• - الموافق2024/11/27م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
حقيقة الصراع بين تيار الصدر وحكومة العبادي

حقيقة الصراع بين تيار الصدر وحكومة العبادي


بدأ أتباع التيار الصدري منذ الجمعة الماضية بتحركات غامضة ظاهرها الضغط على الحكومة العراقية لإجراء إصلاحات حكومية تحت شعارات محاربة الفساد بناءً على دعوات أطلقها زعيم التيار الصدري ورجل الدين الشيعي صاحب النفوذ السياسي والعسكري في العراق مقتدى الصدر، في الوقت الذي أعلنت حكومة العبادي عدم السماح بتنظيم أي اعتصام على مداخل المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد.

تحركات جريئة بدأ بها الصدر وأنصاره من خلال محاولة الاعتصام أمام المنطقة الخضراء التي تضم مباني الحكومة العراقية والبرلمان وسفارات أجنبية أبرزها سفارة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وذلك من أجل الضغط لإسقاط حكومة العبادي.

وبدا الصدر واثقاً من تحركاته إلى درجة أنه هدد باقتحام المنطقة الخضراء - التي تتميز بحماية أمنية عالية - إن لم تنفذ الحكومة الإصلاحات، وحدد مهلة قدرها 45 يوماً لتحقيق "إصلاح جذري" وتوعد بتنفيذ الخطوات الأخرى في حال عدم تنفيذ الإصلاح.

لكن حكومة العبادي ردت على التيار الصدري بمطالبة الكتل السياسية باحترام الدستور، وعبرت عن رفضها كل أشكال العنف لفرض الآراء والمعتقدات على الآخرين.

ويرى كثير من المتابعين للشأن العراقي أن تلك الخطوات التي اتخذها التيار الصدري لم تكن سوى حركات دعائية من أجل تخفيف الضغط على الحكومة من قبل الشارع العراقي الحقيقي؛ حيث يتظاهر أنصار الصدر لسحب الأضواء وكسب ولاء الشارع وتقديم نسخة أخرى للعبادي من المكون الشيعي نفسه المتطرف والموالي لإيران، والذي يسيطر على المشهد العراقي.

واعتبر الصحفي والمحلل السياسي حمزة مصطفى أن مهلة الصدر غير ملزمة للعبادي، وهي ورقة ضغط ومساومة من أجل إبعاد الوزراء الصدريين من المحاسبة.

وتوقع مصطفى عدم تنفيذ التغيير الحكومي الذي دعا إليه العبادي، وقال، "ستلجأ جميع الأطراف إلى إجراء تغيير ولكن ليس حقيقياً؛ فقد تتم الإطاحة ببعض الوزراء من أجل إرضاء الشارع الغاضب".

والغريب في الأمر أن الصدر الذي دعا إلى محاربة الفساد يمتلك كتيبة كبيرة من الوزراء والمدراء والبرلمانيين ضمن حكومة العبادي، ويعتبر تياره مشارك في المشهد العراقي (دينياً ونيابياً وعسكرياً وأمنياً)؛ فكيف يمكن الوثوق بهذه الدعوات التي تطالب بمحاربة الفساد وإسقاط حكومة العبادي، إلا من منظور آخر، وهو أن الصدر يريد أن يحل مكان العبادي ويصبح خليفة له ليس بشخصه ولكن بمجموع تياره.

ويقول الدكتور العراقي الشهير باسم "أبا الحكم"، أن "من الصعب التغاضي عن أن الصدر مستفيد من المشاركة في هذه العملية التي ينخرها الفساد حتى نخاع العظم.. وله فيها وزراء ونواب ومقاعد في البرلمان البائس، كما له وكلاء وزارات ومدراء عامون إلى غير ذلك... فلو كان صادقاً لسحب (تدريجياً) نفسه من العملية المأزومة بالفساد ووضع اتباعه الفاسدين وراء القضبان وفي مقدمتهم (بهاء الأعرجي)، ليس بصيغة التحفظ عليه ثم إطلاق سراحه لعدم كفاية الأدلة".

ويضيف "كلما اختنقت الحكومة، وكلما تعسرت الرئاسات الثلاث في دولة الميليشيات وباتت على مشارف الهاوية، يظهر الصدر كطوق نجاة لتنفيس الحالة وتخفيف الضغط الشعبي الهائل وإعطاء جرعات من التخدير للمرجل الذي يغلي بانتظار الانفجار".

كما يرى أن "الصدر يريد أن يحقق لنفسه موقعاً في خضم التدهور الفظيع الذي بلغته حكومة المنطقة الخضراء الفارسية، يقود ويظهر وكأنه المنقذ والقائد للجماهير، على أساس أنه يمثل رأس الحربة الوطنية، ولكن تقسيم الأدوار بمشورة طهران تكاد أن تكون الفاضحة في مسارها".

وفي اتجاه آخر يرى الكاتب عبد الجبار الجبوري أن تظاهرات أنصار الصدر ليست رسالة للعبادي الضعيف، وإنما رسالة تهديد لنوري المالكي وعصابته في حزب الدعوة، بأننا من يتحكم بتشكيل الحكومة المقبلة، ونحن المعنيون باختيار وزرائها؛ فالصراع هنا كما يظهر ليس بين الصدر والعبادي بل بين الصدر والمالكي الذي يتهمه الصدر بإفساد البلد وخراب البلاد.

ويبدو واضحاً إدارة إيران لهذا الصراع الداخلي، وتصميمها على إعادة لملمة البيت الشيعي، وتقسيم الأدوار، في ظل الاختلافات الفقهية والنزاعات الشخصية والصراعات المالية وصراع النفوذ بين أدوات البيت الشيعي الداخلي، ولذلك لا يمكن إخراج تحركات تيار الصدر عن هذا الدور الذي توزعه إيران على الأطراف الشيعية في العراق؛ فهو يرتبط (أي الصدر) بالولي الفقيه مباشرة، ويتلقى توجيهات علي خامنئي عبر مرجعه (كاظم الحائري) الذي يمثل السياسة الفارسية.

 إن إيران هي المحرك الأساسي للحركات الشيعية الطائفية في العراق، وأصبح لها الدور الكبير في صناعة موجِّهات الحكومة ذات الأغلبية الشيعية، ومن ثَمَّ هي من تضبط إيقاع العملية السياسية وتقدِّم هذا الطرف وتؤخر ذاك حسب مقدرتها على ترويض وإخضاع هذه الأطراف.

ومن الجيد القول: إن كل هذه الحركات الشكلية التي تطالب بإنهاء الفساد وعمل إصلاح حكومي لا تعدو كونها توزيع أدوار في إطار البيت الشيعي، وتعزيز لموقف الحشد الشعبي واحتكار السلطة والثروة على تلك الكيانات الشيعية وحرمان الشعب العراقي وطائفة السنة بشكل خاص من الصدارة في العملية السياسية والمشاركة بالحكم.

 

ملف العراق

أعلى