• - الموافق2024/11/27م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
شبح اليمين المتطرف ينتشر في أوروبا

شبح اليمين المتطرف ينتشر في أوروبا

تزايدت المخاوف من تحقيق اليمين المتطرف تقدماً كبيراً في الانتخابات في عدد من الدول الأوروبية، منها فرنسا التي حقق فيها حزب الجبهة الوطنية اليمني المتطرف نتيجة قياسية في الجولة الأولى من الانتخابات، وخسر في الجولة الثانية، وكذلك منافسة أحزاب اليمنين المتطرفة في بريطانيا وهولندا وألمانيا وعدد من الدول الأوروبية.

وتبدأ مخاوف صعود هذه المكونات السياسية المتطرفة عند المسلمين في تلك البلدان، حيث تطغى لغة العنصرية والكراهية والعنف على تلك الأحزاب، وهو ما قد يتسبب في حروب أهلية، وصراعات طويلة الأمد مع الداخل والخارج.

ويطلق وصف "اليمين المتطرف" على الأحزاب السياسية والتيارات التي تدعو إلى التدخل القسري واستخدام العنف واستعمال السلاح لفرض التقاليد والقيم، وتنتشر تلك الأحزاب والتيارات في دول الاتحاد الأوروبي، وتطغى عليهم فكرة القومية والأصولية العرقية، ولذلك أصبحوا ينظرون إلى الأجانب بعين الريبة، وظهرت دعواتهم إلى كبح جماع الهجرة والتضييق على المهاجرين، بل أصبحت ردود الأفعال العدائية تجاه العرب والمسلمين برنامجاً انتخابياً لدى بعض أحزاب اليمين الأوروبية.

وتزامن صعود هذه الأحزاب مع تصاعد العداء للمسلمين في أوروباً أو ما أصبح يطلَق عليه بمصطلح "الإسلاموفوبيا"، وهي ظاهرة فكرية تعطي نمطية اختزالية سلبية للإسلام ومعتنقيه من المهاجرين في أوروبا.

وتتعزز مخاوف المسلمين والعرب في الدول الأوروبية يوماً وراء آخر، بعد صعود متنامٍ لأحزاب اليمين المتطرف، الأمر الذي قد يؤثر بشكل فعال على مختلف الجاليات ومنها العربية، وبدرجات مختلفة، نتيجة الخطاب اليميني المتطرف الذي يساهم في شرخ الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

وتحاول الأحزاب اليمينية المتطرفة استخدام الهجمات الأخيرة التي استهدفت باريس في الهجوم المباشر ضد المسلمين ووصفهم بالإرهابيين، ونقد استقبال اللاجئين السوريين وغيرهم من الهاربين من مواقع الصراع خصوصاً في المجتمع العربي، وهو الأمر الذي قد يصنع انتكاسة مقبلة على صعيد السياسة الفرنسية ودول أوروبا التي زاد نفوذ أحزاب اليمين المتطرف فيها بشكل كبير خلال الأعوام القليلة الماضية.

ومن أبرز الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا:

·       الجبهة الوطنية الفرنسية: أول حزب استخدم الإسلاموفوبيا في دعايته السياسية وحملته الانتخابية للتخويف من الإسلام والمسلمين.

·       الحزب النمساوي اليميني الشعبي: وصف الإسلام بأنه «العدو الأول» للأمة النمساوية، ولأوروبا والعالم أجمع.

·       الحزب الدنماركي التقدمي: دعا إلى إيجاد «منطقة حرة للمسلمين»، وحذر من أسلمة أوروبا.

·       الحزب اليميني الشعبي الدنماركي: حذر الجماهير أثناء حملته الانتخابية من الإسلام كمصدر تهديد لأوروبا، علاوة على أنه ضد الحضارة الغربية.

·       "أومبرتو بوسي" زعيم حزب "ليقا نورد" الإيطالي: وصف الإسلام بأنه أكبر مصدر لتهديد الثقافة الأوروبية، ودعا إلى ضرورة الدفاع عن النصرانية الأوروبية.

·       "خيرت فلدرس" زعيم حزب الشعب الهولندي: قارن الإسلام بالفاشية والقرآن بكتاب هتلر كفاحي، واعتبر المسلمين متخلفين؛ لذا وجب منع الهجرة من البلدان الإسلامية نحو هولندا.

·       "ثيلو سارازين" الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني: رأى أن المهاجرين المسلمين يجعلون ألمانيا أغبى وأفقر؛ لأنهم جينياً أقل ذكاء، ولأنهم يزاحمون الألمان في الاستفادة من الموارد الاقتصادية.

وبناء على هذه المواقف المعادية للإسلام تُبدي دوائر صنع القرار في الكيان الصهيوني ارتياحاً إزاء هذا الصعود المتنامي لليمين المتطرف، حيث تقول تقارير صهيونية إن تل أبيب ترحب بصمتٍ بصعود قوة اليمين المتطرف في أوروبا، لأنه قد يفضي إلى تحقيق نتيجتين تمثلان إنجازاً استراتيجياً للكيان الصهيوني، وهما: وقف "أسلمة" أوروبا، وزيادة الهجرة اليهودية من أوروبا إلى القدس المحتلة.

وقالت التقارير إن دولة الكيان الصهيوني تأمل أن يسهم صعود اليمين المتطرف لأن يكون رأس حربة في مواجهة خطر أسلمة أوروبا، وهو الخطر الذي يصل إلى مصاف المخاطر الاستراتيجية التي يخشاها الكيان الصهيوني.

ويمكن القول: إن الخطر على الإسلام والمسلمين ليس من بوابة أحزاب اليمين المتطرف فقط، بل حتى الأحزاب اليسارية التي تدعي الاعتدال وتطلق الدعايات الانتخابية الناعمة تجاه المسلمين كذلك، فالمنافسة بين الأحزاب في تلك الدول هي كمنافسة الشركات المنتجة، من يستطيع أن يقدم الأفضل ويمارس سياسة المصلحة التي يستطيع من خلالها أن يحقق حضوراً كبيراً في الوسط الانتخابي.

ليس في الغرب أو الشرق الصهيو صليبيين تطرف يميني أو يساري بالمعنى الإعلامي الذي يخدعون به الشعوب الإسلامية؛ وإنما هناك سياسة موروثة في سياق الصراع بين الحق والباطل، ومورثة من الكنيسة وسياسة العداء للأمة الإسلامية، وموروثة من الجنس الأبيض الذي لا يرى إلا نفسه ليمارس سياسة الهيمنة والاحتلال، والأحداث أكبر دليل وشاهد بدأ من الحروب الصليبية إلى أمريكا والهنود الحمر وأستراليا وغيرها، وصراع أحزابهم كمنافسة شركاتهم المنتجة؛ من يقدم الأفضل لشعوبهم ويمارس سياسة المصلحة والدهاء...

قال الباحث السياسي الفرنسي ميشال توب: إن الفرنسيين كانوا يتوقعون حصول حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان على نتائج جيدة في الجولة الأولى من الانتخابات الإقليمية، "لكن حصول الجبهة على أعلى الأصوات وتصدره نتائج تلك الجولة شكل صدمة لفرنسا والعالم أجمع".

ويصوت الفرنسيون في الجولة الثانية من الانتخابات الإقليمية، بعد أسبوع على جولة أولى أحدثت ما يمكن أن يوصف بالزلزال السياسي. فقد تصدر حزب الجبهة الوطنية الذي يمثل اليمين المتطرف نتائج الجولة الأولى، في مواجهة اليسار الحاكم والمعارضة اليمينية.

وقال توب في حلقة السبت (12/12/2015) من برنامج "ما وراء الخبر" التي ناقشت المخاوف من تقدم اليمين المتطرف في فرنسا: إنه لا بد من اصطفاف مرشحي اليسار واليمين لقطع الطريق على مرشحي الجبهة الوطنية من الفوز في الجولة الثانية من الانتخابات الإقليمية.

وأكد أن الفرنسيين يخشون وصول الجبهة الوطنية إلى السلطة، ودعاهم إلى المشاركة في هذه الانتخابات والتصويت ضد الجبهة، مشيراً إلى أن المقاطعة والامتناع عن التصويت يعني أن تكون حليفاً للجبهة.

واعتبر توب أن تحذير رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس من انزلاق البلاد إلى ما سماها "حرباً أهلية" إذا فاز حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف في الجولة الثانية من الانتخابات الإقليمية، تحذيرً في محله، لكنه استبعد وقوع حرب أهلية.

وقال إذا وصلت زعيمة الجبهة مارين لوبان إلى الرئاسة فإن فرنسا ستواجه خطر حرب أهلية على مستوى قيم الجمهورية، وسينزل الفرنسيون إلى الشوارع وستندلع أعمال عنف، فلوبان تريد خروج فرنسا من منطقة اليورو، وهي تلعب على مخاوف الفرنسيين وتزيد بسياساتها الاضطرابات في الضواحي.

وأشار توب إلى أن لوبان تخلط بين الإسلام المتطرف وجميع المسلمين، واصفاً خطابات الجبهة الوطنية بأنها خطابات سامة لا تلائم قيم الجمهورية الفرنسية.

تهديد:

من جهة أخرى قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة السوربون الدكتور محمد هنيد: إن انتصارات واختراقات الجبهة الوطنية يمكن أن تهدد البناء الاجتماعي وقيم الجمهورية.

واعتبر هنيد أن تحذير رئيس الوزراء الفرنسي من وقوع حرب أهلية إذا فازت الجبهة الوطنية، يأتي في إطار الاستنفار الإعلامي للممتنعين والمتراخين عن التصويت لكي يصوتوا في الجولة الثانية ضد الجبهة من أجل الحفاظ على قيم الجمهورية.

وقال إن ضرراً كبيراً وخطراً حقيقياً سيلحق بفرنسا صورةً ومصلحةً في جميع أرجاء العالم إذا وصلت الجبهة الوطنية إلى السلطة، لكنه رأى أن المزاج الفرنسي العام بقيمه وقوانينه ومكاسبه لن يقبل باليمين المتطرف.

ووصف هنيد حزب الجبهة الوطنية بأنه "حزب عائلي يرفع شعارات فارغة وتجارية لبيع الأوهام وتدمير الدولة الفرنسية".

تأثير صعوده على المسلمين:

يبدي المهاجرون والمواطنون من أصول أجنبية في بعض دول الاتحاد الأوروبي تخوفهم من صعود أحزاب اليمين المتطرف في بعض تلك البلدان، وتأثير ذلك على وضعهم في بلدان مثل بريطانيا وفرنسا وهولندا.

وتصدرت مواضيع الهجرة حملة الانتخابات الأوروبية التي تنطلق الخميس 22 من مايو/ أيار. وتشير استطلاعات الرأي إلى احتمال حصول أحزاب اليمين المتطرف على مقاعد إضافية في البرلمان الأوروبي المقبل.

ففي بريطانيا، يشن حزب استقلال المملكة المتحدة هجوماً على سياسات بريطانيا في مجال الهجرة، محملاً المهاجرين - وخاصة أولئك القادمين من بلدان الاتحاد الأوروبي - مسؤولية الأزمة الاقتصادية وقلة فرص الشغل.

ونقلت وسائل إعلام بريطانية تصريحات منسوبة لزعيم الحزب (نايجل فاراج) قال فيها: إن البريطانيين لا يريدون العيش إلى جانب الرومانيين.

وأثارت هذه التصريحات جدلاً كبيراً في بريطانيا وأدت إلى إلغاء تجمع انتخابي لحزب استقلال المملكة المتحدة يوم الثلاثاء 20 من مايو/ أيار في لندن بعد اقتحام متظاهرين له، متهمين زعيم الحزب بالعنصرية.

أما في فرنسا، فيبدو حزب الجبهة الوطنية برئاسة (مارين لوبين) ابنة زعيم الحزب الأسبق (جون ماري لوبين) أكثر أحزاب اليمين المتطرف تصدراً للمشهد السياسي في بلدها.

وقد يعزز حصول هذا الحزب على المرتبة الثانية في الانتخابات البلدية الفرنسية التي جرت قبل أشهر من فرص هذا الحزب في الانتخابات الأوروبية التي تستمر إلى غاية 25 من مايو/ أيار الحالي.

وتدافع زعيمة الحزب (مارين لوبين) عن خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي، محملة التكتل الأوروبي مشاكل فرنسا الاقتصادية.

أما في هولندا التي تعيش في مدنها جاليات مغاربية كبيرة، فيبدو حزب الحرية بزعامة (خيرت فيلدرز) حاملاً لخطاب سياسي يعتبره المهاجرون وأحزاب سياسية هولندية كثيرة متطرفاً.

وكان خيرت فيلدرز قد أثار الجدل في مارس/ أذار الماضي حين صرَّح لأنصاره بأنه سيعمل على تقليص عدد المغاربة في هولندا. وبدا خيرت فيلدرز مدافعاً عن تصريحاته ضد المهاجرين في بلاده خلال حملة الانتخابات الأوروبية. وتشير استطلاعات الرأي في هولندا إلى احتمال حصول حزبه على المرتبة الثانية في هذه الانتخابات.

ويسعى حزب الحرية الهولندي إلى تشكيل تحالف موسع من أحزاب اليمين المتطرف المشاركة في الانتخابات الأوروبية التي تنطلق الخميس. وسيضم هذا التحالف أحزاب اليمين المتطرف في سبعة بلدان أوروبية بينها فرنسا وإيطاليا وبلجيكا والسويد وهولندا والنمسا.

وقال فيلدرز في تصريحات لصحيفة الدايلي تلغراف البريطانية: إنه سيعمل على إقناع حزب استقلال المملكة المتحدة بالانضمام لهذا التحالف الذي يرتقب أن يحصل على 38 مقعداً في الانتخابات الأوروبية المقبلة.

كيف يؤثر صعود اليمين المتطرف في أوروبا على أوضاع الجاليات العربية بها؟

إن كنت مهاجراً في بلد أوروبي، ما تأثير خطاب اليمين المتطرف على أوضاعك الاجتماعية والاقتصادية؟

هل أصبحت أوروبا بيئة طاردة للمهاجرين مع صعود اليمين المتطرف؟ أم أن هذه الأحزاب لا تؤثر على سياسات بلدان أوروبا في مجال الهجرة؟

صعود اليمين المتطرف في أوروبا ليس مشكلة آنية وإنما لها جذور متعددة، منها ما يدور في بلاد العرب والمسلمين وخاصة في الحرب على الإرهاب، اليمين المتطرف يزيد أنصاره بسبب تزايد المخاوف عند الأوروبيين مما يدور ومن ثَمَّ فالتأثير على الجاليات سيتحول من التأثير الشعبي بدون أي فعالية إلى الدور الرسمي الذي سيعقبه قوانين ربما تضيِّق عليهم كثيراً من الحريات التي كانوا يتمتعون بها في ظل الوضع السابق، ومع ذلك لا نستطيع أن نقول: إن أوروبا ستصبح بيئة طاردة للمهاجرين فقط؛ وإنما سيؤدي هذا إلى تفاقم الوضع وخلق عدو جديد في الوسط الأوربي نتمنى ألا يصل الأمر إلى ذلك.

معلوم أن اليمين المتطرف في أوروبا يسيطر عليه اليهود أو يديرونه من خلف الستار وصعوده في أوروبا سيؤدي إما إلى ترحيل العرب والمسلمين من أوروبا أو يقومون بحرائق ضدهم.

أوروبا قارة ديمقراطية لكن وصول اليمين المتطرف إلى الحكم سيعيدها إلى عصور الظلام وسيؤثر صعود اليمين المتطرف على مختلف الجاليات ومنها العربية، ولكن بفروق نسبية بين جالية وأخرى.

إن الخطاب اليميني المتطرف سيحدث عدم استقرار اجتماعي واقتصادي؛ فيمنع اندماج وتعايش الشعوب. إن الفرد لن يستطيع القيام بأية خطوات لتطوير ذاته؛ فهذا الخطاب بأقل تأثيراته، سيكون كنعيق الغراب.

أعلى