• - الموافق2024/11/23م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
القطار الأفغاني  والكابح الداعشي!

المركز الإعلامي لإمارة أفغانستان الإسلامية، كان قد شدّد في مارس الماضي على وجود ما يشبه «أكاديمية» لتدريب عناصر داعش تُشرف عليها الاستخبارات الأمريكية.


«في محكمة اتحادية في بروكلين، نيويورك، أقرَّت شركة لافارج اس آ، الفرنسية، بالذنب أمام هيئة قضائية وجَّهت لهما تهمة واحدة تتمثل في التآمر لتقديم الدعم المادي والموارد إلى تنظيم داعش وجبهة النصرة. وفور إقرار المتهمين بالذنب، حكم قاضي المقاطعة الأمريكية على المتهمين بشروط المراقبة ودفع غرامات جنائية ومصادرة مبلغ، بإجمالي 777.78 مليون دولار»[1]. اتضح فيما بعد أن لافارج التي تقول المحكمة إنها كانت «تتقاسم الإيرادات مع داعش»؛ تعمل بإمرة الاستخبارات الفرنسية.

في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وفي ذروة نشاط «الجمعية الإسلامية» في «الجهاد الأفغاني» كانت تلك الاستخبارات حاضرةً بقوة في مناطق الطاجيك بالشمال الأفغاني، واستمر وجودها هناك حتى نشطت «داعش» مؤخرًا في تنفيذ عملياتها قبيل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان. في تلك الأثناء بدأت مجموعات داعش تتأهب بقوة لخوض عمليات متنوعة ضد نظام «الإمارة الإسلامية» الذي ألحق الهزيمة بالولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان.

وفي خريف العام الماضي، بثَّ موقع «المرصاد» الأفغاني مقطعًا مصورًا يُظهر اعترافات لعناصر داعش، استجوبتهم أجهزة «طالبان» الأمنية، تبرهن على أن معظم المتورطين في قضايا أمنية بأفغانستان هم من الطاجيك. يُعزّز ما ورد في تلك الاعترافات حول جغرافية معاقل داعش على جانبي الحدود الأفغانية/الطاجيكية، ما صدر قبل نحو شهرين[2]، عن منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا، وتضم دولًا في آسيا الوسطى والقوقاز، من تقرير لاحظ زيادةً في عدد عناصر داعش على الحدود الجنوبية لطاجيكستان. ووفقًا للمنظمة، فإن شبكة معسكرات التدريب لهذه الجماعات تتوسَّع أيضًا وتتركز غالبية مقاتليها الأجانب في المناطق الشمالية من أفغانستان، على الحدود مع طاجيكستان؛ حيث كان معقل «الاتحاد الشمالي» المناهِض تاريخيًّا لطالبان، الأولى (1996-2001م)، والثانية (2021-...).

المركز الإعلامي لإمارة أفغانستان الإسلامية، كان قد شدّد في مارس الماضي على وجود ما يشبه «أكاديمية» لتدريب عناصر داعش تُشرف عليها الاستخبارات الأمريكية.

يسبق ما تقدّم، سلوك داعش الاعتيادي، وكونها أداة استباقية لإحداث الفوضى لصالح الغرب، تدلل عليه شواهد في سوريا وليبيا والعراق ومصر وأوروبا وغيرها، بما لا يحتاج لمزيد كلام، ولم يكن ليستثني أفغانستان في طريق تخريبه للعالم الإسلامي ومصالح المسلمين. على أنّ ما تتفرد به أفغانستان عن سائر تلك الأماكن التي لوّثتها ثنائية الاختراق الخارجي والتكفير العريض الذي يمتاز به تنظيم داعش؛ أن الحاضنين الحقيقيين دائبون على «الدعاية لداعش» في أفغانستان، على حد تعبير نائب رئيس الوزراء الأفغاني للشؤون السياسية المولوي عبدالكبير الذي قال[3]: «لقد قمعت الإمارة الإسلامية هذه الجماعة في أفغانستان، ولا ينبغي لأحد الدعاية لصالح تنظيم داعش لإظهارها على خلاف الحقيقة». لا، بل لا يقتصر الأمر على الدعاية، بل لقد بلغ حد الدفاع عن التنظيم من طرف خفي! فلقد صارت الاتهامات الغربية، الإعلامية والبحثية، لنظام «الإمارة الإسلامية» تدور حول: قمع طالبان لغير أصحاب المذهب الحنفي، ما يُعطي لداعش مبررًا للهجمات، وعدم مشاركة طالبان للقوى السياسية التي كانت مطية للاحتلال الأمريكي من قبل في الحكم، يُعدّ مسوّغًا آخر لنشاط داعش، وكذلك الزعم بأن «تضييق طالبان الخناق على الجماعات المسلحة، تدفع الشباب إلى الانضمام لداعش»؛ بحسب ما ورد في سؤال قناة فضائية لمسؤول رفيع في الحكومة الأفغانية في الصيف الماضي!

بالإكراه! تحاول الخارجية الأمريكية والأمم المتحدة والإعلام المرافق إشاعة فكرة تمركز ما يُسمَّى بـ«داعش خراسان» في أفغانستان، وجعلها مركزًا للإرهاب في العالم، والإيحاء بأن هذا الفرع لداعش هو الأقوى والأعنف والأكثر دمويةً في العالم، رغم أن عناصر التنظيم لا يستطيعون رفع رؤوسهم دون قطفها في أفغانستان، إلا قليلًا، ومن خلال عمليات مبعثرة، ربما هي نجحت في اغتيال شخصيات بارزة في أفغانستان خلال العامين الماضيين، لكنها نجحت لا لسبب سوى سهولة اغتيال مسؤولين موجودين في كثير من الأحيان بين الأهالي في المناسبات المختلفة.

لكن على النقيض؛ فإن التقارير ذات المصداقية تؤكد على اندحار هذا التنظيم على النحو الذي يُعبِّر عنه وزير الدفاع الأفغاني محمد يعقوب مجاهد في حوار متلفز بقوله: إنه قد «تمت السيطرة على تنظيم داعش في أفغانستان أكثر من أيّ مكان آخر، ووجَّهنا لهم ضربات شديدة، وهو في حالة اختفاء، ولا يوجد لهم شبرٌ واحد في أفغانستان يمكنهم العيش فيه، وإذا كان هناك مكان يختبئ فيه فردٌ من أفرادهم ويعمل في الخفاء، فيمكنه أن يوجد في العديد من البلدان أيضًا. وأنتم تسمعون الأخبار بأننا نجحنا في كبحهم، ومنع نموّهم»[4].

ورغم أن نظام حكم «الإمارة الإسلامية» في أفغانستان يُجرّد داعش من مسوغات وجودها وحملها السلاح بوجهه؛ لاعتبار أن فكر داعش المُعلَن يقوم على «إقامة دولة إسلامية»، ومقاتلة من يقف بطريق ذلك، وهو ما تجد داعش دلائل على غياب تحققه في أفغانستان؛ إلا أنها تحاول أن تتذرع بوجود الأضرحة والتصوف، والتعايش مع الطائفة الشيعية في البلاد، وبعض المظاهر الأخرى التي تزعم أنها مخالفة للشريعة؛ لتبرير تفجيراتها وعمليات الاغتيال والعنف العشوائي، وهو ما لم يَعُد ينطلي على كثيرٍ من الشباب، ما يُلجئ التنظيم -بحسب ما ورد في اعترافات أبنائه- إلى خداعهم واستغلال جَهلهم حتى بانسحاب الأمريكيين من أفغانستان لتشجيعهم على ما يُسمَّى بالجهاد هناك!

وإذ تنطلق معظم هجمات داعش في الإقليم، من طاجيكستان، البلد المسلم الذي يحكمه نظام علماني شمولي؛ فإن أصابع التحذير الغربية من الإرهاب وانتشاره تشير إلى أفغانستان، وليس إلى طاجيكستان، تمامًا مثلما تتوجَّه بنادق داعش وعبواتها إلى أفغانستان، وتتجاهل طاجيكستان، البلد الذي يعاني مُتديّنوه من التضييق والقمع، ويقاسي أبناؤه من الجهل بما يدور حوله، حتى إن داعش لتنجح بسبب ذلك في تجنيد المئات من شباب طاجيكستان بزعم توجيههم للجهاد في أفغانستان «المحتلة»! ثم تُقيِّد حركتهم من بعد وصولهم لأفغانستان فلا يجدون مناصًا إلا إلى الانتحار أو السجن من بعد ذلك!

هذا التلاقي يشي بأن خلف نشاط داعش رغبة غربية في عدم استقرار هذا البلد الذي يدير سياسة «صفر مشكلات» مع دول الإقليم؛ بغيةَ تأسيس دولة تسعى للاكتفاء الذاتي، والنمو الاقتصادي، وبناء القوة والمجتمع، والاعتراف الدولي دون التورُّط في صراعات داخلية أو خارجية، على نحوٍ يظهر في النسخة الجديدة من «طالبان».

ولهذا؛ فإن مَن يقفون خلف داعش سيستمرون في تهيئة المناخ في طاجيكستان وشمال أفغانستان لتجنيد مستغفلين آخرين، ومِن ثَم تمويل عملياتهم، وستستمر حكومة أفغانستان المؤقتة في التصدي لهذا المخطط، ويبدو أنها تنجح بدرجة كبيرة حتى الآن في تضييق الخناق على المخرّبين، وهي تملك في هذا السبيل أوراقًا فريدة، أبرزها، سياستها المعلنة بتطبيق الشريعة الإسلامية بما يُجرِّد داعش من مادتها الخام التي تُشكِّل منها أيديولوجيتها الزائفة، وقدرة الحكومة المحنّكة في الحروب النظامية، وحروب العصابات، واستخباراتها الناجحة في اصطياد أتباع داعش، لمعرفة ضبّاطها بأيديولوجية التنظيم وسلوكه.[5]

وجود رافد لداعش قد يعني استمرار التنظيم في أداء دوره في العمل على تقويض استقرار أفغانستان، كواحدة من أوراق الضغط والإضعاف التي تمارسها دول غربية لا ترغب في وجود دولة نامية خارجة عن فلكها في وسط آسيا، والمتمثلة فيما يلي:

- تأخير الاعتراف الدولي بحكومة أفغانستان رغم وفائها بمعظم التزاماتها الدولية، ورغم تطبيع كابول التدريجي لعلاقاتها مع دول مجاورة مهمة كالصين وروسيا وإيران.

- استمرار احتجاز الاحتياطي النقدي لأفغانستان لدى البنك الفيدرالي الأمريكي، والبالغ نحو 10 مليارات دولار، امتنعت واشنطن عن تسديدها لحكومة كابول المؤقتة؛ بحجة عدم اعتراف الولايات المتحدة بتلك الحكومة، واستمرار احتجازها باسم الحكومة السابقة الموالية للغرب حتى الآن.

- ممارسة ضغوط سياسية بدأت قوية، ثم فترت تحت ضغط الأمر الواقع، لإشراك القوى السياسية السابقة التي عملت تحت ظل الاحتلال الأمريكي لأفغانستان على مدى عشرين عامًا، من أجل التمكن من التأثير على القرار الأفغاني. وقد ذكرت واشنطن على لسان مبعوثها زلماي خليل زاده «تحديدًا 11 إلى 15 اسمًا كابن دوستم، ومحقق، وخليلي، وعطاء نور، وقالوا لنا بأن نضمّ هؤلاء الأشخاص إلى الحكومة، وحينها ستصبح شاملة»، وفقًا لتعبير وزير المعادن والبترول الملا شهاب الدين[6].

- ممارسة الضغوط الحقوقية على أفغانستان في مجالات: تطبيق الحدود الشرعية، وتعليم المرأة، وتمكين الأقليات (لا سيما الشيعية)، وإطلاق يد الصحافة والمراكز البحثية في أفغانستان... إلى غير ذلك.

والعديد من هذه العناصر التي جذبت أفغانستان أكثر إلى جوارها الصيني الروسي، وأبعدتها شيئًا فشيئًا عن العلاقات مع الغرب، ومع بعض حلفائه في الإقليم، خصوصًا الجارة الأقرب لها: باكستان.

والواقع أن «تنشيط» داعش، وتحفيز المنظمات الحقوقية، وممارسة الضغوط الدولية السياسية والاقتصادية، لم تزد أفغانستان إلا مزيدًا من التحدي والرغبة في تحقيق إنجازات سريعة على الأرض تُقوّي قدرة البلاد على الصمود، وتَحُول دون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء؛ فبدت خطوات كابول للنهوض في ميادين الاقتصاد والتعليم والصحة والسياسة والعسكرية والأمن، متسارعة وناجحة إلى حدّ بعيد... وفيما يلي بعض الدلائل والنماذج:

- بناء جيش مستقل ورفع تعداد جنوده إلى مائتي ألف جندي، بحسب تصريح لرئيس أركان القوات المسلحة الأفغانية بما يعكسه ذلك من ميزانية دفاعية ضخمة قياسًا بحجم الاقتصاد الأفغاني الذي كان شبه منهار حينما انسحبت الولايات المتحدة من أفغانستان، كما أن حرس الحدود الذي تضاعف في سنة واحدة بنسبة تبلغ نحو 44% قد تمكَّن من فَرْض إرادته على الحدود، ولم تزل الأنباء تترى من كابول عن إصلاحات معظم الآليات والأسلحة الأمريكية المعطوبة التي خلَّفها الجيش الأمريكي الفارّ خلفه.

- تحسُّن الأداء الاقتصادي للحكومة الأفغانية المؤقتة، خلال العامين ونصف الماضيين بعد الانسحاب الأمريكي، وقد نشر معهد الولايات المتحدة للسلام تقريرًا عن أداء طالبان الاقتصادي، موضحًا أنه «كان أفضل من المتوقع نظرًا لاستقرار سعر الصرف، إلى جانب انخفاض التضخم، وتحصيل الإيرادات، وزيادة الصادرات. لقد قامت حركة طالبان بعمل أكبر مما كان متوقعًا في إدارة الاقتصاد الأفغاني»[7]. ويرصد البنك الدولي زيادة واضحة في الناتج الإجمالي للزراعة والصناعة والخدمات، يعكس قدرةً على امتصاص الحصار وتوقف المساعدات تقريبًا، والتبادل التجاري المحدود في المحيط الإقليمي، وإعادة حكومة الإمارة لنحو مليون لاجئ إليها، بل عودتهم الطوعية لما رأوه من أمان قد حلَّ في البلاد بعد عقودٍ من الاضطراب والفوضى.

وجاء في تقرير الربع الأول من العام 2023م للبنك الدولي: «أن أسعار السلع الأساسية انخفضت بنسبة 4.1%، وعزّزت العملة الأفغانية قيمتها، وشهدت صعودًا أمام الأسعار الخارجية، ومن بينها الدولار الأمريكي. ولفت التقرير إلى أن الحكومة تدفع رواتب الموظفين، بمن فيهم الموظفات، بانتظام، مضيفًا أنّ عملية التصدير والاستيراد في أفغانستان زادت مقارنةً بالعام الماضي»[8].

- تمكُّن الحكومة الأفغانية من التغلب على صعوبات جمة واجهتها خلال الثلاثين شهرًا الماضية، فأفغانستان ما بعد 2021م هو بلد يفتقر إلى الاعتراف الدولي، ويعاني من توقف المعاملات الدولية النقدية مع العالم، جمّدت نحو 10 مليارات دولار من احتياطاته من النقد الأجنبي المرهونة بسبب الحكومة السابقة العميلة في بنوك أمريكية (أو استولت الولايات المتحدة عليها، بعبارة أدق)، منعت المساعدات التي كانت تُقدّم لبعض قطاعات من شعبه تحت الاحتلال (تصل إلى 8 مليارات دولار سنويًّا)، وشعب يبلغ عدد مدمنيه 4-5 ملايين، أي نحو 10% من سكانه، ويعاني فقرًا مدقعًا إذ يبلغ حجم إنتاج الفرد في أفغانستان قبل طالبان نحو 40 دولار شهريًّا، ومعدل نمو ضعيف، وهشاشة شديدة في بنيته الأساسية، وقد استطاع تجاوز القنطرة الحرجة، ويقفز بصادراته إلى 2 مليار دولار سنويًّا. وقد ورثت أفغانستان اقتصادًا قائمًا في أساسه على زراعة وتجارة المخدرات ينتج ما يزيد عن 80% من الأفيون في العالم، و95% من الهيروين -المصنوع من الأفيون الأفغاني- الذي يتداول في السوق الأوروبية، فحاربت هذا النبات الخبيث، وأصدرت مرسومًا بحظره في العام 2022م، إلى الحد الذي أكَّده تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الصادر خلال الربع الأول من العام 2024م.

 حيث يقول التقرير: إن زراعة خشخاش الأفيون في أفغانستان انخفضت بنسبة 95%، وانخفض إنتاج وتوريد الأفيون من 6200 طن في عام 2022م إلى 333 طنًّا فقط في عام 2023م. وانخفضت المساحة المزروعة بخشخاش الأفيون من 233,000 هكتارًا قبل الحظر، إلى 10,800 هكتار في عام 2023م، وانخفض دخل المزارعين من بيع محصول الأفيون للتجار من 1.36 مليار دولار إلى 110 ملايين دولار في عام 2023م، مما يشير إلى انخفاض بنسبة 92%. وهذا مثَّل ضغطًا هائلًا على الاقتصاد الأفغاني، لكن الحكومة سعت لتقليله بتوجيهها المزارعين لزراعة القمح وغيره، رغم الصعوبات التي تعتري ذلك بسبب الجفاف وقلة البذور. تقول الإيكونومست البريطانية في تقرير لها: «شنَّت طالبان حربًا مثيرة للإعجاب على المخدرات، وبعد 20 عامًا من الفوضى، لدى أفغانستان حكومة قادرة على إنفاذ القانون»[9].

- إقامة حكومة «الإمارة» شراكات واعدة مع الصين وكازاخستان وإيران وتركيا وقطر والإمارات وروسيا، كما أبرمت اتفاقًا مع شركة سينوبك الصينية للتنقيب على النفط باستثمار يجاوز نصف مليار دولار. وشركة غوتشين باستثمار 10 مليارات دولار في استكشاف واستخراج الليثيوم، وتشمل استثمارات في مجالات تكرير خام المعدن داخل البلاد، ومشاريع البنية التحتية، مثل: بناء السدود المائية، والكهرباء، والطرق، وبناء نفق سالانج الثاني.

 كما عقدت العديد من الاتفاقات مع إيران، لا سيما لتنمية منطقة هيرات (ذات الوجود الشيعي القوي)، يقود أحدها إلى إيجاد مناطق حرة، وطرق إستراتيجية برية وحديدية. بما يوفّر نحو مائتي ألف فرصة عمل جديدة للأفغان. كما تتجه أفغانستان إلى استغلال ثرواتها من حجر النفرايت الثمين، ومنجم النحاس (مس عينك)، ومنجم (آجيكك) ومنجم (بروزي)، و(دريا) و(أمو) ومنجم الحديد.

- ترفد الحكومة القطاع الزراعي بأهم متطلباته الحيوية من خلال توفير المياه وتعبيد الطرق، وذلك عن طريق بناء السدود، والقنوات المائية، وأهمها قناة غوشتيبه بالغة الأهمية، التي ستقرب البلاد من الاقتراب من حلم الاكتفاء الذاتي من المحاصيل والسلع الأساسية. وكذلك تعبيد الطرق الفرعية الموصلة إلى المزارع والحقول، ثم التوجه بعد توفر ميزانية ملائمة لإنشاء الطرق السريعة الرئيسة كطريق كابول قندهار، الذي يربط قلب أفغانستان السياسي بمركز حكمها؛ مقر قيادة طالبان ومعقلها، وطرق الشمال والغرب الحيوية، وإعادة إنشاء نفق سالانغ الإستراتيجي، الذي يُعدّ شريان حياة أساسيًّا يربط العاصمة الأفغانية كابول بتسع ولايات شمالية.

*    *    *

 

تحديات أفغانستان كثيرة، ولم تزل أمامها خطوات كثيرة عليها اتخاذها، لكي تضع نفسها في مصافّ الدول النامية الواعدة، منها ما هو سياسي، كتقليل توتراتها مع دول مهمة، لا سيما باكستان المجاورة، واحترازاتها الضرورية في التوسع الاقتصادي مع دول لها أطماع فيها كالصين وإيران، وتجسير علاقاتها مع الدول الإسلامية الرئيسة، ومنها ما هو اقتصادي يتعلق بتهيئة البيئة المواتية لاجتذاب رؤوس الأموال إليها، وتحقيق مزيد من الاستثمارات المتوازنة بين الدول، والموازنة بين الرغبة في تحقيق الاستقلال والاعتراف الدولي معًا، ومنها ما هو اجتماعي كتذويب الآثار العِرقية السلبية التي تراكمت أمراضها على مدى عقود من الاحتلال المتوالي، ومنها ما هو ثقافي أيديولوجي يتعلق بكيفية التعامل مع التناقضات الفكرية في المجتمع، وتراكمات الصراعات الماضية، والعمل على إخمادها ما أمكن، وصياغة إستراتيجية لمواجهة موجات فكرية وإعلامية عالمية تتسلل تدريجيًّا إلى داخل المجتمع الأفغاني الذي يتمتع بخصوصية فريدة، كما يتعين عليها كبح جماح الفكر الخارجي لئلا يستغل مساحة الحرية الدينية الواسعة لزرع أفكار تكفيرية، معادية للتجربة، حارفة بها أو بقسم من مخزونها البشري المتدين عن مسارها.. والحيلولة أخيرًا دون إيجاد بيئة مواتية لتصنيع «الفوضى الخلاقة» في ربوع البلاد، والتي يمكن أن يشعل أوارها مزيد من التمويل والدعم لحركات مسلحة كداعش التي تُعدّ معول هدم يسبق تنفيذ مخططات إفشال الدول.

 


 


[1] موقع مكتب المدعي العام للولايات المتحدة الأمريكية -المنطقة الشرقية- 18 أكتوبر 2022م- منطوق الحكم باختصار.

[2] أي قبيل وقوع الهجوم الدامي على مسرح قاعة كروكس سيتي بموسكو على يد طاجيك، قيل: إنهم من داعش أيضًا، وإثر تهديدات روسية بعدم الإبقاء على أيّ جندي فرنسي حيًّا إذا ما وطئت أقدامهم أوكرانيا.

[3] في إفطار للسفراء الأجانب في القصر الرئاسي الأفغاني 27 رمضان الفائت.

[4] مقابلة متلفزة مع قناة العربية ٢١‏/٠٧‏/٢٠٢٣م.

[5] من كانت له سابقة خبرة مع تنظيم القاعدة (كقيادات طالبان المخضرمة يمكنهم قراءة الأفكار الداعشية بسهولة واستكناه مخططاتهم وخطواتهم التالية.

[6] في حوار مع موقع باختر نيوز الأفغاني (القريب من الحكومة الأفغانية) 11 مايو 2022م.

[7] معهد الولايات المتحدة للسلام وفقًا للجزيرة 19 أغسطس 2023م.

[8] «الأمم المتحدة لا يعنيها معاناة الشعوب، وإنما هي هيئة وظيفية للغرب لفرض النظام الانحلالي لحلف إبليس»؛ تقرير مجلة الصمود يوليو 2023م، وقد تم إعداد هذا التقرير من خلال متابعة كل الأخبار والمعلومات من غرفة «Hurriyat Radio عربي».

[9] الإيكونوميست 23 يونيو 2023م.

أعلى