منتدى القرّاء
الكنز المنسي
{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْـحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر: ٣٢].
ما أعظم هذه المزايا، وما أعظمه من كنزٍ كتابُ الله العظيم، وصراطُ الله المستقيم، وحبلُ الله المتين، وكلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خَلْفه تنزيلٌ من حكيم حميد. يقول - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّـمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٧٥ - ٨٥]. وقوله - سبحانه -: {إنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إلاَّ الْـمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٧ - ٩٧]؛ فأين نحن من هذا الكنز المدرار ونباته الزاهر وثمره الطيب وثمنه الجلي؟
عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجَّة ريحها طيب وطعمها طيب. ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة؛ لا ريح لها وطعمها حلو. ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة؛ ريحها طيب وطعمها مر. ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة؛ ليس لها ريح وطعمها مُرٌّ» متفق عليه، ومن فضائله أيضاً أن من تحصَّله في صدره تحققت له الخيرية وأصبح من أهل الله وخاصته وحلَّت له شفاعة القرآن يوم القيامة.
وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه» رواه مسلم.
وفي قراءته مضاعفة الأجر والثواب الجزيل؛ والذي لا يقرؤه فهو في خسارة وتِيه؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب». [ضعفه الألباني] والفضائل في ذكر القرآن الكريم أعظم من أن تحصى في مقال أو مقالين، بل في عدة مجلدات ومؤلفات.
بقلم الطالب
أنس بن عبد الله الشبانات - روضة سدير
إلى أحبائي المسلمين
كفاكم يا أحبائي شقاقَا
كأنكُمُ ترومونَ الفراقَا
تحكَّم فيكُمُ داءٌ عضالٌ
فصار كلامُكم عنكم نفاقُا
فصار البغضُ بعد الحبِّ فيكم
وأحكمتم قلوبكُمُ وَثَاقَا
نسيتم أن ربكُمُ نهاكُم
فقارفتُم مِنَ الفعل احتماقَا
تناءيتم عن الإيثار دوماً
وراءيتم فما صرتم رفاقَا
فما ضجرت وما غارت نفوسٌ
على حبٍّ وعزٍّ قد تراقَى
كأن قلوبكم صارت صخوراً
فما قلب تفكَّر ذا فَتَاقَا
كأن عقولكم صارت جماداً
فما عقل تفكَّر فاستفاقَا
فهبوا مِنْ تجافيكم وكونوا
كأحبابٍ ولا تخشوا خفاقَا
فإنكم كأقمارٍ وأخشى
إذا صرتم بذا الدرب انفلاقَا
عمر بن عبد الله البخاري
نسأل الله العافية
في الصحيحين من حديث عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تَمَنَّوا لقاء العدو، وسلوا الله العافيه؛ فإذا لقيتوهم فاصبروا».
قال ابن حجر - رحمه الله - في فتح الباري: قوله «لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافيه، فإذا لقيتموهم فاصبروا» قال ابن بطال: حكمةُ النهي أن المرء لا يعلم ما يؤول إليه الأمر. وهو نظير سؤال العافية من الفتن، وقد قال الصدِّيق: «لأن أعافى فأشكر أحب إليَّ من أن أُبتَلى فأصبر»، وقال غيره: إنما نهى عن تمنِّي لقاء العدو؛ لما فيه من صورة الإعجاب والاتكال على النفوس والوثوق بالقوة وقلة الاهتمام بالعدو، وكل ذلك يباين الاحتياط والأخذ بالحزم.
إذا كان هذا النهي في أمرٍ الحقُ فيه واضحٌ لمن قاتل العدوَّ فما دون ذلك من أمور ومصائب أَوْلى أن تُسأَل العافيـةُ والسـلامة منها؛ كأن يقول: لو حصل لي كذا لفعلت كذا، ولو كنت مكان فلان من الناس لفعلت كذا. وإن ظن أو علم في نفسه النصر والقدرة فهو من العُجْب وقد تقع الأمـور بخـلاف ما ظن الإنسان وقد لا يطيقها، وَلْيسألِ الله العافية من كل بلاءٍ، وَلْيستعذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن؛ فإذا ابتلي فَلْيصبر وَلْيحتسب وَلْيلجأ إلى الله، عز وجل.
سعيد عبده
ص. ب: 1282
الرمز البريدي: 11333
التقاليد الجاهلية وأثرها عند مثقفي اللغة العربية في نيجيريا
1 - التواضع في المجتمع النيجيري:
لا يزال في نيجيريا بصفة خاصة، وفي أقطار إفريقيا بصفة عامة تقاليد جاهلية، وعاداتٌ غريبة منها: خَلْع النعال والانبطاح والسجود بالأذقان للتحية، والتي لا يستنكف من منعها أي واعظ على مسمع الأمراء أو مرآهم إلا إذا رضي بأن يهتكوا عرضه أو يفتوا بكفره، أو يهدروا دمه، وهم بذلك يحسبون أنهم يحسنون صنعاً بالأدب والتواضع والإسلام.
والحقيقة: أن هنالك عددٌ من العلماء يطوون قلوبهم على كره هذه العادات واستهجانها؛ ولكنهم لا يملكون من الأمر شيئاً، ولايجدون مفرّاً ولا ملْجأ من فِعْلِها لمن لا يرضى إلا بفعله.
2 - الجنازة كالوليمة في نيجيريا:
من التقاليد الشائعة في الأوساط الإسلامية في نيجيريا وخصوصاً في بلاد يوربا، إقامةُ حفلات ضخمة لموتاهم؛ ولعل السبب في ذلك احتكاكهم واختلاطهم بالوثنيين والنصارى؛ لأن أهل الأديان الثلاثة كانوا يتداخلون في ما بينهم في أسرة واحدة، ويختلطون في السوق والمعمل والبلد والشارع.
وقد كانت هذه الحفلات بدايةً مقتصرةً على الملوك والأثرياء والعظماء ثم امتدت إلى أفراد الناس في كل أسرة لكسب السمعة والشرف لها، ثم تجاوزوا ذلك إلى حدِّ المباراة والمنافسة والمغالاة؛ حيث ينفق كلُّ ذي سَعَة من سَعَته أو من تركة الميت الراحل. ومن كان ذا عسرة منهم فما عليه إلا أن يستدين ويرهن للدَّيْن كل مايملك من ديار وعقار حتى يستطيع أن يغسل عن نفسه وأسرته عار العجز عن إقامة التشريف النهائي لميِّتِه الراحل، وعارَ عجزه عن الشكر على أنه خَلَف والديه؛ وإذا استطاع ذلك شَمَخ بأنفه بين أقرانه، واختال في مشيته وطرب ورقص، ثم تغنى بمدحته المغنون، وذبح الذبائح، ووزع الأطعمة والأشربة على المدعويين.
3 - محاربة الأسماء العربية في نيجيريا:
إن من الغزو الثقافي المنظَّم على الإسلام في هذه البلاد (نيجيريا) محاربة الأسماء العربية التي حمل لواءها المبشرون، ولم يتفطن لها الأكثرون بل تبعهم في ذلك كثير من المسلمين المثقفين في كل مكان، ويلحق بذلك تعجيم الأسماء العربية بالتحريف البعيد عن الاسم على وجه الترخيم أو النحت.
4 - سمات الوجوه والخدود في نيجيريا:
لقد كانت سمات الوجوه والخدود عادة قديمة في مختلف أنحاء العالم؛ وإن كانت متأصلة عند معظم قبائل نيجيريا إن لم تكن بأسرها؛ فتخطُّ الوجوه والخدود والعضدين والذراعين والجسد بالسكين؛ لتكون علامة تمتاز بها كل قبيلة أو عشيرة، ثم انقلبت هذه العلامة إلى زينة.
ولقد حاربها الإسلام. ولا تزال بعض قبائل نيجيريا تتقيد بهذا التقليد باعتبارها عادة لا تُلغَى، وعُرْفاً لا يستهان به إلى يوم البعث.
5 - الاحتكار بالإمامة في نيجيريا:
لقد وضع الإسلام شروطاً معيَّنة للإمامة يجب مراعاتها، من أهمها: العلم والورع والتقوى والصلاح، لا الشرف والنسب والأصل؛ كما هو الحال في نيجيريا.
وإنما يجب أن تكون توليـة الإمامة بيـد العلمـاء العـارفين بأحكـام الشرع، لا بيد من لا يعرف شروط الإمامة؛ فيولي من يركن إليه أو ذا قرابة له؛ ولو لم يكن أهلاً.
د. موسى عبد السلام مصطفى أبيكن
المحاضر بقسم الدراسات العربية والإسلامية كلية الآداب والعلوم الإنسانية