هاجس الانتقام

يُعدّ سلاح التصفية الجسدية والاغتيال أحد طرق التعامل مع الخصوم، ولكنّ كثرة استعماله مؤشّر قويّ على تدنّي الروح القتالية، ولذا فنادرًا ما يَحسم معركة


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وإمام المرسلين؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

يُعدّ سلاح التصفية الجسدية والاغتيال أحد طرق التعامل مع الخصوم، ولكنّ كثرة استعماله مؤشّر قويّ على تدنّي الروح القتالية، ولذا فنادرًا ما يَحسم معركة، والأغلب أن يكون سببًا في ارتفاع ضراوة الصراع ودمويته.

وإذا تجاوزنا الباطنية الذين برعوا في عمليات الاغتيال التي لم تُحقّق لهم البقاء والانتشار، وكانت نهايتهم أن يتحولوا إلى قتلة مأجورين؛ فإن اليهود سلكوا هذا المسلك، واتخذوه وسيلة أساسية لمواجهة الخصوم؛ نظرًا لطبيعة تكوينهم النفسية، وعجزهم عن المواجهة المباشرة؛ فقد تكرر منهم محاولة اغتيال الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكانت سببًا مباشرًا في إجلاء بني النضير.

 وتُوفِّي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يعاني من شاة اليهودية المسمومة؛ فقد روى البخاري في صحيحه معلقًا، والحاكم في مستدركه موصولًا، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم  يقول في مرضه الذي مات فيه: «يا عائِشَةُ، ما أزالُ أجِدُ ألَمَ الطَّعامِ الذي أكَلْتُ بخَيْبَر، فَهذا أوانُ وجَدْتُ انْقِطاعَ أبْهَرِي مِن ذلك السُّمِّ».

وفي عصرنا الحالي كانت عمليات الاغتيال التي يُنفّذها اليهود تتابع في كل دورة صراع، وكم من القادة الفلسطينيين الذين قضوا نتيجة الاغتيال، وكان آخرهم إسماعيل هنية -رحمه الله-، ومع تحوُّل ثِقَل المعارك إلى شمال فلسطين ضد «حزب الله»؛ تتابع عمليات الاغتيال الفردية والجماعية؛ من فؤاد شكر، إلى حسن نصر الله، في تتابع غريب يدلّ على عمق الاختراق.

والذي يبدو أن المرحلة القادمة ستشهد تصاعدًا في حدة الصراع وانتشاره، وسيقع على الكيان مواجهة جولة طويلة من العمليات الانتقامية؛ فقد وقع اليهود في فخّ استعداء الجميع، وسيكون هاجس كيفية انتقام الخصوم منهم مسيطرًا على الطبقة الحاكمة لفترة طويلة من الزمن.

أعلى