• - الموافق2024/11/21م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
العراق وسياسة تجفيف المستنقع

العراق وسياسة تجفيف المستنقع

في لقاء جمع رئيس الوزراء في العراق حيدر العبادي مع المستشارين الأمريكي والبريطاني، قال العبادي: سأعمل على تطهير المستنقع قبل الدخول فيه، فكان جوابهما: جفف المستنقع قبل الدخول فيه.

منذ الاحتلال المزدوج «الأمريكي والإيراني» للعراق ومصطلح «تجفيف المستنقع» أخذ حيزاً في التداول الإعلامي، سواء على ألسنة السياسيين أو العسكريين، أو المحللين من الداخل والخارج، وكلٌ يوظف هذه السياسة بما يتلاءم مع معطياته أو بلغة أدق مع أطماعه وأهدافه التوسعية.

فالولايات المتحدة الأمريكية انتهجت أولاً سياسة تطهير المستنقع كما تزعم في العالم الإسلامي قبل احتلال العراق عام 2003، إذ رأت في الصعود الإسلامي - ضمن ما أطلق عليه الصحوة الإسلامية بعد انحسار المد الشيوعي والقومي في الدول العربية والإسلامية - خطراً على كثير من إستراتيجياتها في المنطقة، كالحفاظ على مصالحها، وتأمين موارد الطاقة، وأمن الكيان الصهيوني، وقبل ذاك استهداف الموارد البشرية العربية والإسلامية المبدعة.

وتولت مؤسسة «راند» رسم إستراتيجيات تطهير المستنقع للإدارة الأمريكية وسبل تحقيق ذلك ضمن تقريرها الذي أصدرته عام 2004، بعد احتلال العراق، وما أفرزه هذا الاحتلال من تأثير على سياسة القطب الواحد، وشجعت مؤسسة راند، تحت عنوان «الإسلام المدني»، إدارة الرئيس بوش على محاربة «الإسلاميين المتطرفين»، عبر خدمات علمانية «بديلة»، من خلال تقديم الدعم بكل صوره إلى جماعات المجتمع المسلم المدني التي تدافع عن «الاعتدال والحداثة»، وقطع الموارد عن المتطرفين، بمعنى التدخل في عمليتي التمويل وشبكة التمويل، بل وتربية كوادر مسلمة عسكرية علمانية في أمريكا تتفق مصالحها مع مصالح أمريكا للاستعانة بها في أوقات الحاجة، لدعم هذه الجماعات مستقبلاً، وتضمن التقرير تقديم دعم يسير لبعض الأحزاب والحركات الإسلامية التي توصف أو تصف نفسها بالاعتدال، ولاسيما في دول شمال إفريقيا.

فكانت سياسة تطهير المستنقع تقوم على إزالة كل «مظاهر التشدد» من حركات أو قيادات أو مناهج أو برامج إغاثية، أو وسائل إعلامية وثقافية، ومحاربتها بكل ما تملك من أدوات وأسلحة، يقابله دعم لكل «مظاهر الاعتدال» في العالمين العربي والإسلامي.

ولكن بعد ثلاث سنوات من العمل بإستراتيجيات «راند» ضمن مشروع الإسلام المدني، ومع تصاعد المقاومة على الساحة العراقية التي أوقعت القوات الأمريكية في «المستنقع العراقي»، وعلى الساحة الفلسطينية، التي أحرجت القوات الصهيونية، وما صاحب ذلك من تململ الشارع العربي من الأنظمة الاستبدادية، والمشاريع العلمانية والقومية (المدعومة من الغرب)، ومع تجاوب جماهيري مع مشروع النهضة الإسلامية الذي أعقب الصحوة الإسلامية، رأت الإدارة الأمريكية أن سياسة تطهير المستنقع لم تعد كافية إن لم تكن ولدت ميتة أصلاً.

ومما دفع إلى إعادة التفكير في سياسة تطهير المستنقع أيضاً الجدل المحتدم في الولايات المتحدة وأوربا، بشأن الموقف من دعم مشاركة الإسلاميين المعتدلين في العملية السياسية التي ترعاها أو تراقبها الإدارة الأمريكية وأوربا، والتعامل معهم باعتبارهم شركاء، إذ يتبنى قسم من المفكرين والسياسيين سياسة المشاركة، وحججهم تتمثل: بأن الإسلاميين المعتدلين يمثلون البديل المحتمل للنظم الشمولية في العالم الإسلامي خصوصاً في العالم العربي، وهم أقدر من رجال الدين التقليديين على مواجهة الخطر الراديكالي الذي يمارس العنف والإرهاب، كما أن العديد من الجماعات الإسلامية المعتدلة تتبنى أجندة ديمقراطية تقوم على احترام التعددية وحقوق الأقليات، كما هو الحال مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر وحركة النهضة في تونس وحزب العدالة والتنمية في المغرب، في حين يعارض آخرون معاملة هؤلاء الإسلاميين كشركاء في العملية السياسية التي يتولى رعايتها أمريكا أو الغرب، وحججهم: عدم التأكد من أن خطاب هؤلاء الإسلاميين بشأن موقفهم من الديمقراطية يعبر عن موقف تكتيكي أم إستراتيجي، وما إذا كانوا سيقبلون بمبدأ الفصل بين الدين والدولة، وأن فكرة الدولة الإسلامية لا تزال تهيمن علي مخيلتهم أم لا؟ وربما يقوم هؤلاء بدور فعال في مواجهة الجهاديين، وهو ما قد يفقدهم المصداقية أمام الشعوب، وتكون مواجهتهم مرتفعة الثمن في المدى الطويل، ولذا ينصحون أن يكون التعاطي مع هؤلاء الإسلاميين فقط من خلال تقوية شبكاتهم وجعلهم نداً لغيرهم من الجماعات قبل الحديث عن شراكة وتحالف معهم.

ويبدو أن رؤية الطرف الثاني لاقت تجاوباً، فعمدت مؤسسة راند إلى تقديم تقريرها عام 2007 تحت عنوان: «بناء شبكات مسلمة معتدلة»، ومعلوم أنه لا بناء على أرض مأهولة إلا بإزالة البناء وتسويتها ومن ثم البناء عليها، فلا يستقيم بناء عصري جاهز مع البناء القائم، وإن كان مظهره الخارجي يوحي بالانهيار والتهالك، لأن مكمن الخطر في قوة أساسه الذي يمتد إلى أعماق التاريخ رسوخاً وصلابة، ومن هنا تم استبدال سياسة تطهير المستنقع بسياسة تجفيف المستنقع، مع ضرورة الإفادة من تجربتين لدعم مقومات نجاح هذه السياسة؛ الأولى: تحول مجتمع أوربا الكنيسي إلى علماني، والأخرى تجربة إنهاء الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفيتي وولادة القطب الواحد.

وأما عن القراءة في التجربة الأولى المتمثلة بسلخ أوربا عن سلطة الكنيسة، فقد حللها الدكتور محمد بريش في دراسة له بعنوان: «الاستبداد الديني! حفريات معرفية في جذور صراع الكنيسة مع العلمانية»، واستعرض فيها أهم المواد في تلك المدونة، التي يمكن توظيفها في سياسة تجفيف المستنقع، ففي المادة (19) ونصها: «الكنيسة ليست مجتمعاً صحيحاً ومثالياً كامل الحرية، وليست لها حقوق خاصة ودائمة، ومخولة لها من طرف مؤسسها المقدس، بل من حق السلطة المدنية أن تحدد ما هي حقوق الكنيسة، وفي أي حدود يمكنها ممارسة تلك الحقوق»، ونصت المادة (31) على إلغاء سلطة الكنيسة ورجالاتها: «إن المنتدى أو المحكمة الكنسية للأحكام الدنيوية لرجال الدين، سواء على الصعيد المدني أو الجنائي، يلزم أن تُلغى كلية، وحتى بدون استشارة الكرسي البابوي، ودون أي اعتبار لاحتجاجاته»، بل أعطت المدونة للسلطة المدنية حق التدخل في صلاحيات وأعمال الكنيسة ولو على المستوى الروحي والأخلاقي البحت، جاء في المادة (43): «يحق للسلطة المدنية التدخل في القضايا التي تتعلق بالدين والأخلاق والتوجه الروحي، ومن ثم فإنه يمكنها الحكم على الأوامر والتوجيهات الصادرة عن قساوسة الكنيسة»، كما أعطت للسلطة المدنية حق مصادرة امتيازات كل مجموعة لها ارتباط بسلطة الكنيسة، وألغت القوانين التي تحمي ميثاق المجموعات الدينية فقد نصت المادة (53) على أنه: «يلزم إلغاء القوانين التي تحمي ميثاق المجموعات الدينية وحقوقها ووظائفها»؛ وجاء في الفقرة الثانية منها: يمكن للحكومة المدنية أن تساند كل أولئك الذين يرغبون في التخلي عن الحالة الدينية التي اعتنقوها ومخالفة عهودهم الرسمية، وفي الوقت نفسه يمكنها - أي الحكومة المدنية - أن تحل كل هذه المجموعات الدينية، وكذلك الكنائس الجامعية، ومكاسبها البسيطة في حق الإشراف، وإخضاع ممتلكاتها ومداخلها لإدارة وقوة السلطة المدنية» وبلغت المدونة البابوية ذروتها في المادة (55) التي جاء فيها: «يجب فصل الدين عن الدولة، وفصل الدولة عن الكنيسة».

ومن هنا ولدت العلمانية لتجفف الدين في أوربا، وبقي الدين على شكل شعارات وطقوس ووظائف تابعة فارغة من معاني السيادة والتمكين، ليحقق أغراض السياسيين اللادينيين في سيادة العمانية، من غير عنف.

وأما توظيف تجربة إنهاء الحرب الباردة في سياسة تجفيف المستنقع في العالمين العربي والإسلامي من أجل انهيار الإسلام، فتكون من خلال بناء أرضية من المسلمين أنفسهم من أعداء التيار الإسلامي، مثلما حدث في أوربا الشرقية وروسيا حينما تم بناء منظمات معادية للشيوعية من أبناء الدول الشيوعية نفسها، فانحسرت الشيوعية بانهيار الاتحاد السوفيتي وتفككه.

لقد جاء تقرير «راند» في العام 2007، متضمناً طرح أفكار جديدة للتعامل مع «المسلمين» وتغيير معتقداتهم وثقافتهم من الداخل تحت دعاوى «الاعتدال» بالمفهوم الأمريكي، مستمداً من الخبرات السابقة في التعامل مع الشيوعية للاستفادة منها في محاربة الإسلام والمسلمين وإنشاء «مسلمين معتدلين»، ومحدداً الغاية البعيدة من تبني سياسة تجفيف العالم الإسلامي وبناء المشروع الأمريكي فيه، متمثلة بتغيير الإسلام نفسه والمسلمين ككل بعدما ظهر لهم في التجارب السابقة أنه لا فارق بين «معتدل ومتطرف»، وأن الجميع يؤمن بأهمية الشريعة الإسلامية في حياة المسلم.

وعلى ضوء ذلك فإن سياسة تجفيف المستنقع التي يراد تطبيقها في العراق ومن ثم في العالمين العربي والإسلامي تتمثل بثلاث خطوات رئيسة:

الأولى: تحديد معايير المسلم المعتدل:

الذي يحق له بناء شراكة مع المشروع الأمريكي في المنطقة، وعلى الإدارة الأمريكية أن لا تتعامل إلا مع من اجتمعت فيه هذه المعايير، التي صاغتها مؤسسة راند بعشر نقاط أو أسئلة، منها: اعتماد المضمون الغربي للديمقراطية، والتي تعني معارضة «مبادئ دولة إسلامية»، وأن الخط الفاصل بين المسلم المعتدل والمتطرف هو تطبيق الشريعة، والمعتدل من يفسر واقع المرأة على أنه الواقع المعاصر، وليس ما كان عليه وضعها في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهل دعمت أو تدعم العنف وتوافق عليه؟ هل توافق على الديمقراطية بمعناها الواسع؟ وهل لديك أي استثناءات على هذه الديمقراطية؟ هل تؤمن بحق الإنسان في تغيير دينه؟ هل توافق على أن الشريعة يمكن أن تقبل تحت غطاء علماني (أي ليست المصدر الأساس)؟ هل تعتقد أنه يمكن للأقليات أن تتولى المناصب العليا؟

ثم يحدد التقرير ثلاثة أنواع ممن أطلق عليهم «المعتدلون» في العالم الإسلامي، وهم: العلماني الليبرالي الذي يرفض تطبيق الشريعة ولو بالحد الأدنى، و«أعداء المشايخ»، ويقصد بهم من يسميهم التقرير «الأتاتوركيين»، أنصار العلمانية التركية، وبعض التونسيين في زمن زين العابدين بن علي، والمسلمون الذين لا يرون مشكلة في تعارض الديمقراطية الغربية مع الإسلام.

فالتيار المعتدل هم من: يزورون الأضرحة، والمتصوفون ومن لا يجتهدون، وهذه النماذج الثلاثة هي التي يراد لها أن تتصدر المشهد العراقي، والتي تستظل بمظلة الحاكم الأمريكي، وأما الإسلاميون الذين يمارسون نشاطهم في ظل الشريعة، وينصون في برامجهم على تحكيم الشريعة، فهؤلاء بين مقتول ومهجر ومعتقل، وملاحق قانونياً بشتى التهم التي تنال من كل من يخرج عن الدوائر الثلاث، التي حددتها السياسة الأمريكية من أجل تجفيف العراق وإخراجه من إطاره الإسلامي.

الثانية: تهميش مركز الإسلام (إهمال العرب):

تقوم سياسة تجفيف المستنقع بالتركيز على «أطراف» العالم الإسلامي وتجاهل «المركز» ويقصد به المنطقة العربية، وهذا يعني تغذية الفكر الشعوبي الذي يقوم على احتقار العرب، وإخراجهم من دائرة المسؤولية في الحفاظ على الهوية الإسلامية، وإناطة الدور المؤثر لنشر الفكر «المعتدل» والعمل الإسلامي، لدول الأطراف في العالم الإسلامي بعيداً عن العرب، ولاسيما بلاد الحرمين التي أصبحت بزعمهم مصدر «الفكر المتطرف»، وبذلك تصبح هذه الأطراف هي المصدرة للفكر الإسلامي «المعتدل الجديد» على وفق المعايير الأمريكية، ولا تخرج الأفكار من قلب العالم الإسلامي وحواضره.

وهكذا نفسر السماح بالتمدد الإيراني ونفوذه في المنطقة من غير نكير، مع ملاحظة أن هذا النفوذ لا يكون إلا بعد هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على تلك المنطقة، مثل العراق وأفغانستان، أو التي تترك التدخل المباشر فيها وتمنع الآخرين من التدخل فيها، مثل سوريا واليمن ولبنان، في حين نجدها تتدخل مباشرة وبشكل سافر ضد أي صعود للعرب الإسلاميين ولو في بلدانهم، وما أحداث مصر وليبيا وتونس وصنعاء ببعيدة عن هذه السياسة.

الثالثة: تعطيل المؤسسات الإسلامية ومنها المساجد:

لقد أكدت سياسة تجفيف المستنقع على «خطورة دور المسجد»، وقد صدرت به مؤسسة راند تقريرها عن الشبكات المسلمة، باعتبار أن «المسجد» المؤسسة الوحيدة للمعارضة التي تقوم على أسس الشريعة الإسلامية، وقد اتخذت الإدارة الأمريكية خطوات بهذا الشأن منها:

استهداف المؤسسات الإسلامية، ومنها الإغاثية والمساجد، في إطار حربها على الإرهاب ومواجهة التنظيمات المتطرفة، وخير شاهد هو حرب المساجد التي تشهدها الساحتان العراقية والسورية، وقد فصلنا هذا الأمر في مقال سابق.

دعم المساجد والمؤسسات الدينية التي يقوم على إدارتها من يتبنى السياسة الأمريكية، وفي مقدمة ذلك المؤسسات الشيعية، ومؤسسات الأحزاب والشخصيات الموالية للمشروع الأمريكي في العراق، وهذا له مقصدان: الترويج للسياسة الأمريكية في وضع البديل عن المسجد ذي الرسالة الربانية، ولتنفير المسلمين من المساجد بشكل عام وعدم ثقتهم بها، بعد احتكاكهم بالنموذج الموالي للسياسة الأمريكية، التي جاء وصفها في القرآن الكريم «بمساجد ضرار»، قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْـمُؤْمِنِينَ وَإرْصَادًا لِّـمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إنْ أَرَدْنَا إلَّا الْـحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [التوبة: 107].

دعم المؤسسات «والدعاة» الذين يعملون من خارج المسجد، من أجل تقويض دور المسجد في التأثير والاستقطاب.

العمل على إناطة إدارة المؤسسات الدينية بشخصيات خاضعة للمشروع الأمريكي، واليوم نشهد صراعاً محموماً من قبل بعض الشخصيات الدينية في العراق على منصب رئيس ديوان الوقف السني، ومنها ثلاث شخصيات يطلق عليها سابقاً «سنة المالكي»، أسهمت في ضياع بعض المساجد والوقفيات، وحرضت على اعتقال كثير من الأئمة والخطباء، وأساءت إعلامياً للرموز الإسلامية التي تناهض المشروع الأمريكي والإيراني في العراق والمنطقة.

لقد قلنا في بداية المقال إن العراق يتعرض لاحتلالين أمريكي وإيراني، وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد عملت بسياسة تجفيف المستنقع، فإن إيران من خلال نفوذها الواسع في العراق، وتدخلها العسكري والسياسي والديني المعلن فيه، قد سبقت الولايات المتحدة في سياسة تجفيف المستنقع العراقي والعربي الإقليمي، بل إنها قامت سابقاً وبعد ثورة الخميني على تجفيف الإسلام المتمثل بأهل السنة والجماعة، ضمن سياسة عودة الساسانيين الجدد، أو تصدير الثورة، ولذا نجدهم وأذنابهم في العراق من الشيعة الصفوية يصرحون بتشييع بغداد، واجتثاث «الأقلية السنية»، وصياغة قانون الإرهاب على مقاسات أهل السنة «إسلاميين وغيرهم»، وأن بينهم بحوراً من الدم، ولهم معهم ثأر منذ ألف وأربعمئة سنة، وأن مشكلتهم ليست مع أبي بكر البغدادي فحسب، وإنما مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأن مساجد أهل السنة مساجد ضرار، ويطالبون القادة الشيعة في العراق أن لا يتعاملوا مع الإرهابيين «العرب السنة» بسياسة طرد الذباب، وإنما بسياسة تجفيف المستنقع، أي بإزالتهم من الوجود على أرض العراق.

كتب أحد المحللين الشيعة بعد انطلاق المظاهرات والاعتصامات في المحافظات السنية المنتفضة: بات هؤلاء مستنقعاً يغوص به العراق لا بد من تجفيفه. ويقول سياسي شيعي: أرى أنّ المشروع الأول الملقى على عاتق الدولة هو مشروع تجفيف هذا المستنقع، ولا مشروع يسبقه، وعلى الرغم من أنه مشروع معقد لكون المستنقع لا يقع خارج السلطة برمته فهناك قوى سياسية وقيادات دينية داخل السلطة تشكل جزءاً من هذا المستنقع، وهنا تكمن صعوبة المشروع، ويضيف ثالث: من المهم أن نعلن الحرب الشاملة على الإرهاب، مستفيدين من تجارب الآخرين في مكافحة الإرهاب، وخلاصتها هي إستراتيجية تجفيف المستنقع بدلاً من ملاحقة البعوض.. من دون تنظيف البلد من كل ذلك، فإن الحرب على الإرهاب تظل جزئية.

وأما عن سبل معالجة هذه السياسة فلها حديث آخر بإذن الله تعالى.

:: مجلة البيان العدد  331 ربيع الأول  1436هـ، يناير  2015م.

 

أعلى