• - الموافق2024/11/21م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
خسارة هاريس... الأسباب والخلفيات

ما هي الأسباب الحقيقية لخسارة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس للانتخابات الرئاسية الأمريكية، هل كان ميراث بايدن هو الذي عصف بها أو كونها امرأة ملونة كان العامل الحاسم في خسارتها.. أم ثمة خلفيات أخرى في هذا السباق دفعها خارج البيت الأبيض؟


بالرغم من الزخم الشعبي الذي حازت عليه في أعقاب تنحي الرئيس الأمريكي جو بايدن عن التنافس الرئاسي لصالحها، فإن نائبته كاميلا هاريس ما لبثت أن خسرت الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس القادم دونالد ترامب.

ووجه المفاجأة، أن استطلاعات الرأي التي جرت عشية الانتخابات أظهرت تعادل المتنافسيْن، بل إن بعضها كانت ترجح فوز هاريس ولو بنسبة قليلة.

ولم تخسر هاريس فقط بأصوات المجمع الانتخابي، بل خسرت أيضا التصويت الشعبي، فهزيمتها تلك لم ترتق إلى خسارة هيلاري كلينتون والتي خسرت أمام ترامب في انتخابات الرئاسة عام ٢٠١٦، بالرغم من حصولها على غالبية التصويت الشعبي في تلك الانتخابات، ولكن أصوات المجمع الانتخابي كانت في صالح ترامب وقتها، وحتى في السبع الولايات المرجحة أو المتذبذبة، فقد حصل ترامب على غالبية التصويت في جميعها.

ولذلك يرى أستاذ العلوم السياسية والعضو المنتسب لمركز الهجرة العالمية في جامعة كاليفورنيا ديفيس براد جونز، خسارة هاريس غير مفاجئة، ولكن خسارتها المدوية هي التي تثير الدهشة.

ولا تقتصر هزيمة هاريس عليها وحدها، بل امتدت إلى حزبها الديمقراطي والذي خسر الغالبية في مجلس الشيوخ لصالح الجمهوريين، وخسر أيضا مقاعد في مجلس النواب لصالح الجمهوريين، وبذلك تعززت سيطرة الجمهوريين سواء على الرئاسة أو الكونجرس بمجلسيه.

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن لماذا خسرت هاريس تلك الانتخابات بتلك النتيجة؟

هناك من يرجع الأمر إلى كونها امرأة، حيث لم تفز امرأة قط في أي انتخابات رئاسية، وهذا ينسحب أيضا على مؤهلاتها الشخصية وقدراتها لشغل هذا المنصب.

ومنهم من يعلل خسارتها بعدم فاعلية برنامجها الانتخابي، إزاء التحديات والمشاكل التي يقابلها المواطن الأمريكي.

والبعض يرمي الأسباب على عاتق الرئيس بايدن.

وآخرون يرون أن ابتعاد العرب والمسلمين عن تأييد هاريس كان من أسباب خسارتها.

فما الحقيقة في تلك الأسباب؟

وهذا يجرنا إلى تحليل كل سبب من الأسباب الأربعة تلك لمعرفة الأسباب الحقيقية لسقوط هاريس.

بايدن واللوم

يربط كثير من قيادات الحزب الديموقراطي بين عوامل خسارة هاريس وأسباب خسارة الحزب مجلسي الشيوخ والنواب، لذلك لا يعتدون كثيرا بتأثير قدرات هاريس الشخصية على تلك الهزيمة، لأن خسارة الرئاسة مع المجلسين صارت لا تتعلق بقدرات المرشحة فقط، بل بتوجه الناخبين وعدم ثقتهم بالحزب ككل.

 

كون هاريس امرأة قد قلل من فرص فوزها في السباق الرئاسي، ويبدو أن مزاج الناخب الأمريكي لا يميل لانتخاب امرأة في أعلى منصب أمريكي، وقد ظهر ذلك جليا أيضا في انتخابات 2016، حين لقت هيلاري كلينتون هزيمة غير متوقعة أمام ترامب

وتلقي تلك القيادات الديمقراطية باللوم على الرئيس جو بايدن على هذه الخسارة.

ولكن ما هو مضمون ذلك اللوم؟

يرتكز هذا اللوم على قرار بايدن السعي لولاية ثانية، رغم تعهده في حملة 2020 بأنه سيكون رئيساً انتقاليا

أو جسرا لجيل جديد من الديمقراطيين.

ويعتقد الديمقراطيون أنه لو اختار بايدن عدم الترشح لولاية ثانية بشكل مبكر، لكان بإمكان الحزب تنظيم انتخابات تمهيدية قوية، مما يسمح بظهور مرشح جديد قادر على خوض حملة انتخابية فعالة.

فرئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي لامت صراحة بايدن في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بعد أيام من هزيمة كامالا هاريس على يد دونالد ترامب، حيث قالت: أن بطء جو بايدن في الانسحاب من الانتخابات الرئاسية كلف الديمقراطيين غالياً.

وأضافت بيلوسي لو خرج الرئيس في وقت أقرب، ربما كان هناك مرشحون آخرون في السباق. كان التوقع هو أنه إذا تنحى الرئيس، فستكون هناك انتخابات تمهيدية مفتوحة.

كما أشارت إلى تأييد الرئيس لهاريس على الفور، جعل ذلك من المستحيل إجراء انتخابات تمهيدية في ذلك الوقت. لو كانت في وقت أبكر بكثير لكان الأمر مختلفا.

ولكن كلمات بيلوسي تلك بالرغم من أنها توجه اللوم لبايدن، ولكن تحمل في طياتها أنها كانت غير راضية عن شخصية هاريس، وأنها كانت تريد انتخابات داخل الحزب لإخراج شخصية أكثر تأثيرا.

فبايدن أعلن تأييده لهاريس بعد أقل من ساعة على إعلان انسحابه من سباق إعادة انتخابه في 21 يوليو الماضي، وهو قرار اتخذه بعد حملة ضغط قادتها بيلوسي.

ولكن دعم بايدن لنائبته كامالا هاريس، قطع الطريق على ظهور شخص آخر للظهور في المنافسة.

ولم يقتصر توجيه اللوم لبايدن على بيلوسي، فقد قال الملياردير بيل أكمان، وهو مانح ديمقراطي منذ فترة طويلة أيد ترمب في عام 2024، إن الحزب الديمقراطي يحتاج إلى إعادة تشغيل كاملة.

وأضاف على منصة إكس: لقد كذب الحزب على الشعب الأمريكي بشأن الصحة العقلية واللياقة البدنية للرئيس بايدن، ثم لم يعقد انتخابات تمهيدية ليحل محله.

وتساءل أحد المتبرعين الديمقراطيين الآخرين لوكالة رويترز: لماذا صمد جو بايدن طوال هذه المدة؟ كان ينبغي له ألا يخفي صحته، وينسحب في وقت أقرب بكثير.

 

كون هاريس امرأة قد قلل من فرص فوزها في السباق الرئاسي، ويبدو أن مزاج الناخب الأمريكي لا يميل لانتخاب امرأة في أعلى منصب أمريكي، وقد ظهر ذلك جليا أيضا في انتخابات 2016، حين لقت هيلاري كلينتون هزيمة غير متوقعة أمام ترامب

وعند تفحص شخصية بايدن على مدار عشرات السنين الماضية، يدرك أن الرجل لم يتنح عن الترشيح بسهولة، وغضب من مطالبات زعماء الحزب بتنحيه فجاء إصراره على ترشيح هاريس، لعلمه أنها ليست بالكفاءة اللازمة وأنها ستلقى هزيمة أمام ترامب، فربما كان إصراره على ترشيحها انتقاما شخصيا.

هاريس... قدرات وخبرات

كون هاريس امرأة قد قلل من فرص فوزها في السباق الرئاسي، ويبدو أن مزاج الناخب الأمريكي لا يميل لانتخاب امرأة في أعلى منصب أمريكي، وقد ظهر ذلك جليا أيضا في انتخابات 2016، حين لقت هيلاري كلينتون هزيمة غير متوقعة أمام ترامب.

وقد لفت القيادي في الحزب الديمقراطي ألين أور، إلى أن طبيعتها كامرأة كانت هي السبب الرئيسي في خسارتها. وقال أور لقد فشلت الأحزاب السياسية الأميركية باستمرار في اختيار امرأة للترشح للرئاسة، لا سيما لو كانت ملونة.

وللمفارقة، ففي حين بلغ تأييد ترامب بين النساء في فئة 45 عاماً العمرية وما فوق وفق استطلاع رأي ما يقارب من 46% مقابل 53% لهاريس. ويعد هذا الفارق أقل مقارنة بفوز بايدن، الذي حصل على دعم 55% من النساء مقابل 43% لترامب. وظل دعم ترامب ثابتاً بين النساء البيض، إذ حصل على تأييد أكثر من نصفهن بقليل، وهو نفس مستوى الدعم الذي تلقاه في عام 2020.

وقد استغل ترامب ذلك العامل بنجاح في خطابه الانتخابي مما مكنه من زيادة هامشه بين الرجال، بما في ذلك الشباب والرجال اللاتينيين. فزادت حصته من دعم الشباب إلى نسبة 46% مقابل 36% في عام 2020.

ولكن ليس فقط كون هاريس امرأة كانت عاملا في هزيمتها، بل أيضا صفاتها الشخصية، فهي لا تختلف كثيرا عن بايدن، فقد ارتكبت خلال ولايتها كنائبة للرئيس عددا من الهفوات بالإضافة إلى الضحك المتواصل بلا سبب أحيانا كثيرة، فقد نشر النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع مصورة لنوبات ضحك هاريس المتواصلة، بالإضافة إلى تصاريحها التي تتحدث فيها دون أن يكون لكلامها أي معنى واضح أو مفهوم.

برنامج الديموقراطيين

لخص السيناتور المستقل بيرني ساندرز عن ولاية فيرمونت أسباب خسارة الحزب للبيت الأبيض ومجلس الشيوخ بتصريحاته التي قال فيها: إن الحزب خسر الانتخابات بسبب تخليه عن الطبقة العاملة وتركيز الحزب على سياسات الهوية بدلاً من المخاوف الاقتصادية.

قد كان أكثر قضيتين اهتم بهما الناخب الأمريكي هما الاقتصاد والهجرة، ولم تعترف هاريس قط بخطأ إدارة بايدن في التعامل مع الملفين. وزعمت في أكثر من مقابلة أن الاقتصاد يعمل بشكل جيد، رغم غضب الأمريكيين من ارتفاع الأسعار المتزايد، والآثار السلبية للتضخم التي تركت ظلالها عليهم. وألقت باللوم على ترامب لعدم دعمه مشروع قانون الهجرة الذي يحظى بموافقة الحزبين.

وكان واضحا في استطلاعات الرأي أن الأمريكيين يشعرون بالإحباط من الأسعار المرتفعة، وهو العامل الأكبر الذي ساهم في خسارة هاريس.

وقد كشف استطلاع رأي أجرته صحيفة واشنطن بوست وصدر في اليوم التالي للانتخابات، أن الاقتصاد كان القضية الأكثر أهمية عند التصويت، وأن 80% من 22205 ناخب، مما أُجريت المقابلات معهم بعد الاقتراع، صوتوا لصالح ترامب بسبب الاقتصاد.

ورأت كاتبة العمود في صحيفة تايمز البريطانية أليس تومسون، أن ارتباط هاريس القوي بإدارة الرئيس المنتهية ولايته بايدن، وغياب رؤية مستقلة لها تفصلها عنه، أضعفا جاذبيتها بين الناخبين الذين كانوا يتطلعون إلى التغيير، مما جعل كونها امرأة غير كاف لجذب الناخبين.

حرب غزة وموقف مسلمي أمريكا

اعتبر المؤرخ في جامعة ميشيجان، ديريك أيدي، أن الإبادة الجماعية في غزة، كانت أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى خسارة هاريس، رغم أن المعلقين الرئيسيين في الإعلام الأمريكي نادراً ما يذكرونها.

وأضاف أنه في الوقت الذي تصاعدت فيه الاحتجاجات الجامعية بشأن قضية فلسطين، مع عدم وجود مرشح محتمل قادر على إنهاء المعاناة المستمرة في غزة، قرر العديد من الناخبين الشباب "التصويت بأقدامهم"، وهو مصطلح سياسي يعني أن الناخبين يعبرون عن اعتراضهم على سياسات معينة بعدم المشاركة أو التصويت والبقاء بعيداً عن صناديق الاقتراع.

وكشف استطلاع حديث حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية أجراه مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، وهو أكبر منظمة للدفاع عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة، حول تفضيلات المسلمين الأمريكيين الذين صوتوا في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 5 نوفمبر، أن أكثر من نصف المسلمين الأمريكيين صوتوا إلى حد كبير لصالح مرشحة حزب الخضر جيل ستاين، وليس للمرشح الجمهوري دونالد ترامب أو المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، التي احتجوا عليها بسبب سياسة الإدارة الأميركية الحالية في غزة.

فقضية المشاركة الأمريكية في حملة الإبادة الصهيونية في غزة، هي قضية اهتمت بها شريحة كبيرة من مؤيدي الحزب الديموقراطي حتى من غير المسلمين، وكان على الحزب أن يجري فيها تعديلات حقيقية، وليس مجرد تصريحات ومطالبات لحكومة الكيان، بينما على أرض الواقع يجرى الدعم اللامحدود.

أعلى