الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين.. وبعد:
فقد ظلت كلمات مثل الحرية والسيادة والاستقلال تتردد في كثير من وسائل الإعلام، حتى ظن كثير من الناس أن ذلك حق وأن بلاد المسلمين والعرب تنعم بالحياة في ظل هذه المصطلحات، لكن من متابعة الأمور المعلنة في وسائل الإعلام سواء أكانت مرئية أم مقروءة نجد أن كثيرًا من بلادنا إنما يقرر مصيرها البلاد الغربية النصرانية كأميركا ودول الاتحاد الأوروبي، فلا تقوم مشكلة أو اختلاف في بلاد العرب والمسلمين إلا سارعت تلك الدول بالتدخل وإبداء الرأي والجلوس مع كل فريق، ومن ثم تناصر البعض على الآخر إذا أظهر أنه على استعداد أن يلبي مطالبها ويحافظ على مصالحها. وبالنظر إلى دولنا التي تدخلت فيها هذه الدول وعقدت لقاءات مباشرة مع كل فريق نجدها تعلن بذلك غير مسرة؛ لأنها لم تعد تخشى من الإعلان أو الإفصاح عن تدخلها، بل ربما كان كل فريق يحاول الظهور بأنه حاز رضا هذه الدول أو موافقتها على رؤيته تدعيمًا لموقفه، ولا ننسى إعلان أحد الساسة عندما قال بكل وضوح الرئيس المصري القادم لابد أن توافق عليه أميركا واليهود (الكيان الصهيوني)، مهملًا بكلامه هذا دور الشعب أو مهمشًا له؛ ما يبين لنا أن الشعوب لم تعد لها قيمة وأن الدول المستلقة ظاهريًا قد فقدت استقلالها وأصبحت ولاية تابعة لهذه الدول الكبرى حيث لا تملك اتخاذ قرارات حيوية تمس الوضع الداخلي أو الدولي إلا بعد الحصول على موافقة تلك الدول المتحكمة في مصير بلادنا، وهذا الوضع لا يسر أحداً يشعر باستقلاله وأنه ليس ذيلًا أو تابعًا لأحد، وهذا الوضع يعبر في حقيقته عن خلل في الإيمان بربوبية الله؛ فمن آمن أن الله تعالى رب كل شيء حقًا يدبر ما يريد ويمضيه رغمًا عن الكون كله لم يخشَ إلا الله ولم يقبل أن يكون تابعًا لدول تحاد الله وتحارب شرعه وعبيده ليقينه بعظمة الله وقوته التي لا تحد، فلذلك يركن إليه ولا يركن لغير الله.