• - الموافق2024/11/22م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
مستقبل العراق بعد الانسحاب الأمريكي 26 أغسطس 2010

مستقبل العراق بعد الانسحاب الأمريكي 26 أغسطس 2010

حوار مع جين أراف مراسلة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية ببغداد
أجرى الحوار: بيرنارد جويرتزمان

 

تقول جين أراف، مراسلة جريدة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية في بغداد أنه مع اكتمال الانسحاب الأمريكي للقوات المقاتلة من العراق، فإن العديد من العراقيين، حتى بين أولئك الذين كانوا يرفضون وجود القوات الأجنبية على أرض بلادهم، باتوا "يخشون مما هو آت" إذا ما انسحبت الولايات المتحدة كليًا كما هو مخطط له في العام القادم، فإلى جانب المخاوف من أن العراق سيكون قادرًا على الدفاع عن نفسه عندما تغادر القوات الأمريكية، فإن هناك قلقًا أيضًا بشأن الوضع السياسي غير المحسوم في البلاد، فتقول أراف يبدو أن العراقيين غير قادرين على صياغة حل وسط بين إياد علاوي، رئيس الوزراء السابق، والذي حصلت كتلته على معظم المقاعد في انتخابات مارس الماضي، ورئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، وتضيف: "ظللنا نفكر أن هناك الكثير مما يجري تحت الطاولة، ولكن في الواقع أنه لا يحدث شيء، فقط حالة من الوضع الآسن، فهناك حديث عما يجب عمله، ولكن لم يتم إنجاز أي شيء حتى الآن".

س: يخطط الرئيس أوباما أن يقدم خطبة في العراق في الأسبوع القادم تتزامن مع سحب القوات الأمريكية المقاتلة من البلاد، هل سيحدث مغادرتهم أي فرق كبير  في العراق؟
ج: أعتقد أنه لن يحدث فارقًا، وذلك لأن هذا التطور لن يكون له تأثير كبير على الأرض، البعض أسماه "إعادة تسمية" الصراع، وهناك جانب من الحقيقة في ذلك، فما سنتركه سيكون خمسون ألف جندي، وهو عدد كبير، والكثير منهم في الواقع هم من القوات المقاتلة، فأي فرقة أمريكية هنا تتمتع بالجاهزية والمعدات والتدريب على القتال. فقط المهمة هي التي تغيرت. لذا فبهذا العدد الكبير على الأرض، فإن الانسحاب الأخير لن يكون له ذلك الأثر الكبير، وخاصة لأننا لم نر الولايات المتحدة تخوض عمليات قتال أحادية الجانب منذ يونيو من العام الماضي.
وكجزء من الاتفاقية الأمنية التي وقعتها إدارة بوش، فإن القوات الأمريكية اتخذت المقعد الخلفي وتركت الصدارة للقوات العراقية، والخلاصة أنه لا شيء سيتغير في الأول من سبتمبر.

س: هل يعتبر الأمريكيون اصدقاء أم أعداء؟ هل يشعر الناس بالسعادة وهم يرون الأمريكيين خارجين من العراق؟ أم أنهم يريدون أن يكون للأمريكيين مزيدًا من النفوذ؟ فمن الواضح أن هناك فوضى أمنية وسياسية في البلاد أليس كذلك؟
ج: إنها علاقة حب وكراهية، تتحول الآن إلى شعور بالهجران، فحتى العراقيين الذين كانوا يعارضون بشدة فكرة وجود أعداد كبيرة من القوات الأجنبية في العراق يشعرون بالتوتر، ويخشون بشدة مما يمكن أن يحدث إذا تم الانسحاب الكامل في العام القادم. إنه شيء أسمعه دائمًا في الشوارع، عندما أتوقف لأتحدث إلى أي شخص، وعندما أذهب إلى أماكن الهجمات. أما عندما أتحدث إلى القادة السياسيين فإنني أشعر أنهم مدركون تمامًا لما يمكن أن يحدث عندما لا تكون هناك أعداد كبيرة من القوات الأمريكية حاضرة في العراق حيث لا يستطيعون الدفاع عن حدودهم أو عن مجالهم الجوي.

س: هل ستوفر الولايات المتحدة دفاعات جوية طويلة الأمد؟ أم من المفترض أن ينتهي هذا العام القادم أيضًا.
ج: عندما أتحدث إلى القادة السياسيين أجد لديهم فهمًا جيدًا لما يمكن أن يحدث عندما لا يكون هناك وجود أمريكي كبير في العراق حيث لا يستطيعون الدفاع عن حدودهم أو مجالهم الجوي، وكل شيء سوف ينتهي العام المقبل، لذا يجب التفاوض على كافة تلك الأشياء. إن الجنرالات المسئولين عن تدريب القوات العراقية أخبروني أنهم في خضم التفاوض على ترتيبات للسماح بالناتو للاستمرار في التدريب. ومثل ذلك الترتيب من المتوقع أن يستبدل الاتفاقية الأمنية العراقية الامريكية ويجب أن يتم التفاوض بشأنه مع أي حكومة سيتم تشكيلها في العراق. والافتراض أنها ستكون حكومة موالية للغرب وللولايات المتحدة، ولكن ذلك ليس مؤكدًا، ولكن ماذا لو، على سبيل المثال، كان لدى الصدريين الدور الأكبر في الحكومة الجديدة؟ ماذا لو كانت حكومة أكثر صداقة للإيرانيين مما قد يظن البعض؟ فإنهم حينئذ قد يتحولون إلى إيران لعقد اتفاقية أمنية معها.

س: عندما تقع الهجمات الإرهابية ويموت أو يجرح مئات الناس، هل هذا مساوي بالنسبة للعراقيين لحوادث الطرق في الولايات المتحدة مثلاً؟
ج: إننا ربما نعتقد ذلك، لأنه على السطح، فإن الحياة مستمرة، والناس يذهبون إلى أعمالهم ويفتحون محالهم بعد ساعات قليلة من الانفجارات في الشوارع، والناس يرسلون أولادهم إلى المدارس أيضًا. ولكن ذلك له أثر كبير فيما يتعلق بالاستثمار البشري، فأولئك العراقيون ـ الكثيرون منهم من الطبقة المتوسطة من المهندسين والاطباء والمهنيين الذين هم ضروريون لبناء العراق ـ سوف ينظرون إلى عناوين الصحف ويقولون: "لماذا يجب علي أن أعود ثانية إلى العراق؟ ماذا هناك يستحق العودة من أجله؟". أيضًا لأن تلك الهجمات كانت تركز بصورة كبيرة على قوات الشرطة العراقية، فإن ذلك كان له أثره على الأرض. فمع كل هجمة عل الشرطة فإنهم ينسحبون أكثر إلى نقاط الشرطة الخاصة بهم، والأمل كان أن تتواجد قوات الشرطة لكي تستبدل أولاً الجنود الأمريكيين ، ثم بعد ذلك الجنود العراقيين الذين لا يزالون متواجدين في الشوارع. فعندما يخرج رجال الشرطة إلى الشوارع فإنهم يقومون بالتحقيقات ويبقون الشارع آمنًا. ولكن عندما ينسحبون فإنهم يكونون أكثر اهتمامًا بحماية أنفسهم ضد تلك الهجمات المستمرة، سواء بصورة فردية أو جماعية، وهذا في النهاية يكون له أثر كبير على الأمن في المناطق الحضرية.

س: كيف تشعرين عندما تمشين في الشارع؟ هل تشعرين بالقلق كثيرًا؟
ج: إن الأمر وكأني عدت مراهقة من جديد: ممنوع أن أذهب إلى الشارع بمفردي، فعندما أخرج إلى الشارع يكون هناك خطر واضح، لكن يكون لي مصاحبين من الأطقم العراقية، يكون واحد أو اثنين منهم معي طوال الوقت. ولكن الشعور السائد هو عدم التأكد، فعندا أذهب إلى محال للبقالة تكون السوق مكتظة بالناس، فهم لا يدعون تلك الأحداث تمنعهم من الخروج. فهناك محلات جديدة للملابس ومحال جديدة تبيع الإليكترونيات ولكنها جميعها استثمارات صغيرة، فلا ترى شيئًا كبيرًا يحدث، كما أنك لا ترى إيمانًا بالثقة في المستقبل القريب، فالناس يفكرون كثيرًا أن الظروف ستتحسن، ولكنها ستستغرق وقتًا أطول. والوقت الأطول يعني عشر سنوات ربما، فالناس في الحقيقة لا يشعرون أن الأمور ستتحسن في عام أو عامين من الآن.

س: لماذا لا يقوم العراقيون بتشغيل محطات الكهرباء؟ أعتقد أن تلك شكوى كبرى.
ج: معظمنا لا يفهم تمامًا لماذا لا يوجد كهرباء، فالمسئولون يقولون أن ذلك بسبب الزيادة الكبيرة في الطلب، فهناك المزيد من أجهزة التكييف والأجهزة المنزلية الأخرى، وتلك الهجمات التي رأيناها في ذروة أعمال التمرد على المصافي وعلى المنشآت النفطية عمومًا لم يتم إصلاحها حتى الآن، كل شيء مؤجل، ينتظر لمليارات الدولارات من الاستثمارات لتأتي، وهذا سوف يحدث، ولكنه سيستغرق وقتًا أطول.
ثم هناك كل ذلك الفساد، فالفساد هنا هو أساس كل شيء، فإذا تحدثت إلى العراقيين فإنهم قلقين من الفساد بصورة أكبر من الإرهاب ذاته، ولهذا السبب فإن العديد من الاموال التي كان يجب أن تنفق على الكهرباء على سبيل المثال ذهبت أدراج الرياح، ولهذا السبب أيضًا لماذا أن البنية التحتية بعد سبع سنوات من الاحتلال لا تزال في تلك الصورة المزرية. فها في بغداد فإن الناس بصفة عام يحصلون على ساعة واحدة من الكهرباء ثم بعد ذلك تنقطع لأربع أو خمس ساعات، ثم تأتي مرة ثانية لساعة. وفي بعض الأماكن لا يحصلون على ذلك أيضًا، والأمر لا يتعلق بالكهرباء فقط، ولكن هناك نقص في المياه أيضًا، فالجو قائظ الحرارة ثم تجد أن المياه قطعت فجأة، وهناك امتعاض كبير من ذلك ولكن يجب فعل المزيد فيما يتعلق بالخدمات أكثر من مجرد الاهتمام بالأمن.

س: الفساد هو بين كبار المسئولين، فالأموال يتم تخصيصها لبناء بنية تحتية للكهرباء على سبيل المثال ثم فجأة نجد أن الأموال تبخرت إلى مشروعات أخرى؟
ج:  إن الفساد صارخ بين مسئولي الحكومة وبين نواب الوزراء وبين مدراء الإدارات الذين يضخون الأموال إلى حقائبهم ويغادرون البلاد كما أنه واضح في الرشاوى التي يتم دفعها في العقود، فعلى مدار المعاملات اليومية من الصعب على أي عراقي هنا أن ينجز أعماله بدون أن يدفع رشوة، وهذا يشمل الحصول على الوثائق التي تحتاج الحصول عليها من أي قسم حكومي، وهذا يشمل أيضًا الحصول على عدادات الكهرباء التي يتم تركيبها لكي تحصل على كهرباء المدينة في أقل من أسبوع، بدلاً من ستة أشهر، فإنك تدفع أموالاً لأي أحد هنا لكي ينجز لك أي عمل وهذا بالطبع له تأثير في عدم الاستقرار.

س: لقد كانت هناك حالة راكدة بين المتنافسين السياسيين بين إياد علاوي ورئيس الوزراء نوري المالكي منذ انتهاء الانتخابات في مارس الماضي، ما الذي سيحدث في اعتقادك؟
ج: الأوضاع السياسية هنا تتقلب بصورة كبيرة من يوم لآخر، فتجد سياسيين يقولون أنهم لن يتحدثوا مطلقًا إلى كتلة سياسية أخرى، ثم فجأة تجد أن كل شيء يتغير ولا توجد خطوط حمراء، واللاعبون السياسيون هم أنفسهم لا يتغيرون، فقد رأينا رئيس الوزراء نوري المالكي ثم إبراهيم الجعفري والذي كان رئيسًا للوزراء عام 2005، ثم لدينا إياد علاوي والذي كان رئيسًا للوزراء أيضًا في 2004، ولدينا مقتدى الصدر، وكلهم لاعبون أساسيون ولم يتغيرون ولن يتغيروا، لذا فإن المهم هو كيف سيتعاملون كلهم مع بعضهم البعض.
فما تريد الولايات المتحدة أن تراه وما يريد الكثيرون من العراقيين أن يرونه هو نوع من الحكومة يكون للمالكي فيها دور ولعلاوي فيها دور أيضًا، فالمالكي هو صاحب أكبر الأصوات بين الشيعة، ولديه الشعبية الأكبر، وعلاوي يمثل عددًا كبيرًا من الناخبين أيضًا، وعندما ذهب العراقيون إلى الانتخابات في مارس، كانت تلك الانتخابات حاسمة لاستقرار العراق، وحاسمة للقوات الأمريكية ولقدرتها على المغادرة، وحاسمة للولايات المتحدة للخروج من العراق، لذا يجب أن تكون تلك الحكومة تحتوي على أكبر عدد من الاطياف وأن تمثل السنة أيضًا، لذا فإن علاوي ـ وهو شيعي ولكنه علماني ـ لديها الكثير من الدع السني، لذا يجب إعطاؤه دورًا، وهذا يتفق عليه الكثيرون.
المشكلة هي أن العراقيين ليسوا معتادين على عقد حلول وسط، وبعد ستة أشهر تقريبًا لا نرى أحدًا يقدم حلاً وسطًا، فالكل يريد أن يصبح رئيسًا للوزراء، ومن بين الأشياء التي تعدمها الولايات المتحدة هو أن يتم إنشاء كيان كبير يراقب السياسات الاستراتيجية والسياسات الامنية، وينظر في كافة السياسات النفطية، والاقتراح أن يرأسها علاوي وأن يكون المالكي رئيسًا للوزراء، والآن المشكلة حول تلك الهيئة هي أنها غير دستورية.

 


http://www.cfr.org/publication/22852/anxious_iraqis_look_at_uncertain_future.html

أعلى