تقرير مراقب الدولة.. يفضح بيت العنكبوت
"هأرتس"
مراقب الدولة: حكومة نتنياهو لم تناقش بتاتا أي بديل سياسي للحرب!
تجاهلت كل التحذيرات من تأثير الاوضاع الانسانية الصعبة في غزة، وبدلا من مناقشتها اهتمت فقط بمناقشة مخططات حربية * يعلون يعترف: كان يمكن منع الحرب، والعائلات الثكلى تطالب باستراتيجية واضحة ازاء غزة
كرست الصحف الصهيونية اليومين الماضيين جل اهتمامها، لتغطية التقرير الذي نشره مراقب الدولة، يوسف شبيرا، حول سلوك المجلس السياسي – الامني الصهيوني قبل وخلال حرب "الجرف الصامد" التي شنتها الجيش الصهيوني على قطاع غزة في صيف 2014.
ويمتد التقرير الذي يأتي نشره بعد عامين ونصف على انتهاء الحرب، على 200 صفحة، عالجت اجراءات اتخاذ القرارات في المجلس الوزاري المصغر بشأن قطاع غزة قبل الحرب ومع بدايتها، وكذلك مسالة معالجة الأنفاق الهجومية في القطاع خلال الحرب، واعداد الرد الاستخباري والتكنولوجي والتنفيذي لمعالجة هذا التهديد خلال السنوات التي سبقت الحرب. ولا يتناول التقرير سبل ادارة الحرب نفسها او نتائجها.
وخلال العمل على اعداد التقرير تم جمع الاف الوثائق من ديوان رئيس الحكومة ومقر مجلس الامن القومي ووزارة الامن والجيش والشاباك وجهات اخرى. كما قرأ طاقم المراقب نصوص جلسات المجلس الوزاري المصغر واجروا عدة لقاءات مع رئيس الحكومة نتنياهو، ووزير الامن يعلون، ووزراء المجلس الوزاري في حينه، ومع رئيس الأركان في حينه بيني غانتس، ورئيس شعبة الاستخبارات في حينه الجنرال افيف كوخابي، ورئيس قسم العمليات في الجيش آنذاك، يواب هار ايبن ورئيس الشاباك في حينه، يورام كوهين، ورئيس الموساد آنذاك تمير بيردو، ومستشار رئيس الحكومة لشؤون الامن القومي في حينه، يوسي كوهين.
وتنشر الصحف، ابرز ما جاء في التقرير من انتقادات لقادة الحكومة الصهيونية، وبشكل خاص، قادة الحرب نتنياهو ويعلون وغانتس، الذين اقصوا المجلس الوزاري عن المعلومات، واتخذوا القرارات بخوض الحرب، دون ان يدرسوا بتاتا أي بدائل سياسية يمكنها منع الحرب، متجاهلين بذلك كل التحذيرات التي اشارت الى الابعاد الكارثية للأوضاع الانسانية المتدهورة في القطاع، والتي من شأنها ان تقود الى الانفجار.
فيما يلي الاستعراض الموسع الذي نشرته صحيفة "هآرتس" لما اسمته اهم النقاط الثمانية التي تلخص التقرير:
1. "نتنياهو ويعلون لم يفحصا بدائل سياسية من اجل منع الحرب"
تكتب "هآرتس" ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الامن، موشيه يعلون، ووزراء المجلس الوزاري السياسي – الامني لم يفحصوا خلال السنة التي سبقت حرب "الجرف الصامد" امكانية منع التصعيد. ويقتبس المراقب في تقريره، ثلاث مرات، تصريحات ادلى بها وزير الامن يعلون، بعد يومين من اندلاع الحرب، قال فيها انه ربما كان من الممكن منع الحرب لو قامت الحكومة الصهيونية بتوفير رد على الضائقة في قطاع غزة في الوقت المناسب.
ويصف مراقب الدولة في التقرير كيف لم يقم المجلس الوزاري المصغر، طوال 16 شهرا مضت منذ تشكيل الحكومة السابقة، من اذار 2013 وحتى تموز 2014، بإجراء أي نقاش سياسي جدي حول قطاع غزة. وقال ان الغالبية المطلقة للنقاشات، بما في ذلك التي سميت "استراتيجية" تعاملت فقط في المسائل العسكرية، مضيفا، ان غياب النقاش حول الجانب السياسي للأوضاع في غزة، برز على خلفية تراكم المعلومات حول تدهور الاوضاع الانسانية والتدهور الاقتصادي وانهيار البنى التحتية في القطاع.
في الثالث من نيسان 2013، بعد اسبوعين من اداء الحكومة السابقة لليمين الدستوري، عقد اجتماع للمجلس الوزاري السياسي – الامني حول الموضوع الفلسطيني. وخلال الجلسة قال منسق عمليات الحكومة في المناطق: "اريد الاشارة الى تزايد الخطر من غزة على مدار السنتين – الثلاث القادمة، وهو في مسألة البنى التحتية. غزة ستواجه ضائقة مياه بدون حل، ويجب معالجتها منذ اليوم... نحن سنجد هناك ضائقة كبيرة يمكنها ان تقود الى تغيير استراتيجي في التوجه بشكل عام".
وبعد نصف سنة، في كانون الاول 2013، كتب السكرتير العسكري لرئيس الحكومة أيال زمير الى مستشار الامن القومي في حينه يوسي كوهين، ان رئيس الحكومة يوصي بإجراء نقاش عاجل في المجلس الوزاري حول صورة الاوضاع المدنية في القطاع وما تعنيه بالنسبة لإسرائيل. لكن الفحص الذي اجراه المراقب، يبين بأنه لم يتم ابدا اجراء هذا النقاش. وحتى اندلاع الحرب لم يعقد المجلس الوزاري ولو جلسة واحدة حول الوضع الانساني في غزة.
ويكتب المراقب في التقرير انه كان يجب على كوهين تنفيذ توجيهات رئيس الحكومة. ويضيف انه "في غياب النقاش حول الموضوع، لم يتم اطلاع الوزراء على الازمة الانسانية في غزة، التي تنطوي على ابعاد امنية محتملة. وبسبب ذلك تم منع الوزراء من امكانية الاستعداد للأبعاد الممكنة لهذه الأزمة، وامكانية تخطيط الخطوات الممكنة لإسرائيل ازاء قطاع غزة".
كما انتقد المراقب في هذا الشأن، وزير الامن موشيه يعلون، المسؤول عن الجيش، من جهة، وعن جهاز تنسيق العمليات في المناطق، من جهة اخرى. فقد عرف يعلون عن الوضع الانساني والمدني في غزة وفهم محفزات التصعيد الكامنة فيه. ورغم ذلك، لم يبادر يعلون الى اجراء نقاش حول ذلك في المجلس الوزاري. وبيّن المراقب في التقرير بأن يعلون ندم على ذلك بعد بداية الحرب.
في التاسع من تموز، بعد يومين من اندلاع الحرب، عقد يعلون اجتماعا لمناقشة "بلورة آلية انتهاء الحرب". وقال يعلون في تلك الجلسة انه "لو تم توفير رد لأزمة حماس قبل عدة اشهر، لكان من الممكن ان تمتنع حماس عن التصعيد الحالي". وكتب المراقب ليعلون في التقرير ان اقواله تدل على انه كان يعرف عن المبادرة التي كان يجب ان يقوم بها. "في هذه النقاشات كان يفترض ان تطرح مسائل ربما كان يمكن لمعالجتها ان تمنع حدوث التصعيد"، كتب المراقب.
ويكشف مراقب الدولة، ايضا، انه حتى عندما عقدت جلسات لمناقشة الاستراتيجية ازاء غزة، فقد كانت جلسات ضعيفة، لم تسفر عن نتائج حقيقية. في العاشر من تشرين الاول 2013، وخلال لقاء بين رئيس الحكومة ورئيس الشاباك في حينه، يورام كوهين، اكد الاخير بأن حماس تواجه ضائقة استراتيجية. وبعد ذلك امر نتنياهو مجلس الامن القومي بعقد جلسة لمناقشة السياسية الصهيونية ازاء غزة. ومضت نصف سنة كاملة حتى تم عقد هذه الجلسة.
في 16 شباط عقدت الجلسة التي عرضت خلالها على الوزراء المخططات العسكرية في غزة. واشار المراقب في التقرير الى انه تم عرض تلك المخططات رغم حقيقة ان المجلس الوزاري نفسه لم يحدد بعد ما هي الاهداف الاستراتيجية للكيان الصهيوني في القطاع. ويكتب: "كنتيجة لذلك، اضطرت القيادة العسكرية الى توجيه الاهداف الاستراتيجية بنفسها من اجل التخطيط، بناء عليها، للعمل العسكري". واضاف: "مراقب الدولة يلاحظ لرئيس الحكومة نتنياهو، ورئيس مجلس الامن القومي يوسي كوهين، بأن مناقشة المجلس الوزاري للمخططات العسكرية قبل تحديد اهداف استراتيجية، لا يتفق مع الاجراءات السليمة لاتخاذ القرارات".
خلال ذلك النقاش في شباط، قال رئيس الاركان في حينه، بيني غانتس، بأنه يوصي بإجراء نقاش حول "قطاع غزة الى أين" وذلك لكي يعرف الجيش كيف يطور مخططاته العسكرية المناسبة. ورد كوهين على غانتس انه "بما ان الوضع في غزة يمكن ان يسخن بين لحظة واخرى، من المفضل ان يتعرف المجلس الوزاري على المخططات العسكرية". ويشير المراقب الى انه في 13 آذار، طرح الموضوع مرة اخرى، خلال اجتماع للمجلس الوزاري، بفعل التصعيد في غزة. وقال وزير الاقتصاد في حينه، نفتالي بينت، انه لا توجد لدى الحكومة الصهيونية استراتيجية بشأن غزة. ووافق معه وزير الجبهة الداخلية غلعاد اردان، وقال انه "خلال سنة منذ انضمامي الى المجلس الوزاري لم يتم اضافة ولو ذرة من المعلومات التي يمكن ان تتيح اتخاذ قرارات بشأن السياسة على المدى البعيد".
في 23 آذار 2014 فقط، بعد سنة من تشكيل الحكومة، أجري المجلس الوزاري نقاشا حول تحديد "اهداف استراتيجية" في غزة. لكن مراقب الدولة اكتشف بأن الجلسة انشغلت فقط في درجات تشديد العمليات العسكرية ضد حماس، وليس في امكانية القيام بخطوات اخرى ازاء غزة، كخطوات سياسية. وهذا، على الرغم من المشكلة المعروفة بشأن تدهور الاوضاع الانسانية في غزة وابعادها الخطيرة على اسرائيل. وقال رئيس قسم العمليات في حينه يوآب هار ايبن للمراقب: " النقاش الذي جرى في 23 آذار اطلق عليه "نقاش استراتيجي"، لكنه لم يكن في الواقع نقاشا استراتيجيا، لأنه لم يتم تحديد أي اهداف استراتيجية".
ويكتب المراقب، انه خلال مناقشات المجلس الوزاري سادت الهيمنة شبه الكاملة للجيش، وان مجلس الامن القومي لم يطبق مهمته المحددة في القانون – عرض بدائل تشكل وزنا مقابلا للجهاز الامني، وتسمح للوزراء بفهم واسع للمشاكل والفجوات التي يمكن ان تكمن في المخططات التي سيصادقون عليها. على سبيل المثال، يبين المراقب بأنه خلال النقاش في 23 آذار عرض مجلس الامن القومي ثلاثة بدائل – كلها عسكرية: رفع الرد الصهيوني على إطلاق القذائف من غزة، شن هجوم عسكري لإضعاف حماس وتقليص التهديدات، وشن حرب واسعة لإسقاط سلطة حماس في غزة.
وخلال الجلسة قالت ممثلة مجلس الامن القومي للوزراء انه "في مركز السياسة الحالية، تركز الجهود على الحفاظ على الهدوء والاكتفاء بالرد العسكري الموضعي. مجال البدائل اوسع بكثير مما يظهر هنا.. لقد اخترنا فقط ما اعتبرناه ملائما.. يمكن عرض بديل يقترح اجراء تغيير بنسبة 180 درجة في السياسة ازاء حماس، والتوصل الى تفاهمات معها، وهو بديل تم رفضه نهائيا خلال النقاش".
لقد اوصى مجلس الامن القومي خلال ذلك الاجتماع بالحفاظ على السياسة المتبعة ازاء حماس، ووافق نتنياهو على ذلك، وقال: "لو غيرت حماس من تعاملها معنا، لكنت سأدرس ذلك بقلب مفتوح، لكن الوضع ليس كذلك". واتفق معه غانتس وقال انه "لا يوجد عمليا بديل للتسوية" مع حماس. وكان رئيس الموساد تمير بيردو، هو الوحيد الذي عرض خطا مختلفا خلال الجلسة، وقال: "اوصي بالتفكير ببناء خطة تسمح لا في الفرصة المناسبة بتوفير رافعة للانفصال الحقيقي عن غزة".
نتنياهو: تم عرض تهديد الانفاق بشكل مفصل
في تموز 2016 ابلغ نتنياهو مراقب الدولة بأنه "لم يكن هناك أي بديل سياسي واقعي لقطاع غزة، ولذلك لم تتم مناقشة بديل كهذا في المجلس الوزاري، ولم يطلب أي وزير مناقشة بدائل سياسية". وقال وزير المالية في حينه، يئير لبيد، للمراقب ان "النقاش في 23 آذار، هدف في الأساس الى اظهار لماذا ليس من المناسب احتلال غزة". وقد رفض شبيرا رد نتنياهو، وجاء في التقرير: "مكتب مراقب الدولة يلاحظ لرئيس الحكومة بأن الرفض النهائي لبدائل في المجال السياسي دون ان يتم طرح بدائل كهذه في المجلس الوزاري، منع الوزراء من دراسة بدائل كهذه ومناقشة فرصها واخطارها".
في حزيران 2016، قالت وزيرة القضاء في حينه تسيبي ليفني، في ردها على مسودة تقرير المراقب، ان الحكومة امتنعت عن تحديد سياسة واستراتيجية في الموضوع الفلسطيني، وركزت على اتخاذ قرارات امنية للمدى القصير، وردت على مبادرات الجانب الثاني. وحظي موقف ليفني هذا بدعم مما قاله وزير الاستخبارات والشؤون الاستراتيجية في حينه، يوفال شطاينتس، خلال اجتماع المجلس الوزاري في الثامن من تموز 2017، بعد يوم واحد من اندلاع الحرب: "نحن نركز على التكتيك ونهرب مرة تلو اخرى، سنة بعد سنة. منذ تسع سنوات ونحن نهرب من الواقع الاستراتيجي الذي يتشكل امام اعيننا".
في تعقيبه على تقرير المراقب، قال نتنياهو: "انا ادعم قادة ومقاتلي الجيش على نجاحهم الكبير في عملية "الجرف الصامد". الجيش انزل بحماس اشد ضربة في تاريخه: اسرائيل قضت على حوالي 1000 مخرب، ودمرت آلاف الصواريخ. اسرائيل احبطت اصابة مدنها بفضل توجيهات رئيس الحكومة نتنياهو للتزود بآلاف الصواريخ لبطاريات القبة الحديدية. اسرائيل منعت خطة حماس للتسلل الى مستوطنة عبر الانفاق واختطاف مدنيين. الهدوء النسبي غير المسبوق، السائد في غلاف غزة منذ الجرف الصامد، هو امتحان النتيجة. هذا هدوء غير مسبوق في المنطقة منذ حرب الأيام الستة. بلدات غلاف غزة تشهد نموا والاف الصهاينة ينتقلون للسكن هناك".
وبالنسبة لموضوع الانفاق، قال نتنياهو: "تهديد الانفاق عرض امام الوزراء خلال 13 جلسة منفصلة. لقد نوقش بكامل خطورته، من خلال فحص كل السيناريوهات الاستراتيجية والعسكرية. العبر الملموسة والحقيقية للعملية يجري تنفيذها عمليا- بشكل اساسي، بمسؤولية وبهدوء. هذه العبر لا تظهر في تقرير المراقب".
2. الجيش لم ينفذ المهمة الرئيسية في الجرف الصامد: تم تدمير نصف الانفاق فقط
يحدد مراقب الدولة في تقريره بأن الجيش الصهيوني دمر، فقط، نصف الانفاق الهجومية التي حفرتها حماس – وبذلك لم ينفذ المهمة الرئيسية التي طرحت امامه. كما يحدد المراقب بأن الجيش الاسرائيلي استخدم تقنيات حربية قديمة لا تلائم مواجهة الانفاق.
ويحدد التقرير بأن الجرف الصامد كشفت عن اخفاقات وعيوب في استعداد الجيش للتهديد الجوفي. المهمة الرئيسية التي تم تحديدها، تدمير الانفاق الهجومية التي حفرتها حماس من القطاع باتجاه الأراضي الاسرائيلية، لم تستكمل. وكان الجيش قد اعلن بعد الحرب بأنه تم تدمير 32 نفقا.
ويتطرق المراقب الى غياب نظريات عسكرية، تقنيات حربية ملائمة لمواجهة الانفاق. ففي شهر تموز 2014 فقط، وخلال الحرب داخل القطاع، نشرت قيادة ضابط الهندسة الرئيسي، تقنيات للكشف عن الانفاق وتدميرها. وقبل نشر التقنية كانت القوات تخترع الحلول او تعتمد على تقنيات قديمة تم تطويرها لمواجهة انفاق التهريب على محور فيلادلفيا.
ويضيف المراقب انه في شهر كانون الاول 2014 فقط، بعد اربعة اشهر من انتهاء العملية، نشرت قيادة ضابط سلاح المشاة والمظليين الرئيسية اوامر حربية فصلت مبادئ وتقنيات المحاربة في مناطق مشبعة بالأنفاق. ولذلك، فان القوات البرية التي تم ادخالها الى القطاع ومطالبتها بتدمير الانفاق لم تكن مستعدة لذلك، رغم ان ممثل الجيش وصف الانفاق بأنها تهديد استراتيجي. ويحدد المراقب: "منذ 2008، وحتى عملية الجرف الصامد، لم تنجح الجهات المسؤولة في تنفيذ مهامها بشأن تأهيل القوات البرية وتدريبها على محاربة تهديد الانفاق". ويضيف المراقب ان هذا الأمر برز بشكل خاص لدى القوات الخاصة، كالوحدة الهندسية للمهام الخاصة، التي تتحمل دورا رئيسيا في مواجهة تهديد الأنفاق.
ويضيف المراقب انه كانت تنقص الجيش مخططات عسكرية تلائم وضع تطالب فيه القوات بمواجهة الأنفاق خلال التوغل البري في القطاع، رغم وجود احتمالات عالية لحدوث جولة حرب في غزة. وفي نهاية الأمر تم اعداد خطة كهذه قبل فترة وجيزة من بدء العملية، وتسلمتها بعض الالوية المشاركة في الحرب خلال العملية نفسها.
كما ان سلاح الجو لم يجهز نفسه لمواجهة تهديد الانفاق. وقال الجنرال عميكام نوركين، رئيس مقر قيادة سلاح الجو آنذاك، وقائد سلاح الجو الموعود، انه عشية الجرف الصامد لم يملك سلاح الجو استخبارات كافية تسمح له بإعداد خطة عسكرية لمواجهة الانفاق. ورغم ذلك، فقد كانت التوصية التي تسلمها السلاح بعد نقاش في المجلس الوزاري خلال الحرب، هي مهاجمة الانفاق من الجو، وذلك على الرغم من ان الجهاز الامني كان يعرف بأن مثل هذا الهجوم لن يدمر مسار الانفاق، لا بل سيصعب على العمل العسكري البري اذا تمت الحاجة اليه بعد ذلك – كما حدث فعلا خلال الحملة. ولم يتم ايصال هذه المعلومات الى المجلس الوزاري قبل التوصية بمهاجمة الانفاق من الجو. ويحدد المراقب ان سلاح الجو "يملك قدرات مواجهة مقلصة، ويفتقد الى المعرفة والاستخبارات والمخططات العسكرية الملائمة، والكفاءات والقدرات المطلوبة".
رد الجيش
في رده على ذلك قال الجيش انه تسلم تقرير مراقب الدول ويقوم بدراسة اهم ما فيه وسيستخلص الدروس المطلوبة. واضاف: "عشية الجرف الصامد، كان الجيش يملك معلومات كبيرة حول غالبية الانفاق والدعامة الأساسية تحت الارض. قسم الاستخبارات استثمر، قبل المعركة، جهود لا متناهية، واسعة ومنهجية، وموارد كثيرة لصالح معالجة مسألة الأنفاق. والدليل على ذلك، في امتحان النتائج، كانت المعلومات التي وفرتها شعبة الاستخبارات حول الانفاق الهجومية هي التي ساعدت القوات على كشف غالبية الانفاق ومساراتها."
"في مجال بناء القوة استثمر الجيش جهودا كبيرة في مجال التدريب والتكنولوجيا لتجهيز القوات بأفضل الوسائل المتاحة. ونحن نؤكد أنه لا توجد أي وسيلة او حل تكنولوجي لم يتم فحصه من قبل الجيش الإسرائيلي في اطار الاستعداد للتعامل مع الأنفاق. الجيش الصهيوني يجري تقييمات متواصلة، وعلى أساسها يتم استثمار الموارد والجهود في اطار نظرة عامة لكل التهديدات وإدارة المخاطر المتطورة. وينبغي التأكيد على أن موضوع الانفاق يتم التعامل معه بشكل شامل ومستفيض، والجيش الصهيوني ينفذ عمليا معظم الملاحظات الواردة في التقرير، كجزء من العمل المنظم والعملية الجارية لاتخاذ خطوات غير مسبوقة لمواجهة خطر الأنفاق.
" التقرير اختار التركيز على تهديد واحد من جملة تهديدات كثيرة كانت ولا تزال قائمة على جدول العمل حتى خلال هذه الايام الى جانب تهديد الانفاق الذي لا يزال مطروحا على خارطة التهديدات لدولة الإحتلال".
3. نتنياهو ويعلون اخفيا عن المجلس الوزاري معلومات خول هجوم استراتيجي كان يمكن ان يقود الى الحرب.
يكشف مراقب الدولة في تقريره، انه على مدار اشهر طويلة اخفى رئيس الحكومة ووزير الامن ورئيس الأركان، ورئيس الشاباك، ورئيس شعبة الاستخبارات، عن اعضاء المجلس الوزاري السياسي – الامني، معلومات استخبارية تحذر من هجوم استراتيجي كان مخططا من قبل حماس، والذي لو تم تنفيذه لكان يمكن ان يقود الى الحرب. ويستدل من التقرير انه تم تحويل المعلومات الى الوزراء فقط في بداية تموز 2014، قبل ساعات قليلة من العمل الذي طولبوا بالمصادقة عليه من اجل احباط الهجوم.
ويكتب المراقب، انه يستدل من وثائق للشاباك انه قبل عدة اشهر من عملية الجرف الصامد، تراكمت معلومات تحذيرية تم ايصالها الى الاستخبارات العسكرية في الجيش، حول نشاط عدواني وكبير سيخرج من غزة باتجاه اسرائيل. ولا يذكر التقرير بشكل مفاصل ما هو ذلك العمل العدواني، ولكن حسب التقديرات يبدو ان المقصود عملية تسلل الى اسرائيل بواسطة نفق حفرته حماس باتجاه منطقة كرم ابو سالم. وقام الجيش بتفجير النفق في السابع من تموز 2014.
في تلخيص الشاباك للنقاش الذي جرى برئاسة قائد المنطقة الجنوبية في حينه، سامي ترجمان، قبل عدة اشهر من الجرف الصامد في مسألة ذلك العمل العدواني، كتب انه "لا يجري الحديث عن خطة طوارئ" لدى حماس. وقال قائد المنطقة الجنوبية خلال الجلسة ان المقصود عمل استراتيجي سيقود الى حرب في غزة. واكد المراقب في تقريره انه رغم المعاني الخطيرة لهذه العملية، الا ان تل ابيب كانت تعاني من فجوة في المعلومات، ما لم يسمح لها بضمان ان يكون التحذير كافيا قبل تنفيذ الهجوم. وهكذا على سبيل المثال، في تلخيص النقاش لدى رئيس شعبة الاستخبارات، كتب ان "المواد المتوفرة لدينا ليست كافية للرد على سؤال مركزي بشأن توقيت العملية.. يجب ان نكون مستعدين لإمكانية تنفيذها دون ان نملك القدرة على التحذير".
وخلال نقاش داخلي اجراه الجيش في موضوع الاستعداد للتصعيد على جبهة غزة، قال رئيس الاركان بيني غانتس، ان هناك خطر حدوث عمل عدواني "له ابعاد استراتيجية" ويخلق معضلة بشأن ما اذا يجب على اسرائيل المبادرة الى عملية احباط مسبقة. وخلال تلك الجلسة امر غانتس بالاستعداد الكامل لبداية تموز 2014. مع ذلك، وخلال النقاش الذي اجراه المجلس الوزاري بعد عدة اسابيع، في بداية تموز 2014، حول تقدم عملية المصالحة بين فتح وحماس، لم يقم رئيس الاركان ورئيس قسم الدراسات او رئيس الشاباك بتبليغ الوزراء بالعمل المعادي المخطط من جهة غزة، رغم معانيه الاستراتيجية.
وخلال لقاء عمل عقد بين رئيس الحكومة ورئيس الشاباك في بداية حزيران 2014، اطلع رئيس الشاباك رئيس الحكومة على امكانية عدم حصول الجيش على انذار مسبق بشأن العملية المتوقعة من غزة. وامر نتنياهو رئيس مجلس الامن القومي باطلاع كل وزراء المجلس الوزاري على ذلك في اليوم نفسه. مع ذلك، فقد اقنع رئيس الشاباك، وكما يبدو السكرتير العسكري ايال زمير، رئيس الحكومة بعدم الحاجة لاطلاع الوزراء. وقال نتنياهو للمراقب بهذا الشأن: "يمكنني تغيير رأيي. اذا كنت قد حددت بأن هذا الأمر مهم، فلربما قررت في ذلك اليوم بأن الأمر اقل اهمية".
خلال النقاش الذي اجراه المجلس الوزاري في 16 حزيران 2014 حول عمليات البحث عن الفتية الثلاثة المخطوفين، اشار رئيس قسم العمليات في الجيش يوآب هار ايبن، انه "بدون الدخول في التفاصيل، هناك نشاط نلاحظه في غزة". وقاطع نتنياهو كلامه وحاول الفهم ما اذا كان يقصد العمل العدواني الذي يعرف عنه منذ عدة اشهر. فقال له رئيس الاركان غانتس: "نعم هذا هو التحذير الذي تعرف عنه". وتدخل وزير الاقتصاد نفتالي بينت، الذي لا يُعرف من اين كان يعلم بالموضوع، ووزير الامن يعلون، وقالا ان "المنتدى اكبر من اللزوم" لمناقشة هذا الموضوع. وكتب المراقب في تقريره انه باستثناء تبادل العبارات التي لم تكن واضحة للوزراء، لم يتم كشف أي تفاصيل اخرى امام المجلس الوزاري.
وقد علم اعضاء المجلس الوزاري بالمعلومات حول العملية، في بداية تموز فقط، عندما قررت شعبة الاستخبارات تعريف المعلومات الاستخبارية بأنها "تحذير" رسمي، وقبل عدة ساعات من موعد انطلاق العملية حسب تقديرات صهيونية. لقد ادعى قادة الجهاز الامني امام المراقب ان عدم اطلاع الوزراء على الموضوع، لم يسبب أي ضرر، لكن المراقب رفض ذلك واكد ان المسؤولين انفسهم ادعوا ان المقصود حدث يمكن وقوعه من دون انذار سابق، ويمكن ان يقود الى الحرب.
وكتب المراقب: " لو تم اطلاع الوزراء على المعلومات الملموسة لكان الأمر سيتيح لهم المشاركة في عملية اتخاذ القرار حول كيفية العمل الصحيح. لقد بقي القرار في ايدي الجهاز الامني ورئيس الحكومة. عدم تسليم المعلومات للوزراء في وقت سابق، منعهم من مناقشة امكانيات العملية التي طرحت امامهم في ضوء الهجوم المخطط، واتخاذ قرار مدروس بعد تحليل الابعاد المتوقعة، وليس تحت ضغط طبول الحرب التي بدأت تقرع."
4. مجلس الامن القومي لم يعرض بدائل، ومواقف الجيش صودق عليها بشكل فوري.
مستشار الامن القومي في حينه، ورئيس الموساد حاليا، يوسي كوهين، هو احد الشخصيات التي وجه اليها المراقب سهامه في التقرير. لقد قدم المراقب خمس ملاحظات على الاقل لكوهين بسبب عيوب في عمل المجلس الوزاري خلال الحرب، والتي يتحمل كوهين المسؤولية الشخصية عنها بحكم منصبه. ويحدد المراقب انه رغم تعزز قوة مجلس الامن القومي برئاسة كوهين، الا انه لا تزال هناك عيوب صعبت عليه اداء مهامه وفقا للقانون.
لقد كشف المراقب بأنه خلال مناقشات المجلس الوزاري، خاصة تلك التي تعاملت مع صياغة السياسة مقابل غزة، لم يعرض مجلس الامن القومي بدائل سياسية او غيرها لمخططات ومقترحات الجيش. ونتيجة لذلك تمت المصادقة على مقترحات الجيش بشكل شبه فوري. ويحدد المراقب ان على شعبة الاستخبارات التركيز على القضايا الاستراتيجية وتلك التي يمكن ان تكون لها ابعاد على العلاقات الخارجية الصهيونية، وعرض بدائل لا يعرضها الجهاز الامني.
لقد قدم المراقب الملاحظات لكوهين ثلاث مرات خلال تطرقه الى مسألة الانفاق في غزة. واشار المراقب الى انه على الرغم من المامه بخطورة تهديد الانفاق الهجومية من غزة، الا ان كوهين لم يبادر ولم يقترح على رئيس الحكومة، طرح هذه المسألة بالتفصيل خلال نقاشات المجلس الوزاري، وتخصيص وقت كاف لذلك لكي يتيح تطوير نقاش في الموضوع من اجل فهم معني التهديد بشكل مبكر قدر الامكان. كما لاحظ المراقب لكوهين على انه لم يتأكد خلال جلسات المجلس الوزاري من كون الجيش يعرض على الوزراء خطة لمواجهة الانفاق.
وفي ملاحظة اخرى دونها ضد كوهين، اشار المراقب الى انه خلافا لتوجيهات رئيس الحكومة، لم يقم كوهين بتعيين اجتماع للمجلس الوزاري لمناقشة الاوضاع الانسانية في غزة، وانه على الرغم من امتلاكه للمعلومات حول الوضع الصعب في غزة، الا انه لم يبادر الى نقاش كهذا.
كما دون المراقب لكوهين ملاحظة حول قيامه بتأخير النقاش حول الاستراتيجية الاسرائيلية في غزة، لصالح اجراء نقاش حول المخططات العسكرية في القطاع. وحسب المراقب، فان النتيجة التي اسفر عنها ذلك هي ان المخططات العسكرية لم تتفق مع الاهداف التي حددها المجلس الوزاري. وشرح كوهين بأنه "ما دام يمكن للوضع في غزة ان يسخن بين لحظة واخرى، من المفضل ان يعرف المجلس الوزاري ما هي الخطط العسكرية" وبعد ذلك فقط يجري نقاشا استراتيجيا.
وكشف المراقب، ايضا، انه على الرغم من التحسين الذي طرأ على مكانة مجلس الامن القومي، الا انه لا تزال هناك عيوب في التعاون بينه وبين وزارة الخارجية، وزارة الامن والجيش. وقال كوهين انه حين كان يبادر شخصيا الى نقاش ما فان رجال وزارتي الخارجية والامن كانوا يحضرون، ولكن عندما كانت تجري النقاشات لدى نوابه، كان الحضور سلبيا من قبل مكاتب الحكومة.
وقال رئيس قسم التخطيط في الجيش خلال الحرب، نمرود شيفر، لرجال المراقب، ان رئيس الاركان بيني غانتس، امر بالحصول على تصريح مسبق منه حول كل مشاركة لضباط الجيش في مناقشات مجلس الامن القومي. وقال شيفر ان هذا الأمر "شكل حاجزا حقيقيا امام التعاون".
وقال وزير الامن موشيه يعلون لرجال المراقب، انه في عدة حالات خرج مجلس الامن القومي عن صلاحياته وقام بعمل سبق ان قام به الجيش، الأمر الذي ادى الى احتكاك. كما عرض غانتس موقفا مشابها امام رجال المراقب، وقال انه "لا يفترض بمجلس الامن القومي القيام بعمل ذاتي في المجالات التي لا يملك فيها التفوق النسبي، كما في المسألة العسكرية".
من جهته، قال الوزير يوفال شطاينتس لرجال المراقب، ان مجلس الامن القومي لم ينجح بمواجهة قوة الجهاز الامني. واوصى شطاينتس بأن يكون رئيس مجلس الامن القومي بمكانة وزير في المجلس الوزاري لكي يتمكن من مواجهة الجهاز الامني وعرض توجه آخر. وقال وزير الخارجية السابق، وزير الامن الحالي افيغدور ليبرمان لرجال المراقب، انه بدل ان يكون مجلس الامن القومي هيئة مستقلة تنحصر مهمته في التفكير واحضار بدائل للوزراء، تحول الى جهاز تنفيذي يمثل مواقف رئيس الحكومة.
5. بضغط من رئيس الحكومة، غير اردان الرواية التي ادلى بها امام المراقب حول الانفاق.
يستدل من تقرير المراقب، ان وزير الامن الداخلي غلعاد اردان، غير في تشرين الاول 2016، وبشكل مطلق، الرواية الاصلية التي ادلى بها امام رجال المراقب حول التعامل مع تهديد الأنفاق الهجومية من غزة، خلال اجتماعات المجلس الوزاري قبل الحرب. ونسب وزراء كبار في المجلس الوزاري التغيير في رواية اردان الى الضغوط التي مورست عليه من قبل مكتب رئيس الحكومة.
لقد شغل اردان خلال فترة الحرب منصب وزير الاتصالات وعضوية المجلس الوزاري السياسي – الامني. وكبقية اعضاء المجلس التقى به رجال المراقب في شباط 2015، وبدا لهم بأنه ناقد جدا في مواقفه ازاء سلوك المجلس الوزاري خلال الفترة التي سبقت الجرف الصامد، وخلال الحرب نفسها. وقد سمع رجال المراقب من اردان انتقادا شديدا بشأن معالجة تهديد الانفاق.
وقال اردان لرجال المراقب في حينه ان "موضوع الانفاق لم يطرح للنقاش بشكل منفرد في المجلس الوزاري. لم يتم اشراك اعضاء المجلس بجوهر التهديد وحجمه. ربما في اطار كل التهديدات التي استعرضها رئيس شعبة الاستخبارات في تقريره السنوي تمت الإشارة الى الانفاق، لكنه لم يتم ابراز هذا التهديد او تقديم تفصيل حول جوهره. ربما في اطار المواد الاستخبارية التي يسلمها الجيش لأعضاء المجلس الوزاري، خلال اجتماع الحكومة كل اسبوع، والتي يطالبهم بإعادتها بعد انتهاء الجلسة، كانت وثيقة ذكرت فيها الانفاق، ولكنه لا يمكن للوزير تكريس كل الانتباه للمواد الاستخبارية الكثيرة خلال جلسة الحكومة التي يشارك فيها بشكل فاعل".
وقال اردان لرجال المراقب، انه في اواخر حزيران 2014 فقط، تم ابلاغ اعضاء المجلس الوزاري بتهديد التسلل الى اسرائيل عبر نفق. ولكن في حينه، ايضا، لم يتم تسليم معلومات اوسع حول حجم التهديد وحول انفاق اخرى اجتازت الحدود. وقال اردان انه فقط عندما ظهر قائد المنطقة الجنوبية سامي ترجمان، امام المجلس الوزاري في العاشر من تموز، بعد بداية الحرب، عرف الوزراء عن حجم تهديد الانفاق وجوهره.
ولكن بعد سنة وثمانية اشهر، في تشرين الاول 2016، سلم اردان مراقب الدولة موقفا جديدا، وفي الواقع تراجع عن الكثير مما قاله خلال اللقاء الاول مع رجال المراقب. وادعى اردان انه لم يتذكر ما حدث في قسم من جلسات المجلس الوزاري ولذلك قرر اعادة فحص الامور التي قالها.
وكتب اردان لمراقب الدولة: "بعد ان قرأت كل بروتوكولات المجلس الوزاري، اطلب تحديد الامور التي قلتها، والتوضيح بأنه تم خلال عدة جلسات للمجلس الوزاري الاشارة الى تهديد الانفاق من قبل عدة متحدثين، وتمت الاشارة الى سيناريو التسلل عبر نفق كسيناريو يمكن ان يتحقق، كما تم ذكر وجود انفاق هجومية".
وفوجئ رجال المراقب بتغيير رواية اردان، لكنهم ادخلوها في التقرير. وفي تلك الفترة توجه الوزير يوفال شطاينتس، ايضا، الى المراقب، وطلب الادلاء برواية جديدة، لكن روايته لم تختلف في نهاية الأمر بشكل جوهري ولم يتم اضافتها الى التقرير. وقد وصل توجه اردان وشطاينتس الى المراقب، بعد عدة اسابيع من جولة اللقاءات التي عقدها نتنياهو مع هيئات تحرير الصحف.
وحاول نتنياهو خلال تلك اللقاءات الاثبات بأن موضوع الانفاق نوقش في جلسات المجلس الوزاري. وقال اعضاء في المجلس الوزاري ان اردان غير روايته بعد ممارسة الضغط عليه من قبل رجال ديوان رئيس الحكومة بعد قراءتهم لروايته في مسودة تقرير المراقب التي صدرت في ايار 2016. وقال وزير رفيع في المجلس الوزاري ان "اردان لاءم موقفه مع الاستعراض الذي قدمه نتنياهو للصحفيين".
6. تهديد الانفاق طرح في مقدمة جدول الاولويات بعد انتهاء الحرب فقط.
يحدد تقرير مراقب الدولة، انه على رغم من خطورة موضوع الانفاق، الا انه لم يطرح في سلم الاولويات الاستخبارية القومية الا في مطلع عام 2015. وقد اثر ذلك على الموارد التي تم تخصيصها لمعالجة المشكلة، ومس بقدرة اسرائيل على مواجهة تهديد الانفاق.
وعلى الرغم من تعريف نتنياهو وقادة الجهاز الامني للأنفاق كتهديد استراتيجي، الا انه لم يتم دمجه في "اطار البلاغات الهامة" – التي تحدد لأجهزة الاستخبارات ماهي المهام الرئيسية وجدول الاولويات، الا في بداية 2015، بعد حرب الجارف الصامد.
ويكتب المراقب ان "ارتقاء التهديد في جدول الاولويات – من غيابه عن "اطار البلاغات الهامة" في 2014، وحتى ظهوره في "اطار البلاغات الهامة" لعام 2015، كموضوع ثاني من حيث اهميته – يؤكد الفجوة التي كانت قائمة بين خطورة تهديد الانفاق وبين الاهمية التي اولتها اجهزة الاستخبارات والقيادة السياسية لهذا الموضوع، طوال سنوات". وقد مس هذا الأمر بتخصيص الموارد لأجهزة الاستخبارات لكي تعالج تهديد الانفاق، وبناء عليه مس ذلك بالتعامل الشامل مع موضوع الانفاق. ويلاحظ المراقب بأنه كان من المناسب برئيس شعبة الاستخبارات ورئيس الشاباك ان يؤثرا على طرح الموضوع في "اطار البلاغات الهامة" القومية، وكان من المناسب بالقيادة السياسية – رئيس الحكومة ووزير الامن – ان يشرفا على الموضوع.
في الواقع بدأ الشاباك وشعبة الاستخبارات بجمع المعلومات حول تهديد الانفاق في اواخر 2013 فقط، بعد الكشف خلال سنة واحدة عن ثلاثة انفاق اجتازت الحدود الى اسرائيل. ويحدد المراقب ان "تفعيل قسم من وسائل جمع المعلومات في تلك الفترة كان متأخرا، وحتى الجرف الصامد، اثمرت بشكل عام، عن نتائج استخبارية قليلة حول الانفاق الهجومية." ورغم ذلك، يحدد المراقب، فان المعلومات الاستخبارية التي تم تحويلها الى القوات تشكل انجازا استخباريا هاما.
مع ذلك يشير المراقب الى ان شعبة الاستخبارات العسكرية والشاباك كانا يعانيان من فجوات استخبارية ملموسة، خاصة بالنسبة للأنفاق الدفاعية (التي لا تتجه نحو الحدود الصهيونية لكن نشطاء حماس استخدموها للتنقل تحت الارض). ويحدد المراقب ان غياب المعلومات صعب على القوات تحقيق الاهداف المركزية – وتدمير كل الانفاق، واطال الفترة المطلوبة لتنفيذ المهمة.
وانتقد المراقب كون المسؤولية عن الدراسات الاستخبارية حول الانفاق كانت خاضعة لقيادة اللواء الجنوبي وكتيبة غزة، وليس للواء الدراسات في شعبة الاستخبارات. وتم تحديد هذا الأمر في عام 2012، والى ما قبل وصول معلومات تحذيرية حول العملية المخططة في كرم ابو سالم، لم تبحث شعبة الاستخبارات في تهديد الانفاق الهجومية.
7. قيادة اللواء الجنوبي اعاقت نشر منظومات لكشف الأنفاق- والتي لم تستكمل حتى اليوم
يحدد تقرير المراقب حول الجرف الصامد انه حتى بعد العثور على منظومة ملائمة لكشف الأنفاق، والتي تم تعريف تركيبها بأنها مشروع طارئ، الا ان الجيش تردد في نشرها. وهذا على الرغم من حقيقة ان الجهاز الامني يفاخر بأنه لم يترك حلا تكنولوجيا الا وقام بفحصه، وعلى خلفية البحث المتواصل منذ سنوات عن حل تكنولوجي للتهديد. وبررت قيادة الجنوب التأخير في نشر المنظومة بالقول ان قدراتها في محل شك.
حسب تقرير المراقب، منذ اواخر 2012، اصدرت وزارة الامن مناقصة لتنفيذ المشروع من قبل شركة مدنية. وطالب الجدول الزمني المحدد في المناقصة بأن يتم نشر المنظومة، بشكل جزئي، في المرحلة الاولى حتى شباط 2014. ورغم ذلك، الا انه لم يتم انجاز العمل حتى خلال الجرف الصامد، وتتواجد اجزاء من المشروع اليوم في منطقة صغيرة فقط في القطاع. وجاء في تقرير المراقب ان "هذا يعني بأنه خلال بدء عملية الجرف الصامد كان الجيش يملك قدرات صغيرة فقط على كشف الأنفاق".
حتى بعد انتهاء العملية العسكرية كان هناك تأخير في نشر المنظومة. وفي اواخر آذار 2015 فقط، وبتأخير حوالي سنة عن الجدول الزمني المحدد، بدأ الجيش بنشر المنظومة على بقية مسار الحدود مع القطاع. وقد شكك قائد المنطقة الجنوبية في حينه، الجنرال سامي ترجمان، بنجاعة المنظومة، وتميز رأي القيادة بعدم الحسم. حتى خلال النقاش الذي جرى بعد عدة اشهر كان الجيش يعتقد بأن المنظومة القائمة لا توفر الثقة الكاملة بالعثور على الانفاق ومساراتها تحت الأرض.
حسب المراقب فان التشكيك بقدرات المنظومة جعل القيادة الجنوبية لا تستنفذ استغلال المنظومة في وقت سابق. ورغم توجيهات رئيس الاركان في الموضوع، الا انه تواصل التأخير ايضا خلال 2015، ما ادى الى تذمر من قبل الشركات المدنية التي قامت بتركيب المنظومة.
رد وزارة الامن
قالت وزارة الامن في تعقيبها على التقرير ان دائرة الابحاث وتطوير المعدات الحربية والبنى التكنولوجية في وزارة الامن، "قادت وطورت وادخلت الى حيز الاستخدام، على مدار السنوات، قدرات تكنولوجية وفرت وتوفر اليوم ايضا، ردا كبيرا في كل ما يتعلق بدوائر مواجهات التحديات الجوفية، وهو رد لم يتم تطوير مثله في أي دولة في العالم. الوسائل الحربية والرد التكنولوجي الذي يستخدمه الجيش حاليا، في مواجهة التحديات الجوفية هي نتاج جهود الابحاث والتطوير التي اجرتها الدائرة.
واضافت الوزارة انها عرضت امام المراقب حجم الموارد والانجازات، فاعرب عن تقديره واشار الى معرفة مكتبه بالجهود الكبيرة والعمل الصعب الذي تستثمره اقسام الدائرة المختلفة في مواجهة تهديد الانفاق، في المجال التكنولوجي".
8. فجوات استخبارية كبيرة بين شعبة الاستخبارات والشاباك بشأن حماس في غزة.
اكد المراقب في تقريره انه منذ منتصف 2013 وحتى بداية الحرب في تموز 2014، وخلالها، سادت فجوات ملموسة بين جهاز الامن العام (الشاباك) وشعبة الاستخبارات العسكرية في كل ما يتعلق بجمع المعلومات في قطاع غزة. وحسب تقرير المراقب، فان الفجوات تعلقت ايضا بمسألة الانفاق الهجومية، سواء في "تجريم" اهداف لكي يهاجمها سلاح الجو، وفي الأساس، "لتقديم مساهمة استخبارية معينة" – تجاه نوايا ونشاط قادة الجناح العسكري لحماس.
ويؤكد مراقب الدولة انه يتبين من الفحص بأنه عشية عملية الجرف الصامد، لم تتوفر استخبارات كافية تسمح لسلاح الجو بإعداد خطة عسكرية لمعالجة الانفاق. كما اشار المراقب الى العثور على عيوب في الجهود الاستخبارية لشعبة الاستخبارات والشاباك امام تهديد الانفاق الهجومية منذ عام 2008 وحتى عملية الجرف الصامد. كما وجد المراقب، بأنه كانت هناك فجوات بين شعبة الاستخبارات والشاباك في المعلومات التي حولوها الى القوات حول الانفاق في القطاع، خاصة ما يتعلق بالأنفاق الدفاعية التي أثرت على التعامل مع التهديد قبل العملية وخلالها.
ويحدد المراقب انه لم يتم اطلاع وزراء المجلس الوزاري على هذه الفجوة في المعلومات، حتى بداية الحرب. واكتشف رجال المراقب بعد فحص نصوص اجتماع المجلس الوزاري في 16 شباط 2014، والذي ناقش عرض المخططات العسكرية للجيش في غزة، انه تمت الاشارة الى "فجوة استخبارية بشأن موضوع محدد آخر". وخلال النقاش في المجلس الوزاري في 23 آذار اشار رئيس الشاباك في حينه بعبارة واحدة الى انه "توجد لدينا فجوة استخبارية في جزء من امرين". وباستثناء ذلك، يحدد المراقب، لم يذكر أي مصدر امام الوزراء مسألة وجود فجوات استخبارية اخرى.
خلال اجتماع المجلس الوزاري في الثاني من تموز 2014 فقط، قال رئيس قسم الابحاث في شعبة الاستخبارات، ايتي بارون، في حينه، ان "شعبة الاستخبارات لا تملك الوصول الجيد في مجال معين، رغم انه توجد صورة استخبارية في مجال آخر". وخلال النقاش في اجتماع المجلس الوزاري في السابع من تموز 2014، قال رئيس الشاباك لأول مرة امام الوزراء ان "الفجوة الاستخبارية بيننا وبين الجيش لا تسمح لنا ولشعبة الاستخبارات بفهم خلفية العمل المعادي الذي تم تخطيطه في تلك الفترة من قبل الجناح العسكري لحماس". والمقصود كما يبدو عملية التسلل عبر نفق التي خططت لها حماس وتم احباطها في اليوم نفسه من قبل الجيش.
وقال كوهين امام رجال المراقب في شباط 2015، بأنه خلال الفترة التي سبقت الجرف الصامد كانت هناك "فجوة استخبارية ملموسة" في قطاع غزة. وقال قائد المنطقة الجنوبية سامي ترجمان لرجال المراقب في ايار 2015، ان الفجوة الاستخبارية كانت ملموسة وانه قال ذلك خلال اجتماع للقيادة العامة وخلال محادثة اجراها مع رئيس شعبة الاستخبارات. وقال مستشار الامن القومي لرجال المراقب انه تم اطلاع رئيس الحكومة على الفجوة الاستخبارية في غزة في كانون الثاني 2014. وحين سئل رئيس الحكومة نتنياهو عن ذلك من قبل مراقب الدولة، قال: "كل تقييماتنا منذ تلك اللحظة كانت تعاني من عيوب، وهذا يحدث، توجد اخطاء كهذه. انت مطلع على كم قليل جدا من المعلومات".
في تقريره سجل مراقب الدولة ملاحظة لوزير الامن، يعلون، رئيس الاركان غانتس، رئيس شعبة الاستخبارات كوخابي، ورئيس الشاباك كوهين، لأنهم لم يطلعوا اعضاء المجلس الوزاري، خلال فترة طويلة، على الفجوات الاستخبارية في غزة، الأمر الذي ضلل الوزراء عمليا. وكتب المراقب انه "كان يجب عرض الفجوات الاستخبارية امام المجلس الوزاري من دون التطرق بالضرورة الى تفاصيل الظروف. هذه المعلومات جوهرية وهامة جدا في اجراءات اتخاذ القرارات في المجال الامني، لأن عدم عرضها امام الوزراء من شأنه جعلهم يتخذون قرارات خاطئة. التقييمات التي لم يتم تسليم معلومات عنها لأنها تعتمد على معلومات ليست ذات اهمية، تشكل قاعدة معلومات سيئة لاتخاذ القرارات، خاصة في القضايا المصيرية للخطوات العسكرية".
وقال الجنرال كوخابي لرجال المراقب، ان شعبة الاستخبارات استثمرت في السنوات التي سبقت العملية، جهود كبيرة في محاولة التغلب على الفجوة الاستخبارية. وحسب اقواله فان الاستثمار في هذا الموضوع كان اكبر مما تم تعريفه من قبل القيادة السياسية. في اب 2016 سلم الجيش ردا الى المراقب، جاء فيه ان شعبة الاستخبارات كانت تملك معلومات عن غزة سمحت بتوفير تقييمات استخبارية موثوقة من اجل اتخاذ القرارات ذات الشأن، وانه رغم فجوة الاستخبارات، الا ان تقييمات شعبة الاستخبارات قبل الحرب كانت دقيقة.