هل توقع الأمريكيون هجمات تنظيم الدولة (داعش)؟
مع حدوث أكبر هجوم في تاريخ الولايات المتحدة بمدينة أورلاندو، فلوريدا، أمس، يبدو تحققت توقعات وإجابات أغلبية الأمريكيين في اعتبار داعش "تنظيم الدولة الإسلامية " خطراً عليهم، وتهديداً لمصالحهم، وحياتهم الشخصية، وتوقُّعهم لشن التنظيم هجمات على الأراضي الأمريكية في المستقبل القريب، بل حتى قلقهم من انضمام عدد من الأمريكيين إلى تنظيم "الدولة الإسلامية"، وتنفيذ عمليات داخل الولايات المتحدة. هذه ملامح إجاباتهم عن بعض الأسئلة المتعلقة بتهديد التنظيم بشكل موجز بعدما تتبعتها في كتابي الصادر عن مركز البيان للبحوث والدراسات مؤخراً "داعش (تنظيم الدولة) في عيون الشعوب"، ويمكن الرجوع لتفاصيل البيانات دون إزعاج القارئ هنا بجداولها ونسبها.
كان من أبرز الأسئلة التي تكررت من عدة جهات وفي فترات زمنية عن مدى اعتبار التنظيم يشكل تهديداً لأمن الولايات المتحدة؟ حيث أظهرت نتائجها أن الأغلبية الساحقة من الأمريكيين يعتبرون ISIS - كما يختصر بنص السؤال - تهديداً، بينما اعتبر الثلثان منهم أنه تهديد كبير، وقد بلغت هذه النسبة ذروتها عند بَدء العمليات العسكرية ضد التنظيم؛ حيث وصلت إلى 94% (58% تهديداً كبيراً، 36% تهديداً طفيفاً)، ولعل هذه النسبة المرتفعة تنسجم مع طبيعة الآلة الإعلامية الأمريكية التي تضخم تهديد العدو وخطورته قبل الحرب وفي بدايتها ثم تنخفض هذه النسبة، وهو ما تم في حالة النظرة لتنظيم الدولة، ولكن برغم الانخفاض بقيت الأغلبية ترى في تنظيم الدولة تهديداً، وعلى عكس معظم القضايا السياسية، فإن الاختلافات الحزبية داخل الولايات المتحدة لم تؤثر على هذا الرأي بالاتفاق على هذا التهديد حسب استطلاع جامعة ميرلاند في عام 2014.
وكما تضمنت بعض أسئلة استطلاع CBS News خطورة مقاتلي "الدولة الإسلامية" على الأمن الشخصي للفرد الأمريكي، حيث اعتبر 4 من كل 10 ذلك، مقابل 6 من 10 لم يرونه تهديداً عليهم شخصياً، وكما انقسم الأمريكيون في مدى قلقهم من انضمام عدد من الأمريكيين إلى "الدولة الإسلامية" والقيام بعمليات في الولايات المتحدة وبالطبع كان الجمهوريون هم الأكثر قلقاً.
وبسؤال الأمريكيين إذا كانت الحملة العسكرية الأمريكية ضد "الدولة الإسلامية" سوف تزيد من فرص وقوع هجمات إرهابية على الولايات المتحدة؛ تبين ازدياد مخاوف الأمريكيين من خلال اعتقاد نصفهم تقريباً باحتمالية وقوع هجمات إرهابية في الولايات المتحدة بسبب العمل العسكري ضد "الدولة الإسلامية".
ومع ارتفاع نسبة التوقع كانت نسبة قلق الأمريكيين ومخاوفهم من شن هجوم على الأراضي الأمريكية تتزايد، كما تبين من استطلاع Fox News الذي أجري في أواخر شهر سبتمبر 2014، حيث ازدادت النسبة التي تشعر بالقلق إلى 79% (47% قلق جداً، 32% قلق إلى حد ما) في حين أن نسبة عدم القلق هي 13% فقط.
يبقى للهجمات التي يشنها تنظيم الدولة أبعادها، وتأثيراتها المتنوعة على سير الحرب الدائرة ضده، والرأي العام حياله مع ربطها بزيادة التوجهات السلبية عن الإسلام، وزيادة معاناة المسلمين في الدول الغربية من تصرفاته وهجماته هنا وهناك التي لم تعد مثيرة فقط، بل خطيرة حتى في معركة الرأي العام التي لا يكترث التنظيم بها إلا بشق التوحش والترهيب منها.