• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
صلاة إسلامية بموجهات غربية

تعبيرية


ليس أمراً جديداً أن تظهر تصرفات من قبل أشخاص يدَّعون أنهم مسلمون في الدول الغربية؛ تحاول أن تسترضي الغرب في تقديم صورة مشوهة للإسلام؛ من أجل إرضاء تلك الدول أو محاولة اصطناع إسلام جديد ليس له علاقة بالإسلام الذي جاء به نبي الرسالة وخاتم النبيين محمد الأمين.

واستطاعت الدول الغربية والأوروبية، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، أن تغرس في قلوب بعض ضعاف النفوس من شباب العرب والمسلمين ضرورةَ تقديم صورة جديدة ومختلفة للإسلام، وهي صورة الإسلام المدني الذي ترافقه الموسيقا والطرب والأفكار الغريبة والممارسات غير المنطقية.

وسخَّرت تلك الدول أموالاً طائلة، ومنظمات مجتمع مدني تعمل في هذا الإطار وتسعى لخلق إسلام جديد متسامح ومنحط وغير أخلاقي في الوقت نفسه. فالإسلام الجديد الذي يريدونه هو إسلام الاختلاط وحرية ممارسة الشذوذ واختراع عبادات جديدة وحرية مفتوحة للمرأة وَفْقاً للنظام الغربي، وإسلام يراعي مصالح الغرب وتحفظاته.

ومن أبرز ما حدث خلال الأيام الماضية في هذا السياق، ظهور ناشطة يمنية مُستغرِبة تدعى "إلهام مانع" في أحد المساجد في سويسرا وهي تؤم المصلين من كلا الجنسين بطريقة مقززة. وخطبت بالمصلين والمصليات الكاشفات، وبين الخطبتين استقدمت أحد الفنانين ليقدم للمصلين فاصلاً موسيقياً على وتر العود.

ليس هذا فحسب؛ بل إن الصلاة نفسها "أُطلِق عليها" جمعة الصلاة المشتركة؛ أي جُمع فيها من أديان مختلفة وقاموا بأداء صلاة واحدة بطريقة غريبة واستمعوا للخطبة العصماء التي ألقتها إلهام مانع.

وهذه الخطوة لم تأتِ عبثاً؛ بل بتنظيم وترتيب من قِبَل منظمات غربية في سويسرا ودول أخرى، وبدعم رسمي! وَفق مبادرةٍ أُطلق عليها: مبادرة المسجد الشامل "مسجد للجميع". وجمع في هذه الصلاة عدد من القساوسة من النساء والرجال والمسلمين "المتأسلمين" من الرجال والنساء كذلك في صلاة موحدة إمامها وخطيبها امرأة، وللأسف نقول: إن هذه الخطيبة من بلد الإيمان والحكمة.

وخلال خطبة إلهام مانع حاولت أن تقدم صورة مختلفة للإسلام، وعمدت على تكذيب عدد من الأحاديث النبوية، ونسفت كل جهود الفقهاء، وأصدرت فتاوى تبيح للمرأة أن تصلي بالناس وتخطب الجمعة، ودعت لضرورة صلاة مختلطة من جميع الأديان. وكانت جل خطبتها عن الوهابية وكيف غيرت معالم الدين واعتبرت أن ما حدث في هذه الصلاة الجديدة انتصاراً تاريخياً.

كل هذه التحركات لم تأتِ من فراغ؛ فالجهود الغربية ترمي إلى ضرورة المساواة بين الرجل والمرأة مساواة كاملة، ولو استطاعوا أن يعدِّلوا في الخلق والخُلق لفعلوا، لكنها حكمة الله في خلقه فهو الذي خلق كل شيء وأحسن خلقه، ولذلك هم يريدون تغيير فطرة الناس السليمة التي خلقهم الله عليها، وهم بذلك يفتحون الباب للشذوذ والزواج المثلي وكل أنواع الإباحيات، وقتل عزة المرأة وشرفها وسكونها التي شرفها الله به.

هذا النموذج البسيط يكشف لنا مدى حالة التغريب لدى بعض المسلمين، والجهود المضنية التي تبذلها الدول الغربية لخلق الإسلام المعتدل الجديد الذي يراعي مصالح الغرب ويمارس التدين المغشوش المبني على الأهواء والأمزجة.

وفي الحقيقة أحزنني جداً أن يكون من يقود هذا العمل أكاديمية يمنية عاشت في بلد الفطرة والبساطة والتدين والعادات والتقاليد السمحة؛ لكن الهوية الغربية طمست على معالم فطرتها السوية، فأضحت تبحث عن شيء تتمسك به بعد أن انسلخت عن كل مبادئها وقيمها لإرضاء الدول التي احتضنتها، وقد سعت جاهدة في الترويج للزواج المثلي، والجندر، وأمور أخرى كثيرة داخل اليمن ولكنها فشلت.

وفي الاتجاه الآخر أسعدني تلك الصحوة من قبل شباب المسلمين شرقاً وغرباً في صفحات التواصل الاجتماعي؛ فقد واجهوا هذا الفعل بالسخرية والتذمر والمواجهة بالحجة والدليل وكانت ردة الفعل أقوى مما كانت تتصور إلهام وأصحابها المنتفعون الذين أرادوا أن يظهروا على حساب وسطية الإسلام وسماحته العالمية.

ومن خلال المتابعة لم أجد إلا فئة بسيطة من الناس لا تكاد تعد بالأصابع من وافقت على هذا الأمر الشنيع وهذا السفة الواضح بحق الإسلام وشرائعه وفرائضه الواضحة في كتاب الله وسنة نبيه، فكانت صدمة مدوية.

ومن هنا نجد أن الخير لا يزال عامراً في قلوب كثير من المسلمين، مهما حالت وسائل الإعلام، ومحاولات طمس الهوية المسلمة، وجهود التغريب التي تقوم بها منظمات غربية ومِن خلفها دول عظمى، ساعية نحو تشويه الإسلام وخلق صورة نمطية شاذة عن رقي وقيم هذا الدين العظيم.

أعلى