• - الموافق2024/11/22م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
إعادة أحلام الامبراطورية الساسانية الفارسية

إعادة أحلام الامبراطورية الساسانية الفارسية

  

إن تصريحات مستشار رئيس الجمهورية الإيرانية للشؤون الدينية والأقليات، المدعو علي يونسي، في منتدى الهوية الإيرانية، وفقاً لوكالة «إسنا» للطلبة الإيرانيين، في 8/3/2015م، حول عائدية العراق لبلاد فارس، وأن شعوب المنطقة تعد جزءاً من الإمبراطورية الإيرانية، واعتبار بغداد عاصمةً لها كما كانت في السابق، وقوله صراحة: «إن إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ، وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي»، وقوله أيضاً: «إن كل منطقة الشرق الأوسط إيرانية، وإن جغرافية إيران والعراق غير قابلة للتجزئة... وإننا سندافع عن كل شعوب هذه المنطقة لأننا نعتبرهم جزءاً من إيران»؛ فيها من الحقيقة الكثير، والواقع الذي تمر به المنطقة أكبر دليل على ذلك.

وعليه، ينبغي على جميع شعوب المنطقة، من الكرد، والعرب، والبلوش، والتركمان، والأذريين، والترك، والأرمن، وحتى الجورجيين، أخذ هذه التصريحات بعين الاعتبار، وانتظار ما هو الأسوأ والأخطر على وجودها من قبل «الساسانيين الجدد»، الذين يحكمون إيران حالياً، وتحت عباءة ولاية الفقيه، وفق البدعة التي دعا إليها «آية الله الخميني» (ت 1989م)، وطبقها أثناء سيطرته على إيران عام 1979م (ولاية الفقيه: فكرة وبدعة تقول: إن ولاية الأمر وإمامة الأمة في زمن غيبة الإمام المهدي - الإمام الثاني عشر عند الشيعة الإمامية - تكون بيد الولي الفقيه). وقد فنّد محمد جواد مغنية - عالم شيعي لبناني - آراء وأفكار الخميني، وخاصة فكرة ولاية الفقيه، وفقاً للقرآن الكريم والأحاديث النبوية، في كتابه «ولاية القضية أو الحكومة الإسلامية».

فالعراق اليوم، وبعد حرب الخليج الثالثة عام 2003م، أصبح فريسة بين أنياب الوحش الإيراني، وبعد الانسحاب الأمريكي كادَت إيران أن تعلن أن العراق محافظة إيرانية مثل خوزستان.

ولا عجب في ذلك، فإيران تتحكم في مفاصل الدولة في العراق، من خلال أتباعها (الأحزاب الشيعية الأصولية)، الذين يسيطرون اليوم على سدة الحكم، وتدير المعارك في محافظات الوسط والشمال العراقي (ديالى وكركوك وصلاح الدين وحزام بغداد) وبشكل علني، ضد ما يسمى بتنظيم الدولة الإرهابي (داعش)، مع التهميش والإذلال الذي تعرض له أهل السنة في العراق خلال أكثر من عقد. كما أن تواجد القيادات العسكرية أمثال قاسم سليماني رئيس فيلق القدس، والعديد من المستشارين والقادة العسكريين، مع مجاميع من الحرس الثوري الإيراني في ساحات المعارك لا لبس فيه ولا غبار عليه.

أما كون بغداد العاصمة القديمة الجديدة للإمبراطورية الفارسية كما يصرح بذلك المدعو علي يونسي وعلى الملأ وبدون خوف ولا خجل؛ يعيد إلى الأذهان مدينة طيسفون التي كانت عاصمة للإمبراطورية الساسانية، والتي تقع أطلالها حالياً جنوب شرق مدينة بغداد بمسافة 30 كم تقريباً، وتسمى بـ«طاق - إيوان كسرى»، أو «المدائن» وهي صيغة الجمع بالعربية للفظة المدينة لأنها كانت تتألف من عدة مدن أو ضواحٍ كبرى، أو «سلمان باك» نسبة إلى الصحابي الجليل سلمان الفارسي.

وكما نرى فإن لبنان، يسيطر عليه «حزب الله» الذي يؤمن بـ«ولاية الفقيه»، والذي قد بايع المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية علي خامنئي، وهو يتبع الأوامر والتوجيهات الصادرة من المرجعية الدينية التي يؤمن بها، والتي تتخطى الحدود الدولية، فلا سلطة للدولة اللبنانية عليه، ولا هو يبالي بحكومتها، ولا يعطيها أي اعتبار، حتى وصل الأمر ببعض القادة المسيحيين إلى الارتماء في حضن أتباع ولاية الفقيه (حزب الله) وتنكروا لهويتهم اللبنانية، فالآمر والناهي في لبنان اليوم هو سلطة ولاية الفقيه في إيران!

وكذلك سوريا، التي أصبحت اليوم محمية إيرانية تجوبها الميليشيات الشيعية القادمة من العراق ولبنان واليمن وحتى من أفغانستان وباكستان، وتحت إشراف وإدارة الحرس الثوري الإيراني.

أما البحرين، فالسلطات الإيرانية تتعامل معها على أنها محافظة إيرانية، وتردد ذلك في أروقة الحكم في طهران مراراً وتكراراً، ولولا دخول قوات درع الجزيرة إليها في الوقت المناسب لكانت الأمور تسير وفق ما نراه اليوم في سوريا واليمن.

وبخصوص الجزر الإماراتية الثلاث، التي تحتلها إيران منذ أكثر من أربعين سنة، فعائديتها اليوم تتبع محافظة هرمزكان الإيرانية المطلة على الخليج العربي، وقد أصبحت في طي النسيان، وأنى لدولة مثل الإمارات العربية المتحدة المطالبة بها أمامَ التغول الإيراني اليوم، والمدعوم من بعض القوى العالمية، وتواطؤ قوى أخرى، بحجة الحفاظ على التوازنات الإقليمية (الصراع بين السنة والشيعة)، والدولية (الصراع بين القوى الكبرى على المنطقة، وتقسيم مناطق النفوذ فيما بينها)، والحفاظ على مصالحها في المنطقة.

أما اليمن، فبعد الانقلاب الحوثي فيها، المدعوم إيرانياً، قد أصبحت محمية ساسانية من جديد، كما كانت في السابق، قبل مجيء الإسلام في القرن السابع الميلادي، وقد أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، المدعو علي شمخاني، هذا الأمر بقوله: «إن إيران باتت الآن على ضفاف المتوسط»، إشارة إلى سيطرتهم على الشواطئ السورية واللبنانية وتابعيتها لإيران، «وباب المندب» إشارة لسيطرتهم على شواطئ اليمن الغربية والجنوبية المطلة على باب المندب بين البحر الأحمر والمحيط الهندي وتابعيتها لإيران، طبعاً بعد الانقلاب الحوثي، وبتواطؤ من بعض الأنظمة العربية، وأتباع الرئيس المخلوع علي صالح، وهذا لا يحتاج إلى الكثير من التحليل أو المناقشة، فالأمر واضح وضوح الشمس، والكلمات تعبِّر وبشكل لا لبس فيه ولا غموض؛ فهذا التصريح جاء في 10/3/2015م، أي بعد يومين من تصريح المدعو علي يونسي مستشار رئيس الجمهورية الإيرانية الآنف الذكر.

وفيما يتعلق بالمملكة العربية السعودية، فقد أصبحت بين فكي كماشة إيران، فمن الشمال الشرقي العراق الشيعي، ومن الجنوب اليمن الحوثي، ومن الشرق إيران هي التي تتحكم بمضيق هرمز، وباستطاعتها إحداث مشاكل في هذا الممر المائي، بحيث تؤثر على تدفق أكثر من نصف إنتاج العالم من النفط الخام، وهي تتدخل في الشؤون الداخلية للمملكة بتحريض الأقلية الشيعية في شرقها للقيام بأعمال العنف وإثارة المشاكل لزعزعة الأمن والاستقرار فيها.

وأما تركيا وريثة الدولة العثمانية، والتي كان بينها وجارتها إيران وخاصة على عهد السلالات الصفوية والأفشارية والقاجارية صراعات ومعارك محتدمة على العراق وكردستان وأذربيجان والقوقاز طيلة أربعة قرون؛ فإنها لم تنس هذا الصراع التاريخي فقامت بالتدخل في شؤون الجمهورية التركية، من خلال دعم بعض التيارات والأحزاب الإسلامية والعلمانية على حد سواء، وتحريض ودعم بعض الأقليات العرقية والمذهبية؛ وذلك لزعزعة الأمن والاستقرار فيها، والثأر والانتقام لما قد حصل في السابق من انتصارات للسلاطين العثمانيين؛ فلها أيادٍ خفية، ودور في الكثير من الاضطرابات وإثارة القلاقل فيها.

وأما بالنسبة لجمهورية أذربيجان، فقد نالت الأمرّين من التدخل الإيراني في شؤونها الداخلية، فدعمت غريمتها التقليدية أرمينيا، وذلك في الحرب الدائرة بينهما حول عائدية منطقة ناكورني قرباغ، الواقعة ضمن أراضي جمهورية أذربيجان، وبحسب ترسيم الحدود القائمة أيام جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، فضلاً عن ذلك فإن إيران تتوجس من سكان أذربيجان ذوي الأصول التركية من ناحية العرق، برغم أن غالبية سكان أذربيجان من الشيعة.

وأما بخصوص أفغانستان، فاللاجئون الأفغانيون الذين التجؤوا إلى إيران هرباً من الجيش السوفيتي السابق إبان احتلاله لأفغانستان في نهاية عقد السبعينات من القرن العشرين، وفيما بعد بسبب الحروب الأهلية بين الأحزاب والمكونات القومية الأفغانية بعد التدخل الأمريكي عام 2001م، فقد أصبحوا طعماً ووقوداً للسياسات الإيرانية، من خلال إرسالهم إلى جبهات القتال أثناء الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988م)، وفيما بعد إرسالهم إلى مناطق النزاع العربية في سوريا ولبنان والعراق، فضلاً عن التدخل السافر في شؤونها من خلال دعم طائفة الهزارة الشيعية، ورفع سقف مطالبها إلى حد جعلها موازية للمكونات الرئيسة، مثل: البشتون والأوزبك والطاجيك.

وفيما يتعلق بجمهورية باكستان، فقد ابتدأ التدخل الإيراني في شؤونها بُعيد وصول الخميني إلى سدة الحكم، عن طريق تشكيل أحزاب شيعية أصولية بين أبناء الأقلية الشيعية في باكستان ودعمها بالمال والسلاح؛ لخلق بؤر توتر داخل النسيج الاجتماعي الباكستاني، فالتوترات الطائفية ازدادت ونمت أكثر بفعل سياسة تصدير الثورة الإيرانية.

وأما الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى، ومنها: تركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان، والتي تقع في الشمال الشرقي من إيران، فإن السلطات في طهران حاولت ملء الفراغ الناشئ عن انسحاب الاتحاد السوفيتي منها، وبسبب فشل النظرية الشيوعية وانحسارها، ومع ضعف وانكماش اقتصاد هذه الدول المستقلة حديثاً؛ فإن إيران حاولت بسط نفوذها من خلال تقديم بعض المساعدات لها مغلفة بالتبشير الشيعي، ودعم الثقافة الفارسية في جمهورية طاجيكستان حصراً لكونها اللغة الرسمية للبلاد، فمع كون هذه الدول سنية المذهب ووفق المذهب الحنفي فإن إيران وبسياساتها وخططتها الاقتصادية والثقافية استطاعت إيجاد موضع قدم لها في تلك البلدان، يكون بمثابة طابور خامس لها في قادم الأيام.

وما ذُكِر آنفاً يدل على النوايا السيئة للسلطات الحاكمة في طهران، تجاه دول المنطقة وشعوبها، وهو دليل على كيفية تفكير القادة والسياسيين الإيرانيين الذين تحدوهم الرغبة في فكرة إعادة الأمجاد والأحلام الإمبراطورية الفارسية، وسيطرتها على عقولهم من خلال إسقاطها على الواقع المعاصر، وأن سياساتهم ومؤامراتهم، تتم ببسط نفوذهم، من خلال الخلايا النائمة (التنظيمات الشيعية الأصولية) في هذه الدول، وتحريكها عن طريق ما يسمى بتصدير الثورة، ونشر فكرة ولاية الفقيه؛ للاستحواذ على الإمكانيات المادية والمعنوية للطوائف الشيعية في هذه البلدان، واستغلالها من أجل تحقيق أهدافهم الإمبراطورية التوسعية المغلفة باللباس الديني (المذهبي)، برغم معارضة العديد من المرجعيات الشيعية التقليدية لنفوذ ولاية الفقيه، على استحياء.

وكما هو معلوم فإن القادة الإيرانيين يتراجعون في الكثير من الأوقات عن نزعتهم المذهبية عندما تتقاطع مع مصالحهم القومية، وكما هو حاصل مع أذربيجان كما ورد آنفاً، فالمصالح العليا، والحفاظ على الأمن القومي الإيراني تأتي في الدرجة الأولى من الأهمية.

ومن خلال دراسة الخلفيات التاريخية، وسيطرة التوجه القومي الفارسي، والتعلق بالأمجاد والأحلام الإمبراطورية، وتشرُّب ذلك في نفوسهم، وتأثيره على نمط تفكيرهم، وخاصة من القادة والسياسيين الإيرانيين في السابق، وكما هو حاصل اليوم، يظهر أن الحقد والعداء والكراهية، والشعور بالاستعلاء والأحقية في الحكم والسيطرة نابعة من النظرة العنصرية القومية لكل ما هو متعلق بسقوط واندحار إمبراطوريتهم العتيدة الإمبراطورية الساسانية، وتأثير ذلك حتى على النمط الديني المختار لديهم.

وقد وضّح ذلك وبصراحة فائقة المستشرق البريطاني أرنولد براون (ت 1930م) المختص بتاريخ إيران وآدابها، في كتابه تاريخ الأدب في إيران، عند حديثه عن سبب تسلية أهل بلاد فارس بالسباب واللعن على الصحابة، وخاصة عمر بن الخطاب (ج1، ص217)، قال: «من أهم أسباب عداوة أهل إيران للخليفة الراشد الثاني عمر هو أنه فتح العجم، وكسر شوكته، غير أنهم [أهل إيران] أعطوا لعدائهم صبغة دينية، مذهبية، وليس هذا من الحقيقة شيء». وفي موضع آخر بيّن وبشكل واضح أكثر من هذا، فقال: «ليس عداوة إيران وأهلها لـعمر بن الخطاب بأنه غصَبَ حقوقَ عليٍّ وفاطمة؛ بل لأنه فتح إيران وقضى على الأسرة الساسانية» (ج4، ص49)، ثم ذكر هذا المستشرق أبياتاً لشاعر فارسي ما نصها في اللغة الفارسية:

بشكست عمــــر بشـت هزبـــــــــران اجـــم را

بـربـــاد فنـــا داد رك و ريشــــــــــــه جـــم را

اين عريده بـر غصب خلافت ز علي نيســــت

بــا آل عمــــــر كينــه قديــــم است عجـــم را

وترجمتها إلى العربية:

إن عمـــر كسَر ظهور أسود العرنين المفترسة، واستأصل جذور آل جمشيد (ملك من أعاظم ملوك فارس)، ليس الجدال على أن عمر غصَب الخلافة من علي بل إن المسألة قديمة يوم فتح بلاد العجم، أي إيران!

فالأمر واضح، ففي خلافة عمر بن الخطاب هَزَمَت جيوش الصحابة بقيادة سعد بن أبي وقاص الإمبراطورية الساسانية في معركة القادسية عام 636م، وسقطت عاصمتهم طيسفون بأيديهم في عام 637م، وانضمت بلاد فارس لدولته بعد معركة نهاوند الحاسمة في عام 642م، وقتل ملكهم يزدجرد الثالث في عام 651م، فأسدل الستار على إمبراطوريتهم العتيدة، وإلى الوقت الحالي. ولهذا نرى اليوم ما يقرب من ثلاثة آلاف من أهل السنة في بغداد، التي أصبحت عاصمة للإمبراطورية الساسانية من جديد، من الذين يحملون اسم عمر يطلبون استبدال أسمائهم بأسماء جديدة؛ خوفاً من استهدافهم من الميليشيات الشيعية المدعومة من الساسانيين الجدد، وهؤلاء - أي أهل السنة المغلوبون على أمرهم - يعتقدون أن هذا الاسم (أي عمر) قد يسبب لهم المضايقات أو يكون سبباً في قتلهم، وقد اغتيل الكثير منهم في العراق على الخلفية المذهبية، وتم استهدافهم على أساس الاسم.

فالساسانيون الجدد يحملون عداءً وحقداً عنصرياً لعمر بن الخطاب على وجه الخصوص؛ حيث فتحت بلاد فارس، وسقطت إمبراطوريتهم الساسانية القديمة في خلافته.

وعند حديث المستشرق أرنولد براون عن سبب تسلية أهل بلاد فارس بالحسين بن علي بن أبي طالب وبأولاد ابنه علي بن الحسين، قال وبكل وضوح: «إن أهل إيران وجدوا في أولاد علي بن الحسين (زين العابدين) تسليةً وطمأنينةً بما كانوا يعرفون أن أم علي بن الحسين [شهربانو] هي ابنة ملكهم يزدجرد، فرأوا في أولادها حقوق الملك قد اجتمعت مع حقوق الدين، فمن هنا نشأ بينهم علاقةٌ سياسية، ولأجل أنهم [أهل إيران] كانوا يُقدِّسُونَ ملوكهم لاعتقادهم أنهم ما وجدوا الملك إلا من السماء ومن الله، فازدادوا في التمسك بهم» (ج1، ص 215)،  أي بعبارة أخرى التقى أشرف دم عربي (الحسين بن علي) مع أنقى دم فارسي (شهربانو بنت يزدجرد). وعليه، فإن الإيرانيين في قرارة أنفسهم يرون في سلالة الحسين بن علي بن أبي طالب الطاهرة ما كانوا يرونه في سلالة يزدجرد الثالث وغيره من ملوكهم أصحاب الدم النقي، وخاصة بعد امتزاج السلالتين بفعل الزواج.

ولا يخفى على ذي لبٍّ أنّ الساسانيين الجدد الذين يتحكمون اليوم بالعراق، ولبنان، وسوريا، واليمن، ولهم أيادٍ خفية في الكثير من دول المنطقة الأخرى، من خلال ميليشياتهم والتنظيمات الشيعية الأصولية التي يتحكمون بها ويديرونها، سيقومون بإلحاق هذه المنطقة بإمبراطوريتهم المزعومة عندما تسنح الفرصة لهم ويحين الوقت المناسب لذلك.

لذا أصبح مصير شعوب المنطقة، ودولها، والمنطقة بأكملها، في مهب الريح، فالشعوب ستفقد وجودها، وهويتها، وخصوصياتها عن طريق سياسة التشيُّع: الفارسي - الصفوي، والتفريس، وباعتبارهم جزءاً من إيران (أرينة الشعوب على حد قول علي يونسي).

أما الدول فستفقد كياناتها السياسية المستقلة، وأسماءها في عالم الدول، من خلال وسيلة الضم والإلحاق القسري، أو حتى عن طريق الاستفتاءات الصورية، كما قال البعض من الكتاب والمفكرين، وستصبح محافظات تابعة للإمبراطورية الساسانية الجديدة.

أما المنطقة فستعود إلى سابق عهدها، تابعةً وخاضعةً لسياسات الأباطرة، وستفقد مدنيتها، وثقافتها، ودينها، أمام المفهوم الفارسي الساساني للدين، والثقافة، والمدنية، ما لم تدرك الأمة وخاصة قيادتها السياسية والعلمية الخطر ويتداعوا لدفعه وهم قادرون على ذلك بإذن الله.

:: مجلة البيان العدد  352 ذو الـحـجــة  1437هـ، سبتمبر  2016م.

أعلى