تقرير مصور | تعز... تسعة أشهر من الحصار والدمار
تصوير: وائل العبسي- محمد القناص
تعيش مدينة تعز اليمنية أوضاعاً إنسانية صعبة جراء الحصار المفروض عليها من قبل
ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبدالله صالح منذ أكثر من تسعة أشهر.
ويفرض الحوثيون وقوات صالح الحصار الشامل على المدينة من الجهات الأربع، ويمنعون
دخول المواد الغذائية والدوائية وعبوات الأكسجين، ويمنعون خروج السكان ودخولهم من
داخل المدينة وخارجها، وفوق ذلك يقومون بالقصف اليومي بقذائف الكاتيوشا والهاون
ورصاص القناصة على الأحياء السكنية المكتظة بالسكان، وهو ما أدى إلى سقوط مئات
القتلى وآلاف الجرحى بعضهم من النساء والأطفال والمدنيين.
ووصل الحقد بجماعة الحوثي أن قامت بقطع مياه الشرب عن أجزاء واسعة من المدينة،
وأصبحت المدينة تشكو العطش، وعندما فكر عدد من الناشطين في مدينة إب القريبة من تعز
بإغاثة تعز بمياه الشرب، تم اعتقال الناشطين المنظِّمين للحملة الإغاثية وزجوهم في
المعتقلات ولا يزال كثير منهم رهن الاعتقال التعسفي منذ شهور.
وأصبحت بعض أحياء المدينة مدمرة بالكامل بسبب القصف اليومي عليها من قبل قوات
الحوثي وصالح، ونزح منها آلاف السكان إلى الأرياف وإلى مدن أخرى هروباً من الموت
اليومي الذي توزعه الميليشيات على السكان المدنيين.
وبسبب الحصار الشديد على المدينة زادت نسبة بعض المواد الضرورية، خصوصاً المشتقات
النفطية، بدرجة كبيرة، بل إن بعضها انعدمت بشكل كامل، وهو ما دفع السكان إلى حمل
البضائع والمواد الدوائية بواسطة الجِمال والحمير عبر طرق جبلية وعرة جداً، وتستمر
عملية النقل لأيام حتى تصل إلى قلب المدينة المحاصرة.
وفي الجانب الصحي تعيش تعز وضعاً صحياً غير طبيعي، حيث أغلقت أغلب المستشفيات
أبوابها أمام المرضى والجرحى بسبب نفاد الأدوية وأنابيب الأوكسجين وتعرضت بعض
المستشفيات للقصف المباشر من قبل الميليشيات المحاصِرة للمدينة، ولم يصمد سوى أربعة
مستشفيات لا تفي بحاجة المرضى وجرحى القصف من المدنيين وكذلك جرحى المقاومة التي
تدافع عن المدينة.
وحسب المعلومات الأولية فقد وصل عدد القتلى من المدنيين في مدينة تعز إلى أكثر من
1277 شخصاً بينهم 133 طفلاً، و65 امرأة، في حين وصل عدد الجرحى إلى أكثر من 8786
جريحاً بينهم 800 طفل و360 امرأة وأكثر من 7644 رجلاً، أغلبهم حالتهم خطيرة وسببت
لهم إعاقة دائمة، أما المعتقلون فقد بلغ عددهم أكثر 214 معتقلاً منهم 54 سياسياً،
و4 إعلاميين، و93 ناشطاً وعدد من السكان المدنيين، أما عدد الأسر النازحة بسبب
الحصار فقد وصلت إلى أكثر من 9500 أسرة.
ووفقاً للإحصائيات التي نشرها المرصد اليمني لرصد حقوق الإنسان، فقد تم القصف
والاعتداء على 55 مؤسسة تعليمية، و21 مؤسسة صحية، وأكثر من 96 منشأة عامة، في حين
تم تدمير وقصف ونهب أكثر من 1778 منزلاً وممتلكات خاصة.
وبلغت نسبة زيادة أسعار بعض المواد الضرورية - لا سيما مشتقات النفط - نحو 250%،
وهي نسبة قد تكون لها دلالة عميقة في بلد يعاني - أصلاً - من ارتفاع حاد في معدلات
الفقر والبطالة.
غير أن إرادة الحياة حاضرة أيضا في تعز، وتتجلى في إصرار أهلها على تحدي الحصار
ومواصلة حياتهم رغم خطر الصواريخ والقذائف التي قد تسقط عليهم في أي لحظة.
وخلال كتابة هذا التقرير استطاعت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية أن تحرر
أجزاء واسعة من الجبهة الغربية وفتحت الطريق المؤدي إلى عدن، والذي من المتوقع أن
يساهم في وصول المواد الغذائية والدوائية إلى داخل المدينة، لكن يبقى هناك عدد من
الجبهات لا تزال مفتوحة ولا يزال القصف مستمر على الأحياء السكنية.