• - الموافق2024/11/26م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
عزلة عباس تزداد

عزلة عباس تزداد

هآرتس/عاموس هرئيل

هذه هي أيام الشفق بالنسبة لسلطة محمود عباس في الضفة الغربية. عملية الانهيار البطيء تمهيداً لانتهاء سلطة الرئيس الفلسطيني تتواصل. ويتم التعامل مع الأمر كحقيقة واقعة من قبل جميع المعنيين.

عباس يواجه التحدي من داخل حركته، فتح، وكذلك من جانب حماس. وفي الآونة الأخيرة تآمر واضح أيضاً، من جانب دول عربية. عُزلته المتزايدة تزيد من التوتر الداخلي في رام الله. ويحتمل أن يؤثر ذلك على الاستقرار الداخلي في المناطق وعلى منظومة العلاقة المتوترة مع الكيان الصهيوني.

يبدو أن التحدي الأصعب الذي يواجه عباس يكمن في التهديد الداخلي، من قِبل أحد قادة فتح، محمد دحلان. عباس لا يُخفي احتقاره الشخصي لدحلان، الذي سقط قطاع غزة، أثناء فترته، في أيدي حماس، في الانقلاب العسكري العنيف في حزيران 2007. الارتياب في مكتب الرئيس إزاء دحلان كبير. لكنه يبدو أنه يوجد أساس لذلك، وخصوصاً الآن. فقد أدى التنافس بينهما في هذا الأسبوع إلى مظاهرات عنيفة في مخيمات اللاجئين في جنين، وبلاطة في نابلس، والأمعري في رام الله.

الخلفية ترتبط هذه المرة باجتماعين نظمهما دحلان بغطاء أكاديمي في مصر وبمشاركة مئات النشطاء. أحدهما عقد في القاهرة بالتعاون مع معهد الأبحاث التابع لصحيفة "الأهرام"، والذي تناول – ظاهراً - المشكلة السياسية الفلسطينية، لكن قيادة السلطة رأت فيه وبحق، استعراض عضلات استفزازي من قبل دحلان، بدعم مصري.

لقد حاولت السلطة عرقلة وصول الفلسطينيين من المناطق إلى القاهرة، لكن الكثيرين وصلوا من الضفة الغربية بطرق التفافية وبعضهم خرج من غزة بموافقة حماس ومصر. وبعد انتهاء اللقاء عاد أحدهم، جهاد طملية، من سكان مخيم الأمعري، إلى الضفة فتم طرده من مؤسسات فتح. ورداً على ذلك شارك مئات في المظاهرات التي تدهورت في بلاطة وجنين إلى تبادل لإطلاق النار مع أجهزة الأمن الفلسطينية.

يلامس دحلان النقطة الحساسة بالنسبة لعباس (حجم شرعية الرئيس كممثل للشعب الفلسطيني). منذ أكثر من عقد لم تجرِ انتخابات للرئاسة أو البرلمان في المناطق. عباس يتحدث مؤخراً عن إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، لكنَّ هذا الوعد لم ينفَّذ أيضاً من قِبل ياسر عرفات، وخاصة أن الأمر سيكون مقروناً بمشاركة الفلسطينيين في الشتات، في الدول العربية المختلفة. تصريحات عباس تبدو غير واقعية خصوصاً على ضوء فشل السلطة الفلسطينية في إجراء انتخابات المجالس المحلية في المناطق، والتي كان من المفروض أن تتم في هذا الشهر، لكن تم تأجيلها حتى إشعار آخر.

في محيط عباس يشتبهون بحق بأن دحلان يسعى إلى تعزيز مكانته كمرشح سري للرباعية العربية التي تتشكل من السعودية ومصر والأردن والإمارات. وكما نشر إيهود يعاري في القناة الثانية، في بداية الشهر، فإن الرباعية تدفع باتجاه تعيين ناصر القدوة، ابن أخت عرفات والسفير السابق لـ م.ت.ف في الأمم المتحدة، وريثاً للرئيس. لكن دحلان يحاول الاندماج ضمن الثلاث أو الأربع شخصيات قيادية في المستقبل، على الطريق للتسلق إلى مرحلة أخرى في السلم.

مصر لا تخفي تأييدها لدحلان، والمسؤولين المصريين يتحدثون عن ذلك بشكل علني خلال المحادثات مع الصهاينة.

في الوقت نفسه، يسوِّق دحلان نفسه على أنه الوحيد القادر من بين قادة فتح على الحديث بشكل مباشر مع حماس، رغم سمعته السيئة لدى حماس في السابق (بأمر من عرفات طلب دحلان من رجاله حلق لحى أسرى حماس في سجن غزة في منتصف التسعينيات). وفي هذا الأسبوع سمحت حماس في غزة لزوجة دحلان "جليلة" بالدخول إلى القطاع وإجراء نشاطات خيرية وزعت خلالها مبالغ مالية كبيرة.

التطورات في الضفة الغربية تحتم على الأجهزة الأمنية الصهيونية إيلاء الاهتمام الخاص. فالجيش الصهيوني يجهز منذ بضعة أشهر فريقاً يهتم بالاستعداد لليوم الذي سيلي عباس في المناطق. الحكومة الصهيونية لن تتخذَ إجراء فاعلاً، وبالتأكيد ليس عسكرياً، للتدخل في انتقال السلطة الفلسطينية. ولكن يجب عليها الاستعداد لسيناريوهات مختلفة، منها وقوع صراع فلسطيني عنيف على وراثة عباس. وقد بات واضحاً أن الرئيس الفلسطيني يعيش في الوقت الضائع. وبدأ العد التنازلي لانتهاء حكمه.

وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، صب الزيت على النار خلال المقابلة التي منحها هذا الأسبوع (الأولى منذ استلامه منصبه في أيار) بالذات لصحيفة "القدس" في القدس. ويبدو من قراءة ترجمة المقابلة ومتابعة الردود، أن ليبرمان قد حقق الهدفين اللذين حددهما لنفسه، وهما: استعراض إعلامي واسع في الكيان، في نهاية موسم الجفاف الطويل للأعياد. وتموضعه كصوت أمني سياسي مركزي في حكومة نتنياهو (التي ينشغل رئيسها الآن في موضوع إغلاق هيئة البث العام والاستعداد لهجوم دبلوماسي محتمل من قبل إدارة أوباما بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة).

معظم الأمور التي قالها ليبرمان هي استمرار للسياسة التي طرحها عند تعيينه. فقد عاد وكرر اعتباره عباس بأنه "ليس شريكا"، وهو تشخيص ازداد لديه على خلفية فشل إجراء انتخابات السلطات المحلية. لكنه أضاف إشارة أكثر تفاؤلاً إلى تهديده القديم لحماس بشأن الحرب القادمة في غزة والتي ستكون "الحرب الأخيرة" حين تنشب، (أي أنها ستنتهي بإسقاط سلطة حماس): إذا توقفت حماس عن حفر الأنفاق وإطلاق الصواريخ فسيكون وزير الأمن على استعداد لفحص إقامة ميناء ومطار في غزة، وهي أمور تحفظ منها في السابق.

على الرغم من أنه يصعب رؤية استجابة حماس لهذا الأمر – وقد أعلن المتحدثون باسمها بعد المقابلة، أن التنظيم لن يتخلى عن سلاحه – إلا أن تصريحات ليبرمان حملت رسالة للسلطة أيضاً. فهو يريد العمل مع مراكز القوة في المناطق وليس مع رموز قومية فارغة المضمون، كما ينظر إلى عباس. هذان التصريحان يعتبران صفعة علنية لعباس، الذي يواصل رجال أمنه في كل أسبوع إنقاذ مواطنين وجنوداً صهاينة يدخلون بالخطأ إلى مناطق السلطة الفلسطينية، والذي ساعد التنسيق الأمني الكثيف معه على تخفيف العنف في الضفة الغربية في الأشهر الأخيرة.

لقد دخل ليبرمان إلى منصبه في ظل تهديده الفارغ بقتل إسماعيل هنية (سنقتله خلال 48 ساعة)، الذي أطلقه قبل فترة وجيزة من تعيينه، دون أن يتخيل بأنه سيكون وزيراً للأمن. والآن هو يتحدث عن بديل سياسي، محوره الاتفاقات المرحلية العملية، استمراراً لخطة "العصا والجزرة" في الضفة، التي عرضها في الصيف. رسالته إلى الفلسطينيين مضاعفة: أنا العنوان، صاحب البيت وأنا أتحدث معكم من فوق رأس عباس. يمكن الافتراض بأن هذه المقابلة أيضاً شكلت سبباً للقلق في المقاطعة في رام الله.

 

أعلى