والبناء عدة عقود، ستشكّل موسكو تهديداً لجيرانها. لذا، يتعيّن على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي أن يبنيا حضورهما العسكري والاستراتيجيات على هذا الافتراض. 

 

وإذا كان الاتحاد الروسي ينهار، فستتأثّر أيضاً الدول التابعة للكرملين، والقوات التي تعمل بالوكالة عن موسكو في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا. وعلى الولايات المتحدة أن تبدأ العمل الآن مع شركائها لتطوير استراتيجية بشأن زيادة النفوذ الغربي في المناطق التي يتراجع فيها النفوذ الروسي.

سبعة أسئلة لصنّاع السياسات

لا يستطيع أحد أن يقدّم توصيات محدّدة لواضعي السياسات فيما يتعلّق بروسيا ما بعد بوتين. ومع ذلك، يجب أن يسألوا سبعة أسئلة الآن، مع مراعاة ما سبق ذكره من الأهداف والافتراضات من أجل الاستعداد بشكل أفضل للانهيار النهائي للاتحاد السوفياتي وحلّ اتحاد روسيا:

1.   ما الذي على الولايات المتحدة أن تقوم به من تنسيق دولي للردّ على دعوات الاستقلال وتقرير المصير التي من المرجّح أن تظهر في جميع أنحاء روسيا؟ يتكوّن الاتحاد الروسي من 83 كياناً فيدرالياً، يضمّ كثيراً منها أفراداً ممن لديهم ثقافة، وتاريخ، ولغة مشتركة، تختلف عن السكان السلافيين في روسيا. في بعض هذه الكيانات الآن حركات استقلال منخفضة المستوى، ويجب أن يتوقّع صانعو السياسة أن يعلن بعض هذه الكيانات الفيدرالية الاستقلال عن روسيا. إنّ الولايات المتحدة بحاجة للعمل مع شركائها لتنسيق الاستجابة لدعوات تقرير المصير بطريقة تتماشى مع مصالح الولايات المتحدة، ووفقاً للقانون الدولي.

2.  كيف يمكن للولايات المتحدة وشركائها منع الصراع المسلح الداخلي من الانتشار بعد حلّ الاتحاد الروسي؟ إنّ تفكك الاتحاد الروسي من المرجّح أن يؤدّي إلى قتال داخلي بين مراكز قوة مختلفة. ومن مصلحة أمريكا أن يبقى ذلك القتال والنزاع داخل الحدود الحالية للاتحاد الروسي، فلا يؤثران في دول الجوار. لذا، فإن الولايات المتحدة والشركاء الراغبين في ذلك، سوف يحتاجون لتعزيز التعاون الثنائي عبر منطقة أوراسيا، لتحسين قدرات الجيش في دول المنطقة، وكذلك أمن الحدود، وإنفاذ القانون، وقطاع الأمن.

3.  كيف يمكن للولايات المتحدة وشركائها تنسيق استجابة دولية لحماية مخزونات أسلحة الدمار الشامل الروسية؟ إنّ آلاف الأسلحة النووية الروسية، إلى جانب برامج الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، تشكّل خطراً على الاستقرار العالمي، إن لم يكن ثمة أمن أو مساءلة. يجب أن تكون هذه القضية دافعاً للاهتمام المشترك بالنسبة للمجتمع الدولي. وعلى الولايات المتحدة أن تفكر الآن في الكيفية التي ستقود بها الجهود لمعالجة هذه المسألة. بشكل مبدئي، يحتاج الوضع لزيادة الاستثمار في تحسين قدرات رصد المعابر الحدودية في المنطقة.

4.  هل ينبغي لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي أن يستفيدا من ضعف موسكو والضغط من أجل "التوسيع الكبير" لمجال العضوية فيهما، وضمّ بقية الدول المرشحة منها والدول الطموحة؟ هناك عدد من الدول في أوروبا التي تطمح إلى الانضمام في يوم من الأيام إما إلى الاتحاد الأوروبي أو الناتو أو كليهما. ولدول مثل جورجيا وأوكرانيا، كان العائق الأساسي أمام انضمامهما إلى هذين التكتلين، ما كانت تمارسه موسكو من ضغوط وعدوان مسلح. إذا حُلّ الاتحاد الروسي، فينبغي على الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي النظر في تسريع انضمام البلدان المختارة.

5.  كيف يمكن للولايات المتحدة وشركائها تنسيق الدعم الاقتصادي وإعادة الإعمار للمناطق الواقعة تحت الاحتلال الروسي، والتي ستتحرّر عقب انحلال اتحاد روسيا؟ من المحتمل أن يؤدّي حلّ الاتحاد إلى ظهور دعوات الاستقلال من مناطق معيّنة داخل روسيا، ومن الراجح، أن تتحرّر المناطق التي تحتلها روسيا حالياً خارج أراضي الاتحاد. وهذا يشمل ترانسنيستريا Transnistria في مولدوفا، وأبخازيا، وتسخينفالي  Tskhinvali(المعروفة أيضاً باسم أوسيتيا الجنوبية) في جورجيا، وشبه جزيرة القرم، وأماكن أخرى في أوكرانيا تخضع حالياً للاحتلال الروسي. ستتاح لواشنطن فرصة فريدة لمساعدة شركاء الولايات المتحدة على استعادة وحدة أراضيهم داخل الحدود المعترف بها دولياً. وكلما كان ذلك أسرع وأكثر فاعلية، استقرّ الوضع أكثر فأكثر.

6. ما الذي تحتاجه الولايات المتحدة لتنسيق استجابة دولية أو إقليمية لحلّ النزاعات الحدودية القلئمة بين الاتحاد الروسي وبعض جيرانه؟ تشمل الحدود المتنازع عليها، جزر أوكاتني Ukatnyy  وزيستكي Zhestky ومالي زمتشوزني Maly Zhemchuzhny في بحر قزوين، وحدود الأمر الواقع الإستونية الروسية، ووضع الأقاليم الشمالية مع اليابان، وربما مسألة كاريليان مع فنلندا. قد تبدو هذه القضايا صغيرة أمام صانعي السياسة الغربيين وهم على بُعد آلاف الأميال. لكن لكل قضية من هذه القضايا القدرة على أن تصبح مشكلة إقليمية، ويمكن أن تكون لها آثار عالمية.

7.  ما الذي يمكن للولايات المتحدة وشركائها القيام به بإزاء تراجع النفوذ الروسي في أجزاء أخرى من العالم، كما في سوريا وليبيا وأجزاء من أفريقيا جنوب الصحراء؟ لقد تراجع نفوذ موسكو فعلاً في أجزاء معيّنة من العالم بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. وإذا كان الاتحاد الروسي ينهار، فستتأثّر أيضاً الدول التابعة للكرملين، والقوات التي تعمل بالوكالة عن موسكو في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا. وعلى الولايات المتحدة أن تبدأ العمل الآن مع شركائها لتطوير استراتيجية بشأن زيادة النفوذ الغربي في المناطق التي يتراجع فيها النفوذ الروسي.

 

استنتاج

أدّى الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022 إلى تغيير الوضع الأمني ​​في منطقة شمال الأطلسي بطريقة لم نشهدها منذ الحرب العالمية الثانية. لن تشعر الكتلة الأوراسية (الأوروبية الآسيوية) لسنوات قادمة بكامل عواقب الغزو الروسي، خاصة إذا كانت أوكرانيا منتصرة. لكن صنّاع السياسات بحاجة إلى تعرّف الحجم التاريخي للوضع والبدء في الاستعداد وفقاً لذلك.

إنّ نجاح أوكرانيا في ساحة المعركة ضد روسيا يمكن أن يقدّم فرصة لا تتكرّر إلا مرة واحدة في العمر لإعادة روسيا إلى صندوقها الجيوسياسي على مدى جيل من الزمان. هذا من شأنه أن ينشئ واقعاً جيوسياسياً لم نشهده منذ جيل. كصانعي سياسات، وبشأن التخطيط لكيفية التعامل مع هذا الواقع الجيوسياسي الجديد، عليهم أن يتعلّموا دروس التسعينيات عندما كان صنّاع القرار الغربيون يأملون بسذاجة في إقامة الحكم الديمقراطي وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية في روسيا، وهو ما لم يتحقّق قط. وإذا كان سلوك موسكو على المسرح العالمي منذ عام 1991، قد أظهر أيّ شيء، فهو أنه من غير المرجّح أن يصبح اتحاد روسيا فاعلاً عالمياَ مسؤولاً في المستقبل المنظور. وبدلاً من التركيز على ما لا يمكن تحقيقه، يجب على صانعي القرار الأمريكيين اتباع نهج براغماتي وسياسات واقعية بما يخدم المصلحة القومية للولايات المتحدة.

 

لقراءة النص الأصلي:

https://www.hudson.org/foreign-policy/preparing-final-collapse-soviet-union-dissolution-russian-federation


 


[1]  ما بين معكوفين إضافة توضيحية من المترجم غير موجودة في النص الأصلي.

 

أعلى