اتفاق حلب يعترضه الإجرام الشيعي
يستعد مقاتلو الجماعات الثورية السورية للانسحاب من حلب يوم الأربعاء بعد اتفاق لوقف إطلاق النار أنهى أعواما من القتال بالمدينة.
وقال مسؤولون حكوميون أتراك إن الاتفاق جاء بعد محادثات بين روسيا حليفة الأسد الرئيسية وتركيا أحد الداعمين الرئيسيين لمقاتلي الثورة. وصمت دوي الأسلحة في وقت متأخر من ليل الثلاثاء في حلب.
ووفقاً لمعلومات نشرتها وكالة الأناضول التركية، فإن الإتفاق ينص على نقل المرضى والجرحى أولاً بشكل آمن،ثم نقل المدنيين في المرحلة الأولى من شرقي حلب إلى محافظة إدلب شمال شرقي البلاد التي تُسيطر عليها جماعات ثورية سورية.
وأشارت المصادر إلى أن بقاء المدنيين في إدلب من عدمه، أو السماح لعبورهم عبر الأراضي التركية إلى مدينة إعزاز أو الريف الشمالي لمحافظة حلب، أمر قيد الدراسة في الوقت الراهن.
ومن المنتظر أن تتضح الخطة النهائية لإجلاء المدنيين عقب اللقاء المزمع إجراؤه بين المسؤولين الأتراك والروس الأربعاء.
ومن المتوقع أن يتم إجلاء المدنيين كمرحلة أولى، وفي المرحل الثانية سيتم إجلاء المسلحين بشكل آمن من شرقي حلب، حيث سيأخذ عناصر الجماعات الثورية الأسلحة الخفيفة فقط معهم، بحسب الاتفاق.
وقال فيتالي تشوركين مندوب روسيا بالأمم المتحدة في وقت متأخر من يوم الثلاثاء في اجتماع ساخن لمجلس الأمن "حصلنا في الساعة الماضية على معلومات بأن الأنشطة العسكرية في شرق حلب توقفت... لقد توقفت.
ولا يزال الأسد بعيدا عن الانتصار في الحرب السورية المعقدة حتى بعد استعادة حلب ذات الأهمية الاستراتيجية. ويواصل مقاتلو الثورة القتال من معاقل في أجزاء أخرى من البلاد منها مناطق في الشمال الغربي وأخرى إلى الجنوب من دمشق.
كان الأسد قال إن الانتصار في حلب سيكون نقطة تحول في الحرب لكن يجب أن يواصل جيشه الزحف على المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة الثوار. ووصفت الولايات المتحدة الهجمات الروسية الإيرانية على حلب بــ"الشر الحديث".
ولحق دمار هائل بالمدينة التي كانت مركزا اقتصاديا مزدهرا ذات يوم بمواقعها الأثرية الشهيرة خلال الحرب التي قتل خلالها مئات الآلاف وسببت أسوأ أزمة لاجئين على مستوى العالم وسمحت بصعود تنظيم الدولة الإسلامية.
ومع تطور المعركة من أجل حلب تزايدت المخاوف الدولية إزاء معاناة ما يزيد على 250 ألف مدني كان من المعتقد أنهم ما زالوا في القطاع الشرقي الخاضع لسيطرة الثوار قبل بدء تقدم المليشيات الشيعية المباغت في نهاية نوفمبر.
وفر عشرات الآلاف منهم إلى أجزاء من المدينة تسيطر عليها الحكومة أو فصائل كردية بينما انسحب عشرات الآلاف غيرهم إلى الجزء الخاضع لسيطرة الثوار من المدينة والذي تقلص سريعا في ظل تطور العمليات العسكرية.
وبفعل الهجمات تدفقت أعداد هائلة من المدنيين المذعورين والمقاتلين وسط طقس سيء وهي أزمة قالت الأمم المتحدة إنها "انهيار تام للإنسانية". وهناك نقص في الغذاء والمياه بالمناطق التي تسيطر عليها المعارضة بينما أغلقت جميع المستشفيات.
كانت الأمم المتحدة أعلنت الثلاثاء أن لديها تقارير تفيد بأن الجنود السوريين والمقاتلين العراقيين المتحالفين معهم قتلوا 82 مدنيا رميا بالرصاص في الأحياء التي استعادوا السيطرة عليها في شرق حلب.
وساد الخوف شوارع المدينة. وخاض بعض الناجين في الوحل تحت المطر ليمروا أمام الجثث إلى الغرب الخاضع لسيطرة الحكومة أو الأحياء القليلة التي لا تزال في قبضة المعارضة. والتزم آخرون منازلهم انتظارا لوصول الجيش السوري.
وقال أبو مالك الشمالي الذي يسكن في حي سيف الدولة وهو أحد آخر الأحياء الخاضعة لسيطرة الثوار "الناس يقولون إن القوات لديها قوائم بأسر المقاتلين وتسألها إن كان لها أبناء مع الإرهابيين. بعد ذلك إما يتركونهم أو يطلقون عليهم الرصاص ويتركونهم ليموتوا."
ووصف سكان المدينة أوضاعا شديدة السوء. وقال الشمالي إن الجثث ملقاه في الشوارع. وأضاف "هناك العديد من الجثث في الفردوس وفي بستان القصر ولا يوجد من يدفنها."
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عمليات الإجلاء من مناطق خاضعة لسيطرة الثوار بشرق حلب تأجلت يوم الأربعاء لأسباب غير واضحة وهو ما يعطل تنفيذ اتفاق تستعيد الحكومة بموجبه السيطرة على المنطقة. كان من المقرر أن يبدأ الثوار بالمغادرة فجر الأربعاء لكن لم يغادر أحد. و قال مسؤول بأحد المجموعات الثورية إن الفصائل الشيعية التي تقاتل إلى جابن الأسد تعرقل رحيل الناس من المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار في شرق حلب.
وقال زكريا ملاحفجي المسؤول بجماعة ثورية تتخذ من حلب قاعدة لها وهو مقيم في تركيا إن الفصائل الإيرانية ترد الناس.
ونقلت "رويترز" عن شهود عيان إن 20 حافلة مصطفة ومحركاتها دائرة على طريق رئيسي إلى خارج المدينة في انتظار من سيتم إجلاؤهم. وتم إحصاء أكثر من عشر حافلات أخرى على مقربة.