ظهور "البقرة الصفراء"
في الوقت الذي عاد الصهاينة لتدنيس الحرم القدسي الشريف على نطاق واسع؛ أقدمت الجماعات اليهودية على خطوات عملية نحو تحقيق هدفها المعلن المتمثل في تدمير المسجد الأقصى وإعادة بناء الهيكل المزعوم.
فقد كشفت صحيفة «هآرتس» في عددها الصادر بتاريخ 16-7؛ النقاب عن أن المنظمات اليهودية المتدينة عثرت على بقرة صفراء، تزعم أنها قد تصلح كـ «طهور لكهنة اليهود» الذين سيكونون أول من يدخل الهيكل المزعوم، والصلاة فيه بعد بنائه على أنقاض المسجد الأقصى.
وأشارت الصحيفة إلى أن عناصر الجماعات اليهودية قد عثروا على البقرة التي ولدت حديثاً، في إحدى المستوطنات المقامة في جنوب فلسطين المحتلة.
ونقلت الصحيفة عن أحد قادة منظمة «معهد الهيكل» أنه سيتم وضع البقرة تحت المراقبة وستخضع للفحص المجهري والمخبري لفترة طويلة، مشيراً إلى أن مؤشرات عدة تدلل على أنها البقرة التي وردت صفاتها في التوراة «المزعومة».
وأضافت الصحيفة أن اليهود انتظروا هذه اللحظة حوالي ألفي عام، مدعياً أن هذا يمثل حلماً راود اليهود في الشتات.
ويذكر أنه حسب المعتقدات الدينية اليهودية، فإنه لا يحق لكهنة الهيكل بدخوله والصلاة فيه إلا بعد تخلصهم من النجاسة، التي لا يتم التخلص منها إلا بواسطة غسل أياديهم برماد البقرة الصفراء بعد ذبحها وحرقها.
ويذكر أن المعتقدات اليهودية تدعي أن تحقيق الخلاص لليهود يمر في أربع مراحل، أولها: احتلال القدس، وثانيها: تدمير المسجد الأقصى، ثالثها: بناء الهيكل، رابعها: التطهر برماد البقرة الصفراء.
ويعتقد المتدينون الصهاينة أن ظهور البقرة الصفراء يمثل أهم المؤشرات على موعد إعادة بناء الهيكل.
ويذكر أن وفداً يهودياً ضم حاخامات توجه العام الماضي إلى روما لمطالبة الحكومة الإيطالية باستعادة المقتنيات التي غنمها القائد الروماني تيتوس، الذي قام بتدمير الهيكل للمرة الثانية عام 135م، من أجل استخدامها عند إعادة بناء الهيكل المزعوم.
وفي سياق متصل، وفي أكبر هجمة تتم تحت غطاء حكومي وأمني مباشر، دنس عدد كبير من الصهاينة صباح الأحد 10/ شوال باحات المسجد الأقصى، تحت حماية قوى الأمن الصهيونية.
وقد قاد وزير الاستيطان أوري أرئيل العصابة اليهودية التي قامت بتدنيس الحرم، حيث قام أرئيل بأداء طقوس دينية بالقرب من قبة الصخرة المشرفة، في محاولة لاستفزاز مشاعر المسلمين في المكان.
ويذكر أن أرئيل حرص على قيادة الجماعات اليهودية التي تقدم على اقتحام المسجد الأقصى، حيث إنه يحظى بحصانة وبحماية خاصة تمكن كل من ينضم إليه من التمتع بالقدرة على استفزاز المرابطين المسلمين في ظل أقل قدر من التهديد الأمني بسبب الوجود الكثيف للعناصر الأمنية الصهيونية.
وقد شارك إلى جانب أرئيل في قيادة الاقتحام الإرهابي اليهودي يهودا بنغل، الذي قاد قبل عشرة أعوام، ما يعرف خلية «بات عاين» الإرهابية، وهي الخلية المسؤولة عن تنفيذ عدد من عمليات التفجير في محيط القدس، وأسفرت عن مقتل وجرح 15 طفلاً فلسطينياً.
وهناك ما يؤشر على أنه قد تم التنسيق لعملية الاقتحام لتضم بشكل خاص عدداً من أخطر الإرهابيين اليهود، حيث إن من بين المشاركين في الاقتحام يهودا عتصيون؛ الذي أقام في مطلع ثمانينيات القرن الماضي تنظيماً يهودياً سرياً، قطع شوطاً كبيراً في التخطيط لتدمير المسجد الأقصى.
وقد برز من بين المشاركين الإرهابي عوفر جملئيل، الذي أدين بعمليات إرهابية قتل فيها أطفال فلسطينيون.
وقد أكدت المصادر الصهيونية أن الوزير أرئيل، الذي يعتبر الرجل الثاني في حزب «البيت اليهودي»، الذي يرأسه وزير التعليم نفتالي بنات، قد نشر منشورات وبيانات عدة على موقعه على الإنترنت، لدعوة الشباب اليهودي من جميع أرجاء العالم للمشاركة في عمليات تدنيس الأقصى.
ويشار إلى أن أرئيل يجاهر بأنه يلتزم فقط بتعليمات الحاخامات وفتاويهم، ولا سيما أكثرهم تطرفاً، وعلى رأسهم الحاخام دوف ليئور، الذي «أفتى» بجواز تسميم آبار الفلسطينيين وقتل دوابهم.
من ناحية أخرى دعت وزيرة ليكودية إلى تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي بشكل جذري لصالح اليهود.
وقالت وزيرة الثقافة العلمانية ميري ريغف: إنه يتوجب على المؤسسة الأمنية الصهيونية ضمان وصول اليهود للمسجد الأقصى في كل لحظة، وعلى مدار السنة.
ويذكر أنه سبق لريغف أن قدمت مشروع قانون يدعو إلى تقسيم الحرم القدسي الشريف زمانياً بين المسلمين واليهود، تماماً كما هي عليه الحال في المسجد الإبراهيمي في الخليل.
وقد نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن ريغف، قولها مطلع 2014 عن رفع الأذان في الحرم القدسي: «لا يمكن الصبر على الصراخ الصادر عن كلاب محمد».
ويشار إلى أن وسائل الإعلام الصهيونية قد كشفت مؤخراً النقاب عن أن كلاً من الأردن والكيان الصهيوني أجريا اتصالات ثنائية تتناول السماح للمستوطنين اليهود بتدنيس المساجد والمصليات داخل الحرم القدسي الشريف.
وأكدت مصادر مطلعة في تل أبيب أن الاتصالات هدفت إلى السماح لليهود بدخول المسجد والمصليات داخل الحرم القدسي وليس مجرد الوجود في باحات الحرم فقط.
وأشارت المصادر إلى أن الاتصالات بين الأردن والصهاينة بدأت في نوفمبر من العام الماضي، إثر الاجتماع الثلاثي الذي جمع كلاً من رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، والملك الأردني عبد الله الثاني، ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري.
وكشفت المصادر النقاب عن أن الأردن وافق على دخول اليهود إلى المساجد والمصليات في الحرم لكنه اشترط في البداية ألا يكونوا جنوداً يلبسون الزي العسكري ولا متدينين يرتدون ملابس الصلاة اليهودية خشية أن يثيروا انتباه المصلين المسلمين.
وأوضحت المصادر أن الأردن تراجع عن اعتراضه على دخول المتدينين اليهود المساجد والمصليات بعد أن رفضت تل أبيب شروطه.
وأكدت المصادر أنه تم التوافق بين الكيان الصهيوني والمسؤولين الأردنيين على تشكيل إطار تنسيقي بينهما لوضع تصور نهائي لمسألة دخول اليهود باحات المسجد الأقصى.
:: مجلة البيان العدد 339 ذو القعدة 1436هـ، أغسطس - سبتمبر 2015م.