الصومال  الشاهد المُغيَّب يعود للحضور بأهم تغيير في العلاقات الإقليمية

لقد أصبح الصومال نقطة التقاء الآن بين تركيا ومصر على صعيد الوجود والدور العسكري المباشر لكلا البلدين معًا، على أرضه.


عاد الصومال من غيبته الطويلة عن الاهتمام العربي والإسلامي والإقليمي. عاد شاهدًا على تطورات إستراتيجية إقليمية مهمة، يمكن وصفها بأنها «غير مسبوقة»، وعند البعض هي «غير متوقعة»، وإن كانت تطورات طبيعية ومنطقية؛ سواء لأنها لا تخرج عن السياق التاريخي، أو لأن أسبابها تبدو طبيعية، إن لم تكن منطقية أيضًا في هذا التوقيت.

لقد أصبح الصومال نقطة التقاء الآن بين تركيا ومصر على صعيد الوجود والدور العسكري المباشر لكلا البلدين معًا، على أرضه. فعلى أرض الصومال قاعدة عسكرية تركية، وعلى أرضه يجري تنظيم حضور 10 آلاف جندي مصري؛ نصفهم ضمن البعثة الإفريقية لحفظ السلام في الصومال، والنصف الآخر لتدريب ودعم القوات المسلحة الصومالية.

وهو يعود شاهدًا على صراع إستراتيجي خطير حول مياه النيل بين مصر والسودان من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى. وهو صراع يجري ضمن سلسلة معقدة من تدخلات إقليمية ودولية. ولعلها مفارقة مليئة بالدلالات أن يكون الحضور العسكري المصري بنحو 5 آلاف من القوات، ضمن قوات حفظ السلام الإفريقية في الصومال، بديلاً عن القوات الإثيوبية التي ستنتهي مهامها ضمن تلك القوات مع نهاية العام الحالي.

وهو شاهد على اشتداد الصراع الدولي والإقليمي حول مفاتيح الدخول إلى البحر الأحمر وخليج عدن -وقناة السويس بطبيعة الحال-، في لحظة تاريخية حافلة بالتناقضات، وأخطر ما فيها أن حراكًا يجري من الخارج عند مداخل البحر الأحمر إلى الداخل؛ لإفقاد العالم العربي مقومات الحفاظ على أمنه الإستراتيجي؛ إذ يتنامى الوجود العسكري الأجنبي عند مداخل البحر الأحمر لحصار الوجود والدور العربي على شواطئه.

وهو إذ غاب عن التأثير في مجريات وترتيبات القرن الإفريقي لسنوات طوال -بل كان هو موضوعًا لإعادة الترتيب وفق مصالح الدول الأخرى-؛ فهو يعود الآن ليطرح بناء توازنات جديدة، ويُعيد إنتاج إشكاليات النفوذ والسيطرة الدولية والإقليمية في هذا الإقليم المضطرب.

بل إن الصومال قد يكون في طريقه للدخول في أتون حرب جديدة في هذا الإقليم ستكون حتمًا في مواجهة إثيوبيا التي يُمثّل تاريخ الصومال سلسلة من حلقات المواجهة والحروب مع خططها الاستعمارية في أراضيه.

وكل ذلك ليس بغريب على الصومال؛ فلقد كان الصومال شاهدًا على التغيُّرات في التوازنات والصراعات الدولية والإقليمية دومًا. ومن قبل ومن بعد، فهو الشاهد العربي الإسلامي على التوجهات والخطط الإثيوبية الاستعمارية.

وهو شاهد على التنافس الاستعماري بين الدول الأوروبية، الذي أدَّى إلى تمزيق أرضه إلى دويلات، وهو شاهد على مرحلة الحرب الباردة على نحو دقيق للغاية -ويمكن القول على نحو فظّ-، وكذا على مرحلة الهيمنة الأمريكية على العالم بعد سقوط الاتحاد السوفييتي.

ومن قبل ومن بعد، هو الشاهد على الإهمال العربي والإسلامي -إن لم يكن على الضعف وعدم القدرة على رسم الإستراتيجيات-؛ إذ تُرِكَ وحيدًا لتعبث بأرضه قوى دولية وإقليمية أشعلت حربًا أهلية في داخله، وصارت تُغذّي اشتعالها طوال السنوات الماضية، وما تزال.

لقد أظهرت حقبة الاستعمار الأوروبي مدى الأهمية الإستراتيجية التي يتمتع بها الصومال؛ إذ تكالب المستعمرون عليه، وأبى كل منهم إلا أن يحصل على «جزء» من أرض هذا البلد. لقد احتلت بريطانيا جزءًا من الصومال، وأقامت محمية لها في أرضه (أرض الصومال) في عام 1887م. واحتلت فرنسا جزءًا ثانيًا في سنة 1892م -جيبوتي-، وحوَّلته إلى مقر استعماري لها في هذا الإقليم. واحتلت إيطاليا جزءًا ثالثًا، وأسَّست محمية لها على أرضه في عام 1989م. ولذلك ظهرت مسميات الصومال الفرنسي، والصومال البريطاني، والصومال الإيطالي.

وفي تلك الحقبة كان الصومال كاشفًا لدور العقائد في صناعة الإستراتيجيات؛ إذ حرص المستعمرون الأوروبيون على منح إثيوبيا أجزاء من الصومال. لقد منح المستعمرون الأوروبيون إثيوبيا قبل رحيلهم منطقة الهود ومنطقة جالبيد وإقليم أوجادين الصومالي، وقاموا برسم الحدود بين البلدين لصالح إثيوبيا قبل انسحابهم من المنطقة، ومن الصومال تحديدًا، وبذلك ظهر مسمى الصومال الإثيوبي أيضًا.

وهكذا حين أعلن استقلال الصومال كان الوضع بالغ التعقيد، سواء على صعيد «توحيد أراضيه بعد رحيل المستعمر الأوروبي، أو على صعيد تحرير أراضيه من المحتل الإثيوبي، الذي بقي ولم يرحل بما أدَّى لحرب دامية بين البلدين.

وقد دخل الصومال مرحلة الحرب الباردة؛ ليكون شاهدًا على تعقيدات كاشفة لدور قطبي الحرب الباردة في تبادل الأدوار وتغيير الحكومات وإشعال الحروب. وكذلك كان حين انعقدت الهيمنة الدولية للولايات المتحدة التي أرسلت قواتها إلى الصومال، وظلت تمارس دورها في داخله حتى أصدر الرئيس الأمريكي ترامب قرارًا بسحبها في 15 يناير 2021م.

والآن يعود الصومال للحضور على خلفية الاتفاق المُوقَّع بين إثيوبيا وأرض الصومال، والذي يهدف في مضمونه إلى صناعة كيان انفصالي جديد تحت مسمى جمهورية أرض الصومال، بما يُشكّل محاولة إثيوبية جديدة لتقسيم الصومال، وهو ما حرَّك المياه الراكدة -على خلفية تطورات في صراعات أخرى-، وأدَّى إلى استدعاء الحضور المصري إلى الصومال. ومن قبله كان الحضور التركي واسعًا وعميقًا ومُبادِرًا منذ سنوات على خلفية عودة تركيا لدورها الإستراتيجي في المنطقة.

اتفاقية أم إعلان حرب؟

شهد الدور الإثيوبي في تفكيك واحتلال الصومال نقلة نوعية جديدة مع مطلع العام الجاري 2024م، بإعلان توقيع الاتفاق بين إثيوبيا والإقليم الانفصالي المسمى بجمهورية أرض الصومال، وهو اتفاق اعتبرته القيادة الصومالية بمثابة إعلان حرب.

وقَّعت إثيوبيا اتفاقًا مع أرض الصومال -والتي كانت في السابق محميةً بريطانيةً-؛ يقضي الاتفاق بوصول إثيوبيا بقواتها إلى البحر الأحمر، وإقامة قاعدة بحرية إثيوبية على الأرض الصومالية. وهو اتفاق يُبقي الوجود العسكري الإثيوبي في أرض الصومال لنحو 50 عامًا. وكل ذلك في مقابل اعتراف الحكومة الإثيوبية بـ«أرض الصومال»، دولة مستقلة، ليكون الاعتراف الإثيوبي بها هو الأول على الإطلاق؛ إذ تم إعلانها في عام 1991م، ولم تعترف به أيّ دولة من دول العالم حتى عام 2024م. وهو في الواقع شرط ضروري لمصلحة إثيوبيا، التي لا تستطيع عقد مثل هذا الاتفاق من وراء ظهر الدولة الصومالية، إلا بالاعتراف بهذا الكيان الانفصالي كدولة.

لقد مثَّل عقد هذه الاتفاقية تغييرًا في الموقف الإثيوبي ودليلاً على تحوُّل إثيوبيا إلى الهجوم الإستراتيجي باتجاه البحر الأحمر، بعد الوضع الهجومي الذي جرى باتجاه مياه النيل والسودان ومصر.

كان الموقف الإثيوبي متحفظًا ومترددًا عن اتخاذ خطوة الاعتراف بأرض الصومال دولة منفصلة عن الصومال، خلال حكم رئيس الوزراء الإثيوبي السابق، ميليس زيناوي، الذي أعلن أن بلاده لن تتحرك في ملف منح «أرض الصومال» الاعتراف الرسمي بها، إلا بضوء أخضر غربي.

وبمعنى آخر، فإن إثيوبيا لن تُقْدِم على هذا الاعتراف إلا عقب تلقّي تأكيدات غربية بعدم اتخاذ موقف معارض لتلك الخطوة التي سيرفضها الاتحاد الإفريقي، الذي قرَّر منذ بداية تشكيله الإبقاء على حدود الدول كما تركها المستعمرون. وهو قرار لم يشهد اختراقًا إلا بإعلان قيام جمهورية جنوب السودان.

 لقد تجاوز آبي أحمد هذا التقدير والقرار الذي اعتمده سلفه زيناوي، وأبرم الاتفاق الأخير في مقابل الحصول على قاعدة على «أرض الصومال»، وهو قرار تبعه إعلان إثيوبي عن الاهتمام ببناء قوة بحرية. وهو ما يطرح تساؤلات ليس فقط عن أسباب تغيُّر الموقف الإثيوبي، بل عن الموقف الغربي من تلك الخطوة الإثيوبية. وفي ذلك يظهر اسم بريطانيا التي كانت تحتل هذا الإقليم من قبل، وباعتبارها لاعبًا رئيسيًّا -وإن كان غير ظاهر- في إدارة الصراعات في القرن الإفريقي.

وإذا كان الصومال قد اعتبر الخطوة بمثابة تقسيم جديد للصومال، وبأنها إعلان حرب، فالخطوة الإثيوبية هي إعلان بنفض اليد عن محاولات سابقة لها باتجاه إريتريا من جهة، وعن اعتماد جيبوتي ميناءً رئيسيًّا لتجارتها من جهة أخرى. وإذا كانت الأولى -إريتريا- قد فرضت موقفها الرافض لإقامة قاعدة عسكرية إثيوبية دائمة على أرضها، عبر حرب تحرير انتهت إلى إخراج المحتل الإثيوبي؛ فالأمر الغريب هو بشأن جيبوتي التي يمر من خلال موانئها حاليًّا نحو 90% من التجارة الخارجية الإثيوبية.

وهكذا، فإن الموقف من جيبوتي يُظهر بوضوح أن هدف إثيوبيا من الوصول لمياه البحر الأحمر، ليس فقط إنهاء لحالة الدولة الحبيسة التي تعيشها إثيوبيا تاريخيًّا، بل للعب دور إقليمي أكبر عبر الوجود العسكري عند مداخل البحر الأحمر، بما يُؤثّر على حركة الدخول والخروج وعلى امتدادات البحر -حيث قناة السويس المصرية-، بما يجعل إثيوبيا في موضع الضاغط بشأن القناة وبشأن مياه النيل.

وهو ما يجري في ظروف خاصة للغاية يعيشها البحر الأحمر بفعل التمدد الإيراني عبر الحوثيين إلى مداخل البحر، بما يعني أن الاتفاق سيُعيد تشكيل مشهد التوازنات في هذا الإقليم المعقَّد المضطرب المليء بالوجود الأجنبي والإقليمي.

وهكذا فهناك من يرى أن هذا الاتفاق سيكون بمثابة القشة التي قد تدفع هذا الإقليم للدخول في حالة حروب بالغة التعقيد. إن اندلعت الحرب بين الصومال وإثيوبيا هذه المرة وفي هذا التوقيت، ستكون مختلفة عن ما سبقها من حروب أشعلتها إثيوبيا في الصومال؛ إذ توجد الآن العديد من القواعد الأجنبية على أرض الصومال التاريخية، وبالدقة على أرض جيبوتي التي كانت تاريخيًّا جزءًا من أرض الصومال قبل أن تحتلها فرنسا. فهناك تتجاور قواعد لكل من الولايات المتحدة وفرنسا والصين، بل حتى لليابان أيضًا. وما يزيد الأمر تعقيدًا أن الصومال الآن، لم يعد الصومال المتروك وحيدًا كما كان الحال من قبل؛ فعلى أرض الصومال الآن قوات مصرية وأخرى تركية.

لماذا تركيا؟ ولماذا مصر؟

إذا كانت إثيوبيا قد وقَّعت اتفاقها مع الجيب الانفصالي المسمى بأرض الصومال، في مطلع عام 2024م، فلم ينتهِ العام حتى وقَّع الصومال اتفاقيتين عسكريتين مع كلٍّ من تركيا ومصر بالترتيب.

جاء الحضور التركي العسكري والاقتصادي والثقافي باكرًا بالمقارنة مع الحضور المصري. وإذا كان الحضور التركي قد جاء على خلفية تنامي الدور التركي إقليميًّا ودوليًّا، فقد جاء الحضور المصري على خلفية الموقف الإثيوبي المعادي لمصر، كما ظهر في قضية سد النهضة التي مثَّلت محاولة إثيوبية للضغط الإستراتيجي على مصر في أبرز قضايا الأمن القومي لها، وهي قضية المياه.

 لقد تنامَى الوجود التركي في الصومال إلى درجة عقد اتفاق دفاعي وأمني واقتصادي. وكان واضحًا أن الحضور التركي جاء مستهدفًا مدّ مظلة الحماية التركية للأراضي والمياه الصومالية، وإعادة تأسيس الجيش الصومالي، مع منح الشركات التركية تراخيص التنقيب عن الثروات في الأرض والمياه الصومالية. وهو ما تجسَّد في بناء قاعدة تركية -هي الأكبر لها في خارج أراضيها-، وفي تدريب وتسليح الجيش الصومالي.

لقد قال الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، عن هذه الاتفاقية: إنها «تهدف إلى إنشاء قوة عسكرية مشتركة بين البلدين. هذه القوة ستحمي سواحل الصومال ومياهه الإقليمية، وستستثمر في موارده البحرية لمدة عشر سنوات. وهذه القوات المشتركة ستعمل فقط لمدة عشر سنوات، وبعد ذلك سيكون لدى الصومال قواته البحرية الخاصة التي ستتولى هذه المهمة»؛ هكذا كانت تلك الاتفاقية بمثابة تطوُّر إستراتيجي في العلاقات الصومالية التركية.

لكنَّ العام لم ينتهِ إلا وقد وقَّع الصومال اتفاقًا آخر مع مصر؛ ففي يوم 14 أغسطس 2024م، وقَّع الرئيس المصري بروتوكولاً للتعاون العسكري مع الرئيس الصومالي. ويشمل الاتفاق حضور نحو 10 آلاف من القوات المصرية؛ نصفها ضمن قوات حفظ السلام الإفريقية، والنصف الآخر لإقامة قاعدة تدريب للقوات الصومالية.

وفي ذلك يُعدّ نجاح التعاون التركي المصري في الصومال، نموذجًا أوليًّا لما يمكن أن يكون عليه تعاون الدولتَين في العديد من ملفات المنطقة ذات الحساسية العالية.

الحرب القادمة

يعيش الصومال حالات حرب متنوعة مع إثيوبيا، منذ إطلاق سياد بري حرب تحرير الأوجادين في عام 1977م.

في ذلك العام كانت المنطقة مسرحًا لحرب بين الصومال وإثيوبيا استمرت لعام كامل. لقد أطلق الجيش الصومالي هذه الحرب لدعم جبهة تحرير غرب الصومال التي تأسست قبل ذلك بعام. وأدَّى هذا التدخل إلى استعادة القوات الصومالية لإقليم الأوجادين، وهو ما تم في وقتٍ كانت تشهد فيه إثيوبيا تحولات كبيرة بعد الإطاحة بنظام هيلا سياسي.

في بداية الحرب تمكّنت القوات الصومالية من تحقيق الانتصار عبر السيطرة على إقليم أوجادين. غير أن الاتحاد السوفييتي تحرَّك بالمساندة لإثيوبيا التي تغيَّر نظام الحكم فيها، وأصبح مُواليًا لموسكو تحت قيادة هيلا ماريم منجستو. وانقلبت موازين الحرب، وانتهت إلى هزيمة الصومال.

لقد انتهت تلك الحرب إلى انهيار نظام سياد بري، وحدوث فراغ سلطة في البلاد التي دخلت بعدها في مراحل متنوعة من حالة اللادولة وحروب الميليشيات، كانت إثيوبيا هي الطرف المُحرّك لها والمانع لكل جهود بناء سلطة سياسية موحدة في البلاد.

لقد أصبحت حدود الصومال مستباحة للقوات الإثيوبية التي باتت تجتاحها وتتغوَّل فيها؛ فسيطرت على مدينتي لوق وبيدوا الصوماليتين، واعتمدت إثيوبيا إستراتيجية إشعال الحروب الداخلية وتشجيع أعمال الانفصال في الصومال بما يُسهِّل عملية التحكم في المكونات الداخلية وتحريكها وفق مصالح إثيوبيا، وعلى حساب استقرار الصومال ووحدة أراضيه.

والآن يعيش الصومال على وقع احتمال وقوع حرب أخرى، لا تخرج عن كونها امتدادًا للحروب الإثيوبية على الصومال.

غير أن الحرب المحتملة الآن لن تكون كسابقاتها، ليس فقط بسبب الوجودين المصري والتركي، بل أيضًا بسبب احتمال توحُّد المجموعات والفصائل الصومالية في مواجهة إثيوبيا، ولأن المنطقة تعجّ بقواعد الجيوش الأجنبية.

وفي ذلك ستكون تلك الحرب مختلفة؛ إذ ستنعكس الأوضاع الدولية على تلك الحرب.

ففي الصومال الآن قاعدة وقوات تركية، وفي الصومال الآن قوات مصرية، وعلى أرض جيبوتي -وهي أرض صومالية أيضًا-، توجد قواعد الدول الكبرى المتنافسة والمتصارعة.

 

  

أعلى