البيان/وكالات: اعترف الجنرال تامير هايمان الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية (أمان)، في ورقة بحثية نشرها معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، الذي يترأسه، بما اعتبرها هزيمة الدولة العبرية على الساحة الدولية، حيث بات وضعها أصعب من أي وقت مضى، مما أثار موجات غير مسبوقة من انتقادها، بما فيها من دول صديقة، وبات اتهامها بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وتجويع الفلسطينيين عمدًا، وتنفيذ مخططات التطهير العرقي ضدهم، مفردات حاضرة في الخطاب العالمي، دون تحرك صهيوني مُعاكس.
أمّا الناطق العسكريّ الصهيوني الأسبق، المستشار للشؤون الإستراتيجيّة آفي بنياهو فقال لصحيفة (يديعوت أحرونوت العبريّة) إنّ "رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو بأفعاله وتقصيراته وتصريحاته الغريبة يدفع إسرائيل إلى هاويةٍ لم تعرفها من قبل، وهو يهدّد السلام مع مصر والأردن، واتفاقيات (أبراهام)، والاقتصاد الإسرائيليّ".
وفيما تقترب حرب الإبادة في غزة من اختتام عامها الثاني، تتزايد الانتقادات الدولية للاحتلال، وتواصل سفاراته المنتشرة حول العالم إرسال تقاريرها المتشائمة لوازرة الخارجية في تل أبيب، حول تدهور صورتها، وتراجع شعبيتها، وانتكاس روايتها، حتى بين الدول والعواصم التي كانت تصنف إلى وقت قريب على أنها صديقة لها.
عديدة هي أسباب فشل التواصل والحملات الدعائية الصهيونية: اتباع نهج رد الفعل بدلًا من المبادرة، وانشغالها في معظم الأوقات بدحض الادعاءات والتفسيرات الاعتذارية، بدلًا من قيادة خطاب وبناء سردية، غياب الاحترافية، فغالبًا ما يفتقر المتحدثون الصهاينة للأدوات الأساسية للوقوف أمام الكاميرا، أوْ إجراء مقابلة، أوْ فهم الرموز الثقافية للجمهور المستهدف، وفهم اللغة الرقمية، وإنشاء محتوى فيروسي، وازدراء الميزانية، رغم أنّ الحملات الدعائية والعلاقات العامة تعتبر خط دفاع أساسي للدولة.
وما زاد الطين بلة أنّ نتنياهو وصف سفراء الكيان بـ "سفراء القرن التاسع عشر"، بل إنّ الأمر بتعيين طياري طائرات إف35 وفقًا لمعايير سلاح الفرسان في القرون الوسطى، بزعم أنهم يفشلون في التصدّي للحملات الإعلامية والدبلوماسية ضد الدولة العبرية حول العالم، وأنهم ينقلون تقارير مبالغ فيها حول تزايد معاداتها في العواصم الكبرى.
إلى ذلك، أكّد أريئيل كهانا المراسل السياسيّ لصحيفة (إسرائيل اليوم) أنّ الدولة العبرية تعاني منذ بداية الحرب على غزة من فشلٍ إعلاميٍّ ذريعٍ، وهو ما تجلّى في 15 أزمة إعلامية منذ اندلاع الحرب، حيث تعرضت لهجوم إعلامي غربي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، مما يكشف عن نتائج قاتمة للغاية.
وهو ما كشفته دراسة نشرتها وزارة الشتات لفحص نتائج الحملات الإعلامية الصهيونية، وتأثيرها على صورة الدولة العبرية في العالم، وخرجت الدراسة ذات الـ 136 صفحة، وأشرف عليها وزير الشتات، بتقييمات متشائمة لأداء وتأثير: مكتب رئيس الوزراء، وزارة الخارجية، المتحدث العسكري، إضافة لعشرين شخصية، رسمية وغير رسمية، مثّلت الدولة العبرية في الأزمات التي شملتها، ومنها: قصف المستشفى المعمداني في غزة، مهاجمة عمال المطبخ العالمي المركزي، اجتياح مدينة رفح جنوب القطاع، إعدام المسعفين جنوب القطاع، استشهاد تسعة أطفال دون سن الثانية عشرة من أبناء الطبيبة آلاء النجار، صور سياسة التجويع في غزة، ومنع توزيع المساعدات الإنسانية، وغيرها.
في السياق ذاته، أكّد درور إيدار خبير شئون الدعاية في مقال نشرته صحيفة (إسرائيل اليوم)، أنّ اعترافًا يسود الأوساط السياسية والإعلامية مفاده بوجود نقصٍ كبيرٍ في جهود العلاقات العامة لمواقف الدولة في معركة الوعي العالمي أمام الملايين الذين يتصرفون ضدها على الشبكات الاجتماعية، ووسائل الإعلام، والحرم الجامعي، والبرلمانات المختلفة.
بالإضافة إلى داخل الحكومات التي لا تكف عن التحريض ضدها بشدة غير مسبوقة، وفيما لا تُكرّس الدولة العبرية أيّ جهد يُذكر في هذه المعركة، فإنّ الرأي العام العالمي يشهد اتساعًا للقناعة السائدة التي تُصوّرها بؤرة الشرّ العالميّ، والسبب الرئيسي لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
يوسي يهوشاع محرر الشؤون العسكرية بصحيفة (يديعوت أحرونوت)، شنّ هجومًا كاسحًا على الحكومة بسبب فشلها على جبهة الدعاية، متسائلا "كيف أنّ دولة تعرف ما يأكله كلّ جنرالٍ إيرانيٍّ، وأين ينام، لا تستطيع إدارة حملة دعائية معقولة"، مستدلّا على ذلك بالأغلفة الصادمة لكبرى الصحف العالمية، تحديدًا البريطانية والأمريكية، غير المعادية للدولة العبرية.
وبينما تزعم دولة الاحتلال، كما جاء في تقريرٍ لموقع (عربي بوست)، أنّها تخوض حربًا على سبع جبهات، فإنّ الحرب الإعلامية والدعائية هي أشدها تعقيدًا على الإطلاق، لأنّ جبهتها القتالية هي الساحة الدولية، وتتألف من عنصرين أساسيين مترابطين: الدبلوماسية والدعاية، الضروريين لمنحها الشرعية اللازمة لمواصلة عدوانها.