• - الموافق2024/12/21م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
مستقبل صفقة تبادل الأسرى بعد تهديد ترامب بإشعال الشرق الأوسط

لقد هدد ترامب بإشعال الشرق الأوسط إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى الصهاينة، في الوقت الذي لا تتوقف فيه رحلات بلينكن للشرق الأوسط من أجل الوصول إلى صفقة تبادل الأسرى، فهل تدفع تهديدات ترامب إلى حل الأزمة فعلا أم إلى مزيد من التأزم؟


بدأت تهديدات ترامب للمقاومة الفلسطينية في وقت مبكر حتى قبل وصوله إلى البيت الأبيض بشكل رسمي، فتوعد المقاومة وكل من يساندها بدفع ثمن عدم الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، وبذلك يثبت ترامب من ناحية أنه يدعم إسرائيل دون حدود ومن ناحية أخرى يريد أن ينفذ أحد وعوده الانتخابية الهامة وهو وقف الحرب في غزة، ولكن هذا التهديد الذي أطلقه ترامب على حين غرة هل كان له أسباب ما دفعته للتلويح به في هذا التوقيت؟ وما هي أبرز الإجراءات التي يمكن أن يقدم عليها لتنفيذ تهديده؟ وربما السؤال الأهم الذي يطرحه نفسه الآن بعد كل هذه المتغيرات الجديدة، ما هي فرص عقد صفقة تبادى أسرى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؟

تهديد ترامب

هدد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بأن الشرق الأوسط سيواجه "الجحيم" إذا لم يتم إطلاق جميع الرهائن المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة قبل يوم تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة في 20 يناير المقبل.

وكتب ترامب في تدوينة له عبر منصته "تروث سوشل": "إذا لم يطلق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، فإن الثمن الذي سيدفع في الشرق الأوسط سيكون باهظًا، وكذلك بالنسبة إلى المسؤولين الذين ارتكبوا تلك الفظائع ضد الإنسانية".

ثم أكد أن هؤلاء المسؤولين عن هذا الحادث سيلحق بهم ضرر أكبر من أي ضرر لحق بأي شخص آخر في تاريخ الولايات المتحدة الطويل والحافل، مضيفًا في تدوينته باستخدام الأحرف الكبيرة تعبيرًا عن الغضب والصراخ "أطلقوا سراح الرهائن الآن".

عشاء سارة

في اليوم الذي سبق هذا التهديد الذي أطلقه ترامب، التقت سارة زوجة رئيس وزراء الاحتلال "بنيامين نتنياهو" بترامب في فلوريدا، ووفقًا لتغريدة نشرتها "مارغو مارتن" نائبة مدير الاتصالات لدى ترامب، فقد تناول الأخير العشاء مع سارة نتنياهو في منتجعه الخاص، وأوضحت سارة أنها ناقشت قضية الأسرى خلال اجتماعها مع ترامب في ملعب الغولف الخاص به في "ويست بالم بيتش".

ونشرت زوجة رئيس وزراء الاحتلال على حسابها في منصة "إنستغرام" منشورًا باللغتين الإنجليزية والعبرية، أوضحت فيه أن اجتماعها مع ترامب كان "دافئًا ووديًا"، حيث ناقشا قضايا متعددة، من بينها ضرورة تعزيز الروابط الفريدة التي تجمع بين البلدين.

وأضافت سارة أنها لفتت انتباه ترامب إلى المعاناة الكبيرة التي عاشتها إسرائيل بسبب أحداث السابع من أكتوبر، وأكدت زوجة نتنياهو على الحاجة الملحة للعمل على إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة وإعادتهم بسرعة.

إشادة إسرائيلية

وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" وبعض الوزراء بحكومته الشكر للرئيس الأمريكي المنتخب بسبب التهديد الذي أطلقه من أجل تحرير الرهائن، وقال نتنياهو في بداية اجتماع لحكومته -في اليوم التالي للتهديد-: "ركز الرئيس ترامب كلماته على مربط الفرس، على حماس، وليس على الحكومة الإسرائيلية، كما هو معتاد".

 

التنافس بين إدارة بايدن وترامب لتحقيق اختراق في ملف غزة، وتركيز بايدن على التهدئة وتجنب المزيد من التصعيد، بينما يسعى ترامب لإظهار قدرته على اتخاذ قرارات حاسمة، هي أمور قد تغير قواعد اللعبة في المنطقة

وقال وزير المالية الإسرائيلي المتطرف "بتسلئيل سموتريتش": إن "تصريح ترامب أوضح للجميع من هم على حق ومن هم على باطل" حسب تعبيره.

ومن ناحية أخرى عبرت أسر الرهائن عن امتنانها، وقال منتدى عائلات الرهائن: "أصبح الأمر واضحًا للجميع حاليًا، لقد حان الوقت لا بد من إعادتهم إلى منازلهم الآن".

وكانت المقاومة قد أعلنت -قبل ساعات من إطلاق ترامب تهديده- أن 33 أسيرًا إسرائيليًا محتجزين لديها قُتلوا منذ أكتوبر 2023، وأكدت أن معظمهم قضوا بقصف الجيش الإسرائيلي لمناطق مختلفة من قطاع غزة.

وقالت -في مقطع فيديو نشرته على صفحتها بمنصة تليغرام- إن بعض هؤلاء فُقدت آثاره بسبب موقف نتنياهو المتعنت، وحذرت الحركة من أن استمرار العدوان الإسرائيلي قد يرفع حصيلة قتلى أسرى العدو.

وفي الوقت الذي تُقدّر فيه إسرائيل وجود 101 من الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، تدعو حماس إسرائيل إلى إنهاء الحرب والانسحاب الكامل من القطاع في إطار أي اتفاق للإفراج عن الأسرى المتبقين.

خيارات ترامب

في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية وفي مقال بعنوان: "ترامب يهدد حماس لكن ما النفوذ الذي يمتلكه؟"، رأى كاتبه أن تهديد ترامب لحماس يهدف إلى تسريع مفاوضات تبادل الرهائن خلف الأبواب المغلقة.

وأشار كاتب المقال إلى أن ترامب يمتلك خيارات عسكرية "محدودة" إلا أن لديه 3 خيارات أخرى للضغط على حماس وتتنوع من وجهة نظره بين:

الخيار الأول: إمكانية فرض ترامب لعقوبات مالية على حماس وقطع التمويل عنها وإغلاق الجمعيات الإسلامية في الولايات المتحدة، وقد يصل الأمر للضغط على "قطر" لوقف تمويل الحركة.

الخيار الثاني: أن ترامب قد ينفذ تهديداته ضد إيران واستخدام حماس كمبرر لفرض عقوبات، ما قد يدفع طهران لحث "حماس" على إظهار مرونة كبيرة في المفاوضات.

الخيار الثالث: أن الولايات المتحدة لن تساهم في عملية "إعادة إعمار غزة" ما لم تقدم حماس تنازلات.

متغيرات في المشهد

عند النظر إلى المشهد في غزة وما يدور حوله من مفاوضات سياسية للوصول إلى حل للصراع الدائم منذ أكثر من عام، سنجد أن هناك متغيرات حقيقية ولها تأثير فعال على مجرى ومضامين الاتصالات الجارية في هذا الملف الشائك.

أولها التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع لبنان على الجبهة الشمالية، وثانيها التغيير المرتقب لحاكم البيت الأبيض، وما يتبع ذلك من تحولات في السياسات ومحاولة إظهار الإنجازات في الأيام الأولى من الحكم، وثالثها تقارير الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حول زيادة الخطر على حياة المحتجزين الإسرائيليين في ظل الظروف الأمنية الصعبة في غزة، ورابعها التحولات الجارية في منظومة الوساطة ودخول تركيا إليها، وإلى جانب كل ذلك تقديم مصر مبادرة جديدة، وتراجع قطر خطوات إلى الخلف، مع تأكيدها أنها ليست مستعدة لمواصلة لعب دور في هذا الملف إذا لم تلمس جدية لدى المتفاوضين.

تحدث وزير الخارجية الإسرائيلي "غدعون ساعر" عن فرصة لإبرام صفقة تبادل أسرى، وذلك بعد لقائه نظيره الأمريكي "أنتوني بلينكن" في مالطا على هامش الاجتماع الوزاري لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.  

وقالت الخارجية الأمريكية إن بلينكن شدد خلال لقاء نظيره الإسرائيلي في مالطا على الضرورة الملحة لإنهاء الحرب في قطاع غزة واستعادة جميع المحتجزين، وشدد على أهمية تمهيد الطريق لفترة ما بعد الصراع التي توفر السلام والأمن للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، كما جدد بلينكن التأكيد على أنه يتعين على إسرائيل بذل مزيدًا من الجهود لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء غزة.

أمل يلوح في الأفق

أفاد موقع "واللا" العبري بأن إسرائيل أرسلت مقترحًا محدثًا إلى حركة حماس عبر مصر، يتضمن مقترحًا بخطوط عريضة بشأن تبادل المحتجزين والأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.

وبحسب ما نقل الموقع عن مسؤولين إسرائيليين بارزين، فإن المقترح الإسرائيلي يتضمن عدة مبادئ مماثلة لتلك التي تمت مناقشتها في المخطط السابق قبل عدة أشهر، مع بعض التغييرات والتحديثات الطفيفة.

وتابع الموقع نقلًا عن المسؤولين الإسرائيليين بأن إسرائيل أشارت إلى استعدادها لوقف إطلاق النار لمدة تتراوح بين 42 و60 يومًا، بشرط الإفراج عن جميع النساء المحتجزات اللاتي ما زلن على قيد الحياة، وجميع الرجال المحتجزين ممن تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، إضافة إلى المحتجزين الذين هم في حالة صحية خطيرة.

أفادت القناة 12 بطرح مقترح مصري جديد يتضمن نقل معبر رفح إلى سيطرة السلطة الفلسطينية، ولفتت إلى أن المقترح المصري يشمل وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار لمدة 45-60 يومًا، وقد أعلنت حماس موافقتها على المقترح المصري الذي يقضي بتشكيل "لجنة إسناد مجتمعي" لإدارة قطاع غزة بعد محادثات أجرتها في القاهرة مع حركة التحرير الوطني "فتح".

ولم يتم الاتفاق بعد على التفاصيل في هذا الشأن، ولكن يمكن فهم أن هذه صفقة مرحلية، حيث تستغرق المرحلة الأولى منها شهرًا ونصف إلى شهرين، ويتضمن الاقتراح أيضًا إطلاق سراح تدريجي للمحتجزين الأحياء في غزة، إلى جانب إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.

كما يتضمن المقترح فتح معبر رفح وإخضاعه لإدارة السلطة الفلسطينية، وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو" قد عارض في السابق أي دور للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة، ومن المتوقع أن يمر هذا الجزء بالعديد من العقبات السياسية.

شمل المقترح أيضًا زيادة المساعدات الإنسانية إلى حوالي 350 شاحنة يوميًا، أما فيما يتعلق بمحوري نتساريم وفيلادلفيا، فوفقًا للتقديرات سيقترح الجانب المصري شكلًا جديدًا لنشر القوات.

وبحسب القناة العبرية، فإن الاقتراح المصري يربط بين مطالبة حماس بإعلان نهاية الحرب، ورغبة إسرائيل في التوصل إلى صفقة لا تتطلب ذلك على الأقل في البداية، وبشرط إحراز تقدم.

وقال مسؤول فلسطيني للقناة 12، إن موافقة حماس على إدارة السلطة الفلسطينية للمعبر هو مؤشر على مرونة كبيرة من جانب حماس، وتابع أن هناك أيضًا استعدادًا لدى حماس للانسحاب الإسرائيلي التدريجي، مؤكدًا أن كل شيء قد يشهد تقدمًا أو تعثرًا وفقًا لضمانات إنهاء الحرب، فإذا لم تحصل حماس على ضمانات لذلك، فمن غير المتوقع أن يتم حل قضية صفقة المحتجزين.

ذكرت وكالة "رويترز" أن ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط، سافر إلى قطر وإسرائيل لقيادة الجهود الدبلوماسية للرئيس ترمب للمساعدة في تحقيق وقف إطلاق النار في غزة واتفاق إطلاق سراح المحتجزين، قبل توليه منصبه في يناير المقبل.

وفي نهاية نوفمبر التقى ويتكوف بشكل منفصل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وذكر المصدر أن الاجتماعات تشير إلى أن قطر استأنفت دورها كوسيط رئيسي بعد تعليقها لذلك الدور الشهر الماضي.

والجدير بالذكر أنه قد عملت قطر مع الولايات المتحدة ومصر على مدى أشهر في محادثات غير مباشرة لم تجد نفعًا ولم تحقق وقفًا لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة ولم تسفر عن الإفراج عن المحتجزين.

وأضاف المصدر أنه من المرجح أن يعود مفاوضون من حماس إلى العاصمة القطرية الدوحة لتسهيل عقد جولة جديدة من المحادثات قريبًا.

كلمة أخيرة

الاتفاق الأخير بين فتح وحماس لتشكيل لجنة "الإسناد المجتمعي" لإدارة غزة بعد الحرب تُعد خطوة هامة تدعو للتفاؤل حول قرب صفقة محتملة تلوح في الأفق، وهذه اللجنة تمثل محاولة لبناء توافق فلسطيني داخلي يعزز من فرص التهدئة ويعيد ترتيب الأولويات وخاصة أن الدعم العربي لهذه الخطوة سيكون حاسمًا لضمان نجاحها، أما التنافس بين إدارة بايدن وترامب لتحقيق اختراق في ملف غزة، وتركيز بايدن على التهدئة وتجنب المزيد من التصعيد، بينما يسعى ترامب لإظهار قدرته على اتخاذ قرارات حاسمة، هي أمور قد تغير قواعد اللعبة في المنطقة، فهذا التنافس قد يؤدي إلى تسريع التوصل إلى اتفاق، لكنه قد يضع الأطراف المعنية أمام تحديات جديدة بسبب تضارب الأجندات.

من المؤكد أن نجاح أي اتفاق يتطلب أولًا توافقًا فلسطينيًا داخليًا ودعمًا عربيًا ودوليًا، ولكن استمرار الضغوط الإسرائيلية قد يعرقل أي جهود لتحقيق سلام مستدام، ومع تعقيد الأوضاع الميدانية والسياسية في غزة، يبقى مصير الرهائن ومستقبل التهدئة مرهونًا بمدى قدرة كل الأطراف على التوصل إلى حلول واقعية توازن بين المصالح المحلية والإقليمية والدولية.

أعلى