اليمن بين جنيف (2) وخيار الحسم العسكري
تزاد الأوضاع العسكرية في اليمن سخونة في أكثر من جبهة، فتتداعى المبادرات الدولية لإنتاج جولات جديدة من الحوارات المُجرَّبة مع ميليشيات الحوثي الانقلابية وحليفها المخلوع علي عبدالله صالح.
لا تكاد تتوقف آلة الحرب الحوثية على منازل المدنيين في مدينة تعز والبيضاء وإب، واستمرار حملات الاعتقالات لكل من يعارض فكرة مغامرة الحوثي وحلفائه في حرب نتائجها وخيمة على الشعب اليمني، ونهايتها محسومة لصالح الشعب والمواطن والشرعية المنتخبة؛ ففي تعز تبدو المدينة شامخة أمام الضربات الكبيرة التي تتلقاها يومياً عبر صواريخ الكاتيوشا والقناصات ومدافع الدبابات التي تتعمد قصف الأحياء السكنية المكتظة بالسكان من أجل إرعاب السكان وإرغامهم على العيش تحت ظل رحمة الميليشيات، ولكن المقاومة حاضرة وبقوة وبرفقة الجيش الوطني ودعم قوات التحالف العربي.
وتقول المصادر الخاصة، إن تحرير مدينة تعز بالكامل بات أمراً واقعاً بعد وصول تعزيزات عسكرية من قوات التحالف العربي، وحصول المقاومة الشعبية والجيش الوطني على كميات من الأسلحة والذخائر من أجل إعلان إيقاف الموت اليومي لأبناء تعز بتحريرها بالكامل من المليشيات.
وفي مأرب تستمر العمليات العسكرية للمقاومة الشعبية مدعومة بالجيش الوطني وقوات التحالف العربي لتحرير ما تبقى من الأجزاء التي ما تزال تحت سيطرة الميليشيات، في سبيل الوصول إلى العاصمة صنعاء وقبلها تحرير محافظتي صعدة والجوف الحدوديتين مع المملكة العربية السعودية.
وأقيم صباح الإثنين في محافظة مأرب شمال اليمن حفل إشهار مجلس المقاومة الشعبية في محافظة صنعاء، بمشاركة قيادات عسكرية في الجيش وشخصيات اجتماعية وسياسية، واختار المشاركون في حفل الإشهار القيادي في حزب الإصلاح البرلماني اليمني منصور الحنق رئيساً لمجلس المقاومة، وهو الأمر الذي اعتبره مراقبون تطوراً لافتاً في مسار تنظيم المقاومة الشعبية وقرب موعد تحرير صنعاء من ميليشيات الحوثي وعصابات صالح.
وفي المناطق المحررة تبدو عجلة الترتيب وتنظيم الأمن مستمرة مع وجود عدد من الخروقات الطبيعية التي جاءت نتاجاً لغياب دور الدولة، واحتلال الميليشيات للمدن، وتعدُّد فصائل المقاومة، لكن الوضع بدأ يعود إلى حالته الطبيعية بشكل تدريجي خصوصاً في عدن ومأرب والمحافظات الجنوبية المحررة.
كما تجري الترتيبات لإعلان عودة الرئيس عبد ربه منصور هادي لممارسة عمله من العاصمة المؤقتة عدن، حيث أكدت مصادر متطابقة أن استعدادات جارية وترتيبات أمنية في عدن، وتحضيرات لعودة هادي إلى عدن، بالإضافة إلى عودة رئيس الوزراء المهندس خالد بحاح وحكومته المصغرة، ولمحت المصادر إلى أن تلك العودة قد لا تكون عودة نهائية.
وفي الاتجاه الآخر تجري خلف الكواليس تحضيرات وترتيبات لانعقاد مشاورات جنيف (2) بعد موافقة الحكومة على خوض مشاورات جديدة مع ممثلين لجماعة الحوثي وعلي عبد الله صالح، وتعهُّد من قِبَل ميليشيات الحوثي على تنفيذ قرارات مجلس الأمن خصوصاً القرار رقم 2216، لكنْ على الأرض لا يوجد أي بوادر لتنفيذ تلك القرارات، أو تقديم بوادر حسنة كمقدمات للدخول إلى مشاورات فعلية.
وخلال الفترة الماضية مارست منظمة الأمم المتحدة وحكومات غربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطات كبيرة على الحكومة اليمنية وعلى قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، من أجل إنهاء الحرب في اليمن، والدخول في مشاورات مع قوى الانقلاب في اليمن، وهو الأمر الذي يشكك من مصداقية تلك الدول، التي تحاول الإبقاء على تلك اليمليشيات ذات الأقلية الصغيرة كقوة عسكرية ورافعة سياسية في البلد.
ومن خلال متابعة ردود أفعال الحكومة وقوات التحالف على تلك الدعوات للدخول في مفاوضات مباشرة، نستطيع القول إن التحالف العربي فهم الدرس جيداً، وأعطى إشاراته الخضراء للدخول في مشاورات مع قوى الانقلاب، لكنَّ عملية الحسم العسكري مستمرة في طريقها ولن تتوقف إلا بعد تحرير كل التراب اليمني، أو تطبيق تلك الميليشيات للقرارات الأممية وعودة الشرعية لممارسة كلِّ مهامها حتى إجراء انتخابات قادمة.