وحتى يتحقق هذا الهدف في جذب أتباع جدد للفرق الباطنية مع نشر الفوضى العقدية في صفوف الأمة الإسلامية؛ كان لا بد من توظيف الوسائل الإعلامية المواكبة لكل عصر من العصور بدءاً من المنشورات والكتب الباطنية مجهولة النسب والمدفوعة للوراقين لنسخها وتوزيعها وعلى رأس
على مدار التاريخ الإسلامي وحتى يومنا هذا تعدُّ الفرق الباطنية[1]
بمثابة خنجر في ظهر الأمة الإسلامية، مهما تنوعت أسماء وصفات فِرَقها ومنسوبيها،
وعلى رأسهم من يتدثرون بلباس التشيع لآل البيت الكرام. يقول د. محمد الخطيب:
«إن
الباحث في نشأة الباطنية في العالم الإسلامي لا بد أن يُلِم بنشأة الشيعة لأن
التشيع كان ثوباً يتستر وراءه كل من يريد أن يبذر الفتن ضد الإسلام والمسلمين،
ومأوىً يلجأ إليه كل من أراد هدم الإسلام بإدخال تعاليم آبائه وأجداده من يهودية
ونصرانية وهندوسية وأفلاطونية»[2].
وحتى تنتشر مناهج وتعاليم تلك الفرق على وجه الأرض، وفي ربوع الأمة الإسلامية،
وتُفسِد على الأمة صفاء عقيدتها ونقاءها، وتشوِّه صورتها وتزيِّف هويتها أمام
العالم الخارجي؛ كان لا بد من جذب أتباع جدد للانتساب لتلك الفرق، مع اتِّباع وسائل
جذب دعائية تدندن على العاطفة تارة، واستثمار الجهل في طرح الشبهات تارة ثانية،
فضلاً عن توظيف الشهوات باعتبارها آلية جذب تارة ثالثة.
مع وضع شروط خاصة للجمهور المستهدف جَذْبُه للفرق الباطنية وفي ذلك يقول د. محمد
رأفت السعيد:
«من
أهم أساليب الباطنية: اختيار المدعوين من الجهلة، ثم اختيار المناخ الملائم للدعوة
حيث يتجنب الداعي الحديث في المجالس التي فيها أهل النظر وأهل العقل، مع اتباع
أسلوب التدرج مع المدعو حتى يصلوا به إلى الانسلاخ الكلي من الإسلام»[3].
وحتى يتحقق هذا الهدف في جذب أتباع جدد للفرق الباطنية مع نشر الفوضى العقدية في
صفوف الأمة الإسلامية؛ كان لا بد من توظيف الوسائل الإعلامية المواكبة لكل عصر من
العصور بدءاً من المنشورات والكتب الباطنية مجهولة النسب والمدفوعة للوراقين لنسخها
وتوزيعها وعلى رأسها
«رسائل
إخوان الصفا»[4]
وذلك في حالات الضعف، انتهاءً بالمجاهرة الإعلامية المكشوفة في حالات التمكين وما
بينهما من مساحات تدرجية توظَّف فيها الوسائل الإعلامية باحترافية موجَّهة.
فالمتأمل للتاريخ ومعه الواقع المعاصر يجد أن هناك ارتباطاً طردياً بين التمكين
السياسي للفرق الباطنية وبين تنوع وانتشار الأساليب الإعلامية والدعائية لمناهجهم
الفاسدة؛ فبقدر التمكين السياسي للفرق الباطنية أو الاقتراب من دائرته يكون تدرج
التوظيف الإعلامي في بث المناهج الفاسدة من توجيه للخطب المنبرية إلى المواكب
الشيعية المسيَّرة في القرى والمدن والأمصار التي برزت بصفة خاصة في حقبة حكم
الدولة العبيدية الفاطمية، وكذلك احتفالات موالد الشخصيات المحتفى بهم عند الفرق
الباطنية، ومناسباتهم التاريخية سواء في محيط الأضرحة والمساجد المنسوبة لآل البيت،
أو في داخل أماكن تجمعاتهم من حسينيات ومجالس عزاء وغيرها، مع استثمار الفرق
الباطنية للمنادين والرحالة وفرق الإنشاد الذين يجوبون البلاد للإعلام ولإحياء
الاحتفالات؛ وما يتخلل تلك الاحتفالات من وسائل جذب إعلامية كالخطب والمواعظ
والأناشيد الموجَّهة والأغاني والبكائيات ذات الدلالات العقدية العاكسة لأطروحات
الفرق الباطنية؛ التي يعززها الجهل، ثم العاطفة الجياشة لآل البيت الكرام، التي يتم
الدندنة عليها باحتراف.
وقد ظلت تلك الوسائل الدعائية والإعلامية معتمَدة لقرون طويلة وحتى يومنا هذا مع
اختلاف التوظيف التقني الذي يحولها من إعلام محلي محدود إلى إعلام خارجي واسع
الانتشار.
ليأتي العصر الحديث ويحاول أبناء الطوائف الباطنية استثمار الوسائل الإعلامية
المعاصرة في نشر الأفكار والمناهج العقدية الضالة لتثبيت عقيدة منسوبيها الفاسدة
أولاً، ثم نشر الفوضى العقدية في المجتمعات ثانياً، وجذب أتباع جدد ثالثاً. فعلى
مدار القرن المنصرم ظهرت العديد من دور النشر في عدد من دول العالم وبصفة خاصة في
لبنان والعراق عُنيت بنشر الكتب الباطنية وإعادة إحياء التراث الباطني، ومن أبرز
أسماء الكتَّاب الذين برزوا في إحياء التراث الشيعي بصفة عامة والإسماعيلي منه بصفة
خاصة الكاتبان الإسماعيليان (عارف تامر) و (مصطفى غالب)[5]
اللذان ما فتئا يكتبان عن الإسماعيلية وعقائدها وحركاتها بمساعدة عدد من دور النشر
اللبنانية[6]،
التي عملت أيضاً على نشر كتابات طائفة الدروز وعلى رأسها كتابات الدكتور سامي مكارم
وكريم ثابت[7].
والدور نفسه كان في العراق حيث النجف وكربلاء ونشر آلاف الكتب والرسائل التي تحيي
وتروج المذهب الشيعي. وفي الهند وباكستان نشط أتباع الفرقة الأحمدية القاديانية في
الدعوة إلى مذهبهم باستخدام تلك الآلية الإعلامية الثقافية مع تعمد نشر ترجمات
محرَّفة لمعاني القرآن الكريم بمختلف اللغات العالمية[8].
وفي إندونيسيا أسس الشيعة العديد من دُور النشر التي عُنيت بنشر مئات الكتب الشيعية
باللغة الإندونيسية في تلك الدولة المسلمة ومن تلك الدور: (دار الميزان في باندونج،
الفردوس والهداية في جاكرتا، مطبعة بليتا في باندونج، مطبعة أبي ذر في جاكرتا،
ومطبعة يابي في لامبونج سومطرة... وغيرها)[9].
هذا إضافة إلى الدور الثقافي للسفارات والملحقيات ومكاتب التمثيل الإيرانية حول
العالم، التي لا تكتفي بنشر الكتب المذهبية الداعية للمذهب الشيعي الإثنا عشري
بلغات العالم المتعددة؛ بل تعمل على اعتماد آلية مصاحبة لآلية النشر وهي آلية
الدورات التدريبية؛ فقد اتخذت الفرقة الشيعة من إقامة الدورات التدريبية عبر الملحق
الثقافي الإيراني مدخلاً لنشر عقيدتهم الفاسدة في كثير من البلدان العربية
والإسلامية؛ إذ يقيمون دورات في اللغة الفارسية لعامة الناس والمثقفين، ويستشهدون
أثناء تدريبهم بأفكارهم ويناقشون فكرة الإمامة والرجعة وغيرها من عقائد الشيعة
ويستخدمون في التدريبات على الترجمة مقولات شيعية لأئمتهم مصحوبة بالشرح الشيعي
لها؛ فضلاً عن عقد دورات تدريبية في الفقه الجعفري من خلال معلمين يأتون بهم من
إيران[10].
كما استثمرت الفرق الباطنية الصحف والمجلات في تحقيق مآربها ونشر أفكارها، فظهرت
على الساحة العديد من الصحف والمجلات ذات النهج الطائفي، ومنها: مجلة نجم الغرب
التابعة للطائفة البهائية[11]،
وكذلك الأخبار الأمرية لسان المحفل العالمي للبهائية[12]،
ومجلة البصائر الشيعية، ومجلة النور الشيعية الصادرة في لندن، وصحيفة الرسالة
الإيرانية، ومجلة القدس التي تصدرها السفارة الإيرانية بجاكرتا باللغة الإندونيسية،
ومجلة المودة التي تصدرها رابطة أهل البيت في باندونج جاوة الغربية بإندونيسيا،
ومجلة الحكمة التي تصدرها مؤسسة المطهري في باندونج بإندونيسيا[13]،
ومجلة المنبر الصادرة في لبنان التابعة لجماعة الشيرازي في الكويت التي تخصصت في
الطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين ونشر فكر التشيع،
الأمر الذي جعل وزارة الإعلام الكويتية تمنع دخولها البلاد وقالت على لسان وكيل
الوزارة الشيخ فيصل المالك:
«مجلة
المنبر لم تُمنَح ترخيصاً من قبل وزارة الإعلام، وإن سياسة الوزارة تعتمد على عدم
السماح بدخول أي مطبوعة إلى البلاد تمس ثوابت الأمة»[14].
وقد فطنت إيران (الدولة الراعية للمدِّ الشيعي حول العالم) للدور الحيوي للراديو
والإذاعات كإحدى أهم الوسائل الإعلامية في التوجيه واستقاء المعلومات وتشكيل
الثقافات في القرن العشرين؛ فبعد قيام الثورة الخمينية عام 1979م عمدت إيران
لاستثمار تلك الآلية الإعلامية في تصدير الثورة والتبشير بالمذهب الإثنا عشري، ومن
ثَمَّ كان النهج التوجيهي لإذاعة الجمهورية الإسلامية (طهران) باللغة العربية؛
«فابتداءً
من عام 1984م كانت إيران أكبر دولة إذاعية تقدم برامج موجهة باللغة العربية في قارة
آسيا حيث كانت تبث عبر إذاعة طهران أربعاً وثمانين ساعة أسبوعياً باللغة العربية
فقط. وكانت تستخدم أجهزة إرسال بالموجة المتوسطة لتوفر لغالبية المتحدثين باللغة
العربية في شبه الجزيرة العربية إشارات واضحة. ثم تطور الأمر بعد ذلك ليكون بث
إذاعة الجمهورية الإسلامية في إيران لبرامجها الموجهة باللغة العربية من العاصمة
طهران مئة وساعة ونصفاً أسبوعياً بمعدل أربع عشرة ونصف ساعة يومياً»[15].
لتدخل إيران بالتوازي إلى ميدان البث الفضائي باللغة العربية والبداية كانت عام
1980م عبر قناة فضائية كانت تحمل اسم (قناة سحر الفضائية) وتغير الاسم لاحقاً إلى
(قناة الكوثر الفضائية) وذلك لمدة ساعة واحدة يومياً حتى وصلت ساعات البث إلى عشرين
ساعة يومياً ومركزها الرئيسي في طهران ولها أربعة مكاتب فرعية في (اليمن - البحرين
- سوريا - لبنان). وهي تبث على الأقمار الصناعية (النايل سات والعرب سات والهوت
بيرد). وهذه القناة تهدف إلى نشر المذهب الشيعي في كافة ربوع الأرض؛ وذلك عبر باقة
من البرامج المتنوعة التي تتعرض لمختلف المجالات الإنسانية (الدينية، الفكرية،
والاجتماعية). كما تقدم القناة يومياً أربع نشرات إخبارية مفصلة تتضمن تعليقات من
المتخصصين والمحللين السياسيين وذلك وَفْقَ ما يتوافق مع الرؤية الإيرانية للأحداث[16].
وقد رصدنا مِن قَبْل 73 قناة فضائية شيعية ناطقة باللغة العربية تستقبلها البيوت
السنية والشيعية في العالم العربي والإسلامي على سواء، ويمكن تصنيفها بالصورة
التالية:
القنوات الإيرانية الناطقة بالعربية:
(قناة العالم
«إخبارية
منوعة»
- الكوثر
«دينية
منوعة»
- الثقلين
«دينية
منوعة»
- الولاية
«دينية
منوعة»
- الزهراء
«دينية
منوعة»
- الأهواز
«منوعة»
-
IFilm
«أفلام»).
القنوات اللبنانية:
(قناة المنار
«إخبارية
منوعة»
- الإيمان
«دينية
منوعة»
- الصراط
«دينية
منوعة»
- هادي
TV
«أطفال»
- طه
«أطفال»
- إن بي إن
NBN
«منوعة»).
القنوات الكويتية: (الإمام الحسن
«دينية
منوعة»
- الأوحد
«دينية
منوعة»
- الأنوار
«دينية
منوعة»
- الأنوار الثانية
«دينية
منوعة»
- العدالة
«منوعة»
- المشكاة
«منوعة»
- فورتين (المعصومون الأربعة عشر)
ch 4Teen
«منوعة»
- الكوت
«منوعة»
- هدهد
«أطفال»
- فنون
«كوميدية»
- فنون بلس +
«كوميدية»).
القنوات العراقية:
(النبراس
«دينية
منوعة»
- المرجعية
«دينية
منوعة»
- القمر
«دينية
منوعة»
- العهد
«دينية
منوعة»
- السلام
«دينية
منوعة»
- النعيم
«دينية
منوعة»
- الفرقان
«دينية
منوعة»
- الغدير
«دينية
منوعة»
- الحجة
«دينية
منوعة»
- المعارف
«دينية
منوعة»
- المهدي
«دينية
منوعة»
- أهل البيت
«دينية
منوعة»
- كربلاء
«دينية
منوعة»
- العقيلة
«دينية
منوعة»
- المنهاج
«دينية
منوعة»
- الإمام علي
«دينية
منوعة»
- النجباء
«منوعة»
- الشعائر
«منوعة»
- الفيحاء
«منوعة»
- المسار
«منوعة»
- الكاظمي
«منوعة»
- الكاظمي2
«منوعة»
- شجعان
«منوعة»
- آفاق
«منوعة»
- الاتجاه
«منوعة»
- العراقية
«منوعة»
- الفرات
«منوعة»
- الفرقدين
«منوعة»
- الأضواء
«منوعة»
- الإشراق
«منوعة»
- النجف الأشرف
«منوعة»
- الموعد
«إعلام
حربي»
- الإباء
«إعلام
حربي»
- الأوفياء
«إعلام
حربي»
- العهد٢
«إعلام
حربي»
- أرزاق النجف
«إعلانية
قرآن وأدعية»
- أرزاق بغداد
«إعلانية
قرآن وأدعية»
- أرزاق البصرة
«إعلانية
قرآن وأدعية»
- أرزاق الأنبار
«إعلانية
قرآن وأدعية»
- أرزاق كربلاء
«إعلانية
قرآن وأدعية»
- أرزاق الموصل
«إعلانية
قرآن وأدعية»
- بلادي
«إخبارية»
- العراقية الاقتصادية - العراقية التعليمية - فتية كربلاء
«أطفال»
- الدعاء
«أدعية»).
هذا إضافة إلى قناة اللؤلؤة البحرينية الإخبارية المنوعة. قناة الطائفة الأحمدية
القاديانية
mtv،
وقناة المسيرة الحوثية اليمنية منوعة. وقناة صوت العترة التي تبث من لندن والتابعة
لهيئة خدام المهدي التي أسسها الكويتي ياسر الحبيب عام 2013م بعد توقف قناة فدك[17].
في هذا الإطار الفضائي برزت توجهات إعلامية متعددة منها نقل الفعاليات والمناسبات
الشيعية والباطنية من المحلية إلى العالمية، وبث الشبهات العقدية في صفوف المسلمين،
وتزييف ومحاولة تشويه التاريخ الإسلامي والطعن في الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان
الله عليهم، وصناعة وبث الأفلام الوثائقية التي تمجد في زعماء الشيعة والفرق
الباطنية أمثال الخميني وحسن نصر الله.
ولعل أشد هذه التوجهات الإعلامية خطورة بتصوري هي إعلام الأطفال، والدراما الشيعية؛
وذلك لاستهدافهما شريحتين في غاية الحساسية وهما النشء المسلم، والجمهور المفتون
بالدراما، وهما شريحتان كبيرتان في الأمة قد يجمعهما ضعف التحصين العقدي؛ الأمر
الذي قد ييسر للفرق الباطنية تحقيق كثير من أهدافهم عبر رسائلهم الإعلامية. وهذا
التوجه الإنتاجي الإعلامي الباطني لا يقف عند حدود البث الفضائي التلفزيوني، فقد
نجحت بعض الفرق الباطنية في توظيف
«الإعلام
الجديد»[18]
من أجل الوصول لهذه الشرائح وذلك عبر نشر مقاطع مؤثرة وجذابة من الدراما الشيعية
وكارتون الأطفال والأغاني الشيعية عبر المنصات الإلكترونية المتعددة؛ ولعل المسلسل
الإيراني المدبلج باللغة العربية النبي يوسف على سبيل المثال يعد أحد أهم الأعمال
الدرامية الشيعية التي نجحت في التسلل للبيوت السنية سواء عبر الفضائيات، أم عبر
مقاطع مصورة منشورة على المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي. هذا إضافة
إلى التطبيقات الشيعية على المتاجر الإلكترونية من كتب وموسوعات وبرامج أدعية
ومعالم شيعية وألعاب إلكترونية.
وفي الختام فإن المتابع يلمس اختراق العديد من الأسماء المنتمية للطوائف الباطنية
للعديد من الصحف ووسائل الإعلام المحسوبة على أهل السنة والجماعة؛ بل في بعض
المناصب القيادية الإعلامية في البلدان السنية وهذا واضح تحديداً في مناطق وجود
الطوائف الباطنية حيث النصيريةُ والدروزُ في بلاد الشام، والشيعةُ في الحالتين
العراقية واللبنانية وكذلك في بعض البلدان الخليجية، والمتصفح والمراجع لبعض أطقم
العمل في الوسائل الإعلامية الموجودة بتلك البلدان سيجد العديد من الأسماء العاكسة
لهوية هؤلاء، ويكفي أن وزير الإعلام في العراق في عهد (صدام حسين) كان الشيعي (محمد
سعيد كاظم الصحاف) الذي أدار الحرب الإعلامية خلال الغزو الأمريكي للعراق عام
2003م، ويذكر أنه لم يكن من بين المطلوبين بعد سقوط نظام صدام؛ إذ سلم نفسه للقوات
الأمريكية وتم إطلاق سراحه. وكذلك آخر رئيس تحرير لجريدة الثورة الناطقة باسم حزب
البعث في العراق هو (سامي مهدي) وهو شيعي من تبعية إيران، وأيضاً المستشار الإعلامي
لصدام حسين كان شيعياً وهو (عبد الجبار محسن)، فضلاً عن أن السكرتير الصحفي المرافق
لصدام حسين ومدير تحرير مجلة (ألف باء) الرسمية كان الصحفي الشيعي (حسن العلوي)
الذي صرح في 10/9/2006م من خلال قناة الحرة - العراق فقال:
«المحيطون
بصدام من الصحفيين كلهم شيعة لم يكن صدام يفكر بمسألة سنة وشيعة»[19].
تلك المقولة التي نسمعها الآن كثيراً في أوساط سياسية مؤثرة داخل العالم الإسلامي،
تهوِّن من الاستعانة بأبناء الطوائف الباطنية في الوظائف الحيوية؛ وأخشى إن لم تتم
تنقية الصفوف الرسمية والإعلامية والقيادية السنية من الاختراق الباطني الناعم لها،
في ظل غياب مشروع المدافعة السنية المتكامل، أخشى أن تسقط بعض العواصم السنية كما
سقطت بغداد غدراً.
[1] الباطنية اسم يطلق على الفرق الموسومة به لأنهم يخفون عقائدهم ويبطنون أهدافهم
ووسائلهم ثم يظهرون للأمة المسلمة غير ذلك، وتظل عقائدهم مكتومة مبطونة حتى يحققوا
أهدافهم ويتمكنوا من ناصية الأمور. كما أنهم يرون أن للنص الشرعي ظاهراً وباطناً،
وأن الباطن هو المراد من النصوص الشرعية وهو يختفي وراء الظاهر، ولا يفهمه إلا
الخاصة الأذكياء الفاهمون. ومن المسميات التي تسمت بها الفرق الباطنية في العالم
الإسلامي: (الشيعة الإثنا عشرية - الإسماعيلية - السليمانية
«المكارمة»
- النصيرية - الدروز - البهائية - الأحمدية القاديانية - الآغاخانية الإسماعيلية -
البهرة - الشيخية - الحشاشون - القرامطة - الحوثيون... وغيرها).
لمزيد من التفاصيل حول الفرق الباطنية يمكن مراجعة:
دكتور محمود مزروعة: دراسات في الفرق المنتسبة إلى الإسلام (الباطنية - الإسماعيلية
- الشيعة - النصيرية - الدروز - القاديانية)، مطابع ابن سينا، القاهرة، 2009م.
أسامة شحادة وهيثم الكسواني: الموسوعة الشاملة للفرق المعاصرة في العالم، مكتبة
مدبولي، القاهرة، ط1، 2007م.
[2] الدكتور محمد أحمد الخطيب: الحركات الباطنية في العالم الإسلامي - عقائدها وحكم
الإسلام فيها؛ مكتبة الأقصى، عَمان - الأردن، ط2، 1406هـ/1986م، ص20.
[3] د. محمد رأفت السعيد: أساليب الباطنية في الدعوة إلى باطلهم، التوعية
الإسلامية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، س13، ع2، 1987م، ص 47-51.
[4] يقول الدكتور محمد أحمد الخطيب في رسالته لنيل الدكتوراه حول الحركات الباطنية:
«إخوان
الصفا وخلان الوفاء صنفوا اثنتين وخمسين رسالة في جميع أجزاء الفلسفة وأفردوا لها
فهرسة وسموها رسائل إخوان الصفا وخلان الوفاء وكتموا أسماءهم وبثوها في الوراقين
ولقنوها للناس. ويزعم آغاخان زعيم الفرقة الإسماعيلية المعاصرة أن عامة المسلمين
توجهوا إلى زعيم الطائفة الإسماعيلية الشيعية (وفي أحمد) ليعرفهم الفرق بين الدين
والفلسفة فاستجاب لهم، وألَّف رسائل إخوان الصفا في اثنتين وخمسين رسالة وأخفى اسمه
لأسباب سياسية. والإسماعيلية في القرنين الماضيين اعتبرت رسائل إخوان الصفا رسائل
مقدسة، حيث يزعم أحد دعاتهم في العصر الحديث
«الدكتور
حسين الهمداني»
وهو من الإسماعيلية الطيبية أن القرآن الكريم كتاب العامة - ورسائل إخوان الصفا
كتاب الأئمة».
ويضيف الدكتور الخطيب:
«لو
رجعنا إلى نصوص رسائلهم لوجدنا أن إخوان الصفا يظهرون النزعة الشيعية في القسم
الرابع من مجموعة الرسائل، ويتجلى ميلهم هذا في كثير من المقاطع».
انظر: د. محمد أحمد الخطيب: الحركات الباطنية في العالم الإسلام - عقائدها وحكم
الإسلام فيها: مصدر سبق ذكره، ص 169 - 175.
[5] د. عارف تامر: كان والده تامر العلي أميراً للإسماعيليين في جبال العلويين
السورية ولد في طرطوس بسوريا؛ اشتهر عارف بكثرة مؤلفاته وتحقيقاته عن الإسماعيلية،
ومنها: حقيقة إخوان الصفا، الموسوعة التاريخية للخلفاء الفاطميين، موسوعة تاريخ
الإسماعيلية. وفي مجال التحقيق حقق (الهفت والأظلة) للمفضل الجعفي، و (تاريخ
العقائد) لابن الوليد، وغيرها كثير، توفي في 3/ 11/ 1998م.
مصطفى غالب: ولد في السلمية عام 1931م وهو باحث في عقائد وتاريخ الإسماعيلية. من
مؤلفاته: تاريخ الدعوة الإسماعيلية، البيان لمباحث الإخوان، الثائر الحميري الحسن
بن الصباح.. وغيرها. أصدر سنة 1952م مجلة الغدير حتى احتجابها سنة 1963م.
انظر: الموسوعة الشاملة للفرق المعاصرة في العالم، مصدر سبق ذكره، ص 174.
[6] الدكتور محمد أحمد الخطيب: الحركات الباطنية في العالم الإسلامي - عقائدها وحكم
الإسلام فيها، مصدر سبق ذكره، ص 82.
[7] المرجع السابق: ص 210 - 300.
[8] عمر آدم عمر إبراهيم: عقائد الفرق الباطنية المعاصرة وأساليبها في الحرب على
الإسلام - دراسة وصفية تحليلية، رسالة ماجستير، جامعة القرآن الكريم والعلوم
الإسلامية، السودان، 1439هـ/ 2018م، ص 149.
[9] د. نرمين سعد الدين: المد الإيراني في إندونيسيا... الأدوات والتداعيات،
التقرير الإستراتيجي السنوي لمجلة البيان، التقرير الثالث عشر، 1437هـ، ص 391 -410.
[10] محمد حارن حامد عبد الدائم: القنوات الشيعية وخطورتها على الأمة الإسلامية -
نماذج مختارة، رسالة ماجستير، جامعة أم درمان، السودان، 2017م، ص 213.
[11] عقائد الفرق الباطنية المعاصرة وأساليبها في الحرب على الإسلام: مصدر سبق
ذكره، ص 119.
[12] الموسوعة الشاملة للفرق المعاصرة: مصدر سبق ذكره، ص 72.
[13] المد الإيراني في إندونيسيا... الأدوات والتداعيات: مصدر سبق ذكره.
[14] مجلة الراصد العدد الثاني - شعبان 1424هـ، نقلاً عن صحيفة الوطن الكويتية
بتاريخ 7 سبتمبر - 2003م.
[15] عمر بن نصيب التهامي: برامج القسم العربي في إذاعة الجمهورية الإسلامية في
إيران - دراسة تحليلية للأشكال والأساليب والمضمون، رسالة ماجستير، جامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية، 1409هـ/1988م، ص 9.
[16] الهيثم زعفان: الفضائيات الشيعية التبشيرية - مع إشارة تحليلية لقناة الكوثر
الإيرانية، مركز التنوير للدراسات الإنسانية، القاهرة، 2010م، ص 114 - 236.
[17] لمزيد من التفاصيل حول الفضائيات الشيعية وآليات عملها ومخاطرها على عقيدة أهل
السنة والجماعة يمكن مراجعة:
الهيثم زعفان: الإعلام الفضائي الشيعي بين الاختراق والمواجهة السنية، التقرير
الإستراتيجي السنوي لمجلة البيان، التقرير الثالث عشر، 1437هـ.
الهيثم زعفان: المخاطر العقدية في قنوات الأطفال العربية، مركز البيان للبحوث
والدراسات، الرياض، 1436هـ.
[18] يمكن تقسيم الإعلام الجديد إلى الأقسام الأربعة التالية:
أولاً: الإعلام الجديد القائم على شبكة الإنترنت
on
line
وتطبيقاتها، وهو جديد كلياً بصفات وميزات غير مسبوقة وهو ينمو بسرعة وتتوالد عنه
مجموعة من التطبيقات لا حصر لها.
ثانياً: الإعلام الجديد القائم على الأجهزة المحمولة بما في ذلك أجهزة قراءة الكتب
والصحف وهو أيضاً ينمو بسرعة وتنشأ عنه أنواع جديدة من التطبيقات وغيرها.
ثالثاً: نوع قائم على منصة الوسائل التقليدية مثل الراديو والتلفزيون التي أضيفت
إليها ميزات جديدة مثل التفاعلية والرقمية والاستجابة للطلب.
رابعاً: الإعلام الجديد القائم على منصة الكومبيوتر
off line،
ويتم تداول هذا النوع إما شبكياً أو بوسائل الحفظ المختلفة مثل الأسطوانات الضوئية،
ويشمل العروض البصرية وألعاب الفيديو والكتب الإلكترونية وغيرها. انظر: د.حرفوش
إيمان: أزمة الخصوصية الثقافية في ظل الإعلام الجديد، مجلة العلوم الإنسانية -
مقاربات، مؤسسة مقاربات للنشر والصناعات الثقافية، الجزائر، عدد 37، مجلد 19،
2019م، ص 125- 135.
[19] انظر: الموسوعة الشاملة للفرق المعاصرة في العالم: مصدر سبق ذكره، 2/ 28 - 35،
مع المصادر الواردة في هوامش هذه الجزئية من الموسوعة.