• - الموافق2025/10/14م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
كيف ساعدت شركات التقنية الجيش الصهيوني في حرب غزة؟

الحرب الأخيرة على غزة تحولًا نوعيًا في طبيعة العمليات العسكرية، حيث استخدمت الدولة العبرية مزيجًا غير مسبوق من تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما جعل الصراع أحد أبرز الاختبارات الميدانية لهذه التكنولوجيا المتقدمة في ميادين القتال الحديثة

البيان/متابعات: الحرب الأخيرة على غزة تحولًا نوعيًا في طبيعة العمليات العسكرية، حيث استخدمت الدولة العبرية مزيجًا غير مسبوق من تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما جعل الصراع أحد أبرز الاختبارات الميدانية لهذه التكنولوجيا المتقدمة في ميادين القتال الحديثة. واعتمدت الدولة العبرية على أنظمة ذكاء اصطناعي متطورة، بعضها مدعوم من شركات تكنولوجيا أمريكية عملاقة، لتحديد الأهداف وتوجيه الضربات ومراقبة السكان، مما يشير إلى بداية عصر جديد من الحروب التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل كبير.

أحد أبرز هذه الأنظمة هو نظام "الإنجيل" الذي ظهر في عام 2021 خلال الحرب التي استمرت 11 يومًا، والذي قام بتحليل بيانات المراقبة وصور الأقمار الصناعية ومحتوى مواقع التواصل الاجتماعي لتوليد قوائم سريعة بالمباني المرشحة للقصف. هذا النظام يمثل مثالًا على كيفية دمج مصادر بيانات متعددة لتسريع اتخاذ القرار العسكري، الأمر الذي ساهم في تسريع وتيرة العمليات العسكرية.

إضافة إلى "الإنجيل"، استخدم الجيش الصهيوني نظام "الكيميائي" الذي يرسل تنبيهات عند رصد حركات مشبوهة، ونظام "عمق الحكمة" المخصص لتحديد شبكة أنفاق غزة، ما يوضح تنوع استخدامات الذكاء الاصطناعي بين الاستطلاع والتخطيط والتوجيه العسكري. إلا أن التطور الأخطر تمثل في نظام "لافندر"، الذي يعمل على تقييم احتمال انتماء الأفراد إلى جماعات مسلحة، ويُنتج قوائم تستهدف أشخاصًا بعينهم. هذا النظام اعتمد عليه الجيش الصهيوني بشكل شبه كامل في الأسابيع الأولى من الحرب الأخيرة، رغم علمه بوجود أخطاء في تصنيف المدنيين كمقاتلين، وقد كانت عملية "التحقق" البشرية محدودة للغاية، تقتصر في كثير من الأحيان على التأكد من كون الهدف رجلًا دون تحليل أعمق.

تكشف هذه الممارسات عن تحول خطير في آليات اتخاذ قرارات القتل، حيث بدأ الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا مركزيًا، ما يثير قلقًا أخلاقيًا وقانونيًا عميقًا، خاصة مع وجود تقارير عن استهداف منازل عائلات فلسطينية عبر نظام "أين الأب؟"، الذي يسهل تنفيذ ضربات دقيقة ضد أفراد في منازلهم دون مراعاة كافية للأضرار الجانبية أو التمييز بين المدنيين والمقاتلين.

على صعيد المراقبة الرقمية، كشفت تقارير صحافية أن إسرائيل استخدمت خدمات سحابية تابعة لشركات مثل مايكروسوفت وOpenAI لتخزين وتحليل الاتصالات الفلسطينية، حيث ساعد الذكاء الاصطناعي في ترجمة ومراقبة المكالمات، خاصة بعد تصاعد العمليات العسكرية في أكتوبر 2023. رغم احتجاجات شعبية وأكاديمية، استمر هذا التعاون لفترة طويلة، ما يثير تساؤلات حول مسؤولية الشركات التقنية الكبرى في النزاعات المسلحة، وإلى أي مدى يمكن اعتبارها متواطئة في استخدام التكنولوجيا التي تساهم في استهداف المدنيين.

على الجانب الإنساني، تشير الأرقام إلى أن أكثر من 67 ألف فلسطيني، من بينهم عشرات الآلاف من الأطفال، لقوا حتفهم خلال العامين الماضيين، فيما تم إبادة أكثر من 1,200 عائلة بشكل كامل، مما يبرز حجم المعاناة والدمار الناجم عن استخدام هذه التقنيات في الحروب.

في الختام، يعكس استخدام الدولة العبرية للذكاء الاصطناعي في الحرب على غزة بداية مرحلة جديدة من الحروب الرقمية والآلية التي تحمل معها تحديات أخلاقية وقانونية جسيمة. إن تعقيد النزاع وتداخل التقنية مع العمليات العسكرية يفرض على المجتمع الدولي والأطراف المعنية وضع أطر صارمة تضمن احترام حقوق الإنسان والتمييز الدقيق بين المدنيين والمقاتلين، وتحد من الاعتماد على قرارات آلية قد تؤدي إلى مآسي إنسانية.

 

أعلى