الانتخابات الأمريكية وسراب التغيير
«مِت رومني» Mitt Romney مرشح
رئاسي جمهوري، وأحد الساسة الأثرياء، وحاصل على درجة الدكتوراه في القانون من
جامعة هارفارد، هذا ما يهم الإعلام من شخصية هذا الرجل الذي قد يصبح يوماً من
الأيام رئيساً للولايات المتحدة. لكنَّ ما لا يعرفه – بل
لا يهتم له – كثير من المتابعين للانتخابات الأمريكية هو
أن «رومني» أحد
دعاة النِّحلة المورمونية، كما أن زوجته تعتنق المذهب نفسه منذ عام 1966م.
تقوم المورمونية الباطنية على خيالات «جوزيف
سميث» التي أسسها عام 1830م
بالولايات المتحدة. زعم «جوزيف
سميث» أنه دُلَّ من قِبَل ملاك يدعى «موروني» على
ألواح من ذهب فوق تل قريب من مدينة «بالميرا» بولاية
نيويورك. كانت تلك الألواح التي سطرت منذ ألف عام كما
يزعم المورمون تحكي أخبار قوم استوطنوا القارة الأمريكية في الأزمنة الغابرة. ترجمت
هذه الألواح وأصبحت تُعرَف باسم «كتاب مورمون» The Book of Mormon وهي
اليوم جزء مهم من كتب المورمونية المقدسة.
تختلف المورمونية في بعض
عقائدها الرئيسية عن عقائد النصرانية؛ فهي لا تعتبر الأقانيم الثلاثة التي تؤلِّف
التثليث عند النصارى (الآب،
الابن، روح القدس) إلهاً
واحداً كما يصنع النصارى، بل تعدُّها ثلاثة آلهة مستقلة عن بعضها بعضاً. كما أنها تبيح تعدُّد
الزوجات، وهو ما لا يقول به عامة النصارى. وهناك عقائد أخرى ليس هذا موضع بسطها. لكن الذي يهمنا هنا هو
إلقاء بعض الضوء على أسرار هذه العقيدة الباطنية التي يعتنقها ويدعو إليها أحد
أشهر المرشحين الجمهوريين للانتخابات الأمريكية «مِت رومني» كما يعتنقها كثير من أعضاء الكونجرس
الأمريكي وغيرهم من الساسة والرياضيين والفنانين.
تتجلى طقوس المورمونية الباطنية داخل «هيكل
المصير المحتوم» The Temple of Doom الذي
يُعَد مثابة لأتباع هذه العقيدة؛ ففيه تُعقَد الزيجات ويوَدَّع الأموات وتجري أكثر
العقائد الباطنية غرابة. يقول المورموني السابق «ويليام
شنوبيلين»: «قبل أعوام من لقائي بدعاة المورمون كان
أستاذي في فنون السحر – كبير السحرة الدرويديين في أمريكا الشمالية – قد
أعلمني أن أعلى أشكال السحر تمارَس في هياكل المورمون». وإذا
علمنا أن المرشح الجمهوري «مت رومني» ليس
مجرد تابع لهذه العقيدة بل هو أحد دعاتها missionary تبيَّن
الارتباط المطَّرد بين ساسة الغرب والجماعات السرية الباطنية كالماسونية ونحوها.
تُحدِّثنا الوثائق
الرسمية لجماعة المورمون أن «جوزيف سميث» مؤسس الجماعة مُنِح درجة «أستاذ ماسوني» في السادس عشر من مارس
عام 1842م[1]. كما أن أخاه «حيرام سميث» تلقَّى ثلاث درجات
ماسونية في محفل جبل موريا رقم 112 في «بالميرا» بولاية نيويورك في الوقت الذي كان فيه «جوزيف سميث» يتلقَّى الوحي على حد
زعمه[2]. فكبار
المورمون هم في حقيقتهم أتباع للتنظيم الماسوني. وقد ظن البعض أن ارتباط المورمون بالهيكل
الماسوني دليل على أنهم أصابع خفية لليهود، لكن المتفحص لكتاباتهم يجد أنهم أقرب
إلى النصرانية، بل هم من باطنية النصارى.
إن طقوس الهيكل المورموني
تتطابق مع طقوس الهيكل الماسوني حتى في رموزها وطرق المصافحة. والسبب في ذلك هو أن «جوزيف سميث» مدَّعي النبوة كان يسعى
إلى نشر الماسونية في حُلَّة جديدة كما يصنع أتباع البهائية. فقصة وجوده للألواح
الذهبية نجد سلفها في «أسطورة
أخنوخ» الماسونية
التي تقول: إن «أخنوخ» هُدي إلى ألواح من الذهب
والنحاس تحكي قصصاً قديمة على إحدى الروابي. وهذه الأسطورة تدرَّس للمرشحين للدرجات 13 و 14 و 21 من ماسونية الطقس
الإيكوسي (الاسكتلندي).
هذه هي حقيقة المورمونية
التي تبرع «رومني» بملايين الدولارات من
ثروته لأجلها، بل صرَّح بانتمائه إليها بكل حماس فقال في أحد خطاباته: «يتمنى البعض أن أُقصِي
نفسي ببساطة عن ديني – يقولون: إنه مجرد تراثٍ وليس
قناعة شخصية – أو
أن أتنكر لبعض مبادئه. إن
هذا لن يحدث. إنني
أؤمن بعقيدتي المورمونية وأسعى إلى أن أحيا بها. إن عقيدتي هي عقيدة آبائي، وسأظل وفياً لهم
ولعقائدي... قد
يعتقد البعض أن هذا الاعتراف بعقيدتي سيفقدني ترشُّحي؛ إن كانوا على حق، فليكن ذاك!»[3].
وماذا عن بقية المرشحين؟ أما المرشح
الجمهوري «نيوت جِنجريتش» (بالجيم
المصرية) Newt Gingrich فقد
اعتنق الكاثوليكية عام 2009م، وهو يحمل الدرجة الـ 33 في «ماسونية
الطقس الاسكتلندي» Scottish Rite Freemasonry، كما أنه أحد أعضاء «الأيكة البوهيمية»،
وعضو في «مجلس العلاقات الخارجية» سيئ
السمعة.
وأما المرشح الجمهوري الآخر «ريك
سانتورَم» Rick Santorum فهو
من مشاهير «فرسان مالطة» (أو «الإسبتارية» كما
يعرفون في التاريخ الإسلامي)؛ أولئك الجنود الصليبيين
الذين كان صلاح الدين الأيوبي يعطي من ظفر بأحدهم أو أحد جنود «الداوية» (فرسان
الهيكل) أكثر مما يعطي من ظفر بغيرهم من الصليبيين.
ألا ترى أن سياسة أمريكا
الخارجية لا تتغير بتغير الرئيس؟ إن الزعماء مجرد واجهة لواقع أكثر عمقاً لا
يُتوصل إليه بمجرد النظر إلى الظاهر من العلاقات النفعية بين الولايات المتحدة
وغيرها من بلاد العالم. فما الفرق بين سياستَي «بوش» الصليبي الحاقد و«أوباما» الذي تغنى به الشعراء؟
وما الفرق بين سياسة الديمقراطيين والجمهوريين؟ مجرد تفاصيل يلهث وراءها المتابع
دون أن يجد اختلافاً ذا بال.
لقد قال «بيل كلنتون» ذات مرة: «منذ عام 1945م نهايةِ الحرب [العالمية الثانية] إلى 1989م نهايةِ الحرب الباردة... كانت لدينا «نظرة عالمية»، الجمهوريين
والديمقراطيين على حد سواء...»[4].
وهو ما تفسره «كاثي أوبراين» بقولها: «في نظري أن أولئك الذين
كانوا يؤسسون للنظام العالمي الجديد من خلال السيطرة على عقول العامة لم يفرقوا
بين حزب ديمقراطي وحزب جمهوري. كانت أطماعهم دولية وليست أمريكية»[5].
إن سياسة أمريكا لن تتغير ما دام الإسلام
قائماً. {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ
إنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217].
[1] Joseph Smith Jr.,
History of the Church (The Church of Jesus Christ of Latter-day Saints), vol.
IV, p. 552.
[2] Reed C. Durham, No Help
for the Widow’s Son (Martin Publishing Co., Nauvoo, IL, 1980), p. 25.
[3] http://famousmormons.net/Romney.html
[4] http://www.youtube.com/watch?v=1etgsNU46s4
[5] O'Brien, Cathy &
Mark Philips. Trance-Formation of America, p. 152.