• - الموافق2024/04/20م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
بـ " انتفاضة السفن " غزة على ابواب كسر الحصار

بـ " انتفاضة السفن " غزة على ابواب كسر الحصار

 على وَقْـع دقات عقارب الحصار الثقيلة عـادت غـزة بسكانها وأهلها إلى الوراء؛ حيث بوابير الكاز وأفران الطين والمشي ألماً على الأقـدام، ومع تراكم أيام حصارها الخانق، وبعد أن ضاقت بها الحياة بما رحبت نجح 44 من المتضامنين الدوليين في 24 أغسطس 2008م في تسيير أول قافلة بحرية لكسر الحصار المفروض على القطـاع، وحمـلت آنذاك سفينةُ غزة الحرة على متنها المساعدات الإنسانية وكثيراً من الأمل بغدٍ أفضل.

وبينما استمر بركان الحصار في الاشتعال واصلت سفن التضامن طريقها إلى غزة لتؤكد أشرعتُها أن أحرار العالم يقفـون جنباً إلى جنب مع آلام المدينة المحاصرة وجراحها المتدفقة.

 مقـاومة الحصار:

 بعد مرور أكثر من ألف يـومٍ على حصار غـزة لا تكتفي سفن التضامن الدوليـة بالمجيء والإبحـار، بل تعقـد عزمهـا الأكيد على كسر الحصار إلى الأبـد.

وعلى الرغم من المجزرة الإسرائيلية بحق سفينة مرمرة التركية في أيار الماضي؛ وهي التي أسفرت عن مقتل تسعة ناشطين كلهم من الأتراك، وإصابة العشرات؛ إلا أن وهج انتفاضة السفن ازداد واتسع وباتت الألسنة تُردِّد بثقـة: «نحن قاب قوسين أو أدنى من كسر الحصار».

لقد تحدَّث «جمـال الخضري» النائب في المجلس التشريعي ورئيس اللجنة الشعبية لمـواجهة الحصار في غزة إلى البيان عن انتفاضة السفن واصفاً إياها بـأنها: «إحدى أهم وسائل المقاومة لكسر الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من أربع سنوات».

وأكد الخضري على أن انتفاضة السفن استطاعت أن تشكِّل ضغطاً كبيراً على دولة الصهاينة، وأن تحرج كافة المحاصِرِين لغزة، خاصة بعد الذي جرى لسفن أسطول الحرية من قرصنة إسرائيلية وقال: «اليوم باتت غزة تحاصر كلَّ من يحاصرها؛ وهناك عزم وإصرار شديد على الوصول للهدف المنشود وهو فك الحصار بالكامل عن القطاع، وفتحُ معابر غزة التجارية كلها بشكلٍ كلِّي، والسماحُ بتدفق السلع من دون استثناء، بما فيها المواد الخام اللازمة لتشغيل المصانع والأسمنت وأغراض البناء، وفتحُ الممر الآمن بين غزة والضفة لتنقُّل الأفراد، وافتتاحُ الممر المائي بإشراف أوروبي».

 الضغط الدولي:

ونبَّه الخضري في حديثه إلى أن الاحتلال بات يعاني من حالة إرباك نظراً لتزايد التضامن الدولي مع غزة من شتى بقاع الأرض وتابع قائلاً: «نحن على أعتاب تحرُّك حقيقي وجادٍّ سيخلق واقعاً جديداً بمشيئة الله؛ فإسرائيل اليوم في مأزق حقيقي أمام شعبها وأمام القوى العالمية المسانِدة لها التي لم تعد تستطيع توفير الغطاء لممارساتها البشعة».

وقال الخضري: «إن مزيداً من السفن تحمل على متنها متضامنين من مختلف الجنسيات قادمة إلى شواطئ غزة لا تخيفها التهديدات الإسرائيلية، وهي مصمِّمَة على نقل المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى السكان المحاصَرين» وأشار إلى أن كلَّ من شارك سابقاً يريد العودة للتضامن، غير آبهين بما قد يواجههم من صَلَفٍ صهيوني.

وكانت إسرائيل قد اعترضت في 31 مايو الماضي 6 سفن ضمن (أسطول الحرية) الدولي ومنعتها بالقوة من الوصول إلى قطاع غزة لنقل إمدادات إنسانية؛ وهــو مــا أدى إلى مقــتل 9 متضامنين أتراك، وأثار الحادث انتقادات دولية حادة ودعوات لرفع الحصار عن غزة.

ومن جهة أخرى أكـد الدكتور «أحمد يوسف» رئيس اللجنة الحكومية لكسر الحصار عن غـزة في حديثه لـ البيان على أن السفن والقوافل البحرية لكسر حصار القطاع باتت من أهم حلقات النضال ضد الحصار الظالم.

ورأى أن انتفاضة هذه السفن غيَّرت أوجه الصراع؛ إذ باتت إسرائيل تواجه ضغطاً دولياً لم يسبق له مثيل، وحاولت أن تخفف من حدَّته بتجميل الحصار والادعاء بأنها ستسمح لمزيد من المواد الغذائية بالدخول.

ممر مائي:

وأكد د. يوسف أن من حق غزة المحاصَرة أن تفتح ممراً مائياً لتأتي إليها سفن التضامن المحمَّلة بالغذاء والدواء ولكي تُساهم في إعادة إعمار ما دمره الاحتلال في حـربه الشرسة الأخيرة على غزة قبل عام.

وشدد أيضاً على أن حركة السفن والقوافل ساهمت في إبراز معاناة سكان القطاع مشيراً إلى أن هذه السفن كان لها الدور الأكبر والأبرز في فضح ممارسات الاحتلال وما يرتكبه من جرائم ضد الفلسطينيين.

 وأعرب ديوسف عن أمله في أن تشكِّل هذه الانتفاضة البحرية دافعاً للعالم للتحرك أكثر فأكثر لخلق تحوُّلات لإيجاد آلية لإنهاء الحصار وكسره بشكلٍ تام.

أما ممثل هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH) بغـزة «محمد كايا» فقد أكد على أن مؤسسته عاقدة العزم على تسيير مزيدٍ من السفن، مؤكداً أنها استطاعت أن تسلط الضوء على معاناة السكان في غزة وتعزيز التضامن معهم.

وقـال كايا في حديثه لـ البيان: «إن انتفاضـة السفن ستستمر إلى أن يُكسَر الحصار عن غزة» وأضاف: «نحن كمؤسسات إنسانية مصممون على تقديم الدعم الكامل للقطاع المحاصَر، ويحدونا الأمل في أولئك الذين يحملون همَّ القضية من منظورٍ عقائدي وديني ووطني بأنهم سيتحركون في كل الاتجاهات من أجل إنقاذ غـزة».

ويرى ممثل الهيئة الإنسانية التركية أن لانتفاضة السفن تأثيراً إيجابياً كبيراً فعَّالاً؛ إذ قامت بتحريك العالم وإثارته، وصار الجميع يتحدث عن حلول لرفع الحصار.

ويعقـد الفلسطينيون في القطاع المحاصر الآمـال الكبيـرة - بعد الله تعالى - على هذه السفن القادمة، وباتوا يرون في قدومها كلمة السر في فك الحصار ورفعه نهائياً.

وكانت جهات عديدة في العالم قد وعدت بتسيير مزيدٍ من السفن والأساطيل إلى قطاع غزة خلال الأسابيع والأشهر القادمة.

أهـلاً بـ «الدواء»:

بكثير من الترحيب وتصفيقات الحب يستقبل أهالي القطاع السفن التضامنية القادمة، تلك التي تحمل على متنها الدواء لجراحهم وأوجاعهم، والغذاء لصغارٍ أرهقهم الجوع وأنَّاته.

وبروح تشع تفاؤلاً رأى الطالب الجامعي أيمن حميــد (17 عاماً) في سفن كسر الحصار فرصة حقيقية لإنهاء معاناة سكان القطاع وقال في حديثه لـ البيان: «واضح أن ثمة حراكاً خاصة بعد المجزرة الأخيرة بحق أسطول الحرية... فالعالم يقف الآن أمام تحدٍّ كبيرٍ من أجل الوقوف إلى جانب الحق ونصرة المظلومين».

وإلى جانب الطالب الجامعي يتمنى التاجر «عبد الكريم حمادة» أن تكون انتفاضة السفن وعزمها على المضي قُدُماً نحو القطاع بمثابة بداية النهاية لكسر الحصار وقال: «أكثر من أربع سنوات ونحن نعاني قسوة الحصار... والآن كلنا أمل في أن يُتوَّج هذا الحَراك بكسرٍ حقيقي وإلى الأبد للحصار».

ويتمنى الحاج أبـو أنور (56 عاماً) وهو يقف أمام منزله المدمَّر وكومات الخراب التي أحدثتها الحرب الإسرائيلية على غزة قبـل أكثـر من عـام أن يتم بنـاء منـزلـه ليـودع - وللأبد - خيمةً أذاقته ويلات حرِّ الصيف وصقيع الشتاء ويعلِّق الحاج أبو أنور - كغيره من آلاف المشردين - أَمَله على حركة التضامن الدولي للضغط على الاحتلال من أجل إنهاء الحصار على غزة، والسماح لمواد البناء والإعمار بالدخول بعد سنواتٍ من المنع.

وترتفع معنويات جرحى الحرب ومَنْ أقعدتهم نيران الاحتلال بمجيء السفن القادمة وما تحمله من مئات المقاعد المتحركة؛ فهذا سامر (وهو أحد هؤلاء الذين استطاعوا الحصول على مقعدٍ متحرك من إحدى سفن التضامن) يتمنى أن تأتي سفن التضامن من كلِّ حَدْبٍ وصوب من أجل رفع الحصار وتخفيف معاناة المواطنين.

ويأمل كثير من العاطلين عن العمل أن يدب النشاط في المدينة المحاصرة بدخول مواد البناء؛ ليتمكنوا من العمل بعد طول انقطاع.

رحـلة السفن:

منـذ أعوام خـلت سَيَّر المتضامنون مع الفلسطينيين المحاصرين في قطـاع غـزة تسع رحلات بحرية تمكنت أربع منها من الوصول، ومُنِعت الأخريات.

وفيـما يلي خط سيـرها: في 23/8/2008م وصلت سفينتا «الحرية» و «غزة الحرة» إلى غزة في أوَّل محاولة كسر بحري للحصار الصهيوني الظالم على القطاع، تحمل على متنها أكثر من أربعين متضامناً من 17 دولة، وذلك بعد رحلة امتدت أربعين ساعة في عرض البحر، ولما غادرتا أقلَّتا ستة فلسطينيين يملكون أوراقاً ثبوتية قبرصية كانوا عالقين هناك.

وفي تاريخ 29/10/2008م وصلت سفينة «الأمل» إلى قطاع غزة في ثاني محاولةِ كسرٍ بحري للحصار وعلى متنها 27 ناشطاً ينتمون إلى عشر دول، وكانت تحمل معدات طبية وأدوية، وأقلَّت السفينة أيضاً النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي جمال زحالقة، والسيدة ميريد كوريجان ماجويري الفائزة بجائزة نوبل للسلام، وعدداً من الأطباء الأجانب الذين قاموا بإجراء عدد من العمليات الجراحية العاجلة في القطاع.

أما في 8/11/2008م فقد وصلت إلى غزة سفينة الكرامة قادمةً من ميناء «لارنكا» القبرصي وعلى متنها اثنان وعشرون شخصية برلمانية أوروبية وصحفيون ومتضامنون أجانب، إلى جانب مشاركة وزيرة التعاون الدولي في حكومة توني بلير السابقة (كلير شورت).

ثم في 20/12/2008م وصلت إلى غزة سفينة «الكرامة القطرية»؛ وهي تحمل شخصيات تمثِّل جمعيات خيرية قطرية وعدداً من المتضامنين الأجانب والصحفيين، وطَنّاً من الأدوية والمستلزمات الطبية.

أما السفن التضامنية التي منع الاحتـلال وصـولها فهي سفينة «المروة الليبية»، وذلك في 1/12/2008م، وهي أول سفينة مساعدات عربية كانت تحاول الوصول لشواطئ غزة لتفريغ حمولتها التي بلغت 3 أطنان من الأدوية.

وفي تاريخ 7/12/2008م منع الاحتلال «سفينة العيد» من الإبحار من ميناء يافا تجاه شواطئ غزة وصادرها وكلَّ ما تحمله من مساعدات طبية وإغاثية وهدايا للأطفال مقدَّمة من القيادات الفلسطينية وأبناء الشعب الفلسطيني في الداخل الفلسطيني.

وفي 2/2/2009م منع الاحتلال وصول سفينة «الأخوة اللبنانية» بعدما رفضت الانصياع لأوامر الزوارق الحربية الإسرائيلية بالرجوع بحمولتها من حيث أتت، واعتقلت فريقها لعدة أيام بعد مداهمة السفينة والاعتداء عليهم.

وفي 30/6/2009م اعترضت زوارق حربية إسرائيلية طريق سفينة «روح الإنسانية» التي كانت تحمل مساعدات إنسانية، وكانت تسيِّرها حركة غزة الحرة وهي في طريقها من قبرص إلى غزة حاملة عشرين ناشطاً سياسياً وحقوقياً عرباً وغربيين، إضافة إلى كميات من المساعدات الطبية والأدوية.

أما في 14/1/2009م فقد منع جيش الاحتلال وصول سفينة الكرامة التي كانت تسيِّرها حركة غزة الحرة، وكانت تحاول القدوم إلى غزة في فترة الحرب الإسرائيلية على غزة.

مجـزرة الأسطـول:

أما آخـر السفن - وهي التي أحدثت حراكاً كبيراً - فقد كانت سفن «أسطول الحرية» الذي تعرَّض لقرصنة إسرائيلية في عرض المياه الدولية أودت بحياة تسعة متضامنين أتراك وجرحت العشرات منهم.

 ويُعَدُّ هذا الأسطول الأضخم من حيث حجم السفن والمساعدات المحمَّلة على متنه؛ إذ تكوَّن من ثماني سفن، وحمل على متنه 750 مشاركاً من أكثر من 40 دولة، بينهم 44 شخصية رسمية وبرلمانية وسياسية أوروبية وعربية، كما حمل أيضاً أكثر من 10 آلاف طن مساعدات طبية وموادَّ بناء وأخشاباً، و100 منزل جاهز لمساعدة عشرات آلاف السكان الذين فقدوا منازلهم في الحرب الإسرائيلية قبل أكثر من عام فضلاً عن 500 عربة كهربائية للمعاقين حركياً.

وقد استقبلت غزة بـ «فـاجعة كبيـرة» خبـر الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية.

ووصفت أطراف فلسطينية ما جرى بـأنه «جريمة مُركَّبة» وأن ما فعلته إسرائيل «فضيحة سياسية وإعلامية».

وندَّدت المؤسسات الحقوقية بما جرى على متن السفن وقالت: إن المتضامنين مدنيون لا يحملون سوى مساعدات إغاثية ورسالتـهم إنسانية تطالب فقط بضرورة التحرك لإنقاذ سكان غزة المحاصرين.

والآن والحديث جارٍ عن سفنٍ قادمة عربية ودولية ترتفع الأصوات بأصحاب الضمائر الحية وأحرار العالم أن يزيدوا تمسُّكهم بنصرة غزة والتضامن معـها.

  

أعلى