البيان/وكالات: في ظل تسارع التقارب الأمني بين أنقرة ودمشق، عاد الحديث مجددًا عن احتمال إحياء اتفاق "أضنة" الموقع عام 1998، لكن بصيغة موسعة تمنح أنقرة صلاحيات أوسع داخل الأراضي السورية، بما ينسجم مع متطلبات الأمن القومي التركي والتوازنات المتغيرة في الشمال والجنوب السوري.
وتسعى تركيا، بحسب محللين، إلى التوصل لتفاهم أمني شامل مع الحكومة السورية يتجاوز الصيغة القديمة للاتفاق، ويُكرّس تعاونًا مباشرًا في ملفات محورية، أبرزها التعامل مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) وضبط الحدود المشتركة، إلى جانب تقليص النفوذ الصهيوني في الجنوب السوري.
وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مؤخرًا أن "أمن سوريا لا ينفصل عن أمن تركيا"، في إشارة إلى الرغبة التركية بإعادة صياغة العلاقة مع دمشق من بوابة أمنية تمهد لاحقًا لمسارات سياسية.
ووفق مصادر سياسية، تكثّفت الاجتماعات الأمنية بين مسؤولي البلدين خلال الأسابيع الماضية، وتناولت بشكل خاص مستقبل "قسد"، حيث تضغط أنقرة على دمشق لدمج هذه القوات ضمن الجيش السوري وسحب سلاحها، في خطوة تهدف إلى إنهاء ما تعتبره تركيا امتدادًا لحزب العمال الكردستاني على الأراضي السورية.
وفي تطور لافت، كشفت مصادر عن لقاء ثلاثي جمع الرئيس السوري بشار الأسد وقائد "قسد" مظلوم عبدي والمبعوث الأمريكي توماس باراك، تم خلاله التفاهم على تسليم الحكومة السورية إنتاج النفط من حقول دير الزور مع تخصيص نسبة لـ"قسد"، في ما اعتُبر خطوة أولى نحو إدماجها في مؤسسات الدولة.
ويرى المحلل السياسي السوري سعيد جودة أن تركيا تسعى لاتفاق جديد يشبه اتفاق "أضنة"، لكنه يمنحها أدوارًا أمنية موسعة داخل سوريا، قد تشمل إنشاء قواعد مشتركة مع دمشق بعمق يصل إلى 40 كم داخل الأراضي السورية، ما يضفي شرعية على تواجدها العسكري ويُميّزها عن التحركات الإسرائيلية في الجنوب.
وأشار جودة إلى أن أنقرة تضع "قسد" أمام خيارين: إما الانخراط الكامل في الدولة السورية أو مواجهة تحركات عسكرية من دمشق بدعم تركي مباشر، معتبرًا أن ما جرى من تفاهمات مؤخراً لم يُلغِ هذا الخيار العسكري، بل أجّله مؤقتًا. في المقابل، تعمل أنقرة - بحسب مراقبين - على دعم دمشق في مواجهة التغلغل الصهيوني في الجنوب، ضمن محاولة لإعادة التوازن الميداني والدبلوماسي هناك، في وقت تروّج فيه تركيا لرغبتها في الحلول السياسية دون استبعاد الخيار العسكري إن دعت الحاجة.
ويقول المحلل خالد الفطيم إن تركيا ترى في التعاون الأمني مع دمشق ضرورة استراتيجية لمنع تفكك سوريا واحتواء أي فراغ قد تستفيد منه قوى معادية لها، مشيرًا إلى أن المشهد يتّجه نحو "اتفاق أمني جديد متعدد المستويات" قد يُعلن عنه في حال استكمال التفاهمات بشأن "قسد" والانتشار العسكري على الأرض.