الطموح الصهيوني و الأولويات الأمريكية
تقرير مترجم /هأرتس
نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية تقريراً، اعده براك ربيد، حول المصاعب التي تواجه المفاوضات الجارية بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة حول صفقة المساعدات الأمنية المقترحة للسنوات العشر القادمة، بسبب الفجوات الكبيرة بين حجم الهبة التي تطالب بها الحكومة الصهيونية وما توافق عليه الولايات المتحدة. وقال مسؤول صهيوني رفيع للصحيفة، أن الأمريكيين وافقوا خلال الجولة الأخيرة من المفاوضات التي جرت في القدس المحتلة، على زيادة المساعدات بحوالي 400 مليون دولار سنويا فقط، خلافا لتوقعات الكيان الصهيوني التي تطمح الى زيادة اكبر بكثير تتراوح بين مليار وملياري دولار سنويا.
وكانت الحكومة الصهيونية و نظيرتها الأمريكية قد وقعتا في 2007 على اتفاق التزمت الولايات المتحدة في اطاره بتقديم مساعدة للكيان الصهيوني بحجم 30 مليار دولار لعشر سنوات، أي ثلاثة مليارات سنويا. وسينتهي هذا الاتفاق في العام 2018. ومنذ شهر تشرين الثاني، في أعقاب اللقاء بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الامريكي براك اوباما، في البيت الأبيض، بدأت مفاوضات بين الطاقمين الصهيوني والأمريكي لصياغة اتفاق جديد للمساعدات الأمنية للعقد القادم، يحدد حجم الهبة التي ستحصل عليها الحكومة الصهيونية سنويا، حتى نهاية 2028.
وقبل بداية المفاوضات توقع المسؤولون في الجهاز الأمني الصهيوني زيادة المساعدات الامريكية الى خمسة مليارات دولار سنويا، في الحد المتوسط، او 50 مليار دولار خلال السنوات العشر. ومع بداية المحادثات قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خلال نقاش في لجنة الخارجية والأمن البرلمانية انه معني بزيادة المساعدات بأكثر من مليار دولار سنويا او اكثر من 40 مليار دولار خلال السنوات العشر.
مع ذلك، وخلال جولات المفاوضات الثلاث التي جرت خلال الشهرين الأخيرين، تطورت ازمة بين الجانبين الصهيوني والامريكي. وقال مسؤول صهيوني مطلع ان الزيادة التي عرضها الجانب الامريكي تقل بكثير عن الهدف الذي حدده نتنياهو. وحسب اقواله فقد ادعى الامريكيون انهم مقيدون بسبب قيود الميزانية، وان بعض الاحتياجات العسكرية التي تطالب بها الحكومة الصهيونية، خاصة في مجال مخزون الذخيرة للطائرات، مبالغ فيها.
وقال المسؤول الصهيوني ان الامريكيين وافقوا خلال جولة المفاوضات الأخيرة التي عقدت بين الرابع والسادس من شباط الجاري في القدس المحتلة، على زيادة المساعدات من ثلاثة مليارات الى 3.4 مليار دولار فقط، سنويا، ما يعني زيادة 400 مليون دولار سنويا.
وكما يتضح فان الفجوة بين الموقفين الصهيوني والامريكي هي التي جعلت نتنياهو يصرح خلال جلسة الحكومة، يوم الاحد الماضي، بأنه اذا لم يتم التجاوب مع الاحتياجات الامنية الصهيونية فانه سيفضل انتظار الرئيس الأمريكي المقبل الذي سيدخل الى البيت الأبيض في كانون الثاني 2017. وتأمل الحكومة الصهيونية مواصلة التفاوض معه على امل ان تحصل على زيادة اكبر. وأثار نشر تصريح نتنياهو هذا في "هآرتس" في حينه غضبا كبيرا في البيت الأبيض، وحذر مسؤولون امريكيون حكومة الكيان من أنها لن تحصل على زيادة اكبر من الرئيس القادم. وحول الامريكيون رسائل بهذه الروح الى ديوان نتنياهو عبر قنوات دبلوماسية.
وفي أعقاب الرد الامريكي الشديد فهم نتنياهو ورجاله خطأهم. وقال المسؤول الصهيوني الرفيع ان السفير الصهيوني لدى واشنطن، رون دريمر، الذي تواجد في تل ابيب في الأسبوع الماضي، قال لنتنياهو انه على الرغم من الفجوات الا انه من مصلحة الحكومة التوقيع على الاتفاق خلال دورة اوباما وعدم انتظار الرئيس المقبل.
وفي الأسبوع الماضي حاول نتنياهو تصحيح الانطباع الناجم عن تصريحه وبدأ ببث رسائل الى البيت الأبيض، على الملأ، وعبر قنوات هادئة، مفادها انه معني بتلخيص الموضوع لكنه يطمح الى زيادة اكبر. وبناء على طلب نتنياهو اتصل رئيس الموساد يوسي كوهين، بمستشارة الأمن القومي، سوزان رايس، وحاول اقناعها بالحاجة الى زيادة المساعدات، بشكل اكبر.
وقال مسؤول صهيوني اخر، مطلع على المفاوضات، ان سفير واشنطن لدى الكيان الصهيوني، دان شبيرو قال في ختام الجولة الأخيرة من المفاوضات انه تم استنفاذ الموضوع ويجب تحويل النقاش حول الخلافات الى المستويات السياسية العليا لكي تحسم الأمر. ومن المتوقع ان يكرس وزير الأمن موشيه يعلون اجتماعه القادم مع نظيره الأمريكي اشتون كارتر، في بداية شهر آذار المقبل لهذا الموضوع، كما يتوقع ان يلتقي نتنياهو خلال زيارته في الشهر ذاته الى واشنطن بالرئيس اوباما ويناقش معه هذا الموضوع. وحسب المسؤول الصهيوني فانه يتوقع ان تسفر هذه اللقاءات عن تحقيق زيادة اخرى في حجم المساعدات. وقال ان تل ابيب تتوقع ان يزيد اوباما المساعدات الى 3.7 مليار دولار سنويا، معربا عن اعتقاده بأن المساعدات لن تصل الى اربعة مليارات.
وحسب المسؤول الصهيوني الاول فان الوضع الذي وصلت اليه تل ابيب في هذا الشأن هو نتاج تعنت نتنياهو ورفضه البدء بمفاوضات حول المساعدات عندما عرض عليه الرئيس اوباما ذلك قبل تصويت الكونغرس على الاتفاق النووي مع ايران. وبعد التوقيع النهائي على الاتفاق بين ايران والقوى العظمى اقترح اوباما مرة اخرى على نتنياهو البدء بمفاوضات حول الموضوع، لكن نتنياهو رفض مرة اخرى، بسبب محاولته في حينه تجنيد الكونغرس للتصويت ضد الاتفاق. وادعى نتنياهو انه اذا بدأ مفاوضات حول الموضوع قبل التصويت فانه سيلمح بذلك الى الكونغرس بأنه سلم بالاتفاق النووي وبذلك يفقد فرصة منعه. وبدل ان يبدأ نتنياهو بمفاوضة الادارة على الصفقة، اوعز لسفيره دريمر بإطلاق حملة مكثفة في مجلسي النواب والشيوخ ضد الاتفاق مع ايران.
وفي تلك الفترة اعتقدوا في الجهاز الأمني ووزارة الخارجية الصهيونية بأنه اذا بدأت الحكومة الصهيونية المفاوضات قبل تصويت الكونغرس على الاتفاق مع ايران، فإنها ستملك فرصة الحصول على صفقة افضل. وحول المسؤولون في الجهاز الأمني والخارجية الصهيونية وجهة نظرهم هذه الى ديوان نتنياهو في حينه، لكنه تم رفضها نهائيا. كما حاول وزراء صهاينة كبار اقناع نتنياهو بمفاوضة الامريكيين على الصفقة في حينه لكنه صدهم وواصل تعنته بادعاء انه يملك فرصة منع المصادقة على الاتفاق مع ايران، وان صراعه ضد الاتفاق لن يؤثر لاحقا على فرص حصول اسرائيل على زيادة كبيرة في المساعدات الامنية.
واوضح المسؤول الصهيوني ان "الوضع الذي وصلنا اليه هو نتاج التوجيه غير الناجح لنتنياهو. لقد انهار تكتيكه كله. لم يعارض احد في حينه النضال ضد الاتفاق مع ايران لكن السؤال الذي طرح في حينه هو هل يتم اعطاء ضوء اخضر للاتصالات حول المساعدات قبل التصويت على الاتفاق في الكونغرس، الا ان نتنياهو لم يسمح بذلك، وها نحن نحصل الان على اقل مما كان يمكن تحصيله في حينه، وبالتالي تم الحاق الضرر بالمصالح الامنية الصهيونية".
وفي تعقيب ديوان نتنياهو جاء ان هذا التقرير مليء بالأخطاء والطاقم الاسرائيلي يواصل العمل مع نظيره الامريكي بهدف التوصل الى اتفاق". من جهته رفض البيت الأبيض التعقيب حول الموضوع "بسبب حساسية المفاوضات".