• - الموافق2024/11/22م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
التوظيف الحداثي للاجتهادات العُمَرية(قراءة نقدية)

التوظيف الحداثي للاجتهادات العُمَرية(قراءة نقدية)

 يتميز الفكر الإسلامي بكونه فكراً دينياً بامتياز، ويتصف بتجذُّر البعد الديني فيه إلى الأعماق؛ ونتيجة لذلك فإن الأفكار لا تجد لها موطئاً ولا تستطيع أن تنمو وتعيش إلا إذا وجدت لها مأخذاً دينياً تركن إليه، وهذا ما يفسر بعض التنافس المحموم بين أكثر التيارات المتصارعة في الفكر الإسلامي في محاولة تأسيس البعد الديني والتاريخي لها بشتى السبل.

وقد أدرك الخطاب الحداثي بعد تجارب طويلة هذه الحقيقة، وتيقن بأن الأفكار التي يدعوا إليها لن تجد قبولاً ولن تظفر بأرضية تترعرع فيها إلا إذا استندت إلى فكرة تمثل لها البعد الديني والامتداد التاريخي في الفكر الإسلامي.

وبذل لأجل ذلك جهوداً كبيرة في سبيل الظفر بما يمكن أن يحقق له تلك الرغبة ويكوِّن أساساً دينياً وتاريخياً لأفكاره.

ومن الأحداث التاريخية التي ظفر بها الخطاب الحداثي وغدا يلوح بها كثيراً: بعض الاجتهادات الصادرة من عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مما اتصف بالعمق في الاستدلال والخفاء في المأخذ والتعامل البعيد عن مجرد الاعتماد على ظاهر اللفظ؛ وذلك حين استجدت في عصره قضايا راعى فيها هو ومن معه من الصحابة اختلاف الأوقات وتنوُّع الأحوال، وهو ما أدى بهم إلى تغليب اجتهاد على اجتهاد، كمثل إيقاف عمر لنصاب المؤلَّفة قلوبهم، وعدم تطبيقه لحد السرقة في عام الرمادة، وعدم تقسميه الأرض المفتوحة على الغانمين، وزيادته في حد شرب الخمر، وقتله التسعة بالواحد، وغيرها من الاجتهادات الفقهية.

فبادر الخِطاب الحداثي إلى الاعتماد على بعض تلك الاجتهادات، وسلط الأضواء عليها، وصوَّرها على أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - تخلَّصَ من سلطة النص وألغى ما دل عليه من الفرائض وما تضمنه من الأحكام، وغيَّر شعائر ثابتة في الإسلام لأجل المصلحة، ولأجل تطوُّر السياق التاريخي، وأكد للقراء أن المصلحة مقدَّمة عنده في بناء الأحكام الشرعية وفي فهم النصوص الدينية والتعامل معها، وأنها هي المبدأ الوحيد التي تحاكم إليه.

ونفذ بذلك إلى تأكيد الفكرة الجوهرية في المشروع الحداثي، وإلى شرعنة الهدف النهائي له، وهو الانتهاء إلى القول بتاريخية الشريعة الإسلامية ونسبية الأحكام التي جاءت بها، فإن هذه الفكرة تُعَد قطب الرحى وحجر الزاوية لديهم[1]، وبناءً عليها وانطلاقاً منها رام الخطاب الحداثي أن يتخلص من سلطة النص الشرعي وأن يتجاوز محدداته ومضامينه الأصلية وينتقل إلى مضامين أخرى تتوافق مع السياق التاريخي كما يقول.

وممن فعَّل الاجتهادات العُمَرِية بشكل مكثف: نصر حامد أبو زيد؛ فإنه برر مواقفه التي توصل فيها إلى أن العقائد الدينية مرتهنة بالواقع، تتغير بتغيره، وتتبدل بتبدله، بالاعتماد على بعض اجتهادات عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حيث يقول: (ونرجع إلى مواقف عمر بن الخطاب من نصِّ المؤلَّفة قلوبهم؛ فلو تعامل مع النص تعاملاً حرفياً ولو لم يستطع أن يضعه في سياقه لما استطاع أن يكشف علَّته التي إذا انتفت انتفى الحكم، والذي هو هنا إعطاء المؤلَّفة قلوبهم نصيبهم من الصدقات مقرراً لهم بالنص؛ إذن عمر بن الخطاب لم يتعامل مع النص كسلطة دائمة عندما وضعه في سياقه)[2].

ولـمَّا حاول التوصل إلى إبطال قاعدة (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)، ورام البلوغ إلى أن الأحكام الشرعية مرتهَنة بالسياق الاجتماعي الذي جاءت فيه وليس لها استقلال عنه، أخذ يستحضر موقف عمر - رضي الله عنه - من المؤلَّفة قلوبهم، وجعله مستنداً تاريخاً له[3].

وانتهى في نهاية المطاف إلى أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لم يكن خاضعاً لسلطة النص، ولا متبعاً لمضامينه، وإنما كان يتعامل معه تعاملاً مقاصدياً؛ بحيث إنه يلغي الأحكام التي لا تتوافق مع الحالة الاجتماعية ويوقف الحكم الشرعي الذي يرى أنه جاء لتحقيق مصلحة محددة، ولو كان النص قطيعاً وظاهراً في الدلالة عليه.

وكذلك الحال عند طيب تيزيني؛ فإنه يعتقد أن النص الديني يعيش حالة جدلية مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي، وأنه يتطور بتطوره، ويتكيف على حسب ملابساته، وتوصَّل إلى آلية تتلخص (في ضرورة امتثال الدين للوسط الجديد عبر تكيُّفه معه وتحوله إلى بُعْد من أبعاده، وتخليه عن المنطقة التي نشأ النص فيها)، وبناءً على ذلك يكون النص الديني تابعاً للواقع وسائراً خلفه، واستشهد على شرعية هذه النظرية بما (أحدثه عمر بن الخطاب من ترسيخ للحركة الاجتهادية والتأويلية المستنيرة حيال النص القرآني والحديثي)[4]، ثم مثَّل بموقف عمر من المؤلَّفة قلوبهم وموقفه من حد السرقة عام الرمادة.

وتوصل محمد سعيد العشماوي إلى أن نسخ وإلغاء الأحكام الشرعية ليس خاصاً بالشريعة، بل هو موكول إلى الأمة؛ لأن الأحكام المقررة في الشريعة ليست مطلقة – كما يقول – وإنما هي نسبية مؤقتة خاضعة للظروف الزمانية والمكانية؛ ولهذا فقد نسخ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حكم المؤلَّفة قلوبهم، وأوقف توزيع الأرض المفتوحة على الغانمين[5].

وممن استند إلى الاجتهادات العُمَرِية في تقديم المصلحة على النص الديني وتحكيمها عليه في كل الأحوال: محمد عابد الجابري؛ فقد أكد على أن الفكر الإسلامي المنادي بتطبيق الشريعة يحتاج إلى بناء مرجعية صلبة تتجاوز الخلافات المذهبية، وقرر (أن المرجعية الأصل السابقة على كل المرجعيات في التجربة التاريخية العربية الإسلامية هي عمل الصحابة على عهد الخلفاء الراشدين)[6]، ثم شرع في بيان المبدأ الوحيد المعتمَد عندهم، وانتهى إلى أنه (المصلحة) فقط، وقرر أنها مقدَّمة عندهم على كل شيء حتى على النص القطعي؛ حيث يقول: (المبدأ الوحيد الذي كانوا يراعونه دوماً هو المصلحـة ولا شـيء غيـرها، وهكذا فكثيراً ما نجدهم يتصرفون بحسب ما تمليه المصلحة، صارفين النظر عن النص حتى ولو كان صريحاً قطعياً؛ إذا كانت الظروف الخاصة تقتضي مثل ذلك التأجيل)[7].

ودعا الجابري إلى ضرورة تجديد القواعد الأصولية بحجة أنها كانت خاضعة لاستجابات تاريخية ومرتبطة بأوضاع اجتماعية خاصة بالعصور المتقدمة، وتوصَّل إلى أنه لا بد من إنشاء قواعد أخرى تلبِّي متطلبات عصرنا وتغطي حاجياته، ومن القواعد الأصولية التي دعا إلى تجاوزها وتبديلها قاعدة: (الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً)، واقترح أن تستبدل بقاعدة أخرى هي: (الحكم يدور مع المصلحة وجوداً وعدماً)، واحتج على مشروعية هذه القاعدة بفعل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقال: (إذا كان عمر بن الخطاب (المشرع الأول في الإسلام) قد اعتبر المصلحة ومقاصد الشريعة فوضعها فوق كل اعتبار، لماذا لا يقتدي المجتهدون والمجددون اليوم بهذا النوع من الاجتهاد)[8].

وكذلك انتقد قاعدة (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) بحجة أن الأخذ بها يؤدي إلى بعد الشريعة عن الواقعية وتلبية مصالح الناس، وأكد على ضرورة ربط أحكام الشريعة بأسبابها كي تبدو الشريعة أكثر واقعية وأشد مسايرة لمصالح الناس وأحوالهم المختلفة، وأبرز في هذه الدعوة بعض الاجتهادات العُمَرية[9].

إذن فقد حظيت الاجتهادات العُمَرية باهتمام خاص من المشروع الحداثي، وشكلت بُعْداً تراثياً حاضراً في كثير من منتجاته الفكرية، وأضحت مرتكزاً ظاهراً في عدد من الكتابات المعاصرة[10]. وقد كان هذا الاهتمام حاضراً منذ الرواد الأوائل للتيار العَلماني، واشترك معهم عدد من المتبنِّين للاتجاه التحديثي في الفكر الإسلامي، وقامت محاولات كثيرة لإبراز الاجتهادات العُمَرية على أنها أساس تشريعي لتلك الأفكار التحديثية، وتوارد أقطاب ذلك التيار على التلويح باجتهادات عمر في مناسبات كثيرة، فها هو خالد محمد خالد يقول: (ترك عمر بن الخطاب النصوص الدينية المقدسة من القرآن والسُّنة عندما دعته المصلحة لذلك؛ فبينما يقسم القرآن للمؤلَّفة قلوبهم حظاًَ من الزكاة، ويؤيده الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، يأتي عمر فيقول: لا نعطي على الإسلام شيئا)[11].

وأول ما يقابلنا قي تعامل الخطاب الحداثي مع الاجتهادات العُمَرية إعلاؤه من شأن المصلحة وتحكيمُه إياها على النصوص الشرعية؛ فالتأويل المقاصدي لديه يمثل الطريق الأنسب، بل الأوجب في التعامل مع نصوص الوحي، ولا فرق بين القطعي منها والظني، فكل الأحكام الشرعية يجري التعامل معها وَفْقَ النظرة المقاصدية، ومصير كل حكم أو نص يخالف المصلحة الإلغاء والنفي؛ ولو كان قطعياً في الثبوت والدلالة.

ونحن إذا توجهنا إلى تحليل النظرة المقاصدية التي نادى بها الخِطَاب الحداثي وحاكمناها إلى المنهجية العلمية التي تراعي الضرورات العقلية والدلائل التاريخية والمتطلبات المعرفية، وتحاول أن تجيب عن كل الأسئلة المحتملة، نجد أنها تعاني من إشكاليات منهجية عميقة، تضرب في أعماقها وتحدث الخلل والاضطراب والفساد في منظومتها.

ولكننا إذا طوينا التداول الحداثي لنظرية المقاصد، وتوجهنا إلى صلب البحث (وهو التوظيف الحداثي للاجتهادات العُمَرية بخصوصها)، فإننا نجده كذلك يعاني من إشكاليات عميقة، وأخطاء معرفية متجذرة، ومخالفات منهجية متنوعة، منها ما يرجع إلى طريقة البحث التاريخي والشرعي، ومنها ما يرجع إلى كيفية التحليل ومواده، ومنها ما يرجع إلى مقدمات الاستدلال ونتائجه، وتتضح كل تلك الأشياء في الأمور التالية:

الأمر الأول: التصور الخاطئ: فإن الخطاب الحداثي حين اعتمد على بعض الاجتهادات العُمَرية لم يكن متصوراً لحقيقة تلك الاجتهادات، ولا مدركاً لفحواها، وقد اجتهد عدد من العلماء والمفكرين المعاصرين في بيان حقيقتها، وتوضيح ملابساتها، وشرح حيثياتها (الواقعية والزمانية والشرعية)، واستعرضوا جميع الأمثلة التي اعتمد عليها الخطاب الحداثي، وبيَّنوا كيف أنها لا تتوافق مع توصيفهم لها، وأنه ليس فيها شيء من تقديم المصلحة على النص الشرعي، وليس فيها تجاوز لسلطته ولا تخلُّص من إلزاميته، وأفردوا في ذلك مؤلَّفات وبحوثاً خاصة، وأطالوا في بيانها كثيراً حتى بُحَّت أصواتهم وكلَّت أقلامهم، وهم يشرحون ويبيِّنون ويطالبون بالرجوع إلى التاريخ والمصادر الصحيحة، وبالالتزام بالقرائن والدلائل المؤثرة[12]، والغريب حقاً أن الخطاب الحداثي ما زال مستمراً يكرر وصفه كما هو بالطريقة نفسها، وكأنه لم يسمع ولم يبصر.

ولن نطيل هنا بتكرار كل الأمثلة التي وظفها الخطاب الحداثي؛ وإنما سنقتصر على أكثرها حضوراً وتوظيفاً لديهم؛ حتى يتبن مقدار الهوة بين الفهم الحداثي للاجتهادات العُمَرية وبين ما يثبته التاريخ وتؤكده القرائن والملابسات:

المثال الأول: إيقاف حد السرقة في عام الرمادة:

وصورته عند الخطاب الحداثي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خالف النص القطعي في قطع يد السارق، وهو قوله - تعالى -: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ واللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]، فلم ينقذ هذا الحكم في عام الرمادة لأجل المصلحة التي أوجبها التغير الطارئ على السياق الاجتماعي والتاريخي، وهو ما يقتضي عدم القطع، فها هو عمر يلغي الحكم القطعي لأجل المصلحة.

ونحن إذا رجعنا إلى التاريخ لنتحقق من حقيقة ما فعله عمر، ولنتبين مدى صحة تصور الخطاب الحداثي للواقعة، فسنجد الأمر مختلفاً عن الصورة التي قدموها للحادثة.

وقبل أن نبيِّن ذلك لا بد أن نشير إلى أن عدداً من علماء الحديث قد ضعَّفوا الخبر الذي جاء فيه أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أوقف حدَّ السرقة في عام الرمادة[13].

ولكن على فرض صحة القصة فإنه ليس فيها شيء مما تصوَّره الخطاب الحداثي؛ لأنه من المعلوم لدى كل المسلمين أن الحدود في الشريعة لا تقام على العبد بمجرد الوقوع في المخالفة الشرعية المترتب عليها الحد؛ وإنما لا بد من توفُّر شروط كثيرة وانتفاء موانع كثيرة كذلك حتى يمكن تطبيق الحد، وقد شددت السُّنة النبوية على ضرورة التأكد من تكامل موجبات الحدود، وحثت على درء الحد عن المسلمين؛ حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم؛ فإن وجدتم لمسلم مخرجاً فخلوا سبيله»[14]. ومن الموانع التي تمنع من تنفيذ أي حد في الشريعة: حصول الشبهة، ولهذا فقد استفاض الخبر عن الصحابة: كأبي هريرة وابن مسعود وعلي وعائشة - رضي الله عنهم - بدرء الحدود عند وجود الشبهة؛ لأنهم رأوا أن من محققات الاحتياط في تطبيق الحدود حصول الشبهة أثناء فعل المخالفة الشرعية، وهذا الحكم من الأحكام المجمَع عليها بين علماء المسلمين، ولم يخالف فيها إلا الظاهرية فقط، وقد حكى الإجماع ابن المنذر وابن قدامة وغيرهما[15]، وهذا المعنى يدل على أن الحكم في آية السرقة مقيد بقيود أخرى بُيِّنت في السُّنة النبوية.

فكان من رأي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن من الشُّبَه التي يُدرَأ بها حد السرقة: أن يسرق الرجل في حال المجاعة والاضطرار إلى الأكل، وهذا ما يدل عليه نص كلام عمـر؛ فإنـه حين جيء إليـه بالسارق في عـام الرمادة قال: (لا قطع في عام سنة)، فقوله هذا يدل على أن القطع حكم ثابت، ولكنه لا يطبَّق في وقت المجاعة لتعلُّق الشبهة بذلك.

فعمر - رضي الله عنه - إذن لم يُقِم حد السرقة لأنه لم يثبت أصلاً ولم تتحقق شروطه، لا لأنه يرى ألغاءه وتوقفه لاختلاف السياق الاجتماعي.

ومما يدل على ذلك: أنه امتنع عن إقامة الحد في مشاهد أخرى غير ما حصل في عام الرمادة، ومن ذلك قصته مع غِلمَان حاطب ابن أبي بلتعة حين سرقوا بُلْْغَة لرجل من مزينة، فأمر عمر - رضي الله عنه - أول الأمر بقطع أيديهم، ثم تأمل في حالهم، وأمر برفع الحكم عنهم، وعلل ذلك فقال: (لولا أنكم تجيعونهم حتى إن أحدهم أتى ما حرَّم الله لقطعت أيديهم، ولكن - والله - لئن تركتَهم لأغرِّمنَّك فيهم غرامة توجعك)[16]، وهذه الحادثة لم يَرِد ما يدل على أنها كانت في عام الرمادة.

وهذه الوقائع تدل على أن عمر لم يخالف النص الوارد في حد السرقة؛ وإنما عمل بتقييداته التي جاءت في النصوص الأخرى. وعلى فرض أنه خالفه فهو لم يخالفه لأجل تقديم المصلحة عليه؛ وإنما بناءً على نص شرعي آخر. فمنطلقات عمر - رضي الله عنه - إذن في كل الأحوال راجعة إلى النص الشرعي ولا ورود للمصلحة في هذه الحادثة كما هو ظاهر.

المثال الثاني: عدم إعطاء المؤلَّفة قلوبهم من الزكاة:

من المعلوم أن المؤلَّفة قلوبهم من الأصناف التي جاء التنصيص عليها في القرآن كما في قوله - تعالى -: {إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْـمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْـمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60]، فنصيبهم ثابت بالنص القطعي، وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم عدداً منهم، وفي خلافة أبي بكر الصديق رأى عمر أن يوقف ما كانوا يأخذونه من الزكاة، فاشتكى بعضهـم (عيينـة بن حصين والأقـرع بن حابـس) إلى أبي بكر - رضي الله عنه - ذلك، وعلل عمر - رضي الله عنه - اجتهاده فقال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتألفكما والإسلام يومئذٍ ذليل، وإن الله قد أعز الإسلام فاذهبا فاجهدا جهدكما)[17].

فبادر الخِطَاب الحداثي وصوَّر هذا الاجتهـاد من عمر - رضي الله عنه - على أنه إلغاء للنص وتقديم للمصلحة عليه.

ونحن إذا رجعنا إلى القصة لنقرأها من جديد مع مراعاة الملابسات والظروف المحيطة بها ومع استحضار المناطات المؤثرة في بناء الحكم فسنجد أن عمر - رضي الله عنه - لم يكن مخالفاً للنص وإنما كان متَّبعا له غاية الاتِّباع؛ فإن أوصاف الأصناف الثمانية المذكورة في الآية ليست أوصافاً ملازمة للشخص لا تفارقه حتى يموت، بل هي أوصاف مفارقة وطارئة، فالرجل قد يكون في وقت من الأوقات فقيراً معوزاً فيعطى نصيبه من الزكاة، ثم يرتفع عنه وَصْفُ الفقر فلا يكون من أهل الزكاة، وعدم إعطائه في هذه الحالة ليس إبطالاً للنص ولا إلغاءً للحكم؛ وإنما تعليق له لارتفاع علته، فكذلك الحال في المؤلَّفة قلوبهم؛ فقد يكون الرجل في وقت من الأوقات من المؤلَّفة قلوبهم فيعطى من الزكاة، ثم يرتفع عنه هذا الوصف فلا يعطى منها، وعدم إعطائه ليس إلغاءً للحكم وإنما هو من قبيل انتهائه لانتهاء علته، فعُمَر - رضي الله عنه - إذن لم يلغ الحكم وإنما أوقفه عن أناس محددين ارتفع عنهم الوصف المؤثر في الحكم فلم يعودوا من أهله.

وهذا ما فهمه عمر بن عبدالعزيز (وهو من أشد الناس اتباعا لجده عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وأحرصهم على التأسي به)؛ ولهذا فإنه رجع إلى تطبيق حكم المؤلَّفة قلوبهم من جديد لـمَّا رأى أن العلة الموجبة لذلك قائمة في بعض الأشخاص[18]؛ وهو ما يؤكد أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لم يلغِ نصيب المؤلَّفة قلوبهم ولم يوفقه إلى الأبد.

وبهذا الشرح ينكشف لنا مقدار الخطأ الذي وقع فيه الخطاب الحداثي في تصوُّر وتصوير الاجتهادات العُمَرية، وهذا الخطأ عام وشامل لكل الاجتهادات التي جرى تفعيلها من قِبَلِهم.

الأمر الثاني: المنطق الانتقائي: فالخطاب الحداثي مارس العملية الانتقائية بشكل ظاهر جداً في التعامل مع الاجتهادات العُمَرية، فإنه تغافل عن الآثار والفتاوى المروية عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ولم يسلط الأضواء إلا على قدر يسير جداً مما يمكن أن يستفيد منه.

وهذه الطريقة متنافية مع الآليات العلمية الصحيحة، وهي في الوقت نفسه يمكن أن تؤدي إلى نتائج معاكسة لما توصل إليه الخطاب الحداثي؛ فلو أخذنا بالمنطق الانتقائي الذي مارسه أصحاب هذا الخطاب فإنه يمكن أن نصل إلى أن عمر لم يكن معتبراً للمقاصد ولم يكن يلتفت إليها، وأنه كان يتعامل مع النصوص تعاملاً حرفياً محضاً، ومن الشواهد التي يمكن أن تورَد مثالاً على ذلك: أنه التزم بتقبيل الحجر الأسود وقال: (أَمَا إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّلك ما قبَّلتك)[19]، ومن الشواهد التي يمكن أن تدل على ذلـك: أنه - رضـي الله عنه - قال: (ما لنا وللرَّمَل؛ إنما راءينا به المشركين وقد أهلكم الله، ثم قال: شيء صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نحب أن نتركه)[20].

ولو سلَّمنا بأن عمر - رضي الله عنه - كان يقدم المصلحة على النص، واعتمدنا المنطق الانتقائي فإنَّا يمكن أن نصل إلى نتيجة مغايرة لما توصَّل إليه الخطاب الحداثي؛ إذ توصَّل إلى أن عمر - رضي الله عنه - كان يمارس التيسير وإلغاء الأحكام الشرعية تيسراً على الناس، ولكننا يمكن أن نصل إلى أن مذهب عمر يقتضي الزيادة في التشديد على الناس والمبالغة في تنفيذ الأحكام الشرعية إذا رأينا منهم إهمالاً للشريعة وعدمَ إقبال عليها. ومن الشواهد التي يمكن أن تورَد مثالاً على ذلك: الزيادة في حد الخمر؛ فعن السائب بن يزيد قال: (كنا نؤتى بالشارب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إمرَة أبي بكر وصدراً من إمرَة عمر فنقوم إليه فنضربه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا حتى كان صدراً من إمرَة عمر فجلد فيها أربعين حتى إذا عتوا فيها وفسقوا جلد ثمانين)[21]، ومما يمكن أن يورَد كذلك: التشدد في قضية الطلاق؛ فعن طاوس أن أبا الصهباء قال لابن عباس: (هات من هنَّاتك، ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر واحدة ؟ فقال: قد كان ذلك فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق فأجازه عليهم)[22].

إن كل هذه النتائج خاطئة بلا شك؛ لأنها لم تعتمد على الطريقة الصحيحة في استخلاص الأفكار ، ولم تستعمل الآلية الناضجة للوصول إلى الاستنتاجات المستقيمة.

والمنهجية العملية تأبى ذلك كله، وتوجب على الباحث عن الحقيقة أن يجمع أكبر قَدْر من النماذج، ثم يقوم بعملية تحليلية لكل ما كان صحيحاً منها؛ ليتوصل إلى المبادئ العامة المشتركة التي كان لها التأثير في بناء الحكم.

وقد قام عدد من الباحثين بعملية استقرائية واسعة، استوعبوا فيها جميع ما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من الفتاوى والآثار الفقهية، وقاموا بدراستها من جهة ثبوتها أولاً، ثم تناولوها بالتحليل والتوضيح. وقد شملت تلك الآثار أبواباً مختلفة من أبواب الفقه: كمسائل الطهارة والصلاة ومسائل الزكاة والأموال، ومسائل القضاء، ومسائل الحدود ومسائل الأنكحة وغيرها[23]، وهذا الجمع سهل الطريق أمام البلوغ إلى حقيقة المذهب الصحيح الذي كان عليه عمر بن الخطاب، رضي الله عنه. ولكن الخطاب الحداثي تغافل عن كل تلك الدراسات وما تضمنته من آثار وأخذ يعتمد على عدد محدود لا يمثل عُشْر ما نُقل عن عمر - رضي الله عنه - ورتب عليه نتائج كبيرة... أليس هذا خللاً منهجياً كبيراً؟ ألا يدل هذا الصنيع على فقدان الأمانة العلمية في الخِطاب الحداثي؟ ألا يدل هذا على أن الخطاب الحداثي لا يهمه الحقيقة بقدر ما يهمه الوصول إلى نتائج مقررة مسبقاً؟ وهذا الصنيع يدفعنا إلى أن نقول كما قال الأستاذ عباس العقاد: (ضخامة الخطأ مع سهولة العلم بالصواب خليقة بأن تفتح باب الاتهام في سلامة المقصد قبل الاتهام في سلامة التفكير)[24].

الأمر الثالث: التعالي على الحقائق التاريخية: فنتيجة للمنطق الانتقائي توصل الخطاب الحداثي إلى أن عمر - رضي الله عنه - لم يكن خاضعاً لسلطة النص، وأنه استطاع أن يتخلص من هيبته، وأنه قدم نموذجاً مثالياً في التعامل المرن مع النص، لأجل أنه لم يكن يقدم على المصلحة شيئاً حتى ولو كان نصّاً قطعياً.

ونحن إذا رجعنا إلى التاريخ لنتحقق من هذه النتيجة التي توصل إليها الخِطاب الحداثي لا نجد ما هو مستفيض فيه منسجماً مع تلك النتيجة، بل هو على النقيض منها؛ فإنا نجد الروايات المنقولة عن عمر - رضي الله عنه - تقدم نموذجاً مثالياً عالياً في الخضوع للنص الشرعي والاستسلام لهيبته وهيمنته، وقبولاً تاماً لقدسيته، وانطلاقاً واضحاً من مضمونه، وتقديماً له على كل شيء، وقد غدت هذه الحال مشهورة عن عمر - رضي الله عنه - حتى لُقِّب بـ (الوقاف عند كتاب الله)[25].

والآثار التي تؤكد هذا المعنى كثيرة جداً، فقد كتب إلى قاضيه يشرح له المنهجية المعتمَدة في بناء الأحكام الشرعية فقال له: (إذا حضرك أمر لا بد منه؛ فانظر ما في كتاب الله فاقضِ به، فإن لم يكن ففي ما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يكن ففي ما قضى به الصالحون وأئمة العدل، فإن لم يكن فأنت بالخيار؛ فإن شئت أن تجتهد رأيك فاجتهد رأيك، وإن شئت أن تؤامرنِي)[26].

وترك عمر في مشاهد كثيرة رأيه الذي بناه على القياس والاجتهاد لـمَّا علم أنه مخالف للنص ومعارض له؛ فقد كان يفتي بأن المرأة لا ترث من دية زوجها حتى أخبره الضحاك بن سفيان الكلابي بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورَّث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فرجع عمر - رضي الله عنه - عن قوله[27].

وكان - رضي الله عنه - يفتي بالتفاضل بين الأصابع في الدية اجتهاداً منه وتقديراً للمصلحة، حتى أُخِبر بقوله صلى الله عليه وسلم: «في كل إصبع عشرة من الإبل»، فرجع عن قوله[28].

فهذه الشواهد التاريخية تظهر مقدار خضوع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - للنص الشرعي ومقدار تسليمه له وتقديره واحترامه ومهابته، ومن المستبعد عقلاً مع تلك الحال أن يُقدِّم على النص شيئاً، ومن المستبعَد عقلاً أيضاً أن يلغي الحكم الثابت من أجل ما رآه من قياس أو مصلحة أو اجتهاد، وكيف يحق لنا أن ننقل عنه شيئاً يخالف الحال المعهود عنه؟

إن الغريب حقاً أن الخطاب الحداثي بنى تصوراته عن موقف عمر - رضي الله عنه - من النص الشرعي من غير أن يلتفت لتلك الأخبار ومن غير أن ينبه عليها أو يقدم جواباً مقنعاً حيالها. ولا بد أن نقول: إن تقديس النص الشرعي والخضوع له ليس خاصاً بعمر - رضي الله عنه - فقط، بل هو المعروف عن الصحابة جميعاً - رضي الله عنهم - فهم من أشد الناس تمسكاً بمدلولات الكتاب والسُّنة، وأكثر الناس التزاماً بها، وتحاكماً إليها، ولا يقبلون مساومة على ذلك، وهذا المعنى مستفيض عنهم يظهر في تصرفاتهم وفتاواهم ومواقفهم.

ولو ذهبنا ننقل أخبارهم ومواقفهم التي تؤكد هذا المعنى لاستغرق ذلك وقتاً طويلاً، ومن ذلك: قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: (إذا حضرك أمر لا تجد منه بداً فاقض بما فيه كتاب الله، فإن عييت فاقض بسنَّة نبي الله، فإن عييت فاقض بما قضى به الصالحون، فإن عييت فأومئ إيماءً، فإن عييت فافرر منه ولا تستحِ)[29].

وأنكر ابن عباس - رضي الله عنه - بشدة على من خالف النصوص برأي أبي بكر وعمر وقال: (يوشك أن تنزل عليكم حجرة من السماء؛ أقول لكم: قال رسول الله. وتقولون: قال أبو بكر وعمر)[30].

ومن أقوى الشواهد التاريخية الخاصة التي تدل على أن الصحابة لا يقدِّمون المصلحة على النص، ولا يلغون الحكم الشرعي لأجل المصلحة ولو كان في قضية هينة، ومن ذلك الحادثة التي وقعت بين مروان بن الحكم وأبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - فإنه غيَّر من هيئة الترتيب في صلاة العيد، فقدَّم الخطبة على الصلاة، وتعلل بأن المصلحة تقتضي ذلك؛ لأن الناس لا يجلسون للخطبة فإذا صلُّوا انصرفوا، فأنكر عليه أبو سعيد فعله، وجعله من التغيير في دين الله ومن الابتداع فيه[31].

فهذه الأخبار وغيرها تصوِّر للقارئ حال الصحابة مع النصوص الشرعية، وكيفية تعاطيهم معها، وتحدد المبدأ الوحيد المقدم على كل ما عداها.

وإذا قمنا بالمقارنة بين هذه الحالة وبين ما نسبه محمد عابد الجابري إلى الصحابة؛ من أنهم يقدمون المصلحة على كل شيء حتى على النص القطعي فسنجد أنه مارس التضليل المعرفي بشكل ظاهر، وصوَّر التاريخ على صورة مختلفة عما هي عليه؛ فهو لم يشر ولو إشارة بسيطة إلى تلك الأخبار، ومن ثَمَّ لم يقدم عنها أي جواب فضلاً عن أن يكون مقنعاً، وهذا كله يبيِّن للقارئ مقدار الخلل المنهجي في الآلية التي استخدمها الجابري في تحليل تراث الصحابة، ومقدار التسرب المعرفي في التصورات والنتائج التي بينَّانها عنه.

إن وقوع مثل هذا الخطأ الضخم يفتح الباب على مصراعيه أمام التساؤلات التي تضرب في أعمال البنية التي يقوم عليها الفكر الحداثي، ويثير أسئلة منهجية كبرى حول طريقته التي تعامل بها مع التراث، ويستوجب الاحتياطَ الشديد والتشككَ البالغ في النتائج التي توصل إليها.

الأمر الرابع: القفز على الامتدادات التاريخية: فمن العلوم لـدى دارســي تاريخ العلـوم الإســلامية أن عمـر بن الخطــاب - رضي الله عنه - يُعَد أحد أساتذة المدرسة الفقهية التي نشأت في المدينة المنورة في عصر التابعين؛ فقد اهتم علماء المدينة بنقل فتاواه وآثاره، واشتغلوا بالتفقه في مضامينها واستخراج أصولها ومبادئها، ومن أشهر من عُرِف بذلك: سعيد بن المسيب؛ فقد وُصِف بأنه أعلم الناس بفقه عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه - وشاركه بذلك بقية الفقهاء السبعة، وهم: عروة بن الزيبر، والقاسم بن محمد ابن أبي بكر، وعبيد الله بن عتبة، وخارجة بن زيد، وسليمان بن يسار وسالم بن عبد الله (حفيد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه)[32]، ولم يُعرَف عن أحد من هؤلاء ولا عن أحد من تلاميذهم من توصل إلى ما توصل إليه الخطاب الحداثي؛ من أنه يقدِّم المصلحة على النص الشرعي، أو أنه يلغـي الحكـم الشـرعي لأجلهـا، وهم - بلا شك - أعلم بحال عمر وأكثر إدراكاً لتصرفاته وفتاواه، وأعمق فهماً للسياق التاريخي والاجتماعي الذي كان يعيشه؛ فهل من المقبول عقلاً أنَّ نترك ما فهمه الناس القريبون من عمر - رضي الله عنه - والأعلم به ونتبع من هو أبعد وأجهل؟

إن الخطاب الحداثي في تصرفه هذا مارس قفزاً فاضحاً على التاريخ، ولم يراعِ القرائن والدلائل المناقضة لما توصل إليه، ولم يعتبر الامتدادات التاريخية الواضحة التي لها التأثير البيِّن في مسيرة الفكر وتطوراته.

وبعد هذه الجولة الواسعة في التوظيف الحداثي للاجتهادات العُمَرية ظهر لنا مقدار الخلل المنهجي الضارب في أعماق ذلك الخطاب، وبان لنا حجم الأزمة البحثية التي يعاني منها أصحابه، وانكشفت الممارسات المخالفة للأصول العلمية الصحيحة، وهو ما يستوجب على الباحثين الجادين في الفكر العربي أن يقوموا بعمليات نقدية كبيرة ليتخلصوا من الأضرار المعرفية التي أحدثها ذلك الخطاب في جسم الفكر العربي والإسلامي المعاصر.

 

 


 

 


[1] انظر: إسلام المجديدين، محمد حمزة (56).

[2] جريدة العربي 26/6/1995، بواسطة: منهج عمر الخطاب في التشريع، محمد بلتاجي.

[3] انظر: مفهوم النص، أبو زيد (104).

[4] النص القرآني، طيب تيزيني (219).

[5] نقلاً عن: التجديد في الفكر الإسلامي، عدنان أمامة (446).

[6] الدين وتطبيق الشريعة، الجابري (9).

[7] الدين وتطبيق الشريعة، الجابري (12 - 42 ).

[8] وجهة نظر، الجابري (63).

[9] انظر: وجهة نظر، الجابري، ص (58، 69).

[10] انظر: مزيداً من التوظيف الحداثي للاجتهادات العُمَرية: العلمانيون والقرآن الكريم، أحمد الطعان، ص (393).

[11] الديمقراطية أبداً، خالد محمد خالد، ص (150).

[12] انظر في بيان ذلك: (نظرات في فقه عمر الفاروق) محمد المدني، و (منهج عمر بن الخطاب في التشريع) محمد بلتاجي، و (السياسة الشرعية في نصوص الشريعة ومقاصدها) يوسف القرضاوي، ص (169 - 222)، و (ضوابط المصلحة) محمد سعيد البوطي، ص (152 - 175).

[13] انظر: إرواء الغليل، الألباني: (8/80).

[14] أخرجه: الحاكم في المستدرك: (4/426) (8163) وصححه.

[15] انظر: المغني، ابن قدامة: (9/55).

[16] أخرجه: البيهقي في السنن: (17749).

[17] أخرجه: البيهقي في السنن: (12968)

[18] انظر: الطبقات الكبرى، ابن سعد: (5/558).

[19] أخرجه: مسلم: (3126).

[20] أخرجه: البيهقي في السنن: (9544).

[21] أخرجه: البخاري: (6281).

[22] أخرجه: مسلم: (1472).

[23] انظر نماذج من تلك الدراسات: (النظام المالي في عهد عمر بن الخطـاب) أحمد الشـافعي، و (سياسة المال في الإسلام في عهد عمر بن الخطاب ومقارنتها بالأنظمة الحديثة) عبد الله السعدي، و (أولويات الفاروق السياسية) غالب القرشي، و (فقه عمر بن الخطاب في الجنايات وأحكامها موازناً بفقه أشهر المجتهدين) رويعي الرحيلي، و (فقه عمر بن الخطاب في النكاح مقارناً بآراء أشهر المجتهدين) جمعان الغامدي، و (فقه عمر بن الخطاب في الطهارة موازناً بفقه أشهر المجتهدين) طارق السبيعي، و (فقه عمر بن الخطاب في المعاملات المالية مقارناً بفقه أشهر المجتهدين) عادل الفخري، و (نظرات في فقه عمر الفاروق) محمد المدني، و (منهج عمر بن الخطاب في التشريع) لمحمد بلتاجي، و (موسوعة فقه عمر بن الخطاب) محمد رودس قلعه جي، وغيرها كثير.

[24] ماذا يقال عن الإسلام؟ ص (73).

[25] انظر: صحيح البخاري (4276).

[26] أخرجه: النسائي: (5414)، والدارمي في المسند: (1/165)، وإسناده صحيح.

[27] أخرجه: الترمذي: (1036)، وأبو داود: (2558)، وهو صحيح الإسناد.

[28] أخرج القصة: عبدالرزاق في المصنف: (17698)، ابن أبي شيبة في المصنف: (9/194).

[29] أخرجه: عبدالرزاق في المصنف: (15295).

[30] أخرجه: أحمد: (3121).

[31] انظر القصة في: صحيح البخاري: (956)، وصحيح مسلم: (2090).

[32] انظر: الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، الحجوي: (1/253)، وتاريخ الفقه الإسلامي، إلياس درودور: (1/389).

أعلى