• - الموافق2025/03/31م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
المسجد الأقصى

وهو مُحرَّم على الدجال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «ولا يقرب أربعة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد الطور، ومسجد الأقصى، وما يُشَبَّهُ عليكم، فإن ربّكم ليس بأعور»


المسجد الأقصى قِبْلَة المسلمين، وأرض الإسلام، ومُهَاجَر الأنبياء، ومهوى أفئدتهم ومقرّهم، وهو مَسْرَى الرسول صلى الله عليه وسلم  ومنه معراجه.

وهو ثاني مسجد وُضِعَ في الأرض، وثالث المساجد التي تُشدّ إليها الرِّحال، وزيارته والصلاة فيه سببٌ لمغفرة الذنوب، وفيه تُضاعَف أجر الصلاة، وعنده هلاك بأجوج ومأجوج، وتَحْرُم أرضه على الدجال.

والمسجد الأقصى من أرض الإسلام؛ لقول الله -تعالى-: ﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾ [المائدة: 21]، فلا يحل للصهاينة أن يَحكموها أو يحتلوا شبرًا من أرضه؛ لأنَّ الله -تعالى- أمر موسى صلى الله عليه وسلم ، ومَن معه بمُناجَزة أعداء الله العمالقة الوثنيين الذين استولوا على أرض فلسطين، وما حولها، وأن يطردوهم منها، ويُبعدوهم عنها؛ لأنها أرض إسلامية مطهَّرة لا يحل للوثنيين أن يُدنِّسوها، ففي الآية وجوب اجتماع حُكام المسلمين وقادتهم على مناهضة الصهاينة الخبثاء وإخراجهم عن هذه الأرض المطهرة، وأنَّ الأمر أمر وجوب لا مُزْحَة فيه ولا فُسحة، وأنَّ مَن تخاذل منهم وتهاوَن عن نُصرة أخيه وأبناء مِلّته وأصحاب عقيدته؛ فعليه أن يُعِدَّ للسؤال جوابًا.

ومن فضائل المسجد الأقصى: أنَّه مُهاجَر الأنبياء ومقرّهم، ومهوى أفئدتهم؛ يقول الله -تعالى-: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾[الأنبياء:71]، وقد بوَّب الإمام البخاري في صحيحه: باب مَن أحبّ الدفن في الأرض المقدَّسة أو نحوها، وروى من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: «أُرْسِلَ مَلَكُ المَوْتِ إلى مُوسى -عليهما السَّلامُ-، فَلَمَّا جاءَهُ صَكَّهُ، فَرَجَعَ إلى رَبِّهِ، فَقالَ: أرْسَلْتَنِي إلى عَبْدٍ لا يُرِيدُ المَوْتَ، فَرَدَّ اللَّهُ عليه عَيْنَهُ، وقالَ: ارْجِعْ، فَقُلْ له: يَضَعُ يَدَهُ على مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بكُلِّ ما غَطَّتْ به يَدُهُ بكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ، قالَ: أيْ رَبِّ، ثُمَّ ماذَا؟ قالَ: ثُمَّ المَوْتُ، قالَ: فالْآنَ، فَسَأَلَ اللَّهَ أنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بحَجَرٍ. قالَ: قالَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : فلوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، إلى جانِبِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ الكَثِيبِ الأحْمَرِ»[1].

وهو مَسْرَى رسول الله   صلى الله عليه وسلم  لقوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ [الإسراء: 1].

 وزيارته والصلاة فيه سببٌ لمغفرة الذنوب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ -عليهما السلام- سَأَلَ اللهَ ثَلَاثًا، أَعْطَاهُ اثْنَتَيْنِ، وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ تَكُونَ لَهُ الثَّالِثَةُ؛ فَسَأَلَهُ حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ، فَأَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ. وَسَأَلَهُ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. وَسَأَلَهُ أَيُّمَا رَجُلٍ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ خَرَجَ مِنْ خَطِيئَتِهِ مِثْلَ يَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. قال صلى الله عليه وسلم : فَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللهُ -تعالى- قَدْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ»[2].

ومن فضائله: أن الصلاة فيه بمائتين وخمسين صلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه، ولنِعْم المُصلَّى هو»[3].

وهو مُحرَّم على الدجال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «ولا يقرب أربعة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد الطور، ومسجد الأقصى، وما يُشَبَّهُ عليكم، فإن ربّكم ليس بأعور»[4].

وفيه هلاك يأجوج ومأجوج؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «ثُمَّ يَسِيرُونَ حتّى يَنْتَهُوا إلى جَبَلِ الخَمَرِ -وَهو جَبَلُ بَيْتِ المَقْدِسِ-؛ فيَقولونَ: لقَدْ قَتَلْنا مَن في الأرْضِ، هَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ مَن في السَّماءِ، فَيَرْمُونَ بنُشَّابِهِمْ إلى السَّماءِ، فَيَرُدُّ اللَّهُ عليهم نُشَّابَهُمْ مَخْضُوبَةً دَمًا»[5].

بناء المسجد الأقصى

عن أبي ذر -رضي اللَّه عنه- قال: قلت: يا رسول اللَّه: أيُّ مسجدٍ وُضِعَ في الأرض أوَّل؟ قال: «المسجد الحرام»! قلت: ثم أيّ؟ قال: «المسجد الأقصى»، قلت: كم بينهما؟ قال: «أربعون سنة»[6].

ولا يُعلَم على وجه اليقين مَن الذي بنى المسجد الأقصى، لكن اختلف المؤرخون على واحد من اثنين؛ هما آدم وإبراهيم -عليهما الصلاة والسلام-، أمَّا إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- فإنَّ الله -تعالى- أثبت له الرفع في قوله -تعالى-: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ﴾ [البقرة: 127]، ولم يُثبت له البَدْء، ممَّا يُرجِّح أنَّ الذي بدأ البناء هو آدم -عليه الصلاة والسلام-، وأنَّ عمل إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- كان تجديدًا له[7].

لكن كلامنا على المسجد الأقصى، والذي أود أن أقوله: إنَّ الباني واحد، وهذا الذي تطمئن إليه النفس، ويدل عليه الأثر، ويشهد له الواقع؛ لأنَّ بينهما أربعين سنة؛ كما ذكر صلى الله عليه وسلم ، وهي فترة قريبة، ثمَّ إنَّ البناية واحدة؛ فالكعبة المشرفة كان شكلها الأصلي شِبْه مستطيل بأضلاعٍ يبلغ طول أقصرها ما بين الركن اليماني والركن الأسود 20 ذراعًا، وأطولها من الركن اليماني إلى الركن الغربي 32 ذراعًا. والمسجد الأقصى كذلك شِبْه مستطيل أضلاعه غير متساوية وزواياه غير متشابهة، كما في الكعبة المشرفة، ولا يوجد لهذين المبنيين مثيل في الدنيا ولا شبيه، وهذا التشابه العجيب في نِسَب الأضلاع والزوايا هو ما اكتشفه ونشره دكتور هيثم الرطروط أستاذ العمارة بجامعة النجاح في نابلس عام 2005م. وهذا ما يؤكد حقيقةً أخرى مفادها أنّ الباني واحد، وأنّ البناية واحدة للكعبة والأقصى، وأنَّ العهد بينهما قريب، كما نصَّ الحديث النبويّ الشريف[8].

مساحة المسجد الأقصى

المسجد الأقصى المبارك هو كل ما دار عليه السور الرباعي شبه المستطيل، بمساحةٍ تصل إلى حوالي 144 دونمًا، (الدونم ألف متر مربع)؛ أي حوالي 144000 متر مربع، تشمل جميع المصليات والساحات وكافة المباني تحت الأرض وفوق الأرض، من قباب ومصاطب ومدارس وأروقة وخلوات.

ويحتوي على عدة مَعَالم يصل عددها إلى 200 مَعْلم، منها مساجد وقباب وأروقة ومحاريب ومنابر ومآذن وآبار، وغيرها من المعالم.

كما يوجد في ساحة الأقصى الشريف 25 بئرًا للمياه العذبة، 8 منها في صحن الصخرة المشرفة، و17 في الساحات السفلى، كما توجد مواقع للوضوء وعدة مصاطب يصل عددها إلى أربعين، ترتفع عن الأرض بدرجة أو درجتين، وتُستخدم للجلوس والصلاة وتدريس العلم الشرعي (الحديث الشريف والسيرة النبوية والتفسير والثقافة الإسلامية والفقه، بالإضافة إلى اللغة العربية والرسم)، وتستوعب كلّ الأعمار وكلا الجنسين، ويبلغ عددها 35 مصطبة، بُنِيَ بعضها في العصر المملوكي، ومعظمها في العصر العثماني.

وأما أسبلة شرب المياه؛ فأهمّها سبيل قايتباي المسقف بقبة حجرية رائعة، لفتت أنظار الرحالة العرب والأجانب الذين زاروا المسجد، إلى جانب سبيل البديري، وسبيل قاسم باشا.

وقبة الصخرة (القبة الذهبية)، الموجودة في موقع القلب منه، بناها عبد الملك بن مروان عام (72هـ/ 691م)، مع الجامع القبلي (ذي القبة الرصاصية)، الواقع أقصى جنوبه ناحية القِبْلَة، والذي أكمل الخليفة الوليد بن عبد الملك بنايته في فترة حُكمه، التي امتدت من عام (86هـ وحتى 96هـ)، (الموافق من 705م وحتى 714م).

والمصلى المرواني، ومصلى باب الرحمة، والأروقة، والقباب، والمصاطب، وأسبلة الماء والحدائق، وتحت أرض المسجد وفوقه، وغيرها من المعالم، وعلى أسواره المآذن، والمسجد كله غير مُسقَّف سوى بناء قبة الصخرة والمصلى القبلي والمصلى المرواني.

وهذا ما اتفق عليه العلماء والمؤرخون، وعليه تكون مُضاعَفة ثواب الصلاة في أيّ جزء مما دار عليه السور مما ذُكِرَ.

ومعرفتنا بحدود المسجد الأقصى ومعالمه وأروقته وقبابه ومصاطبه وأسبلته، وكل معالمه تجعلنا نُدرك أنَّ استيلاء الصهاينة على غرفتين من «الخلوات» في ساحة قبة الصخرة المشرفة شمالًا، وهما خلوة «قيطاس بيك»، وخلوة «جان بلاط»، اللتان سيطر عليهما الاحتلال بعد عام 1967م، وحوّلهما إلى نقطة شرطة هو احتلال لجزء أصيل من المسجد الأقصى، إضافةً إلى محاولة سيطرته على مصلى باب الرحمة[9]؛ مُوهمًا في ذلك أنَّ المسجد الأقصى هو المسجد القبلي الذي أشرنا إليه، وأنَّ كل ما عداه ليس منه. وهذا الذي يريد أن يُصدِّره للعالَم؛ ليستبيح الحَرَم في غفلة من المسلمين، مع إصرار وسوء نية من العدو. والصحيح الذي تقتضي معرفته هو الذي بيَّنَّاه في حدود الحرم القدسي ومساحته وأبنيته ومعالمه وأروقته. نسأل الله أن يَردّه للأُمَّة، وأن يُحرِّره من دنس الاحتلال.


 


[1] أخرجه البخاري (١٣٣٩)، ومسلم (٢٣٧٢).

[2] أخرجه أحمد (٦٦٤٤) واللفظ له، والنسائي (٥٦٧٠)، وابن ماجه (٣٣٧٧)، وقال شعيب الأرناؤوط في تخريج المسند لشعيب (٦٦٤٤): إسناده صحيح.

[3] أخرجه الطبراني، المعجم الأوسط (٧/١٠٣)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (١١٧٩).

[4] أخرجه أحمد (٢٣٦٨٥) واللفظ له، والحارث في ((المسند)) (٧٨٤)، وقال الأرناؤوط في تخريج المسند لشعيب (٢٣٦٨٥): إسناده صحيح.

[5] أخرجه مسلم (٢٩٣٧).

[6] أخرجه البخاري (٣٣٦٦)، ومسلم (٥٢٠).

[7] انظر: التوشيح شرح الجامع الصحيح للسيوطي، تحقيق رضوان جامع رضوان، 5/2175، الطبعة: الأولى، 1419هـ-1998م، مكتبة الرشد - الرياض، وفتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر، 6/409، دار المعرفة - بيروت، 1379هـ.

[8] منصة متراس على شبكة جوجل.

[9] انظر: منصة متراس على شبكة جوجل.

 

 


أعلى