(أصول وقواعد منهجية) المبحث الثالث: الأدلة العقلية 2-2
الرئيسية - أصول
وقواعد منهجية
اضطراب المعتزلة في عقلياتهم:
مع أنَّ المعتزلة يقدِّسون العقل ويجعلونه
حاكماً على النَّقل، إلا أنَّهم اضطربوا في ذلك اضطراباً شديداً، فلما أعرضوا عن
الأدلَّة العقلية المذكورة في كتاب الله - عزَّ وجلَّ -، ظهرت فيهم البدع، وكثر
فيهم الباطل، وهذا عام في جميع المبتدعة، فـ «ما مِن طائفة فيها نوع يسير مِن
مخالفة السُّنَّة المحضة والحديث، إلا ويوجد في كلامها من التناقض بحسب ذلك،
وأعظمهم تناقضاً أبعدهم عن السُّنَّة كالفلاسفة ثم المعتزلة والرافضة»[1].
وقال ابن تيمية: «هذا مع أنَّ في المتكلمين
من أهل الملل من الاضطراب والشك في أشياء، والخروج عن الحق في مواضع، واتباع
الأهواء في مواضع، والتقصير في الحق في مواضع، ما ذمَّهم لأجله علماء الملَّة
وأئمة الدين، فإنَّهم قصَّروا في معرفة الأدلَّة العقلية التي ذكرها الله في
كتابه، فعدلوا عنها إلى طرق أخرى مبتدعة، فيها من الباطل ما لأجله خرجوا عن بعض
الحق المشترك بينهم وبين غيرهم، ودخلوا في بعض الباطل المبتدع، وأخرجوا من التوحيد
ما هو منه، كتوحيد الإلهية وإثبات حقائق أسماء الله وصفاته، ولم يعرفوا من التوحيد
إلا توحيد الربوبية، وهو الإقرار بأنَّ الله خالق كل شيء وربّه...»[2].
وبسبب ذلك استطالت عليهم الفلاسفة وشنعوا
عليهم وردُّوا عليهم عقلياتهم، قال ابن تيمية: «.. فالفلاسفة القائلون بقدَم
العالم كانوا في غاية البعد عن الحق الذي جاءت به الرسل، الموافق لصريح المعقول
وصحيح المنقول، ولكنهم ألزموا أهل الكلام الذين وافقوهم على نفي قيام الأفعال
والصفات بذاته، أو على نفي قيام الأفعال بذاته، بلوازم قولهم، فظهر بذلك من تناقض
أهل الكلام ما استطال به عليهم هؤلاء الملحدون، وذمَّهم به علماء المؤمنين، من
السلف والأئمة وأتباعهم، وكان كلامهم من الكلام الذي ذمَّهم به السلف لما فيه من
الخطأ والضلال، الذي خالفوا به الحق في مسائلهم ودلائلهم، فبقوا فيه مذبذبين
متناقضين، لم يُصدِّقوا بما جاءت به الرسل على وجهه، ولا قهروا أعداء الملَّة
بالحق الصريح المعقول. وسبب ذلك: أنهم: لم يُحققوا ما أخبرت به الرسل ولم يعلموه
ولم يؤمنوا به، ولا حققوا موجبات العقول، فنقصوا في علمهم بالسمعيات والعقليات.
وإن كان لهم منهما نصيب كبير، فوافقوا في بعض ما قالوه الكفار الذين قالوا:
{لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي
أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك:
10]، وفرَّعوا من الكلام في صفات الله وأفعاله ما هو بدعة مخالفة للشرع، وكلُّ
بدعة ضلالة، وكلُّ ضلالة فهي مخالفة للعقل، كما هي مخالفة للشرع»[3].
وقال ابن تيمية يُخاطب أهل الكلام: «أحدثتم
بدعاً تزعمون أنَّكم تنصرون بها الإسلام، فلا للإسلام نصرتم، ولا لعدوه كسرتم، بل
سلطتم عليكم أهل الشرع والعقل، فالعالمون بنصوص المرسلين يعلمون أنكم خالفتموها،
وأنَّكم أهل بدعة وضلالة، والعالمون بالمعاني المعقولة يعلمون أنَّكم قلتم ما
يُخالف المعقول، وأنكم أهل خطأ وجهالة.
والفلاسفة الذي زعمتم أنكم تحتجون عليهم
بهذه الطريق تسلَّطوا عليكم بها، ورأوا أنكم خالفتم صريح العقل.
والفلاسفة أجهل منكم بالشرع والعقل في
الإلهيات، لكن لـمَّا ظنوا أنَّ ما جئتم به هو الشرع، وقد رأوه يخالف العقل، صاروا
أبعد عن الشرع والعقل منكم، لكن عارضوكم بأدلَّة عقلية - بل وشرعية - ظهر بها
عجزكم في هذا الباب، عن بيان حقيقة الصواب، وكان ذلك مـمَّا زادهم ضلالاً في
أنفسهم، وتسلُّطاً عليكم، ولو سلكتم معهم طريق العارفين بحقيقة المعقول والمنقول،
لكان ذلك أنصر لكم، وأتبع لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم..»[4].
وكما أنَّ المعتزلة ضلَّوا وانحرفوا في هذا
الباب، فإنَّ الفلاسفة أكثر ضلالاً وانحرافاً، فإنَّهم: «أفسدوا الأدلَّة السمعية
بما أدخلوه فيها من القرمطة وتحريف الكلم عن مواضعه، كما أفسدوا الأدلَّة العقلية
بما أدخلوه فيها من السفسطة وقلب الحقائق المعقولة عـمَّا هي عليه، وتغيير فطرة
الله التي فطر النَّاس عليها»[5].
وهؤلاء الفلاسفة «لـمَّا غيَّروا فطرة الله
التي فطر عليها عباده، فخرجوا عن صريح المعقول وصحيح المنقول، ودخلوا في هذا
الإلحاد، الذي هو من أعظم جوامع الكفر والعناد، صار في أقوالهم من التناقض
والفساد، ما لا يعلمه إلا رب العباد، مع دعواهم أنَّهم أصحاب البراهين العقلية،
والمعارف الحكمية، وأنَّ العلوم الحقيقية فيما يقولونه لا فيما جاءت به رسل الله
الذين هم أفضل الخليقة، وهؤلاء الملاحدة يُخالفون المعقولات والمسموعات بمثل هذه
الضلالات»[6].
وأحسب أن اضطراب المعتزلة والفلاسفة في
العقليات له نظائر كثيرة في عصرنا الحاضر، فبعض من يسمون أنفسهم العصرانيين
افتتنوا بثقافة الغرب وبمدارسه المادية وفلسفاته الوضعية، وأخذوا يفسرون دلائل
الشريعة وأحكامها بتكلف وتصنع لتوافق أهواء الغرب، ظناً منهم أنهم ينصرون الشريعة،
وهم في الحقيقة يحرفونها، فلا عقيدة الإسلام نصروا، ولا لأعدائه كسروا!
جهل الرافضة في الدلائل العقلية:
بعد ذكر تلك الأصول المقررة عند أهل
السُّنَّة، يذكر ابن تيمية أنَّ الرفضة كما أنَّهم من أكذب النَّاس في المنقول،
فهم من أجهل النَّاس في المعقول، لذلك فهم يعتمدون في عقلياتهم اعتماداً تامَّاً
على المعتزلة أو الفلاسفة الذين تقدَّم بيان اضطرابهم وانحرافهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وهم في دينهم
لهم عقليات وشرعيات، فالعقليات متأخروهم فيها أتباع المعتزلة، إلا من تفلسف منهم،
فيكون إمَّا فيلسوفاً وإمَّا ممتزجاً من فلسفة واعتزال، ويضم إلى ذلك الرفض، مثل
مصنّف هذا الكتاب [يعني: ابن المطهر الرافضي] وأمثاله، فيصيرون بذلك من أبعد
النَّاس عن اللَّه ورسوله، وعن دين المسلمين المحضِّ»[7].
وقال أيضاً: «فالقوم من أضلِّ النَّاس عن
سواء السبيل، فإنَّ الأدلَّة إمَّا نقلية وإمَّا عقلية، والقوم من أضلِّ الناس في
المنقول والمعقول، في المذاهب والتقرير، وهم أشبه النَّاس بمن قال الله فيهم: {وَقَالُوا
لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}
[الملك: 10]، والقوم من أكذب الناس في النقليات، ومن
أجهل الناس في العقليات.. وعمدتهم في نفس الأمر على التقليد، وإن ظنوا إقامته
بالبراهين، فتارة يتبعون المعتزلة والقدرية، وتارة يتبعون المجسِّمة والجبرية، وهم
من أجهل هذه الطوائف الداخلين في المسلمين»[8].
وقال أيضاً: «وأمَّا عمدتهم في النظر
والعقليات فقد اعتمد متأخروهم على كتب المعتزلة، ووافقهم في مسائل الصفات والقدر،
والمعتزلة في الجملة أعقل وأصدق، وليس في المعتزلة من يطعن في خلافة أبي بكر وعمر
وعثمان - رضوان الله تعالى عليهم جميعاً - بل هم متفقون على تثبيت خلافة الثلاثة»[9].
ملامح جهل الرافضة في العقليات:
أشار ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في
مواضع متفرقة من كتابه إلى ملامح جهل الرافضة بالعقليات، فمن ذلك مثلاً:
أولاً: أنَّ الرافضة يتبنون آراء
عقدية وفقهية تظهر مخالفتها للعقول المستقيمة بوضوح تام، فضلاً عن النصوص والدلائل
الشرعية، مـمَّا يُدلل على جهلهم وضعف بضاعتهم في هذا المضمار، ومن أمثلة ذلك:
أ - في أبواب الاعتقاد:
قال ابن تيمية: «وشيوخ الرافضة معترفون
بأنَّ هذا الاعتقاد في التوحيد والصفات والقدر، لم يتلقوه لا عن كتاب ولا سنَّة
ولا عن أئمة البيت، وإنَّما يزعمون أنَّ العقل دلَّهم عليه، كما يقول ذلك
المعتزلة، وهم في الحقيقة إنَّما تلقوه عن المعتزلة، وهم شيوخهم في التوحيد
والعدل»[10].
وقال ابن تيمية أيضاً: «فإنَّ جميع ما يذكره
هؤلاء الإمامية المتأخرون في مسائل التوحيد والعدل، كابن النعمان، والموسوي الملقب
بالمرتضى، وأبي جعفر الطوسي، وغيرهم، هو مأخوذ من كتب المعتزلة، بل كثير منه
منقولٌ نقل المسطرة، وبعضه قد تصرَّفوا فيه»[11].
ب - في أبواب العمل:
قال ابن تيمية ذاكراً بعض حماقات الرافضة
التي تدلُّ على غاية جهلهم وضعف عقولهم: «مثل تحريم بعضهم للَّحم والأوز والجمل
مشابهة لليهود، ومثل جمعهم بين الصلاتين دائماً، فلا يُصلّون إلا في ثلاثة أوقات
مشابهة لليهود، ومثل قولهم: إنَّه لا يقع الطلاق إلا بإشهاد على الزوج مشابهة
لليهود، ومثل تنجيسهم لأبدان غيرهم من المسلمين وأهل الكتاب، وتحريمهم لذبائحهم،
وتنجيس ما يُصيب ذلك من المياه والمائعات...
وأما سائر حماقاتهم فكثيرة جدَّاً: «مثل كون
بعضهم لا يشرب من نهر حفره يزيد.. وبعضهم لا يأكل من التوت الشامي، ومثل كونهم
يكرهون التكلم بلفظ العشرة، أو فعل شيء يكون عشرة، حتى في البناء لا يبنون على
عشرة أعمدة ولا بعشرة جذوع ونحو ذلك، لكونهم يبغضون خيار الصحابة، وهم العشرة
المشهود لهم بالجنَّة..».
ومن العجب أنَّهم يوالون لفظة التسعة، وهم
يبغضون التسعة من العشرة، فإنَّهم يبغضونهم إلا عليَّاً...
ومن حماقتهم أيضاً: أنَّهم يجعلون للمنتظر
عدة مشاهد ينتظرونه فيها، كالسرداب الذي بسامرَّا الذي يزعمون أنَّه غاب فيه،
ومشاهد أُخر. وقد يُقيمون هناك دابَّة إمَّا بغلة وإما فرساً وإمَّا غير ذلك؛
ليركبها إذا خرج، ويقيمون هناك إمَّا في طرفي النهار وإمَّا في أوقات أُخر، من
يُنادي عليه بالخروج: يا مولانا اخرج..». إلى أن قال: «ومن حماقتهم: تمثيلهم لمن
يبغضونه بالجماد أو الحيوان، ثم يفعلون بذلك الجماد والحيوان ما يرونه عقوبة لمن
يبغضونه، مثل اتخاذهم نعجة - وقد تكون نعجة حمراء لكون عائشة تُسمى الـحُميراء -
يجعلونها عائشة ويعذبونها بنتف شعرها وغير ذلك، ويرون أنَّ ذلك عقوبة لعائشة!!».
وبعد أن ذكر ابن تيمية عدداً من حماقات
الرافضة التي تدلُّ على جهلهم وضعف عقولهم، ذكر أنَّ هذه الحماقات لا تكون كلها
عند الإمامية ولا الزيدية؛ بل يكون كثير منها عند الغالية، وفي كثير من عوامِّهم[12].
ثانياً: أنَّ الرافضة أصبحوا
الخندق الذي يتسلل منه الباطنية الزنادقة للنيل من الإسلام، وإشاعة الفساد بين
المسلمين، قال ابن تيمية: «والرافضة والجهمية هم الباب لهؤلاء الملحدين [يعني:
الباطنية الملحدين] منهم يدخلون إلى سائر أصناف الإلحاد في أسماء الله وآيات كتابه
المبين، كما قرَّر ذلك رؤوس الملاحدة من القرامطة الباطنية وغيرهم من المنافقين...
ومنهم من أدخل على الدين من الفساد، ما لا
يُحصيه إلا ربُّ العباد، فملاحدة الإسماعيلية والنصيرية وغيرهم من الباطنية
المنافقين من بابهم دخلوا، وأعداء المسلمين من المشركين وأهل الكتاب بطريقهم
وصلوا، واستولوا على بلاد الإسلام، وسبَوا الحريم وأخذوا الأموال وسفكوا الدم
الحرام، وجرى على الأمَّة - بمعاونتهم - من فساد الدين والدنيا، ما لا يعلمه إلا
ربُّ العالمين»[13].
وقال أيضاً: «وأمَّا الشيعة فكثير منهم
يعترفون بأنهم إنَّما قصدوا بالملك إفساد دين الإسلام ومعاداة النبي صلى الله عليه
وسلم كما يُعرف ذلك من خطاب الباطنية وأمثالهم من الداخلين في الشيعة، فإنَّهم
يعترفون بأنَّهم في الحقيقة لا يعتقدون دين الإسلام، وإنَّما يتظاهرون بالتشيع
لقلَّة عقل الشيعة وجهلهم، ليتوسلوا بهم إلى أغراضهم.
وأول هؤلاء - بل خيارهم - هو المختار بين
أبي عبيد الكذاب، فإنَّه كان أمير الشيعة، وقتل عبيد الله بن زياد، وأظهر الانتصار
للحسين حتى قتل قاتله، وتقرَّب بذلك إلى محمد بن الحنفية وأهل البيت، ثم ادَّعى
النبوة وأنَّ جبريل يأتيه»[14].
ثالثاً: أنَّ مذهب الرافضة لا
يظهر وينتشر إلا في البوادي التي ينتشر فيها الجهل، ويضعف العلم ويغيب العلماء قال
ابن تيمية: «وهكذا الرافضة لا يُتصور قط أنَّ مذهبهم يروج على أهل مدينة كبيرة من
مدائن المسلمين، فيها أهل علم ودين. وإنَّما يروج على جهال سكنوا البوادي والجبال،
أو على محلة في مدينة أو بُليدة، أو طائفة يظهرون للناس خلاف ما يبطنون لظهور
كذبهم، حتى إنَّ القاهرة لما كانت مع العبيديين، وكانوا يُظهرون التشيع، لم
يتمكنوا من ذلك حتى منعوا من فيها من أهل العلم والدين من إظهار علمهم. ومع هذا
فكانوا خائفين من سائر مدائن المسلمين، يقدم عليهم الغريب من البلد البعيد،
فيكتمون عنه قولهم، ويُداهنونه ويتقونه، كما يُخاف الملك المطاع، وهذا لأنهم أهل
فرية وكذب..»[15].
وقال أيضاً: «ولهذا لا يوجد في أئمة الفقه
الذين يَرجع إليهم رافضي، ولا في أئمة الحديث، ولا في أئمة الزهد والعباد، ولا في
الجيوش المؤيدة المنصورة جيش رافضي، ولا في الملوك الذين نصروا الإسلام وأقاموا
وجاهدوا عدوه من هو رافضي، ولا في الوزراء الذين لهم سيرة محمودة من هو رافضي».
وأكثر ما تجد الرافضة: إمَّا في الزنادقة
المنافقين الملحدين، وإمَّا في جهال ليس لهم علم لا بالمنقولات ولا بالمعقولات، قد
نشؤوا بالبوادي والجبال، أو تحيَّزوا عن المسلمين فلم يجالسوا أهل العلم والدين،
وإمَّا في ذوي الأهواء مـمَّن قد حصل له بذلك رياسة ومال، أو له نسب يتعصب له كفعل
أهل الجاهلية.
وأمَّا من هو عند المسلمين من أهل العلم
والدين، فليس في هؤلاء رافضي؛ لظهور الجهل والظلم في قولهم، وتجد ظهور الرفض في
شرِّ الطوائف كالنصيرية والإسماعيلية والملاحدة الطرقية، وفيهم من الكذب والخيانة
وإخلاف الوعد ما يدلُّ على نفاقهم، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنَّه قال: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)، زاد
مسلم: (وإن صام وصلَّى وزعم أنَّه مسلم)[16]، وأكثر ما توجد هذه
الثلاث في طوائف أهل القبلة في الرافضة»[17].
وقال أيضاً: «وأمَّا من رجع إلى ما ينقله
مَن هو أجهل الناس المنقولات، وأبعد النَّاس عن معرفة أمور الإسلام، ومن هو معروف
بافتراء الكذب الذي لا يروج إلا على البهائم»[18].
رابعاً: أنَّ الرافضة يأتون
بشُبَهٍ واهية ظاهرة الفساد، وليسوا في ذلك كالمعتزلة أو غيرهم من المبتدعة.
قال ابن تيمية: «شبه الرافضة أظهر فساداً من
شبه الخوارج والنواصب، والخوارج أصح منهم عقلاً وقصداً، والرافضة أكذب وأفسد
ديناً»[19].
وقال أيضاً: «والرافضة وأمثالهم من أهل
الجهل والظلم يحتجون بالحجَّة التي تستلزم فساد قولهم وتناقضهم، فإنَّه إن احتُج
بنظيرها عليهم فسد قوله، ولكنَّ منتهاهم مجرَّد الهوى الذي لا علم معه، ومَن أضلُّ
مـمَّن اتبع هواه بغير هدى من الله، إنَّ الله لا يهدي القوم الظالمين»[20].
خامساً: أنَّ الرافضة ليس لهم
القدرة على الحجاج والمناظرة.
قال ابن تيمية: «الرافضة في الأصل ليسوا أهل
علم وخبرة بطرق النظر والمناظرة، ومعرفة الأدلَّة وما يدخل فيها من المنع
والمعارضة، كما أنهم من أجهل الناس بمعرفة المنقولات والأحاديث والآثار، والتمييز
بين صحيحها وضعيفها..»[21].
وقال في موضع آخر: «.. هذا من جنس حجج
الرافضة، فإنَّهم لجهلهم لا يُحسنون أن يحتجوا، ولا يحسنون أن يكذبوا كذباً ينفق»[22].
وقال أيضاً: «.. فإن الرافضة ليس لهم عقل
صريح ولا نقل صحيح، ولا يُقيمون حقَّاً، ولا يهدمون باطلاً، لا بحجَّة وبيان، ولا
بيدٍ وسنان»[23].
ولهذا بيَّن ابن تيمية: «أنَّ الرافضة وإن
قالوا حقَّاً، فلا يقدرون أن يدلُّوا عليه بدليل صحيح، لأنهم سدُّوا على أنفسهم
كثيراً من طرق العلم، فصاروا عاجزين عن بيان الحق، حتى أنَّه لا يمكنهم تقرير
إيمان علي على الخوارج، ولا تقرير إمامته على المروانية، ومن قاتله، فإن ما يستدل
به على ذلك قد أطلق جنسه على أنفسهم؛ لأنهم لا يدرون ما يلزم أقوالهم الباطلة من
التناقض والفساد، لقوة جهلهم، واتباعهم الهوى بغير علم»[24].
وإن كانت هذه الجهالات قد راجت وانتشرت عند
متقدمي الرافضة، فإن أضعافها ظهر عند متأخريهم من المعاصرين، وليس المقام في هذا
الكتاب بسط ذلك، لكن حسبك أن تطلع على فتاوى بعض مراجعهم أو تشاهد بعض قنواتهم
الفضائية لتقف على ألوان من الجهالات والضلالات التي تكشف حماقاتهم وضعف عقولهم.
المبحث الثالث: الأدلة
العقلية 1-2
المبحث الثالث: الأدلة
العقلية 2-2
[1] (2/229).
[2] (3/288 - 289).
[3] (1/299 - 300).
[4] (3/361 - 362)، وانظر:
(1/213 - 214).
[5] (1/279).
[6] (1/295).
[7] (5/162).
[8] (1/8 - 9).
[9] (1/70).
[10] (2/369).
[11] (3/5 - 6)، وانظر:
(1/71 - 72).
[12] انظر: (1/37 - 57).
[13] (1/7 - 11).
[14] (2/68 - 69).
[15] (6/179).
[16] أخرجه البخاري (1/12)
و (3/180)، ومسلم (1/78 - 79)، والترمذي (4/130).
[17] (2/80 - 82)، وانظر
(7/286 - 287).
[18] (6/179).
[19] (2/63).
[20] (4/358).
[21] (4/58).
[22] (4/63)، وينفق: أي:
يروج
[23] (4/69).
[24] (6/476).