أسست عائلات يهودية شهيرة إمبراطوريات مالية ضخمة في القرن التاسع عشر الميلادي، وساهمت في تمويل مشروعات ضخمة، وكثير من الحروب، وتطوير البنية الاقتصادية في عدة دول أوروبية عن طريق تقديم القروض ذات الفوائد العالية
إن تأثير على المال والاقتصاد العالمي على علو الصهاينة في العالم هو مسألة معقدة
ومتعددة الأبعاد، ويشمل هذا التأثير مجموعة من المجالات الاقتصادية مثل المال،
والتجارة، والتكنولوجيا، وكذلك السياسة، ويُنظر إليه أحيانًا كجزء من استراتيجية
دبلوماسية واقتصادية، لكنه غالبًا ما يُثير جدلاً بسبب الروابط بين السياسة
الاقتصادية الدولية ومصالح دولة الكيان الصهيوني.
علاقات مالية واقتصادية:
لقد لعب اليهود منذ القدم دوراً بارزاً في الاقتصاد الأوروبي بسبب تهميشهم وعزلهم
عن المجتمعات المسيحية طوال العصور الوسطى، بسبب القيود التي كانت تفرض عليهم في
المهن الأخرى، وانخرط العديد منهم في التجارة والمال على وجه الخصوص، واشتهر العديد
منهم بتقديم القروض المالية للمواطنين المسيحيين في أوروبا، وكانوا يستحوذون على
المناصب المرموقة في البنوك التجارية.
وقد أسست عائلات يهودية شهيرة إمبراطوريات مالية ضخمة في القرن التاسع عشر
الميلادي، وساهمت في تمويل مشروعات ضخمة، وكثير من الحروب، وتطوير البنية
الاقتصادية في عدة دول أوروبية عن طريق تقديم القروض ذات الفوائد العالية، وأثرت تأثيراً في
المجال المالي والاقتصادي والنظام المصرفي آنذاك، وامتد نشاطها إلى الولايات
المتحدة الامريكية، كما أن هناك مجموعات يهودية ذو نفوذ اقتصادي في مصارف كبرى،
وشركات استثمار دولية، ولها تأثيرات غير مباشرة عليها من خلال الأفراد الذين شغلوا
مناصب رئيسية في المؤسسات المالية المرتبطة بها، وكانت تضم عددًا كبيرا من اليهود
في مناصب قيادية، ولديها علاقات تجارية وثيقة مع بعض الشركات الصهيونية مثل البنك
الاحتياطي الفيدرالي، وبعض الشركات المالية الكبرى مثل "جولدمان ساكس" و"سيتي جروب"
كما امتد نفوذها الى المؤسسات المالية الدولية الكبرى مثل البنك الدولي وصندوق
النقد، الذي يرتبط بشكل غير مباشر بمصالح دولة الكيان واللوبي الصهيوني.
ومع بداية القرن العشرين، تأثرت وول ستريت "السوق المالية الأمريكية" بشخصية
المليونير اليهودي "جولدمان ساكس"، كما أن هناك شخصيات يهودية كبيرة كان لها تأثير
كبير على السياسة والاقتصاد الأمريكي، وأشخاص من خلفيات يهودية كانوا على رأس
القيادة العليا للبنوك العالمية مثل "بنك ليهمان براذرز" و"مورغان ستانلي" وكان لهم
دور بارز في إدارة الأزمات المالية، مثل الأزمة المالية العالمية عام 2008.
مصالح استراتيجية وتحالفات:
من المؤكد أن السياسة الاقتصادية الصهيونية تتأثر بشكل كبير بمصالحها الاستراتيجية
في المنطقة، وهذا يشمل التحالفات القوية مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة
الأمريكية، المرتبطة ارتباطا قويا ووثيقا باللوبي الصهيوني "لجنة الشئون العامة
الصهيونية الأمريكية
–
إيباك" حيث من الممكن رؤية الدعم المالي والتكنولوجي والعسكري اللامحدود من
الولايات المتحدة لحليفتها الاستراتيجية دولة الكيان منذ تأسيسها، وهذا يعني أن
الحكومة الصهيونية تمارس تأثيراً كبيرا على الاقتصاد الإقليمي والدولي من خلال
سياستها في التجارة والأسواق المالية.
|
إذ إن هناك (912) شركة صهيونية تستحوذ على رأس المال في دول الاتحاد
الأوروبي، و(100) شركة صهيونية من كبرى شركات رأس المال في الولايات
المتحدة الأمريكية، وأن حجم القطاعات التي يعمل بها اليهود تُشكل نسب لا
يُستهان بها في الاقتصاد الأوروبي |
كما أنها تعد واحدة من أكثر الدول تقدماً في مجال الابتكار التكنولوجي، وقد أصبحت
مركزاً عالمياً للتكنولوجيا والبحث العلمي، وهناك العديد من الشركات العالمية
الكبرى لديها استثمارات كبيرة فيها، وهذا النمط من التوجه الصهيوني نحو
التكنولوجيا والابتكار يساهم في توجيه الاقتصاد العالمي، ويرتبط بمصالح اقتصادية
أكثر من كونه توجيهاً صهيونياً، كما يستطيع اللوبي الصهيوني التأثير على صنع القرار
في واشنطن، وهو ما يشمل الضغط على صانعي السياسات لدعم المساعدات العسكرية
والاقتصادية لدولتهم، وهذه العلاقات يمكن أن تؤدي إلى اتفاقيات تجارية أو صفقات
استثمارية تخدم مصالح الطرفين، وتقوم بعض الولايات الأمريكية بتقديم إعانات مالية
ضخمة لشركات أو مشروعات تكنولوجية صهيونية، لتعزيز اقتصادها بما يخدم سياساتها
التجارية.
استثمارات تخدم أجندتها:
ولأن دولة الكيان الصهيوني تعد نفسها من القوى التكنولوجية، فقد تمكّنت من إنشاء
قطاع تكنولوجي واعد يعرف بـ "وادي السيليكون الإسرائيلي". والذي يشجع على الاستثمار
في الشركات الصهيونية الناشئة وتوجيهها نحو الابتكارات العسكرية والتجارية التي
تعود بالفائدة على الاقتصاد العالمي، والاهتمام المتزايد في الاستثمار في
التكنولوجيا العسكرية المتعلقة بالصواريخ، والطائرات المسيرة "درونز"، وأنظمة
الدفاع، وهو ما ينعكس في التأثير على الأسواق الاقتصادية، للسيطرة عليها خدمة
لمصالحها الأمنية والسياسية والعسكرية، كما سعت لتوجيه رأس المال اليهودي
للاستثمار في الشركات التقنية الكبرى والرائدة في مجال التكنولوجيا، وقدر لعبوا
أدوارًا حاسمة في تطوير تلك الشركات التي تخدم مصالحها.
كما تغلغلت الشركات الصهيونية في الدول الأوروبية المختلفة، كما في الولايات
المتحدة الأمريكية، حيث إن العديد من الشركات البارزة في الولايات المتحدة أسهها
اليهود، والتي تتنوع مجالاتها بين الأطعمة والمشروبات والتكنولوجيا وغيرها من
الشركات الكبرى،
إذ إن هناك (912) شركة صهيونية تستحوذ على رأس المال في دول الاتحاد الأوروبي،
و(100) شركة صهيونية من كبرى شركات رأس المال في الولايات المتحدة الأمريكية، وأن
حجم القطاعات التي يعمل بها اليهود تُشكل نسب لا يُستهان بها في الاقتصاد الأوروبي،
إذ تُمثل المبيعات والتسويق التي يُساهم فيها اليهود (49%) من جميع الأنشطة في
أوروبا، و(15%) لعمليات البحث والتطوير، و(10%) للتشغيل، و(4%) للتصنيع، ومن هذه
النسب يتضح أن اقتصاد اليهود في الدول الأوروبية يُعتبر المُحرك الأساس في اقتصادهم.
لقد أدركت دولة الكيان أهمية المال في السياسية والعسكرية والاقتصادية، فرسخت
سياستها نحو توجيه اللوبي الصهيوني للتحكم في اقتصاديات الدول وتوجيهه لخدمتها
وخدمة أجندتها والتأثير في القرار السياسي الأمريكي والدولي، ولعل تأثير اللوبي
الصهيوني على اقتصادها يُظهر الدافع الخفي للقرارات الأمريكية والأوروبية المُنحازة
للاحتلال الصهيوني في انتهاكاته الشديدة في منطقة الشرق الأوسط، كما أن التغلغل
الاقتصادي لطبقة اليهود في هذه المُجتمعات، جعلها تؤثر على القرار السياسي فيها
تجاه أزمات المنطقة بشكل كبير، إذ إن الصوت الأكبر والمؤثر في جميع العصور هو صوت
رأس المال والاقتصاد، الذي يولي له اليهود أهمية خاصة.