القرآن هادي البشرية ومرشدها ونور
الحياة ودستورها ، ما من شيء يحتاجه البشر إلا وبيَّنه الله فيه نصاً أو إشارة أو
إيماءاً ، عَلِمه مَنْ عَلِمه ، وجهله من جهله .
ولذا
اعتنى به صَحْبُ الرسول صلى الله عليه وسلم وتابعوهم تلاوة وحفظاً وفهماً وتدبراً
وعملاً . وعلى ذلك سار سائر السلف . ومع ضعف الأمة في عصورها المتأخرة تراجع
الاهتمام بالقرآن وانحسر حتى اقتصر الأمر عند غالب المسلمين على حفظه وتجويده
وتلاوته فقط بلا تدبر ولا فهم لمعانيه
ومراداته ، وترتب على ذلك ترك العمل به أو التقصير في ذلك ، ( وقد أنزل الله القرآن وأمرنا بتدبره ، وتكفل لنا بحفظه ، فانشغلنا
بحفظه وتركنا تدبره )[1] .
وليس
المقصود الدعوة لترك حفظه وتلاوته وتجويده ؛ ففي ذلك أجر كبير ؛ لكن المراد
التوازن بين الحفظ والتلاوة والتجويد من جهة وبين الفهم والتدبر . ومن ثم العمل به
من جهة أخرى كما كان عليه سلفنا الصالح - رحمهم الله تعالى - .
ولذا
فهذه بعض الإشارات الدالة على أهمية التدبر في ضوء الكتاب والسنة وسيرة السلف
الصالح .
أما
التدبر فهو كما قال ابن القيم : ( تحديق
ناظر القلب إلى معانيه ، وجمع الفكر على تدبره وتعقله)[2] .
وقيل
في معناه : ( هو التفكر الشامل الواصل إلى
أواخر دلالات الكلم ومراميه البعيدة)[3]
.
أولاً : منزلة التدبر في القرآن الكريم :
1-
قال الله - تعالى - : { كتاب
أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب } [ص : 29] في هذه الآية بين الله - تعالى - أن الغرض الأساس من
إنزال القرآن هو التدبر والتذكر لا مجرد
التلاوة على عظم أجرها .
قال
الحسن البصري : (والله ! ما تدبُّره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول :
قرأت القرآن كله ، ما يُرى له القرآنُ في
خُلُق ولا عمل) [4]
.
2-
قال - تعالى - : { أفلا
يتدبرون القرآن .... } [النساء : 82] .
قال
ابن كثير : ( يقول الله تعالى آمراً عباده بتدبر القرآن
وناهياً لهم عن الإعراض عنه وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة : أفلا
يتدبرون القرآن)[5] ، فهذا أمر صريح بالتدبر والأمر للوجوب .
3-
قال - تعالى - : { الذين
آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به } [البقرة : 121] .
روى
ابن كثير عن ابن مسعود قال : ( والذي نفسي
بيده ! إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله)[6] .
وقال
الشوكاني : ( يتلونه : يعملون بما فيه)[7] ولا
يكون العمل به إلا بعد العلم والتدبر .
4 -
قال - تعالى - : { ومنهم
أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون } [البقرة : 78] .
قال
الشوكاني : ( وقيل : (الأماني : التلاوة) أي : لا علم لهم إلا مجرد التلاوة دون
تفهم وتدبر)[8]
،
وقال ابن القيم : ( ذم الله المحرفين
لكتابه والأميين الذين لا يعلمون منه إلا مجرد التلاوة وهي الأماني)[9] .
5 -
قال الله - تعالى - : { وقال
الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا } [الفرقان : 30] .
قال
ابن كثير : ( وترك تدبره وتفهمه من
هجرانه)[10] .
وقال
ابن القيم : ( هجر القرآن أنواع ... الرابع : هجر تدبره وتفهمه ومعرفة
ما أراد المتكلم به منه )[11]
.
ثانياً : ما ورد في السنة في مسألة التدبر :
1 -
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب
الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة
، وذكرهم الله فيمن عنده)[12]
.
فالسكينة
والرحمة والذكر مقابل التلاوة المقرونة بالدراسة والتدبر .
أما
واقعنا فهو تطبيق جزء من الحديث وهو التلاوة أما الدراسة والتدبر فهي- في نظر بعضنا - تؤخر الحفظ وتقلل من عدد
الحروف المقروءة فلا داعي لها .
2 -
روى حذيفة - رضي الله عنه - : ( أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة
فكان يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح ، وإذا مر بسؤال سأل ، وإذا مر بتعوذ تعوذ)[13] .
فهذا
تطبيق نبوي عملي للتدبر ظهر أثره بالتسبيح والسؤال والتعوذ .
3 -
عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ
بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها : { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } ) [المائدة
: 118][14]
.
فهذا
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم التدبر على كثرة التلاوة ، فيقرأ آية واحدة فقط
في ليلة كاملة .
4 -
عن ابن مسعود قال : ( كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف
معانيهن والعمل بهن)[15]
.
فهكذا
كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم في تعليم الصحابة القرآن
: تلازم العلم والمعنى والعمل ؛ فلا علم جديد إلا بعد فهم السابق والعمل به .
5 -
لما راجع عبد الله بن عمرو بن العاص النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن لم يأذن له في أقل من ثلاث ليالٍ وقال : ( لا يفقه من قرأ القرآن
في أقل من ثلاث)[16] .
فدل
على أن فقه القرآن وفهمه هو المقصود
بتلاوته لا مجرد التلاوة .
6 -
وفي الموطأ عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -
( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس صلاة يجهر فيها فأسقط آية فقال :
يا فلان ! هل أسقطت في هذه السورة من شيء ؟ قال :
لا أدري . ثم سأل آخر واثنين وثلاثة كلهم يقول : لا أدري ، حتى قال : ما بال أقوام
يتلى عليهم كتاب الله فما يدرون ما تلي منه مما ترك ؟ هكذا
خرجت عظمة الله من قلوب بني إسرائيل فشهدت أبدانهم وغابت قلوبهم ؛ ولا يقبل الله
من عبد حتى يشهد بقلبه مع بدنه ) .
ثالثاً : ما ورد عن السلف في مسألة التدبر :
1 -
روى مالك عن نافع عن ابن عمر قال : ( تعلم
عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة ، فلما ختمها نحر جزوراً)[17] .
وطول
المدة ليس عجزاً من عمر ولا انشغالاً عن القرآن
؛ فما بقي إلا أنه التدبر .
2 -
عن ابن عباس قال : ( قدم على عمر رجل فجعل
عمر يسأل عن الناس فقال : يا أمير المؤمنين ! قد قرأ القرآن
منهم كذا وكذا ، فقلت : والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة . قال : فزبرني عمر ، ثم قال :
مه !فانطلقت لمنزلي حزيناً فجاءني ، فقال : ما الذي كرهت
مما قال الرجل آنفاً ؟ قلت : متى
ما يسارعوا هذه المسارعة يحتقوا - يختصموا : كلٌ يقول الحق عندي - ومتى يحتقوا
يختصموا ، ومتى اختصموا يختلفوا ، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا ، فقال عمر : لله أبوك
! لقد كنت أكتمها الناس حتى جئت بها )[18] ، وقد وقع ما خشي منه عمر وابن عباس - رضي الله
عنهما - فخرجت الخوارج الذين يقرؤون القرآن
؛ لكنه لا يجاوز تراقيهم .
3 -
عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال : ( كان
الفاضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا السورة ونحوها ورزقوا العمل بالقرآن ،
وإن آخر هذه الأمة يقرؤون القرآن ، منهم
الصبي والأعمى ولا يرزقون العمل به . وفي هذا المعنى قال ابن مسعود : إنا صعب
علينا حفظ ألفاظ القرآن ، وسهل علينا العمل
به ، وإن مَنْ بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن
ويصعب عليهم العمل به)[19]
.
4 -
قال الحسن البصري : ( إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله ،
وما تدبُّر آياته إلا باتباعه ، وما هو
بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول : لقد قرأت القرآن فما أسقطت منه حرفاً وقد - والله ! - أسقطه
كله ما يُرى القرآن له في خلق ولا عمل ،
حتى إن أحدهم ليقول : إني لأقرأ السورة في نَفَسٍ ! والله ! ما هؤلاء بالقراء ولا
العلماء ولا الحكماء ولا الوَرَعة متى كانت القراء مثل
هذا ؟ لا كثَّر الله في الناس أمثالهم)[20] .
5 -
وقال الحسن أيضاً : ( نزل القرآن
ليُتَدَبَّر ويعمل به ؛ فاتخذوا تلاوته عملاً[21] . أي أن عمل الناس أصبح تلاوة القرآن فقط بلا تدبر
ولا عمل به ) .
6 -
كان شعبة بن الحجاج بن الورد يقول لأصحاب الحديث : ( يا قوم ! إنكم كلما تقدمتم في الحديث تأخرتم
في القرآن
)[22]
. وفي
هذا تنبيه لمن شغلته دراسة أسانيد الحديث ومسائل الفقه عن القرآن وتدبره أنه قد فقد توازنه واختل ميزانه .
7 -
عن محمد بن كعب القرظي أنه قال : ( لأن
أقرأ في ليلتي حتى أصبح بـ (إذا زلزلت) و (القارعة) لا أزيد عليهما أحب إليَّ من
أن أهذَّ القرآن ليلتي هذّاً . أو قال : أنثره نثراً)[23] .
8 -
قال ابن القيم : ( ليس شيء أنفع للعبد في
معاشه ومعاده من تدبر القرآن وجمع الفكر على معاني آياته ؛ فإنها تطلع
العبد على معالم الخير والشر بحذافيرها وعلى طرقاتهما وأسبابهما وثمراتهما ومآل
أهلهما ، وتتل في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة ، وتثبت قواعد الإيمان
في قلبه ، وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه ، وتحضره بين الأمم ،
وتريه أيام الله فيهم ، وتبصره مواقع العبر ، وتشهده عدل الله وفضله وتعرفه ذاته
وأسماءه وصفاته وأفعاله وما يحبه وما يبغضه وصراطه الموصل إليه وقواطيع الطريق
وآفاته ، وتعرفه النفس وصفاتها ومفسدات الأعمال ومصححاتها ، وتعرفه طريق أهل الجنة
وأهل النار وأعمالهم وأحوالهم وسيماهم ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة .
فتشهده
الآخرة حتى كأنه فيها ، وتغيبه عن الدنيا حتى كأنه ليس فيها ، وتميز له بين الحق
والباطل في كل ما يختلف فيه العالم ، وتعطيه فرقاناً ونوراً يفرق به بين الهدى
والضلال ، وتعطيه قوة في قلبه وحياة واسعة وانشراحاً وبهجة وسروراً فيصير في شأن
والناس في شأن آخر ؛ فلا تزال معانيه تنهض العبد إلى ربه بالوعد الجميل ، وتحذره
وتخوفه بوعيده من العذاب الوبيل ، وتهديه في ظلم الآراء والمذاهب إلى سواء السبيل
، وتصده عن اقتحام طرق البدع والأضاليل ، وتبصره بحدود الحلال والحرام وتوقفه
عليها ؛ لئلا يتعداها فيقع في العناء الطويل ، وتناديه كلما فترت عزماته : تقدمَ
الركبُ ، وفاتك الدليل ، فاللحاقَ اللحاقَ ، والرحيلَ الرحيلَ ) .
فاعتصم
بالله واستعن به وقل : ( حسبي الله ونعم الوكيل )[24] .
وحتى نتدبر القرآن فعلينا :
1-
مراعاة آداب التلاوة من طهارة ومكان وزمان مناسبين وحال مناسبة وإخلاص واستعاذة
وبسملة وتفريغ للنفس من شواغلها وحصر الفكر مع القرآن
والخشوع والتأثر والشعور بأن القرآن يخاطبه
.
2-
التلاوة بتأنٍ وتدبر وانفعال وخشوع ، وألا يكون همه نهاية السورة .
3-
الوقوف أمام الآية التي يقرؤها وقفة متأنية فاحصة مكررة .
4-
النظرة التفصيلية في سياق الآية : تركيبها - معناها - نزولها - غريبها- دلالاتها .
5-
ملاحظة البعد الواقعي للآية ؛ بحيث يجعل من الآية منطلقاً لعلاج حياته وواقعه ،
وميزاناً لمن حوله وما يحيط به .
6-
العودة إلى فهم السلف للآية وتدبرهم لها وتعاملهم معها .
7-
الاطلاع على آراء بعض المفسرين في الآية .
8-
النظرة الكلية الشاملة للقرآن .
9-
الالتفات للأهداف الأساسية للقرآن .
10-
الثقة المطلقة بالنص القرآني وإخضاع الواقع المخالف له .
11-
معايشة إيحاءات النص وظلاله ولطائفه .
12-
الاستعانة بالمعارف والثقافات الحديثة .
13-
العودة المتجددة للآيات ، وعدم الاقتصار على التدبر مرة واحدة ؛فالمعاني تتجدد .
14-
ملاحظة الشخصية المستقلة للسورة .
15-
التمكن من أساسيات علوم التفسير .
16-
القراءة في الكتب المتخصصة في هذا الموضوع مثل كتاب : (القواعد الحسان لتفسير القرآن) للسعدي ، وكتاب (مفاتيح للتعامل مع القرآن) للخالدي ، وكتاب (قواعد التدبر الأمثل لكتاب
الله - عز وجل) لعبد الرحمن حبنكة الميداني ، وكتاب (دراسات قرآنية) لمحمد قطب[25] .
وبعد
: فما درجة أهمية تدبر القرآن في عقولنا ؟ وما نسبة التدبر في واقعنا العملي فيما نقرؤه في
المسجد قبل الصلوات ؟ وهل نحن نربي أبناءنا وطلابنا على التدبر في حِلَق القرآن ؟ أم أن الأهم
الحفظ وكفى بلا تدبر ولا فهم ؛ لأن التدبر يؤخر الحفظ ؟ ما مقدار التدبر في دروس
العلوم الشرعية في المدارس ، خاصة دروس التفسير ؟ وهل يربي المعلم طلابه على
التدبر ، أم على حفظ معاني الكلمات فقط ؟تُرى : ما مرتبة دروس التفسير في حِلَق
العلم في المساجد : هل هي في رأس القائمة ، أم في آخرها - هذا إن وجدت أصلاً ؟ ما
مدى اهتمامنا بالقراءة في كتب التفسير من بين ما نقرأ ؟ لماذا يكون همُّ أحدنا آخر
السورة ، وقد نهانا رسولنا صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟ومتى نقتنع أن فوائد التدبر
وأجره أعظم من التلاوة كهذ الشعر ؟ أسئلة تبحث عن إجابة ؛ فهل نجدها لديك ؟
(1) حول التربية والتعليم
، د عبد الكريم بكار ، ص 226 .
(2) نضرة النعيم ، ص 909 .
(3) قواعد التدبر الأمثل للميداني ، ص 10 .
(4) تفسير ابن كثير ، 7/64 ، ط : طيبة .
(5) تفسير ابن كثير ، 3/364 ، ط : طيبة .
(6) تفسير ابن كثير ، 1/403 .
(7) فتح القدير ، 1/135 .
(8) فتح القدير ، 1/104 .
(9) بدائع التفسير ، 1/300 .
(10) تفسير ابن كثير 6/108 .
(11) بدائع التفسير 2/292 .
(12) رواه مسلم ، ح/2699 .
(13) رواه مسلم ، ح /772 .
(14) رواه أحمد ، ح /20365 .
(15) رواه الطبري في تفسيره ، 1/80 .
(16) رواه الدارمي والترمذي برقم 2870 ، وصححه ورواه أحمد وأبو
داود بلفظ : لم يفقه .
(17) نزهة الفضلاء ، تهذيب سير أعلام النبلاء ، 1/35/أ .
(18) نزهة الفضلاء ، تهذيب سير أعلام النبلاء ، 1/279 .
(19) الجامع لأحكام القرآن ، 1/39-40 وانظر مجلة المجتمع
عدد 1216 .
(20) الزهد 276 وانظر مفاتيح للتعامل مع القرآن للخالدي ، ص
46 .
(21) مدارج السالكين ، 1/485 .
(22) نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء ، 2/582 .
(23) الزهد لابن المبارك ، 97 ، وانظر نضرة النعيم ، 913 .
(24) مدارج السالكين ، ج1 ، ص 485 ، 486 .
(25) انظر كتاب مفاتيح للتعامل مع القرآن للخالدي ، ص 66 .