هل يصمد الكتاب المطبوع أمام الثورة الإلكترونية؟

هل يصمد الكتاب المطبوع أمام الثورة الإلكترونية؟

كساد واضح أصاب مبيعات الكتب المطبوعة بعد غزو الكتب الإلكترونية لحواسيب المثقفين وهواتفهم المحمولة، وأصبحت غالبية دور النشر العربية تواجه خيارات صعبة وأسئلة ملحة:  

كيف تحافظ على العملاء في ظل ارتفاع أسعار الورق وتكاليف الطباعة، والأزمة المالية؟

وكيف ترفع الأسعار في ظل انخفاض الطلب -أساسا- على شراء الكتب الورقية؟

والصحيفة الورقية ليست بمنأى عن حديثنا ، فهي في ذات المحنة ....ولمحاولة على حقيقة الأمر .... كان هذا التحقيق‏

 تقلصت مبيعات الصحف الورقية بلا استثناء عندما أطلقت نسختها الإلكترونية

موقع جي ستور الأمريكي الذي يحوي آلافُا من الكتب والدوريات والمطبوعات والمقالات في صيغة بي دي إف مجانا لكل الأمريكيين وباشتراكات مالية لغير الأمريكيين، هذا الموقع يعتبر بحرًا لا ساحل له من الكتب القديمة والحديثة في جميع التخصصات؛ بل وحتى المقالات والتقارير والدراسات ، وقد ساهم في بلا شك في زيادة انتشار الكتاب الإلكتروني على نطاق واسع في شتى أرجاء المعمورة.

 والسؤال الذي يفرض نفسه هو: كيف تواصل دور النشر آداء رسالتها في إثراء الحياة الثقافية والأدبية والاجتماعية في ظل الخسائر المادية أو تراجع الأرباح على أفضل الأحوال ؟؟

وكيف تقدم أعمال المفكرين والأدباء في مجالات التأليف والترجمة في كافة العلوم الإنسانية ؟.

الموقع الأمريكي "واشنطن ريبورت" نشر تقريرًا حول مدى انتشار الكتب المطبوعة مقارنة بالكتب الإلكترونية، وخلص التقرير إلى أن الولايات المتحدة التي تعد من أكثر بلاد العالم أنتاجًا للكتب في شتى أنواع التخصصات، لكن إقبال المواطنين الأمريكيين على القراءة من الكتب تقلص إلى حد كبير بسبب إقبالهم على الشبكات الاجتماعية عبر الإنترنت.

ويقول التقرير أن دور النشر تبحث عن وسائل تسويقية جديدة وخبراء في دراسة السوق للوصول إلى حلول جديدة تتلائم مع التغير الجديد في أذواق المستهلكين.

وفي الوقت ذاته أكد التقرير ارتفاع نسبة مبيعات الحواسيب الشخصية والهواتف الذكية.

يرى الكاتب الصحفي الأستاذ محمد شعث أن انتشار شبكة الانترنت وشيوع الفضائيات في كل بيت زعزع فكرة صمود الكتاب المطبوع والصحيفة الورقية أمام تلك التقنيات الحديثة ، وأصبح الحصول على المعلومات عبر الإنترنت لا يكلف المرء إلا بعض اللمسات على لوحة المفاتيح حتى من غرفة النوم.

المهندس حسن سلطان أعرب عن دهشته من توفر أمهات الكتب على أرصفة الشوارع من خلال ما أسماه: النسخ المضروبة (أي المنسوخة بطريقة غير شرعية) من الأقراص المدمجة التي تحمل مكتبات ألفية (بها آلاف الكتب) وتباع بأسعار لا تتجاوز دولارًا واحدًا في بعض الدول في معزل عن أجهزة الرقابة على المصنفات التي يفترض بها أن تحمي حقوق الناشرين والمؤلفين.

إذن الإنترنت أصبح الوريث الشرعي –وأحيان أخرى غير الشرعي- للمكتبات والصحف ودور النشر

فقد ظهر في الأسواق برامج إلكترونية تستطيع التغلب على كلمات المرور والحماية التي تضعها بعض الصحف على مواقعها الإلكترونية ابتغاء تعويض ولو جزء ضئيل من خسائرها جراء تقلص مبيعاتها من الصحف الورقية.

ألم تضطر صحف شهيرة في أوروبا إلى الإعلان عن قبول التبرعات لتعويض الخسائر؟؟

صحيفة الجارديان البريطانية طالعتنا الشهر الماضي بعنوان مثير قالت فيه:

الكتاب المطبوع لم يمت بعد...

ذكرت فيه أن مؤسسة أمازون أعلنت عن أن مبيعاتها من الكتب الإلكترونية خلال الصيف المنصرم فاقت بكثير مبيعاتها من الكتب المطبوعة.

http://www.guardian.co.uk/commentisfree/2010/oct/10/printed-book-not-dead-ebook

 رجل الأعمال الأمريكي نيكولاس نيجروبونتي مؤسس برنامج «وان لابتوب بير تشايلد» الهادف إلى منح أطفال في الدول النامية أجهزة حاسوب، يتنبأ باختفاء الكتاب المطبوع تدريجيًا خلال خمسة أعوام –حسب تصريحاته لقناة سي ان بي سي الأمريكية

http://techcrunch.com/2010/08/06/physical-book-dead

 لكن ثمة رؤية مغايرة يدافع عنها صاحبها ... إذ يقول الباحث والمترجم أحمد عباس: "مهما كان من أمر فإن المطبوعات الورقية ستظل لها قيمتها وأهميتها مهما اتسع نطاق انتشار المطبوعات الإلكترونية نظرًا لحالة من القدسية والتوقير تتسم بها الصحائف الورقية بوجه عام لاسيما وأن الكتب السماوية المقدسة لم تكن قد نزلت بالشكل الإلكتروني وإنما حفظت في أوراق وكتبت بأحبار، ومن ثم فإن الوازع الديني المقدس هو الذي يضمن عدم انتصار المطبوع الإلكتروني على المطبوع الورقي مهما مرت العصور والأزمان"

 كذلك يرى الأستاذ "الفاروق عمر بان" المدير التسويقي الذي يعمل في إحدى مؤسسات النشر أن الكتاب المطبوع سوف يستعيد عافيته قريبًا وفي غضون سنوات قليلة لعدة أسباب:

أولاً: تراجع المنفعة الحدية لدى قراء الكتب الإلكترونية بعد إشباع حاجتهم منها، وفقدان زهو الكتب الإلكترونية ، ويتزامن ذلك مع إعلان عدد من الناشرين الإلكترونيين عن عزمهم على محاربة النسخ غير الشرعي للكتب والبرامج، والحيلولة دون تداولها عبر الإنترنت.

ثانيًا: أن قراء الكتب اعتادوا على تحميلها ثم طبعها على أوراق، ثم الشروع في القراءة، وإذا توفر الكتاب المطبوع من البداية بسعر مناسب؛ فلا شك أن القارئ سوف يسارع بشرائه؛ لا سيما أن الكتاب المطبوع سيكون أقل تكلفة من طباعته منزليًا ، وحتمًا سيكون أفضل تجليدًا بكل المقاييس.

ثالثًا: لا ينبغي إهمال شريحة عظمى من المثقفين لا يحبذ القراءة بالمرة من خلال شاشة الحاسوب إلا لضرورة ملحة؛ وهي عندما يفتقدون الكتاب المطبوع.

أعلى