تعتبر جماعة الحوثي واحده من أكبر الجماعات الايديولوجية المسلحة في اليمن، وهي جماعة تعتنق المذهب الزيدي الشيعي، وكان الدعم الإيراني التي تلقاه الجماعة أحد الدوافع الرئيسية التي ساعدت على تشكيل تلك الجماعة في محافظة صعده اليمنية عام 1992، وقد عرفت بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسها حسين الحوثي، الذي تمكن من الحصول على آلاف الموالين وما أعقبه من دعم إيراني لا محدود خلال السنوات التي أعقبت انهيار نظام على عبد الله صالح.
تاريخ الحوثي مع الدولة اليمنية
تمتلك جماعة الحوثي سجل حافل بالصراعات المسلحة مع الدولة اليمنية، فكانت تلك الجماعة شوكة في حلق الدولة على مدار ستة سنوات تقريباً، حيث شهدت العلاقة بين الجانبان أكثر من خمسة جولات متتالية من القتال، فكانت البداية عام 2004 عندما تمكنت أنصار الجماعة من قتل ثلاثة جنود في محافظة صعده التي تنحدر منها هذه الجماعة، لكن تلك الحادثة ترتب عليها مواجهة مباشرة مع قوات النظام، التي تمكنت بعد مواجهة دامت عشرة أيام من القتال الشرس من قتل حسين الحوثي، زعيم ومؤسس تلك الجماعة والكثير من أنصاره، وتم إيقاف القتال من جانب السلطات اليمنية لأسباب لها علاقة بضغوط الرأي العام المحلي والدولي، خاصة وأن جهود الوساطة القبلية قد لعبت دور مهم في ذلك الوقت.
لكن سرعان ما تجددت المواجهة عام 2005 بسبب اتهامات واتهامات مضادة بين الحكومة اليمنية وبدر الدين الحوثي، ودخلت الجماعة في صراعٍ دامٍ، استمر قرابة الشهرين الى أن أعلنت الحكومة اليمنية نهاية المواجهة العسكرية في مايو 2005، مع استمرار بعض المناوشات التي لعب دور مهم في تجدد الصراع المسلح بين جماعة الحوثي التي تمكنت حينها من تجنيد عناصر قبلية موالية لها، مع ظهور قيادات جديدة للجماعة عرفت" عبد الملك ويحيي الحوثي".
وفي ظل الهدوء الهش بين الطرفين، ظهرت مشكلة يهود محافظة صعده وما ترتب عليها من تجدد للقتال بسبب تهديد الحوثيين لهم، لكن الوساطة القطرية كانت حاضرة بعد زيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي تمكن من الوصول الى اتفاق عرف باتفاق الدوحة في 2 فبراير 2008. إلا أن التمرد الحوثي استمر وتجدد القتال في محافظة صعده ومحافظات أخرى، كمحافظة صنعاء ومنطقة بني حشيش وشمالي محافظة عمران، لكن الظروف السياسية التي كانت تمر بها اليمن وما صاحبها من ضغوط خارجية على نظام على عبد الله صالح جعلته يوقف القتال من جانب واحد.
ورغم تعدد جولات الصراع بين الحوثيين والنظام اليمني إلا ان تجدد القتال بين الحين والآخر ظل عنوان المرحلة، فكانت جولة عامم 2009 هي الاعنف بعد اتهام الحوثيين باختطاف أجانب، مع استيلائهم على بعض مؤسسات الدولة والكثير من المعدات العسكرية التابعة لها، مما دفع الدولة اليمنية إلى قصف مواقعهم وتحصيناتهم بالسلاح الجوي، الأمر الذي دفع الحوثيون للانسحاب إلى معاقلهم في منطقة شمال صعده في فبرار 2010، لكن الخسائر البشرية والمادية المترتبة على هذه المعركة، كانت هي الأكبر بعد سقوط مئات القتلى والآلاف النازحين.
مصادر قوة الحوثيين
تنوعت المصادر التي جعلت الحوثيين رقم صعب في اليمن، فكان اعتمادهم في بداية الأمر على سوق الطلح وبعض أسواق السلاح في مأرب، وبعض تجار السلاح في المحافظات اليمنية المختلفة، لكن تعاطف الكثير من الجماعات القبلية معهم فيما بعد، مكنهم من مواجهة الدولة اليمنية لسنوات عدة، لكن مصادر صحفية مختلفة أكدت على ان الجيش اليمني قد تحول في مرحلة لاحقة إلي مصدر أساسي، كانت جماعة الحوثي تعتمد عليه في الحصول على الاسلحة وغيرها من العتاد العسكرية، حيث أرجعت تلك المصادر ذلك الأمر إلى تدني مرتبات الجيش، وموالاة بعض كتائب الجيش لعلي محسن الأحمر، هذا بالإضافة إلى الغنائم التي حصلت عليها عناصر الجماعة أثناء صراعاتها مع الجيش اليمني.
ومع التحولات التي صاحبت الربيع العربي على الساحة اليمنية وما ترتب عليها من انهيار النظام السياسي في اليمن، تمكنت إيران من الوصول الى الساحة اليمنية عبر البحر الأحمر، خاصة وأن وانها تمتلك قواعد عسكرية في ارتريا وتستطيع الوصول إلى مضيق باب المندب، الأمر الذي حول جماعة الحوثي الى رقم صعب في المعادلة السياسية اليمنية.
مطالب الحوثيين
جاءت مطالب الحوثيين وفقا لصحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر بتاريخ 25/8/2014، ممثلة في إقالة حكومة الوفاق الوطني، وتعيين رئيس حكومة مستقل وإلغاء الإجراءات الاقتصادية الأخيرة المتعلقة برفع الدعم عن المشتقات النفطية، وتحييد الإعلام. مع الاصرار على الشراكة الواضحة والكاملة في الحياة السياسية وفي اتخاذ القرار السياسي. وأكدوا أن رفع الاعتصام ووقف الاحتجاجات لن يتوقف إلا بعد إجابة جميع شروطهم.
لكن على الرغم من استعداد الرئيس اليمني المنتخب، عبد ربه منصور بقبول تلك المطالب، إلا ان الصراع بين النظام اليمني وتلك الجماعة الشيعية تطور الى مستويات غير مسبوقة. وبالتزامن مع مراحل وتطورات الازمة السياسية في البلاد استمرت جماعة الحوثي باستخدام القوة العسكرية، وبالرغم من وصول الرئيس اليمني الى الحكم عن طريق الانتخابات عام 2012 إلا أن جماعة الحوثي استمرت في استخدام السلاح لحل خلافاتها مع الحكومة وتمكنت من السيطرة على مدينة صنعاء شهر سبتمبر الماضي وسط غضب شعبي يمني.
إنقلاب الحوثي على الحكم
مع استمرار الصراع المسلح في البلاد وتزامنه مع محاولات الحل السياسي التي حاولات دول الخليج العربية انجازها، استمرت محاولات الحوثيين في نهجها المسلح إلى أن استولت مؤخراً على مدينة عدن بالمشاركة مع الرئيس المخلوع على عبد الله صالح.
هذا التحول الخطير في الصراع اليمني جعل الدول العربية والعالم السني أمام تحديات خطيرة، أدركتها دول الخليج العربية مؤخراً، الأمر الذي دفعها الى توجيه ضرباتها العسكرية لجماعة الحوثي، رداً على انقلابها على الرئيس اليمني والدور الايراني الذي يقدم كل وسال الدعم لتلك الجماعة، لكن طبيعة المواجهة العربية تحتاج لتحرك عربي على الأرض لأن جماعة الحوثي ربما بدأت تفكر في خيارات أخرى لتوسيع دائرة المواجهة مع الدول العربية، لأن أوراق القوة التي تمتلكها تتعاظم مع سيطرتها المستمرة على العديد من المدن اليمنية.
ولعل أبرز تلك الخيارات قدرتها على اغلاق مضيق باب المندب وخليج عدن، كما يمكنها من خلال الدعم الايراني ألا محدود امتصاص الضربة الجوية وجر التحالف العربي لدخول بري، ولا استبعد أن يقدم ذلك التنظيم على تنفيذ عمليات بالخارج تستهدف مصالح دول التحالف، بالإضافة إلى ضرب المصالح السعودية باليمن، خاصة وان جماعة الحوثي لا تزال تعول على موقف روسي ايراني بعد امتصاص الصدمة.
لكن هذه الخيارات يقابلها أوراق قوة وخيارات عربية مختلفة، أهمها: فارق القوة العسكرية والاستخباراتية والسياسية والإعلامية والاقتصادية، كما يمكنها الاعتماد على قوى حليفة بالداخل اليمني، والاستفادة من الانشقاق بين حزب علي عبد الله صالح والرئيس منصور الهادي، مع استمرار البحث عن الشرعية بكل الوسائل الممكنة.