مخاطر صيغ التمويل الإسلامية
مقدمة:
يمارس التمويل الإسلامي في المصرفيّة الإسلامية من خلال عدّة
صيغ؛ كالمرابحة للآمر بالشراء، والإجارة المنتهية بالتمليك، والمشاركة
المتناقصة أو المنتهية بالتمليك، والسَّلم والاستصناع وغيرها، وهذه تؤدّي بدورها
إلى إيجاد اقتصاد حقيقي؛ لكونها قائمة على عقود المعاوضات أو المشاركات.
وهي عقود تؤثّر في إيجاد نشاط اقتصادي حقيقي؛ لكونها تساهم في
نقل ملكية السلع والخدمات من المصرف الإسلامي إلى العاملين في الحياة الاقتصادية،
أو أن تكون هناك شراكة بينهما، وهذا يعني أن التعامل بالديون هو الاستثناء وليس
الأصل، وأنّ الدخل الحقيقي للنشاط الاقتصادي يتفوّق بمرات كثيرة على حجم الديون،
الأمر الذي يسهم في توظيف قسم من هذا الدخل في تسديد هذه الديون، والقسم الآخر
يحوّل إلى التوظيف بما يخدم النشاط الاقتصادي، وهذا يعني في النتيجة ندرة حدوث
الأزمات الاقتصادية، لأنّ الدخل الحقيقي للنشاط الاقتصادي ينمو بمعدّل أكبر وأسرع
من نموّ الديون.
تأسيساً على ذلك: فإنّ هناك عدد من مخاطر لصيغ التمويل الاسلامي
تتأثّر المصرفية الإسلامية بها.
ومخاطر صيغ التمويل الإسلامية هي احتمالية مستقبلية قد
تعرض المصرف الى خسائر غير متوقعة وغير مخطط لها؛ بما قد يؤثر على تحقيق أهداف
المصرف وعلى تنفيذها بنجاح، وقد تؤدي في حال عدم التمكن من السيطرة عليها وعلى
آثارها الى القضاء على المصرف وإفلاسه.
أولاً: صيغ التمويل المصرفية الإسلامية:
أ- واقع تطبيقات صيغ التمويل المصرفية الإسلامية:
تأتي صيغة المرابحة للآمر بالشراء في طليعة صيغ الاستثمار المطبقة في
تلك المصارف بنسبة عالية.
وللتوضيح ببـيان الأهمية النسبية لصيغ الاستثمار في عدد من
المصارف الإسلامية، فإن المرابحة للآمر بالشراء هي الأسلوب السائد في استثمار
الأموال في العديد من المصارف الاسلامية. [1]
ولقد تمَّ توجيه انتقادات كثيرة إلى المصارف الإسلامية وما
زالت، بسبب اعتمادها بنسبة كبيرة على صيغة المرابحة للآمر بالشراء دون أن تفسح
المجال للصيغ الأخرى بالقدر الكافي بالتطبيق في ميدان معاملاتها، ولعل السبب في
ذلك يرجع إلى تدنّي المخاطر في هذه الصيغة عن بقية الصيغ الأخرى التي ترتفع فيها
درجة مخاطر الاستثمار.
ولتفادي ذلك يمكن تنظيم نشاط المصارف الإسلامية بحيث يقيد قيامها
بصيغة المرابحة للآمر بالشراء في حدود نسبة معينة من أصولها، حتى تضطرّ إلى
استعمال صيغ أخرى أجدى على النشاط الاقتصادي، وإن كانت أكثر مخاطرة من صيغة المرابحة
للآمر بالشراء. [2]
حيث إن صيغة المرابحة منخفضة الكفاءة، وظهرت انتقادات جادة لهذه
الصيغة واعتراضات عليها من قبل العديد من كتابات الاقتصاد الإسلامي، وذلك من ناحية
انخفاض الكفاءة الاقتصادية:
1 - حيث يشتري المصرف السلعة، ثم يحوزها ويقبضها، ثم يبيعها للمشتري
النهائي. وتظهر هنا مزاحمة المصرف للتجار على هذا النحو بالنظر إلى الأصول المالية
التي يتمتع بها المصرف.
2 - حيازة المصرف للسلعة وقبضها، مع أن المصرف ليس له أي غرض في
السلعة أصلاً، فالقبض والحيازة تكلفة إضافية تخرج المصرف عن وظيفته الأساسية.
ويزداد الأمر سوءاً إذا كان المشتري النهائي يقصد السيولة أصلاً، إذ سيحتاج حينئذٍ
إلى بيع السلعة مرة ثالثة ليصل إلى مراده.
3 - إن شراء العميل للسلعة من المصرف بثمن آجل ثم بيعها بثمن فوري
لغيره (المصرف) صيغة غير كفوءة، إذ يتحمل المشتري تكاليف القبض والحيازة، ثم
الخسارة بسبب البيع الفوري الذي يكون عادة أقل من ثمن الشراء.
4 - تؤدي صيغة المرابحة إلى ضرر قد يلحق الاقتصاد الوطني، حيث إن
اتجاه غالبية المرابحات إلى أنشطة اكتنازية أو لإشباع رغبات كمالية يمكن أن يؤدي
إلى زيادة حدة التضخم ومعوّقات أمام الاستثمار الحقيقي[3].
ومن ثَمَّ فمِنْ غير المقبول على الإطلاق أن تلجأ المصارف الإسلامية
إلى التعامل بصيغة المرابحة للآمر بالشراء بنسبة كبيرة، وتهمل التعامل بالصيغ
الأخرى أو تتعامل بها بنسب متدنية، والمطلوب منها في هذه الحال أن تساوي أو تقارب
بين الصيغ في التعامل إلى حدٍّ كبير.
ب: الصيغ الأخرى للتمويل الإسلامية التي تطبق بنسب أقل:
إنّ تطبيق صيغ الصيرفة الإسلامية من مضاربة ومشاركة واستصناع وسلم
ومزارعة ومساقاة وإجارة وغيرها في معاملات المصارف الإسلامية يُعدُّ إثراءً لها،
وتعزيزاً لوجودها، وإثباتاً لها على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، وإسهاماً في
إنجاحها وأداء رسالتها في تنمية الأنشطة الاقتصادية المختلفة.
إلا أنه على الصعيد التطبيقي فإننا نلمس أن عدداً ضئيلاً من تلك
الصيغ يطبق في المصارف الإسلامية، والقسم الأكبر منها لا نرى لها أثراً في
معاملاتها.
إنّ وظيفة المصارف الإسلامية تتمثل بإدارة السيولة المتوفرة
عندها من خلال اعتماد صيغ التمويل التي مرّ ذكرها في دعم الأنشطة الاقتصادية،
الأمر الذي يؤدي إلى تجنب وقوع الأزمات المالية ومنها الأزمة المالية
الحالية في مختلف القطاعات الاقتصادية.
ولذلك فإن صيغة الاستصناع في حال اعتمادها في المصارف
الإسلامية يمكنها أن تسهم في تمويل قِطَاع الصناعة، الأمر الذي ينعكس إيجاباً عليه
إن كان يعاني من أزمة اقتصادية، وإن صيغ السَّلم والمزارعة والمساقاة والمغارسة في
حال اعتمادها أيضاً يمكنها أن تسهم في تمويل قِطَاع الزراعة، الأمر الذي ينعكس
إيجاباً عليه إن كان يعاني من أزمة أيضاً، وإن صيغة المضاربة في حال اعتمادها
أيضاً تسهم في تمويل قطاع التجارة، الأمر الذي يؤدي إلى تنمية هذا القطاع إن
كان يعاني من أزمة، وهكذا بالنسبة إلى بقية الصيغ الأخرى.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الملاحظ في أرض الواقع أن غالب إدارات المصارف
الإسلامية تلجأ إلى استثمار إيراداتها في المشاريع القصيرة الأجل، ونادراً ما تلجأ
إلى استثمارها في المشاريع المتوسطة والطويلة الأجل، الأمر الذي يجعلها بذلك تبتعد
عن الإطار النظري المفترض لها من حيث اعتمادها على جميع الصيغ الموضوعة لها، ومن
حيث إسهاماتها في تحقيق تنمية مجتمعاتها.
وفيما له عَلاقة بأجل الاستثمار ومجاله في هذه المصارف، فقد استحوذ
الاستثمار التجاري القصير الأجل على غالبية الاستثمارات في هذه المصارف، بينما لم
يحظ الاستثمار الطويل الأجل على أي أهمية تذكر، كما ركزت على قطاع التجارة، بينما
لم تهتم بتوجيه استثماراتها إلى قطاعي الزراعة والصناعة على الرغم من أهميتهما
لعملية التنمية[4].
وهناك العديد من الصيغ الاستثمارية التى يمكن للمصارف
الإسلامية أن تمول العملية الإنتاجية في المجتمع ومنها:-
أ - صيغة السَّلم:
السّلم في اللغة: يرد بمعنى الإعطاء والترك والتسليف، أما في
الاصطلاح الفقهي فهو عبارة عن بيع موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلاً[5].
إن بيع السَّلم هو من أكثر البيوع ملائمة لتمويل النشاط
الزراعي، إذ يقوم المصرف بتقديم التمويل اللازم للمزارعين الذين يتوقع أن تتوفّر
منتجاتهم الزراعية في موسم معين، ويتيح لهم بالتالي تغطية الفترة الفاصلة بين بدء
الإنتاج وموسم الحصاد[6]. وإن هذا العقد يصلح للتطبيق في البلاد
التي يعتمد اقتصادها على القطاع الزراعي.
وبذا يظهر أن صيغة السَّلم يمكن أن تلعب دوراً في تنشيط القطاع
الزراعي إذا كان يعاني من أزمة في التمويل، من خلال تمويل هذا القطاع قبل موسم
الإنتاج، حيث تقوم المصارف الإسلامية بتملّك الموسم الزراعي، ثم تبيعه بسعر أعلى.
ومن المؤسف أن نجد أن نسبة تطبيق هذه الصيغة في المصارف الإسلامية
متدنية كثيراً، وبحسب دراسة قامت بها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية
الإسلامية، فقد تبيّن أن التمويل بصيغة السّلم يمثل حوالي 5% من إجمالي التمويل
الممنوح من قبل المصارف التي شاركت في الدراسة.
ب- صيغة الاستصناع:
الاستصناع - لغة - سؤال الصنع أو طلبه، وفي الاصطلاح الفقهي: طلب عمل
شيء خاص، على وجه مخصوص، مادّته من الصانع. فإذا قال شخص لآخر من أهل الصنائع:
اصنع لي الشيء الفلانيّ بالأوصاف التالية بكذا درهماً، وقبل الصانع ذلك، كان
ذلك استصناعاً[7].
وبناءً عليه، فإن الاستصناع عقد مع صانع على عمل شيء في الذّمّة،
كالاتفاق مع نجار على صناعة مكتب أو مقاعد، أو غرفة مفروشات أو صناعة باخرة أو
طائرة أو سيارة أو بناية، وتكون مادة العين المصنوعة من الصانع.
وقد أصبح للاستصناع في عصرنا الحاضر أهمية كبيرة، حيث اتجه الناس
إليه في بناء السفن وتصنيع الطائرات المدنية والحربية وتجهيز الآلات وصناعة
السيارات، وغير ذلك من المصالح والحاجات، فصار هذا العقد من أهم العقود الدولية
والمحلية في مجال الصناعة، وأدى ذلك إلى تنشيط حركة التبادل والتعامل وتسهيل
المعاملات على كلّ من الصانع والمستصنع في المعامل والمصانع المختلفة[8].
ج- صيغة الإجارة المنتهية بالتمليك:
وتسمى أيضاً البيع الإجاري، وهو إيجار ينتهي بالبيع (بالتمليك)، وذلك
بأن يقوم المصرف بتأجير شيء استعمالي - وهو ما ينتفع به مع بقاء عينه، وتسمى
أيضاً السلع المعمّرة أو الأصول الثابتة - إلى العميل بأقساط معينة ومحدّدة
الآجال، فإذا أدّى المستأجر الأجرة انتقلت السلعة إلى ملك المستأجر بعقد جديد عن
طريق الهبة أو عن طريق البيع بثمن رمزي[9].
إنّ اعتماد هذه الصيغة من قبل المصارف الإسلامية يساهم في تفعيل
وتنشيط عدّة قطاعات اقتصاديّة، وأهمها القطاعات العقارية والصناعية والتجارية؛ ذلك
لأنّ هذه الصيغة يمكن أن تطبق في مجالات إجارة العقارات والآلات والمعدات
المختلفة، الصناعية والتقنية؛ بما فيها أجهزة الحاسب الآلي، وبالتالي يتيح هذا
الأسلوب الاستثماري للزبون أو العميل هامش حرية أكبر في اختيار الأصول التي يرغب
بامتلاكها[10].
وفي دراسة قامت بها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية
والإسلامية حول تطبيق صيغتي الإجارة والإجارة المنتهية بالتمليك في 20 مصرفاً
إسلامياً، تبيّن أن نسبة عمليات هاتين الصيغتين تتراوح بين 2 % و60 %، أي بمتوسط
12% فقط[11].
ولعلّ تدني هذه النسبة يرجع إلى أن هذه الصيغة تحتاج إلى وقت طويل
حتى تؤتي نتائجها الاستثمارية، الأمر الذي لا تحبذه إدارات المصارف الإسلامية
الراهنة كثيراً.
إن صيغة الإجارة المنتهية بالتمليك تتلاءم مع الاستثمار الطويل
الأجل، وتسهم بالتالي في تجنب وقوع الأزمات المالية في حال اعتمادها من قبل
المصارف الإسلامية القائمة.
ثانياً: كيفية مواجهة مخاطر صيغ
التمويل الإسلامي:
1 - مواجهة مخاطر صيغة المشاركة:
تتكون عقود المشاركة في الربح والخسارة من عقود المشاركة والمشاركة
المتناقصة المنتهية بالتمليك والتي يشترك فيها المصرف والعميل في رأس المال، بحسب
نسب متفق عليها بينهما. وفي حال الخسارة يتم توزيعها بحسب نسبة كل منهما في رأس
المال، أما في حال الربح فيكون بينهما بحسب نسبة أخرى متفق عليها قد لا تكون هي
ذاتها نسب الخسارة.
• وتتأتى المخاطرة في مشروعات المشاركة من سوء الإدارة، أو بيع
المشارك الآخر حصته إلى طرف ثالث، أو من تعذر تشغيل المشروع أو فشله في إنتاج
السلعة أو الخدمة المطلوبة، أو من عدم القدرة على تسويق وتصريف منتجات المشروع أو
فشلها.
• ولعل تناقص ملكية المصرف في المشروع في عقود المشاركة المنتهية
بالتمليك يقلل من مخاطره نظراً لانخفاض نسبته في رأس المال. إلا أن هذا لن
يكون إلا بعد فترة يكون المشروع قد تجاوز الكثير من المخاطر التشغيلية والتسويقية.
الأمر الذي يعني تراجع حجم ومستوى المخاطرة أيضاً.
2- مواجهة مخاطر عقود المضاربة
• تكون المخاطرة التعاقدية في عقود المضاربة، التي يكون فيها المصرف
الإسلامي صاحب المال، أكبر منها في أي عقود أخرى. وذلك لأن الخسارة تقع على صاحب
المال لوحده ولا يتحمل صاحب العمل أي خسارة مادية، ما لم يثبت الإهمال أو
التعدي أو التقصير.
• وتأتي المخاطرة في عقود المضاربة من صاحب العمل الذي قد لا
يكون كفئاً أو خبيراً في إدارة وتصريف منتجات المشروع، أو من المشروع نفسه أو
منتجاته.
ويمكن أن تنتج المخاطرة من عدد من العوامل مثل:
(1) تجاوز المدة الكلية للتمويل دون إتمام الصفقة.
(2) سوء أمانة رب العمل أو نقص كفاءته وسوء إدارته للمشروع.
(3) عدم الالتزام بشروط عقد المضاربة.
(4) أو قد يكون الناتج النهائي خسارةً أو ربحاً ضئيلاً.
3 - مواجهة مخاطر عقود المرابحة:
تختلف طبيعة المخاطر في عقود المرابحة عنها في عقود المشاركة أو
المضاربة، من حيث إن مستواها واحتمال حدوثها أقل. وتنشأ المخاطرة في عقود المرابحة
من ثلاثة مصادر هي:
المصدر الأول ويكمن في رفض العميل التوقيع على عقد المرابحة
للسلعة عندما يتملكها المصرف وقبل أن ينقلها إلى العميل. وفي هذه الحال يقوم
المصرف ببيع السلعة إلى طرف ثالث. فإذا باعها المصرف بمثل ما اشتراها به، انتفت
المخاطرة، وسدد المصرف حساباته. أما إذا باعها بأقل ممَّا اشتراها به، فيمكن
للمصرف تغطية هذه الخسارة من خلال التأمين النقدي المودع لديه من قبل العميل الآمر
بالشراء أو من خلال كفيله.
المصدر الثاني وينشأ عن وجود عيب في السلعة أو صلاحيتها، حيث
يكون من حق العميل الآمر بالشراء رفض استلام السلعة، ولا يكون للمصرف الحق في
الحصول على تعويض منه. وفي هذه الحال يمكن للمصرف الرجوع إلى البائع الأصلي وردِّ
السلعة له. وهنا تكمن المخاطرة في رفض البائع الأصلي رد السلعة وإعادة قيمتها
للمصرف، وهنا سوف يضطر المصرف إلى بيع السلعة مع بيان عيبها بأبخس الأثمان، ويتحمل
المصرف لوحده كامل الخسارة.
المصدر الثالث وينشأ عن تخلف العميل الآمر بالشراء عن التسديد
أو تأخره في التسديد. حيث لا يوجد في العقود الإسلامية شرط جزائي على التأخير في
السداد، كما لا يوجد مكافأة للتعجيل في الدفع قبل تاريخ الاستحقاق. ولذلك تحرص
المصارف الإسلامية على وجود كفيل قادر على تغطية عجز العميل عن التسديد، إن حدث
ذلك.
4- مواجهة مخاطر عقود السَّلَم:
تنشأ مخاطر عقود السَلَّم، في معظمها، من السوق والتغيرات في
الأسعار، وخاصة انخفاض سعر السلعة المتفق على تسليمها في الأجل والمدفوع والمحدد
سعرها في العاجل. فانخفاض سعر السلعة في السوق يعني أن المصرف سوف لن يكون قادراً
على تحقيق أي أرباح من عقد السَلَّم كون السعر الذي دفعه عاجلاً سوف يكون أكثر من
سعر بيعها عند استلامها. وبهذا تكون مخاطرة المصرف ليس فقط بمقدار الفرق بين سعر
البيع الأقل وسعر الشراء الأعلى. وإنما أيضاً بمقدار ضياع الفرصة البديلة المتمثلة
في مقدار الربح المتوقع من عقد السَلَّم.
كذلك تنشأ مخاطر عقود السَلَّم عند عدم قدرة البائع على الوفاء
بالتزاماته، أي بتسليم السلعة المتفق عليها في عقد السَلَّم لأسباب خارجة عن
إرادته بالنسبة إلى نوع السلعة وجودتها وكميتها.
5 - مواجهة مخاطر عقود الاستصناع والاستصناع الموازي:
تكمن مخاطر عقود الاستصناع في السلعة المتفق على تصنيعها، من حيث عدم
صلاحية المنتج. وبالتالي يكون للعميل الحق بالرجوع على الصانع أو المقاول الذي هو
المصرف. كما تكمن المخاطرة في مدى التزام الصانع بالزمن المحدد لتسليم المنتج.
وأما المصدر الآخر للمخاطرة في هذا النوع من العقود فينشأ عن تخلف أو
تأخر المصنوع له عن تسديد باقي ثمن المنتج.
كما يمكن تلخيص مخاطر عقود الاستصناع و الاستصناع الموازي بما يلي:
1- تقلبات الأسعار بعد تحديدها في عقد الاستصناع.
2- تأخر الصانع في تسليم البضائع في حال كان المصرف مستصنعاً.
3- تأخر المقاول أو المنتج في تسليم الأصل المستصنع في حال كان
المصرف صانعاً، ممَّا يؤدي إلى تأخر موعد التسليم ودفع غرامات تأخير.
4- عدم سداد العميل المستصنع أو تأخره عن السداد مع عدم قدرة المصرف
على رفع السعر نتيجة التأخير.
5- التقلبات في أسعار المواد الأولية اللازمة للاستصناع.
6 - مواجهة مخاطر عقود الإيجارة:
• تُعدُّ مخاطر عقود الإيجارة مخاطر ملكية، كون الأصل المؤجر ما تزال
ملكيته للمصرف. وتنشأ المخاطرة هنا عن احتمال تلف أو تقادم أو انخفاض قيمة الأصل،
التي لا يستطيع المصرف تحويلها إلى المستأجر.
• كما تنشأ عن تخلف المستأجر عن تسديد باقي أقساط الأصل أو رفض
المستأجر تملك الأصل بعد انتهاء عقد الإيجارة، وبالتالي إعادته إلى المصرف الذي
يجب عليه أن يبيعه في أقرب وقت ممكن، تنفيذاً لتعليمات السلطة النقدية التي تمنع
المصارف من إبقاء ملكية الأصول والأعيان لدى المصارف إلا لغايات تمويلية.
الإجراءات المطلوبة لمواجهة المخاطر بشكل عام وتحسين أداء
المصارف الإسلامية
• المزيد من التعاون المكثف والمتطور بين السلطات النقدية والأجهزة
الرقابية والمؤسسات المالية في السوق.
• ضرورة الاستفادة من تكنولوجيا الاتصالات والإنترنت في مشاركة
الأفكار والدراسات والأحكام الشرعية وغير ذلك فيما يتعلق بعمل المصرفية الإسلامية.
• تطوير المنتجات المالية المقبولة شرعاً لكي تنافس من حيث
الفاعلية المالية المنتجات التقليدية.
• تحسين الأداء عن طريق الاستفادة من الأفكار والتقنيات والخبرة
المطورة خارج الصناعة المصرفية.
• ضرورة التوسع في طرح وابتكار المزيد من المنتجات المالية المتوافقة
مع أحكام الشريعة، وذلك لاستيعاب السيولة الكبيرة المتوفرة لدى المصارف الإسلامية
• إنشاء نظام مالي يتمتع بالخبرة والمرونة ويمتلك الكفاءة والقدرة
التنافسية ممَّا يسهم بقوة في عملية النمو.
• على المؤسسات المالية والإسلامية أن تتيح تقاريرها المالية للعموم
تحقيقاً للشفافية المالية.
• ضرورة وجود تشريعات جديدة توحد المعايير التي تتبعها السوق المالية
الإسلامية للمساهمة في قيامها بدور أكثر حيوية على المستوى العالمي.
• سعي
المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية للاندماج المصرفي، والتوجه نحو التكتل
والتكامل فيما بينها لخلق تجمعات مصرفية ذات حجم أكبر وقاعدة أوسع على المستويين
المحلي والدولي.
:: مجلة البيان العدد 300 شعبان 1433هـ، يوليو 2012م.
[1] د.دوابه،
أشرف محمد، صناديق الاستثمار في المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق، دار
السلام، القاهرة، مصر، ط1، 1425هـ/2004م،
ص22، 23، 24.
[2] د. عطية،
جمال، المصارف الإسلامية بين الحرية والتنظيم، التقليد والاجتهاد، النظرية
والتطبيق، كتاب الأمة الصادر رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية في دولة قطر،
العدد 13، صفر 1407 هـ،
ص156.
[3]
د.
المكاوي، محمد محمود، التمويل المصرفي الإسلامي، بدون
ناشر، 1424هـ/2004م،
ص180، 181.
[4]
د.
دوابه، أشرف محمد، دور الأسواق المالية في تدعيم
الاستثمار طويل الأجل في المصارف الإسلامية، دار السلام، القاهرة، مصر، ط1، 1427 هـ / 2006 م،
ص
320.غف
[5]
د.حماد،
نزيه، معجم المصطلحات المالية والاقتصادية في لغة الفقهاء، مرجع سابق، ص248.
[6]
د.
الشعار، محمد نضال، أسس العمل المصرفي الإسلامي
والتقليدي، مرجع سابق، ص48.
[7]
التعريف لصاحب مرشد الحيران، المادة569(معجم المصطلحات المالية
والاقتصادية في لغة الفقهاء، مرجع سابق، ص55).
[8]
المرجع نفسه، ص57.
[9]
د.
المصري، رفيق يونس، المصارف الإسلامية...،
مرجع سابق، ص30.
[10]
الشعار، محمد نضال، أسس العمل المصرفي الإسلامي والتقليدي، مرجع سابق، ص62.
[11] المعايير،
مرجع، سابق، ص332.